- إنضم
- 24 مارس 2023
- المشاركات
- 680
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
التعليم فى رواية موسم الهجرة إلى الشمال
رواية موسم الهجرة إلى الشمال واحدة من أشهر الروايات العربية فى العصر الحالى رغم مرور ما يزيد على نصف قرن على كتابتها
صاحب الرواية هو الطيب محمد صالح أحمد المعروف باسم الطيب صالح من مواليد السودان ولا يكاد الناس يعرفون أحد من روائيي السودان غيره
الرجل عمل معلم فى مرحلة شبابه فى المدارس الاعدادية بالسودان كما عمل مدير لمدرسة وبعد ذلك ترك العمل التعليمى إلى العمل الاعلامى
رواية موسم الهجرة إلى الشمال تتناول حياة رجلين تقابلا عدة مرات أولهما كان نابغة علمية هو مصطفى سعيد وحسب الرواية أول مبتعث سودانى إلى بريطانيا للتعلم وهو فى سن صغيرة وثانيهما الراوى مبتعث أخر وهو رجل تعليم عين مفتشا فى وزارة التعليم وقد نتج عن هذا التقابل الرواية التى تناولت أمورا عديدة أهمها كما يبدو من العنوان هو :
العلاقة بين الشمال المحتل وبين الجنوب الذى احتله الشمال وهى العلاقة المعروفة بتعبيرات مغلوطة :
العلاقة بين المستعمر والمحتل وكلمة المستعمر كلمة لا تدل على الحقيقة فالمحتل هو مدمر وما يبنيه لا يبنيه لمصلحة الشعب المحتل وإنما يبنيه من أجل مصالحه فهو لا يعمر البلد من أجل صالح الشعب وإنما من أجل جنوده ومن معه من الخونة فقط
فى الرواية تناول الطيب صالح التعليم من وجهات نظر شخصيات الرواية فمصطفى سعيد الشخصية الرئيسية اعتبرت أن هدف التعليم هو :
تفتيح أذهان الناس واطلاق طاقاتهم المحبوسة وبألفاظ أخرى تحرير العقول من الخرافات واعطاء الناس مفاتيح المستقبل
وهو قول الفقرة التالية:
" ونظرت فى قصاصات الورق وقرأت نعلم الناس لنفتح أذهانهم ونطلق طاقاتهم المحبوسة ولكننا لا نستطيع أن نتنبأ بالنتيجة الحرية نحرر العقول من الخرافات نعطى الشعب مفاتيح المستقبل ليتصرف فيه كما يشاء"ص153
وأما الراوى للحكاية وهو الشخصية الرئيسية الثانية بين أن هدف الحكومات من التعليم ليس تحرير العقول ولا فتح المستقبل ولكن تخريج الموظفين الخاضعين لهم:
" قلت له الموظفون أمثالى لا يستطيعون أن يغيروا شيئا إذ قال سادتنا افعلوا كذا فعلنا أنت رئيس الحزب الوطنى الاشتراكى الديمقراطى هنا إنه الحزب الحاكم لماذا لا تصب غضبك عليهم وقال محجوب كالمعتذر لولا .. لولا أن هذه الكارثة .. يوم الحادث كنا نـتأهب فى وفد للمطالبة ببناء مستشفى كبير ومدرسة وسطى للبنين ومدرسة أولية للبنات ومدرسة زراعة و.."ص123
وقد ناقش الراوى مع صاحبه محجوب أن التعليم من أجل الوظيفة لا يفيد الناس وإنما من يفيدهم هو من يمارس السلطة بالفعل وذلك فى الفقرة التالية:
"كنا أحيانا نتذاكر أيام طفولتنا فى القرية فيقول لى لكن انظر أين أنت الآن واين أنا أنت صرت موظفا كبيرا فى الحكومة وأنا مزارع فى هذه البلدة المقطوعة وأقول له باعجاب حقيقى أنت الذى نجحت ص101 لا أنا لأنك تؤثر على الحياة الحقيقية فى القطر أما نحن فموظفون لا نقدم ولا نؤخر الناس أمثالك هم الورثاء الشرعيون للسلطة أنتم عصب الحياة أنتم ملح الأرص ويضحك محجوب ويقول إذا كنا نحن ملح الأرض فهى أرض ماسخة "ص102
وهدف الحكومات التى استقلت هو نفس هدف المحتل فهو يعلم الشعب ليكونوا مجرد موظفين يخضعون لأوامره
وتحدث الراوى عن مؤتمر التعليم وكيفية تضييع أموال الشعب على مجرد مبانى تتكلف أموالا طائلة وهى قاعات المؤتمرات حيث قال :
" لن يصدق محجوب أنهم تدارسوا تسعة أيام فى مصير التعليم فى أفريقيا فى قاعة الاستقلال التى بنيت لهذا الغرض وكلفت أكثر من مليون جنيه صرح ص120 من الحجر والأسمنت .. وضع تصميمها فى لندن ردهاتها من رخام ابيض جلب من إيطاليا ... المنصة حيث تعاقب وزراء التعليم فى أفريقيا طوال تسعة أيام من رخام أحمر كالذى فى قبر نابليون فى الانتفاليد "ص121
وتناول الراوى أن التعليم الصحيح هو التعليم الواقعى الذى يتفق المنهج فيه مع واقع الشعب وهى كلمة وزير التعليم الفاسد الذى يسرق من أموال الوزارة ليعيش هو وأسرته فى منتجعات أوربا ويتسوق من أغلى المتاجر فيها وقد كون ثروة طائلة وهو قوله حيث قال :
"...كيف أقول لمحجوب أن الوزير الذى قال فى خطابه الضافى الذى قوبل بعاصفة من التصفيق " يجب ألا يحدث تناقض بين ما يتعلمه التلميذ فى المدرسة وبين واقع الشعب ...يروح ويجىء فى سيارة أمريكية بعرض الشارع إننا إذا لم نجتث هذا الداء من جذوره تكونت عندنا طبقة برجوازية لا تمت إلى واقع حياتنا بصلة وهى أشد خطرا على مستقبل أفريقيا من الاستعمار نفسه " كيف أقول لمحجوب أن هذا الرجل بعينه يهرب أشهر الصيف من أفريقيا إلى فيلته على بحيرة لوكارنو وأن زوجته تشترى حاجياتها من هرودز فى لندن تجيئها فى طائرة خاصة وأن ص121 أعضاء وفده أنفسهم يجاهرون بأنه فاسد مرتش ضيع الضياع وأقام تجارة وعمارة وكون ثروة فادحة "ص122
هذا هو واقع التعليم فى بلادنا المبتلاة بأمثال هذا الوزير الذين لا يهمهم شىء هم ومن معهم فى فريق الفساد الإدارى الخاص بوزارتهم
قاعة المؤتمرات التى تكلفت ثروة طائلة وليس لها فائدة سوى أحاديث تذهب أدراج الرياح بدلا من أن تبنى بها عشرات المدارس فى القرى والمدن المختلفة والتى كان محجوب وهو الشخصية الثالثة فى الرواية ذاهب مع وفد ليطالب بوجودها فى قريتهم كما قال الراوى :
"يوم الحادث كنا نـتأهب فى وفد للمطالبة ببناء مستشفى كبير ومدرسة وسطى للبنين ومدرسة أولية للبنات ومدرسة زراعة و.."ص123
وتناول الراوى نفس المعنى بطريقة أخرى وهو أن بناء المدارس أهم من المؤتمرات التى تناقش كلاما نظريا عن توحيد التعليم فى أفريقيا وهو أمر محال فى ظل اختلاف الحكومات وخضوعها للمحتل فما زال هناك تعليم انجليزى وتعليم فرنسى فى أفريقيا وما زالت وزارات التعليم فيها تتخبط ولا تصنع شيئا سوى اتباع المحتل فى المناهج أو اتباع محتل جديد من غير عسكر يدفع لهم المال ويبنى لهم بعض المدارس كالصين واليابان يقول الراوى عن ذلك:
" بماذا يأتمرون هذه المرة قلت به بإعياء وقد فضلت اختصار الطريق وزارة المعارف نظمت مؤتمرا دعت له مندوبين من عشرين قطرا أفريقيا لمناقشة توحيد أساليب التعليم فى القارة كلها كنت أنا فى سكرتارية المؤتمر قال محجوب فليبنوا المدارس أولا ثم يناقشوا توحيد التعليم كيف يفكر هؤلاء الناس يضيعون الوقت فى المؤتمرات والكلام الفارغ ونحن هنا ص118"
وأما محجوب الشخصية الثالثة فهو يرى أن أهل القرى التى تمارس الزراعة عليهم أن يتعلموا القراءة والكتابة والحساب والصلاة والتفاهم مع الحكام فى مشاكلهم حيث قال الراوى على لسانه :
"قال محجوب هذا القدر من التعليم يكفى القراءة والكتابة والحساب نحن ناس مزارعون مثل آبائنا واجدادنا كل ما يلزم المزارع من التعليم ما يمكنه من كتابة الخطابات وقراءة الجرائد ومعرفة فروض الصلاة وإذا كان لنا مشكلة نعرف نتفاهم مع الحكام"ص101
وتناول الراوى من خلال حديث مصطفى سعيد معه مشكلة ما تزال قائمة حتى الآن فى التعليم وهى مشكلة البعوث أو الابتعاث حيث ترسل الدولة بعض طلاب العلم فيها أو معلميها للخارج للحصول على الدرجات العلمية فيما لا يفيد المجتمع كدراسة آداب الدولة المرسل إليها فصاحبنا وهو الراوى درس شاعر بريطانى مغمور وكذلك مصطفى سعيد الذى درس الاقتصاد الأوربى بدلا من العلوم المفيدة الزراعة والطب والهندسة ...والفقرة المعبرة عن ذلك تقول :
"فقلت آه وأنا أتصنع التواضع إن الأمر لا يعدو أننى قضيت ثلاثة أعوام أنقب فى حياة شاعر مغمور من شعراء ص 12 الانكليز واغتظت لا أخفى عليكم أنى اغتظت حين ضحك الرجل ملء وجهه وقال نحن هنا لا حاجة لنا بالشعر لو أنك درست علم الزراعة أو الهندسة أو الطب لكان خيرا "ص13
وتناول الراوى من خلال تناوله حياة مصطفى سعيد تعليم النوابغ فقد حكى على لسان مصطفى اختلافه عن بقية الأطفال فى سنه حيث قال :
" كنت أحس بأننى .. مختلف أقصد أننى لست كبقية الأطفال فى سنى لا أتأثر لشىء لا أبكى إذا ضربت لا أفرح إذا أثنى على المدرس فى الفصل لا أتألم لما يتألم له الباقون ..."ص24
وعلى لسان مصطفى سعيد حكى مظاهر نبوغه وكيف أن المعلمين سهلوا له أمر تعليمه حيث قال :
"المهم اننى انصرفت بكل طاقاتى لتلك الحياة الجديدة وسرعان ما اكتشفت فى عقلى مقدرة عجيبة على الحفظ والاستيعاب والفهم اقرا الكتاب فيرسخ جملة فى ذهنى ما ألبث أن أركز عقلى فى مشكلة الحساب حتى تتفتح لى مغالقها ... كان المعلمون ينظرون إلى كأننى معجزة وبدا التلاميذ يطلبون ودى ..كانت المرحلة الوسطى أقصى غاية يصل إليها المرء فى التعليم فى تلك الأيام وبعد ثلاثة أعوام قال لى ناظر المدرسة وكان انكليزيا هذه البلاد لا تتسع لذهنك فسافر اذهب إلى مصر أو لبنان أو انكلترا ..قلت له على الفور أريد أن اذهب إلى القاهرة فسهل لى فيما بعد السفر"ص26
رواية موسم الهجرة إلى الشمال واحدة من أشهر الروايات العربية فى العصر الحالى رغم مرور ما يزيد على نصف قرن على كتابتها
صاحب الرواية هو الطيب محمد صالح أحمد المعروف باسم الطيب صالح من مواليد السودان ولا يكاد الناس يعرفون أحد من روائيي السودان غيره
الرجل عمل معلم فى مرحلة شبابه فى المدارس الاعدادية بالسودان كما عمل مدير لمدرسة وبعد ذلك ترك العمل التعليمى إلى العمل الاعلامى
رواية موسم الهجرة إلى الشمال تتناول حياة رجلين تقابلا عدة مرات أولهما كان نابغة علمية هو مصطفى سعيد وحسب الرواية أول مبتعث سودانى إلى بريطانيا للتعلم وهو فى سن صغيرة وثانيهما الراوى مبتعث أخر وهو رجل تعليم عين مفتشا فى وزارة التعليم وقد نتج عن هذا التقابل الرواية التى تناولت أمورا عديدة أهمها كما يبدو من العنوان هو :
العلاقة بين الشمال المحتل وبين الجنوب الذى احتله الشمال وهى العلاقة المعروفة بتعبيرات مغلوطة :
العلاقة بين المستعمر والمحتل وكلمة المستعمر كلمة لا تدل على الحقيقة فالمحتل هو مدمر وما يبنيه لا يبنيه لمصلحة الشعب المحتل وإنما يبنيه من أجل مصالحه فهو لا يعمر البلد من أجل صالح الشعب وإنما من أجل جنوده ومن معه من الخونة فقط
فى الرواية تناول الطيب صالح التعليم من وجهات نظر شخصيات الرواية فمصطفى سعيد الشخصية الرئيسية اعتبرت أن هدف التعليم هو :
تفتيح أذهان الناس واطلاق طاقاتهم المحبوسة وبألفاظ أخرى تحرير العقول من الخرافات واعطاء الناس مفاتيح المستقبل
وهو قول الفقرة التالية:
" ونظرت فى قصاصات الورق وقرأت نعلم الناس لنفتح أذهانهم ونطلق طاقاتهم المحبوسة ولكننا لا نستطيع أن نتنبأ بالنتيجة الحرية نحرر العقول من الخرافات نعطى الشعب مفاتيح المستقبل ليتصرف فيه كما يشاء"ص153
وأما الراوى للحكاية وهو الشخصية الرئيسية الثانية بين أن هدف الحكومات من التعليم ليس تحرير العقول ولا فتح المستقبل ولكن تخريج الموظفين الخاضعين لهم:
" قلت له الموظفون أمثالى لا يستطيعون أن يغيروا شيئا إذ قال سادتنا افعلوا كذا فعلنا أنت رئيس الحزب الوطنى الاشتراكى الديمقراطى هنا إنه الحزب الحاكم لماذا لا تصب غضبك عليهم وقال محجوب كالمعتذر لولا .. لولا أن هذه الكارثة .. يوم الحادث كنا نـتأهب فى وفد للمطالبة ببناء مستشفى كبير ومدرسة وسطى للبنين ومدرسة أولية للبنات ومدرسة زراعة و.."ص123
وقد ناقش الراوى مع صاحبه محجوب أن التعليم من أجل الوظيفة لا يفيد الناس وإنما من يفيدهم هو من يمارس السلطة بالفعل وذلك فى الفقرة التالية:
"كنا أحيانا نتذاكر أيام طفولتنا فى القرية فيقول لى لكن انظر أين أنت الآن واين أنا أنت صرت موظفا كبيرا فى الحكومة وأنا مزارع فى هذه البلدة المقطوعة وأقول له باعجاب حقيقى أنت الذى نجحت ص101 لا أنا لأنك تؤثر على الحياة الحقيقية فى القطر أما نحن فموظفون لا نقدم ولا نؤخر الناس أمثالك هم الورثاء الشرعيون للسلطة أنتم عصب الحياة أنتم ملح الأرص ويضحك محجوب ويقول إذا كنا نحن ملح الأرض فهى أرض ماسخة "ص102
وهدف الحكومات التى استقلت هو نفس هدف المحتل فهو يعلم الشعب ليكونوا مجرد موظفين يخضعون لأوامره
وتحدث الراوى عن مؤتمر التعليم وكيفية تضييع أموال الشعب على مجرد مبانى تتكلف أموالا طائلة وهى قاعات المؤتمرات حيث قال :
" لن يصدق محجوب أنهم تدارسوا تسعة أيام فى مصير التعليم فى أفريقيا فى قاعة الاستقلال التى بنيت لهذا الغرض وكلفت أكثر من مليون جنيه صرح ص120 من الحجر والأسمنت .. وضع تصميمها فى لندن ردهاتها من رخام ابيض جلب من إيطاليا ... المنصة حيث تعاقب وزراء التعليم فى أفريقيا طوال تسعة أيام من رخام أحمر كالذى فى قبر نابليون فى الانتفاليد "ص121
وتناول الراوى أن التعليم الصحيح هو التعليم الواقعى الذى يتفق المنهج فيه مع واقع الشعب وهى كلمة وزير التعليم الفاسد الذى يسرق من أموال الوزارة ليعيش هو وأسرته فى منتجعات أوربا ويتسوق من أغلى المتاجر فيها وقد كون ثروة طائلة وهو قوله حيث قال :
"...كيف أقول لمحجوب أن الوزير الذى قال فى خطابه الضافى الذى قوبل بعاصفة من التصفيق " يجب ألا يحدث تناقض بين ما يتعلمه التلميذ فى المدرسة وبين واقع الشعب ...يروح ويجىء فى سيارة أمريكية بعرض الشارع إننا إذا لم نجتث هذا الداء من جذوره تكونت عندنا طبقة برجوازية لا تمت إلى واقع حياتنا بصلة وهى أشد خطرا على مستقبل أفريقيا من الاستعمار نفسه " كيف أقول لمحجوب أن هذا الرجل بعينه يهرب أشهر الصيف من أفريقيا إلى فيلته على بحيرة لوكارنو وأن زوجته تشترى حاجياتها من هرودز فى لندن تجيئها فى طائرة خاصة وأن ص121 أعضاء وفده أنفسهم يجاهرون بأنه فاسد مرتش ضيع الضياع وأقام تجارة وعمارة وكون ثروة فادحة "ص122
هذا هو واقع التعليم فى بلادنا المبتلاة بأمثال هذا الوزير الذين لا يهمهم شىء هم ومن معهم فى فريق الفساد الإدارى الخاص بوزارتهم
قاعة المؤتمرات التى تكلفت ثروة طائلة وليس لها فائدة سوى أحاديث تذهب أدراج الرياح بدلا من أن تبنى بها عشرات المدارس فى القرى والمدن المختلفة والتى كان محجوب وهو الشخصية الثالثة فى الرواية ذاهب مع وفد ليطالب بوجودها فى قريتهم كما قال الراوى :
"يوم الحادث كنا نـتأهب فى وفد للمطالبة ببناء مستشفى كبير ومدرسة وسطى للبنين ومدرسة أولية للبنات ومدرسة زراعة و.."ص123
وتناول الراوى نفس المعنى بطريقة أخرى وهو أن بناء المدارس أهم من المؤتمرات التى تناقش كلاما نظريا عن توحيد التعليم فى أفريقيا وهو أمر محال فى ظل اختلاف الحكومات وخضوعها للمحتل فما زال هناك تعليم انجليزى وتعليم فرنسى فى أفريقيا وما زالت وزارات التعليم فيها تتخبط ولا تصنع شيئا سوى اتباع المحتل فى المناهج أو اتباع محتل جديد من غير عسكر يدفع لهم المال ويبنى لهم بعض المدارس كالصين واليابان يقول الراوى عن ذلك:
" بماذا يأتمرون هذه المرة قلت به بإعياء وقد فضلت اختصار الطريق وزارة المعارف نظمت مؤتمرا دعت له مندوبين من عشرين قطرا أفريقيا لمناقشة توحيد أساليب التعليم فى القارة كلها كنت أنا فى سكرتارية المؤتمر قال محجوب فليبنوا المدارس أولا ثم يناقشوا توحيد التعليم كيف يفكر هؤلاء الناس يضيعون الوقت فى المؤتمرات والكلام الفارغ ونحن هنا ص118"
وأما محجوب الشخصية الثالثة فهو يرى أن أهل القرى التى تمارس الزراعة عليهم أن يتعلموا القراءة والكتابة والحساب والصلاة والتفاهم مع الحكام فى مشاكلهم حيث قال الراوى على لسانه :
"قال محجوب هذا القدر من التعليم يكفى القراءة والكتابة والحساب نحن ناس مزارعون مثل آبائنا واجدادنا كل ما يلزم المزارع من التعليم ما يمكنه من كتابة الخطابات وقراءة الجرائد ومعرفة فروض الصلاة وإذا كان لنا مشكلة نعرف نتفاهم مع الحكام"ص101
وتناول الراوى من خلال حديث مصطفى سعيد معه مشكلة ما تزال قائمة حتى الآن فى التعليم وهى مشكلة البعوث أو الابتعاث حيث ترسل الدولة بعض طلاب العلم فيها أو معلميها للخارج للحصول على الدرجات العلمية فيما لا يفيد المجتمع كدراسة آداب الدولة المرسل إليها فصاحبنا وهو الراوى درس شاعر بريطانى مغمور وكذلك مصطفى سعيد الذى درس الاقتصاد الأوربى بدلا من العلوم المفيدة الزراعة والطب والهندسة ...والفقرة المعبرة عن ذلك تقول :
"فقلت آه وأنا أتصنع التواضع إن الأمر لا يعدو أننى قضيت ثلاثة أعوام أنقب فى حياة شاعر مغمور من شعراء ص 12 الانكليز واغتظت لا أخفى عليكم أنى اغتظت حين ضحك الرجل ملء وجهه وقال نحن هنا لا حاجة لنا بالشعر لو أنك درست علم الزراعة أو الهندسة أو الطب لكان خيرا "ص13
وتناول الراوى من خلال تناوله حياة مصطفى سعيد تعليم النوابغ فقد حكى على لسان مصطفى اختلافه عن بقية الأطفال فى سنه حيث قال :
" كنت أحس بأننى .. مختلف أقصد أننى لست كبقية الأطفال فى سنى لا أتأثر لشىء لا أبكى إذا ضربت لا أفرح إذا أثنى على المدرس فى الفصل لا أتألم لما يتألم له الباقون ..."ص24
وعلى لسان مصطفى سعيد حكى مظاهر نبوغه وكيف أن المعلمين سهلوا له أمر تعليمه حيث قال :
"المهم اننى انصرفت بكل طاقاتى لتلك الحياة الجديدة وسرعان ما اكتشفت فى عقلى مقدرة عجيبة على الحفظ والاستيعاب والفهم اقرا الكتاب فيرسخ جملة فى ذهنى ما ألبث أن أركز عقلى فى مشكلة الحساب حتى تتفتح لى مغالقها ... كان المعلمون ينظرون إلى كأننى معجزة وبدا التلاميذ يطلبون ودى ..كانت المرحلة الوسطى أقصى غاية يصل إليها المرء فى التعليم فى تلك الأيام وبعد ثلاثة أعوام قال لى ناظر المدرسة وكان انكليزيا هذه البلاد لا تتسع لذهنك فسافر اذهب إلى مصر أو لبنان أو انكلترا ..قلت له على الفور أريد أن اذهب إلى القاهرة فسهل لى فيما بعد السفر"ص26