
هناك من بين الأشياء المتراكمة في حياتنا أشياء نرفضها و نركنها جانباً . لكننا لا نعلم بأن يوماً سيأتي و يجعلنا نبكي إن لم نلمس تلك الأشياء المركونة جانباً و لم نستنشق روائحها .
ربما يكون سحراً داخل أنفسنا ، نحن نرفض و هو يجذب تلك الأشياء .. بينما نحن نرفضها ، هُنا علمت بأن حتى نفسي ليست هي ملكي و ليس لي السلطة الكاملة للتحكم بها .
لم أكن أدري بأن نفسي تجذب الشئ مُجبراً فيقترب مني و أنا أرفضه قسراً . هي حرب إذاً . شد و جذب ..
،
من بين تلك الأشياء ، قلب لا أدري من أين انبثق لي و متى ملأ مكاني نوراً يشع ليوقظ خفة الريش بي؟! . كنت وقتهاً مشغولة بالتفكير ، مشغولة بالألمِ و لم أنتبه بأنه يسحب روحي ببطء نحوه لينوّمها تدريجياً و يغافلها فيحبسها داخل أرضه .
إنه يسرق التوت مني إذاً ..
هذا ماكنت غافلة عنه ، انبهرت بنوره الأخاذ ، شدني جمال الحلم الذي يحيط به كـ طوق لؤلؤي مغرور لا يعرف سوى إنه يطوّق قلب ثقيل بحسنه . حتى أشيائي وافقتني بذلك الانبهار .. كل أشيائي .. بدءاً من سريري و وسادتي ، هاتفي ، قلمي ، أريكتي ، كتابي ، ملامحي .. و الأهم ... قلبي ...
،
كُنت حين أجد طفلاً يحب طفلة أمامي و يلهو معها ، أضحك .. أبتسم و ينشرح قلبي ، كان منظرهما بالنسبة لي متعة فنية غالية و أبتعد عنهما لأصلّي و أدعو بأن ينضج بهما الحب و يرسمان عبره حياة كاملة خاصة بهما.. هما فقط ، كذلك الحال بي حين وجدت قلبي يلتصق بذاك القلب ، وجدتهما ذات الطفلان . يداعبان بعضهما ، يلهوان ، يضحكان ، يتشاجران . حين أجدهما قرب بعضهما كنت أبتسم .. أنتشي .. و حين أجدهما منفصلان يؤسفني حالهما و أتسائل ماذا حدث ..
،
هذا القلب مُختلف تماماً ، ينبض و كأنه حلف أن يستغل كل دقة في قلبه لصالح الخير و الجمال ، صارم جداً حين يحتاج الهواء حوله صرامته و حنون جداً في كل أحواله . هذا القلب لغز واضح .. كشئ لمسته يوماً و تخاف أن يضيع ، يقلقك أن يضيع يوماً ، أن تستيقظ و تجده لم يعد ينبض لك أو بأن لونه قد تغير ، هذا القلب يعادل الماس في ثمنه لا يختبئ سوى بصندوق ثمين جداً منقوش على سطحه تلك النقوش العتيقة .. و في كل يوم تسقي ناظريك منه .. فيوماً تبكي لأنه لا يدري كم أنت تهتم و يوماً تبتسم لأنه يطمئنك بأنه مهتم ..
و في كل الحالات .. إنه يسرق التوت من أرضي و يعلّقه في سقفه ..
...
دلال