هذي قصة قصيرة من تأليفي ..
اسمها : الحارة الرابعه
و هالقصة فازت بالمركز الثاني بجائزة " أحمد عبداللطيف الحمد " للإبداع الشبابي شهر 5 الي طاف
و الي بتقراها و بتبوقها حياها الله
![Smile :) :)](data:image/gif;base64,R0lGODlhAQABAIAAAAAAAP///yH5BAEAAAAALAAAAAABAAEAAAIBRAA7)
الله يسامحها
------------------
الـــحـــارة الـــرابــعـــة
لـ:هنادي البلوشي
الدائري الخامس ، ذلك الطريق المؤدي الى المالانهاية ، تجري في عروقه الاف من السيارات كل يوم ، و لكل منها قصة ...
مختلفة ..
و لكن ..
تتعالى نغمات أغنية لأم كلثوم ، لا يميزها و لا ينشد لها ، يقلب المحطات ، يستقر على صوت رقيق يشدو بأغنية للأطفال .. شاطر شاطر .. يبدأ بهز رأسه يمنة و يسرة .. و كأنما افكاره تتراقص بداخل رأسه
يقطع فجأة هذا الانطراب نشرة أخبار ! و الصوت القائل :ننقل لك الحدث بالصوت ، لتكتمل عندك الصورة، "سخافة مطلقة ، يقطعون الاغنية لبث نشرة اخبار ؟ تفاهه ! " ، يمد يده الى درج السيارة و يلتقط شريطا دون ان يراه ، يشغله و يكمل قيادته .
انه في بداية الدائري الخامس ، في الحارة الأولى .. بسرعه منخفضه ، يتململ من بطء ايقاع هذه الحارة ، يحاول الانتقال للحارة المجاورة .. و لكنها تعاني من تزاحم لا تستطيع منه خلاصا ! يعدل عن قراره و يبقى في حارته إلى اشعار آخر ، يبحث عما يشد انتباهه
.. سيارة قديمه و شبه متهالكة ، يرى في كراسيها الخلفية أبراجا من الخضار و الفاكهة و أكياسا زرقاء ..
حاول بفضوله التعرف على ماهيه السائق ، لاحظ انه يرتدي شماغا و يقود بحذر فوق المعقول ، يفتح الشبابيك برغم درجه الحرارة التي تكاد تجاوز الخمسون درجه !" ياله من معتوه" .
الحارة الثانية فارغه ..
تم الانتقال إليها ، يهدأ سرعته قليلا ليقارب سرعة صاحب ابراج الخضراوات ، ليستكشفه و يتفحصه ، " رجل عجوز خرف ! أين دور العجزة عن هؤلاء ؟ " يفتح شباك سيارته و يطلق ابواقا متلاحقه لشد انتباه العجوز ، و عندما تحقق مراده و التفت العجوز ! صرخ بأعلى صوته " مجنوووووو.... " و اختفت بقيه الكلمه في الهواء ..و لم يسمع نهايتها مطلقا ذلك العجوز .. فقد ابتعد قائلها بعيدا ..
سيارة ضخمة ، يلاحظ أطفالا تطل عليه و خادمات يرمقنه بعين الاستغاثه ، و نساء و فتيات ، شعور مرتفعه و عباءات !
صبيان و بنات ، كرنفال من البشر في تلك السيارة ، و خادمة آسيوية لا تزال تستنجد به بعينيها الذابلتين ، قلد شرود تلك الخادمة بشئ من المبالغة ، الأدهى انها لم تحرج او ربما لم تلاحظ ، فاستمرت في بحلقتها اللامتناهيه .. و جاء دور الاطفال ، فمنهم من أخرج له لسانه ، و منهم من صار ينظف انفه !
و هو يقول في نفسه : كل هؤلاء النسوة في داخل السيارة ، ولا واحده منهم تجيد تربية هؤلاء الشياطين الصغار ! لاحظ في نفسه بداية ملل .. قرر القضاء عليه بالسرعه .. و لكن السيارة الضخمة تعيقه ،،
انتقل للحارة الثالثه ، فراغ .. سرعة ... انه مرتاح ، و المذياع يتعالى بأنغام غربية عنيفه ، لا يفهم منها شيئا ، سوى بعض الشتائم المحقونه في تلك الاغاني ، و تأتي امامه سيارة .. صغيرة .. حمراء .. يلاحظ قلب حب يزين كابينتها ، يرى شابا و فتاة بها ، يتبادلان النظرات كل حين ، و يتحدثان و يبدو عليهما انهما يتحدثان في شئ يهمهما هما الاثنان ..
فكلما قال كلمه ضحكت هي ، و نظر هو ليس الى وجهها !! بل اسفل من ذلك بكثير !
" ياااااه! أفقد الناس احساسهم هذه الايام ! اليس هناك من مكان انسب لفعل هذه الاشياء سوى سيارة متحركة في وسط الطريق !!
اخذ يطلق ابواق طويلة مزعجه .. " لعلهم يحسون" .. ابواق ابواق متلاحقة .. لاحظ انزعاجهم ، ابتسم ابتسامه شامته و عريضه بينما كان السائق الآخر ينظر في المراية إليه بنظرات حاقدة .. و التفتت الفتاة خلفها لترى ذلك الكائن المزعج .. و هو لا يزال مثبتا تلك الابتسامة الحقيرة على وجهه ، .." فعلتها " .. سازيد سرعتي و انتهي من هذا العذاب ، اكتفيت من هؤلاء المعتوهين على الطريق اليوم ! .
فجأة انتقل لآخر حارة ..
الحارة الرابعة .. لمح اثناء تجاوزه سيارة الحب تلك ... مولودا صغيرا يصرخ على فخذي الفتاة ..
مؤشر السرعه يتزايد .. دقات قلبه تزايد .. شتائم الأغنية زادت بشكل فاحش..
ولا يسكت تلك و تلك و تلك .. إلا سيارة مسرعه ... تسير عكس الاتجاه ، في الحارة الرابعة ..