*<
من طبع الحياة المخادعة في تعاملها معنا ..
فهي تغري ثم تمنع ..
وتوهم بالعطاء ثم تحجم ..
ولذا علينا أن نتعاطى معها بحذر ..
حتى لانغرق في تيارات أوهامها ..
****
والقول بأن الحياة تهب البعض كل شيء
قول خادع .. !
فهي تهب للكل بعضها ..
ويبقى بعضاً منها ممتنع .. عن كل واحد منا ..
تتوق النفس له وتتمناه ولكن لاتدركه ..
شيء .. يدعى الحرمان ..!
****
والحرمان ليس مرضاً يشل النفس ..
لكنه جانب في النفس يعاني من الفراغ ..
وبقعة لا تشرق عليها الشمس ..
وأرضاً ظمئة تترقب إنعاشة غيث ...
وقد تشرق الشمس وينحسر الظل ويهمي المطر ..
أوقد يبقى الحرمان مستوطناً جزءاً من الذات ..
فماذا عسانا صانعين ؟؟!
****
بإمكاننا أن لانستسلم ونترك الحرمان يقتاتنا
فنصاب بإعاقة عاطفية ..
أو بإمكاننا أن نحوله إلى أمر إيجابي..
لو عرفنا كيف نلتقط معناه من غابة الشوك ..
دون أن ندمي أناملنا ..
****
فالنهر المتدفق .. قد تعترض مجراه صخرة توقف تدفقه ..
إلى وجهته المنشودة ..
ولكن هل يستسلم للصخرة ويدعها تمنعه وتحدد مصيره ؟!
بالطبع لا ..!
سيجد النهر له طريقاً آخر .. يتدفق منه ..!
كذلك الحرمان يفجر طاقات أخرى ..
ويكشف جوانباً من قدرات النفس الكامنة ..
ويوقظ الأحلام .. ويحفز المخيلة ..
ويجعلنا نبدع .. ونحول الحلم إلى حقيقة..
وقد يعجب بعضنا من اكتشافه لتلك الطاقات المتوارية في ذاته
ويتساءل :
كيف كنت أجهل نفسي بهذا القدر ..؟!
ولكنه في الحقيقة ككل إنسان فيه جوانب يجهلها ..
تظهر أمامه حين يحفزها نداء الحاجة ..
فتنفض عنها غبار الكمون ..
وتلك الحاجة هي الحرمان ..
****
نحن لانرجو الحرمان .. !!
ومن يرجو المنع .. ويزهد في الشبع ؟!
ومن لايحب أن ترفل روحه في فيوض العطاء الإلهي ..
إن ذلك أقصى المنى ...
لكنه أمر محال أن يتحقق بالكامل في حياتنا هذه ..
ولابد من وجود موطنٍ معتمٍ فينا يسكنه الحرمان ..
يحركنا كي نلتفت إلى الجانب الآخر المتدفق بالضياء ..
فلا يوجد حرمانا مطبقاً ..
هناك دائماً سراج يضيء لنا في العتمة ..
****
فلننظر إلى الحرمان على أنه عطاء ..
يوقظ فينا الملكات النائمة..
فنصنع من اللاشيء ..
أجمل الأشياء ..!
- حديث الروح -
ولي نبض آخر
