أدَباء أم بُلَهاء ؟!

إنضم
17 سبتمبر 2010
المشاركات
1,999
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
عالمي الخاص



.. ياسر سعيد محارب *



أدَباء أم بُلَهاء ؟!



ليس من عادتي أن أقرأ روايات لأدباء عرب لأسباب كنت أحتفظ بها لنفسي ، ولكنني قررت اليوم أن أفصح عما في داخلي علّني أجد إجابة عند قرّاء هذا المقال ، فقبل يومين كنت أتفحص ركن الروايات في مكتبتي المتواضعة فوجدت رواية " شيكاجو " التي اشتريتها قبل عدة أشهر لا لشيء إلا لأنني قرأت عنها الكثير من الإطراء والمديح ، وعندما وجدتها أمامي في المكتبة التي عادة ما أرتادها مرة كل أسبوع اقتنيت نسخة منها علّني أجد فيها ما فاتني من الأدب العربي الذي توقف إنتاجه بتوقف مجلة الرسالة التي أسسها أحمد الزيات في ثلاثينيات القرن المنصرم ، حيث حوت تلك المجلة بين دفتيها جواهر الأدب العربي الحديث وأجمل ما سكبته أقلام الأدباء العرب الذين كانت مصر أمهم وأم الدنيا آنذاك .

بدأت أقلّب صفحات الرواية على عجل لأصل إلى شيء مفيد أو متميز ، فما كتب على ظهر الغلاف الخارجي يشير إلى أن الرواية هي ظاهرة أدبية متجددة لم يقف عندها مؤلفها الذي ابتدأ حياته الأدبية برواية " عمارة يعقوبيان " التي أثارت زخماً إعلامياً كبيراً وبيعت منها مئات الآلاف من النسخ .
كنت أجتهد كلما فتحت صفحة جديدة في أن أجد لفظاً أدبياً متميزاً أو تشبيهاً بليغاً أو استعارة مكنية أو أي شيء من أبجديات الأدب العربي الذي تعلمناه في المدارس إلا أنني لم أجد شيئاً من ذلك القبيل ، فانصرفت إلى البحث عن الحبكة التي وعدني بها مروّج الرواية فلم أجدها أيضاً ، وكان جل ما قرأته هو كلام سلس غير معقد - وهي إحدى مميزات الرواية - ومعنى أكثر سلاسة إلى درجة السطحية .

فالكاتب يصف أموراً بسيطة بدقة متناهية كلون البنطال الذي يرتديه فلان ونوع قميصه وشكل شعره بطريقة تحرم القارئ من متعة الخيال التي هي أجمل شيء في القراءة ، فوجدتني أغلق باب الخيال على مصراعيه وأريح ذهني من تصوّر الأماكن والأبطال وكأنني أشاهد أخبار الساعة العاشرة مساءً .
وجدت الكاتب يعيد كرته التي بدأها في " عمارة يعقوبيان " - التي لم أكمل قراءتها أيضاً - حيث احتل الجنس والوصف الدقيق للممارسات الجنسية الساقطة والوصف البذيء لجسد المرأة ومفاتنها وللأعضاء التناسلية لها وللرجل تتصدر صفحات الرواية ، فرميتها دون أن أبالي ، ولولا أنها تحمل اسم الله لألقيتها في سلّة المهملات .

إن أحد أسباب عدم قراءتي للروايات العربية هو ابتذال روائييها للحديث وسقوط أفكارهم حيث يمنون القارئ بالتشويق وبالحبكة المحكمة ، وحين يقتنيها القارئ المسكين يكتشف أنها فيلم إباحي خالٍ من الصور ( البلاغية ) ولكن ما يثير حنقي على هؤلاء ( الأدباء ) وقرائهم هو طريقة تسويقهم لرواياتهم التي يدّعون أحياناً أنها تعكس واقعاً حقيقياً يعاني منه المجتمع ، وأحيانا أخرى يقولون إنهم يتحدثون عن الميتافيزيقيا - وهي عالم ما وراء الطبيعة حيث ينسب إليه كل ما يعجز الإنسان عن تفسيره - ويأتون بكلمات يعجز حتى أرسطو عن استيعابها ، ويدافعون عن رواياتهم بزعمهم أنها قضايا لابد أن تناقش وبأدق التفاصيل ، وسؤالي لهؤلاء هو لماذا يتركون أدق التفاصيل التي كان من الأولى أن يركزوا عليها ويتفرغون للحديث عن أدق التفاصيل الجنسية التي يستحي الإنسان من ذكرها حتى بينه وبين نفسه؟

لم يكتف هؤلاء ( الأدباء ) الذين بدأت كتبهم تعتلي قائمة أفضل الكتب مبيعاً بتشويه صورة الأدب العربي والشرقي لدى القارئ العالمي حتى صوروه و كأن كل الرجال العرب شهريار و كل العربيات شهرزاد ، بل إن بعضهم تجاوز الخطوط الحمراء وأخذ يقذف الذات الإلهية ووصف الله تعالى بأوصاف لا تليق حتى بمخلوق وعللوا ذلك بقولهم إنهم يطرحون الرأي والرأي الآخر دون أن يكون لهم دخل في الحوار الذي هو من محض خيالهم !

إن الأدب هو انعكاس لطبيعة المجتمع وأحواله وليس العكس ، ومن يتنطع بمقولة " الجمهور عاوز كده " فإن الجمهور يريد أشياء كثيرة فلماذا لا يحققها كلها له إذن ؟ فالجمهور يريد مسكناً ووظيفة وزوجة فلماذا لا يقدمها له إن كان هو وصياً على تحقيق رغبات الجمهور ؟

عندما نقرأ الأدب اللاتيني نجده يدور حول المعاناة والفقر والطموح وهذه بعض مواصفات المجتمع الذي نبع منه ..
والأدب الألماني يتحدث عن الهوية الوطنية والأيديولوجيا الاجتماعية و أزمة التعرف على الذات التي يعيشها المجتمع الألماني منذ أن هزم في الحرب العالمية الثانية حتى نشأ نوع جديد من الأدباء يسمونهم " أدباء ساعة الصفر " وهم الذين يسعون من خلال أدبياتهم لإيجاد أجوبة للأسباب التي جعلتهم يوماً ما أمة استعمارية تستبيح دم العالم وتمتهن القتل والنهب ؟
فهل أصبح الأدب العربي أدب الرذيلة والإلحاد ؟ أم إن الجمهور العربي أصبح ساقطاً ومنحلاً ؟
قد لا يجانب هؤلاء ( الأدباء ) الصواب في بعض صفحات رواياتهم ، فهم يضعون أيديهم أحياناً على مواضع الجرح ولكنهم يحدثون في الجسد العربي جروحاً أخرى أكثر عمقاً من جروحه الأصلية وأكثر إيلاماً له ولروحه ، وإن بعض الصواب في الخطأ لا يجعل الخطأ صواباً .

أعجب ممن يعيشون حياتهم كلها في قصة حب وهمية ، وممن يظنون بأن جميع الناس عشاق في هذه الدنيا ، وعلى الرغم من أنني أؤمن بأن حديث الحب له وقعه الإيجابي في القلوب إلا أن الرذيلة التي نقرؤها في الروايات العربية اليوم لا تمت لهذا الحب بأية صلة ، وقديماً قال أحد الأدباء إن الحب هو عمل فني من أعمال النفس ، أما الفضيلة فهي النفس ذاتها ، وإذا كان الحب أياماً جميلة عابرة في زماننا فإن الفضيلة هي الزمن كله ... وهي كالياقوتة التي لا تأكلها النار .

ويقول طه حسين في هذا السياق :" الأديب لا يحس لنفسه وإنما يحس للناس ، وهو لا يشعر لنفسه وإنما يشعر للناس ، وهو لا يفكر في نفسه وإنما يفكر للناس ، وهو بعبارة واضحة لا يعيش لنفسه وإنما يعيش للناس " فهل يوقن ( الأديب ) العربي بأنه يفكر للناس وليس لنفسه فقط ، وأن كلماته تبقى حبيسة فؤاده فإذا ما أطلقها أصبح هو حبيسها ... وبأن التاريخ لن يسامحه يوماً لأنه ابتذل الأدب وسفّه بالعقول ولطّخ صفحات الأدب العربي لا لشيء إلا ليقولوا عنه إنه ظاهرة أدبية .




* كاتب إماراتي .
 
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
133
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
فـي ذرى مـن يـحـتـمـي الـتـالـي
أتفــــق معه بالرأي و بشـــدهـ

سلمت أنامله على تعليقه الصائب على بعض الروايات العربية التي لا فائدة و لا نفع منها

و سلمت يمناك على نقل المقالة أختي أنثى اليمامة
 
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
1,977
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!

في أمور أتفق معاه فيها و في أمور أختلف بوجهة نظري مع الكاتب ..


في البداية كان لي نظرة سلبية لكل الكتاب العرب و ما كنت أقرأه لأحد منهم

لكن بعد رواية 2012 لفوزي صادق تغيرت وجهة نظري كليا

فالكاتب تكلم عن المرأه المتحرره و علاقتها بشاب بكن الرواية بقمة الأدب بالحوار

والاسلوب و لم اشاهد أي مشهد جنسي بالرواية .. حتى حادثة الأغتصاب تكلم عنها بشكل محترم جدا

و كذلك قرأت له رواية أميرة بليس ... رغم ان الرواية بها كثير من مشاكل الأنحراف و لكن لايوجد اي سطر بالرواية

جنسي او مخل للأدب ... ومن هالنقطة انطلقت بقرائتي للكتاب العرب .. وجدت منهم الكثير من المحترمين و القليل من

ليس لديهم موهبة .. وتلكة الفئة القليله هي التي تتطرق للجنس من أجل بيع الكثير من النسخ ...


ثم

مثلما نعاني نحن العرب من كتاب لايملكون الخبره
كذلك تعاني الشعوب الأخرى ...


لكن الفرق إن المشاكل والمراحل التي مر بها الاوربيين على مدار السنوات من ظلم وعصور مظلمة و استبداد صنعت منهم ابداع شديد

لأنهم افرغوا ما في جعبتهم من كبت و ظلم ... لذا ظلت لهم روايات خالدة

مثل الامير و الفقير التي لولا الظلم من الحكام لم تكتب تلك الرواية ... و كذلك الحرب العالمية الاولى والثانية أخرجت

لنا الكثير من المبدعين ...


أما بالوضع الحالي ...

فالكتاب العرب ... يعانون من مشكلة القارئ العربي الذي لايقرأ .. لذا يتطرقون إلى الجنس من أجل لفت الانتباه ...




(( حكمة ))

سأل احد حكماء اليهود : هل للعرب خطر علينا
قال الحكيم : لا
السائل : لماذا ؟؟
قال الحكيم : لأنهم لايقرأون .. و إن قرأو لا يفهمون .. و إن فهموا لا يطبقون ..






أمة إقرأ أصبحت لاتقرأ ...










لذا لم يتبقى لكتابنا سوى هذا الطريق من أجل الشهره ...






أشكرج صاحبة الموضوع



هرانية وأفتخر
 

ام معدي

New member
إنضم
5 أكتوبر 2010
المشاركات
285
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!

 
إنضم
17 سبتمبر 2010
المشاركات
1,999
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
عالمي الخاص
رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!



قايده الريم .. شكراً لمرورك ، نعم بعض الرويات لا تسمى ادباً . .

هرانية . . رأيي ينم عن ثقافه عاليه ووعي . . تحياتي

ام معدي . . اهلا بكي
 

هوية غريب

New member
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
419
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
العمر
46
الإقامة
الكويت .. أحلى روح
رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!

سلمت الأنامل التي نقلت هذا المقال القيم ،،

وأتفق تمام الاتفاق مع اختي هرانية وأفتخر .. فالأدب العربي يعاني من قلة القراء .. لذا نرى انتشار واشتهار الإسفاف والسطحية والأسلوب الضعيف الهش والروايات الإباحية التي لا يبيحها خلق ولا دين .. أما الشعوب الأخرى وإن كانت تعاني أيضاً من أدب رخيص مبتذل لكنهم شعب يقرأ .. ويقرأ كل شيء وعن كل شيء .. فنرى الإبداع ونرى الإسفاف .. كل منهما له مكان وقارئ

لكن هذا لا يعني أن الأدب العربي قد رحل برحيل مجلة الرسالة كما يذكر كاتب المقال .. لربما هو من هجر الكثير فغاب عنه القليل ،،


يمامتي الجميلة شكراً لك
 

3oosh <3 MJ

New member
إنضم
9 فبراير 2011
المشاركات
838
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
Qtr
رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!

اوافقه في معظم ماقال
لكن لايزال هنالك عدد ليس بالقليل من الادباء العرب الذين لم يصلوا لتلك الدرجة من الانحطاط.. :)
شكــــراً اختي :eh_s(7):
 

شموخ روحي

New member
إنضم
30 نوفمبر 2010
المشاركات
124
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
35
رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!

ياسر سعيد محارب كلامه من ذهب صحيح الأدب التمس البذاءه بشكل رهيب

لكن لايزال القليل وأسال الرب الأكثار منهم أدبهم جميل وتسعد النفس

بقرائة أدبهم والاستمتاع بالبلاغة الأدبيه


:eh_s(7):


,
 
إنضم
10 فبراير 2009
المشاركات
13,126
مستوى التفاعل
18
النقاط
38
الإقامة
【♥】ابتسم فأنت مفارق【♥】
الموقع الالكتروني
www.binbaz.org.sa
رد: رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!

أوافق الكاتب بالنسبة للكتاب العرب
الذين تصدرت كتبهم قائمة الأعلى مبيعا
لكن ذلك لا يعني بان الأدب العربي
المعاصر
يخلو من الأدباء
على سبيل المثال لا الحصر
د.شاكر مصطفي
و الطاهر وطار
و الكثير
المغمورين ليس في دولهم
إنما في الدول الأخرى العربية
يضافون لسلسلة الأدباء الكبار
الذين ما زلنا نستمتع بنتاج عقولهم و أرواحهم
و نشعر بكل كلمة نقرأها
و كأنما هي موجهة للقارئ فقط
لكن المصيبة الكبرى
هي
إتجاه القراء العرب
إلى تلك الروايات و القصص
المضحكة لضحالتها الفكرية و اللغوية
المبكية للواقع
هل بسبب العطش و الجوع الفكري
الذي يعاني منه!!
أم بسبب وجود رغبات مكبوته
مبهمة لتلك الفضائح و الإباحيات
المقززة
لا أعلم بالضبط\
أشكر الكاتب ياسر على هذا المقال
و أشكرك غاليتنا اليمامة
على النقل
بارك الله فيك
 

بهبهانيه

New member
إنضم
17 أغسطس 2010
المشاركات
320
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
رد : أدَباء أم بُلَهاء ؟!

يعطيج الف عافيه
انا اتفق معاه انه فيه بعض كتاب العرب يسلكون هالطريج لترويج كتبهم
ولكن اختلف اننا نقول كل كتاب العرب
لأن في قصص ان كانت رومانسيه او ادبيه أنا شاريتها وقريتها ما فيها اي ايحاءات جنسيه
بالعكس توصل الفكره دون اي دنائه بالوصف لمختلف الجنسيات
 
إنضم
26 أغسطس 2007
المشاركات
4,678
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
معاااااه مليووون بأمييه

ولكن في كتاب وادباء رائعيين بكل ماتحمل هالكلمه من معنى

واعتقد انه لادباء الي يقصدهم بروايه اهما الروائين الجدد