الإجهاز فى الإسلام

إنضم
24 مارس 2023
المشاركات
605
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإجهاز فى الإسلام

جذر جهز فى كتاب الله وردت منه ألفاظ قليلة وهى متعلقة بقصة يوسف (ص)وهى قوله سبحانه :

"ولما جهزهم بجهازهم قال ائتونى بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين فإن لم تأتونى به فلا كيل لكم عندى ولا تقربون "

ومعنى القول :

أن يوسف (ص)جهز اخوته بجهازهم والمقصود وضع لأبناء أبيه الطعام فى حقائب البعر وهى ما نطلق عليه الغبيط وبألفاظ ثانية حمل لاخوته الأحمال على رحالهم ثم قال لهم :

ائتونى بأخ لكم من أبيكم والمقصود هاتوا لى أخ لكم من والدكم

وهذا الطلب عجيب إلا أن يكون يوسف (ص) أحصى الناس فى الدولة وعمل بطاقة لكل أسرة مكتوب فيها عدد أفرادها ووجوب حضورهم لاستلام الطعام مقابل البضاعة أو الخدمة

وقال لهم :

ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين والمقصود :

ألا تعرفون أنى أعدل فى الوزن وأنا أفضل الوازنين فإن لم تأتونى به فلا كيل لكم عندى ولا تقربون والمقصود:

فإن لم تحضروه هنا فلا وزن لكم لدى والمقصود فلا طعام لكم عندى ولا تحضرون عندى

وهنا يوسف(ص)اشترط لأخذ الكيل وهو الطعام حضور الأخ حتى يحصلوا على طعامهم وهو وزنهم المقرر لكل فرد وعدم وجوده معهم يعنى أنهم كذبة فيما كتب فى بطاقتهم ومن ثم عليهم ألا يحضروا لأخذ الوزن وهو الطعام .

وقوله سبحانه :

"فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ"

ومعنى القول :

أن يوسف (ص)دبر مع أخيه مكيدة لإخوتهم حيث جهزهم يوسف (ص)بجهازهم والمقصود لما حمل أحمالهم على الرواحل وبألفاظ ثانية لما وضع الطعام مقابل البضاعة على البعر جعل السقاية فى رحل أخيه والمقصود وضع وعاء كيل الملك وهو الصواع فى حقيبة أخيه وبعد أن مشوا مسافة قليلة أرسل يوسف (ص)مؤذن أذن والمقصود منادى نادى عليهم فقال :

أيتها العير إنكم لسارقون والمقصود إنكم أيتها الجماعة إنكم لصوص

ومن ثم التجهيز فى الآيات معناه :

تحميل المطلوب

وبألفاظ أخرى:

اعطاء الناس المقرر لهم

وأما فى الفقه فقد استعمل لفظ من جذر جهز فى قتل الجرحى وهو الاجهاز وتقول الموسوعة الفقهية أنهم يستعملون لفظ تدفيف أو تذفيف لوصف الاجهاز على الجريح حيث قالت :

"التَّعْريفُ:

1 - منْ مَعَاني الإْجْهَاز في اللُّغَة: الإْسْرَاعُ، فَالإْجْهَازُ عَلَى الْجَريح: إتْمَامُ قَتْله. وَيَسْتَعْمل الْفُقَهَاءُ " الإْجْهَازَ " بهَذَا الْمَعْنَى كَمَا يَسْتَعْملُونَ لهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا كَلمَةَ " تَذْفيفٍ " وقد ورد فى كتاب طلبة الطلبة ص 88

وتحدثت الموسوعة عن وجود ثلاث أنواع من الاجهاز وهى :

الأول :

الاجهاز على الجريح وحكمه هو إباحة القضاء على الجريح سواء كان من الكفار او كان مسلما ثم بغى وعنه قالت الموسوعة :

"الْحُكْمُ الْعَامُّ:

2 - الإْجْهَازُ عَلَى الإْنْسَان الْجَريح: الإْجْهَازُ عَلَى جَرْحَى الْكُفَّار الْمُقَاتلينَ جَائزٌ، وَكَذَلكَ جَرْحَى الْبُغَاة الْمُقَاتلينَ إذَا كَانَتْ لَهُمْ فئَةٌ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فئَةٌ فَلاَ يَجُوزُ قَتْل جَريحهمْ وقد أوردت الموسوعة أسماء الكتب التى ورد فيها هذا الرأى بصفحاتها وهى :

"حاشية ابن عابدين 3 / 311 ط الأولى، وحاشية الجمل على المنهج 5 / 117 طبع دار إحياء التراث العربي، والمغني 8 / 109، 115، 478، 479 ط مكتبة الجمهورية العربية بمصر، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير 4 / 429 ط دار المعارف بمصر."

بالطبع الجريح فى الحرب واحد من أربعة :

الأول عاجز عن استعمال السلاح

الثانى السلاح بعيد عنه وهو ينزف

الثالث معه السلاح وهو لا يرفعه وهو ينزف

الرابع معه السلاح وهو رافع له فى اتجاه المسلم

والأول والثانى لا يجوز الاجهاز عليهما وأما الثالث والرابع فيتم تحذيرهم من الخلف مع الاختباء حرصا على عدم توجيه الضرب للمسلم إن لم يبعدوا السلاح عنهم فسوف يتم قتلهم فإن أبعدوه عنهم فلا يجوز الاجهاز عليهم وإن لم يبعدوه وجب قتلهم

الغريب أن الروايات فى الموضوع والتى يعتمد عليها القوم تقول بعدم الاجهاز على الجريح مثل :

روى ابن أبي شيبة في آخر " مصنفه " حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن السدي عن عبد خير عن علي أنه قال يوم الجمل : لا تتبعوا مدبرا ، ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن "

وروى عبد الرازق فى مصنفه:

حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه ، قال :

أمر علي مناديه فنادى يوم النصرة :

لا يتبع مدبر ، ولا يدفف على جريح ، ولا يقتل أسير ، ومن أغلق بابه ، أو ألقى سلاحه فهو آمن ، ولم يأخذ من متاعهم شيئا " .

وروى الحاكم في " المستدرك " ، والبزار في " مسنده " من حديث كوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله قال:

هل تدري يا ابن أم عبد كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة ؟

قال : الله ورسوله أعلم

قال :

لا تجهز على جريحها ، ولا تقتل أسيرها ، ولا تطلب هاربا ، ولا تقسم فيها "

وقالت الموسوعة قولا صحيحا وهو الاجهاز على مستحق القتل فقالت :

"أَمَّا الإْجْهَازُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْه الْمَوْتُ في حَدٍّ أَوْ قصَاصٍ فَهُوَ وَاجبٌ بالاتّفَاق."

وقد حدد الله المجهز فى القصاص وهو واحد من عائلة القتيل وهو الولى حيث قال سبحانه :

"ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا "

وأما القصاص فى حد الحرابة فهذا يوكل لواحد من أسر الضحايا أو يوكله القاضى لواحد من الشرطة عند اختلاف أهالى الضحايا فيمن يقتله

وتحدثت الموسوعة الفقهية عن الاجهاز على الحيوان حيث قالت :

"3- الإْجْهَازُ عَلَى الْحَيَوَان:

الْحَيَوَانُ عَلَى نَوْعَيْن:

نَوْعٌ يَجُوزُ ذَبْحُهُ، بأَنْ كَانَ مَأْكُول اللَّحْم، أَوْ قَتْلُهُ، بأَنْ كَانَ مُؤْذيًا. وَهَذَا النَّوْعُ يَجُوزُ الإْجْهَازُ عَلَيْه إنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ جُرْحٌ؛ لأنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهُ أَوْ قَتْلُهُ ابْتدَاءً، وَنَوْعٌ لاَ يَجُوزُ قَتْلُهُ كَالْحمَار وَنَحْوه

وَفي جَوَاز الإْجْهَاز عَلَيْه إنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ جُرْحٌ - إرَاحَةً لَهُ - خلاَفٌ، أَجَازَ ذَلكَ الْحَنَفيَّةُ وَالْمَالكيَّةُ، وَمَنَعَهُ الشَّافعيَّةُ وَالْحَنَابلَةُ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلكَ الْفُقَهَاءُ في كتَاب الذَّبَائح، وَذَكَرَهُ الْحَنَفيَّةُ في كتَاب الْحَظْر وَالإْبَاحَة."

وأوردت الموسوعة الكتب التى وردت فيها الآراء وهى:

" الفتاوى الهندية 5 / 361 ط بولاق، وجواهر الإكليل 1 / 213 والبجيرمي على الخطيب 4 / 248 ط دار المعرفة، والمغني 7 / 635، وحاشية ابن عابدين 5 / 188 ط بولاق، والمهذب 1 / 254 ط مصطفى البابي الحلبي"

وما قالته الموسوعة فيها أغاليط هى :

الأول الاجهاز على الحيوان المريض والواجب هو علاجه من باب رحمة الحيوان وليس قتله وأكله لأن الله حرم ما فيه خبث والمرض خبث فقال :

" ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون"

فالخوف هو من انتقال المرض للناس الآكلين

الثانى قتل الحيوان الذى لا يذبح سواء المريض أو المجروح إراحة له وهو ما يعار حكم رحمة الحيوان

والغريب هو أن الفقهاء قديما وحديثا أجمعوا على عدم جواز قتل الإنسان المريض أو المجروح لكى يستريح من آلامه فلماذا أباحوا ذلك فى الحيوان وكلاهما نفس خلقها الله ؟

الواجب هو :

علاج كل مريض من إنسان أو حيوان أو نبات ولذا قال إبراهيم (ص) :

" وإذا مرضت فهو يشفين "

فالله يشفى من قدر له الشفاء وكل مكتوب عمره فلا يجوز قتل الحيوان أو النبات المريض إلا فى حالة واحدة وهى نفسها التى يقتل فيها الناس وهى :

أن يكونوا مرضى بمرض معدى ويهربون من البلد التى هم فيها وذلك لأنهم سوف يتسببون فى نشر المرض بين غيرهم وقد قص الله علينا أنه أمات كل أهل البلد المصابين بالمرض المعدى عندما حاولوا الهروب من البلد وفى المعنى قال سبحانه :

"ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون"

الهروب من المرض المعدى هى الحالة الوحيدة التى يحل فيها القتل الإنسان والحيوان والسبب :

عدم زيادة عدد الموتى وعدم زيادة عدد المرضى

فبدلا من مصيبة تكون المصائب كثيرة