الفارسة الكويتية (نوف العيسى) مدير مركز الكويت للفروسية شخصية تتميز بالخلق الرفيع والتواضع والتلقائية والعفوية، درست في بريطانيا ادارة الأعمال وحصلت على ثلاث شهادات آخرها الماجستير، الحياة بالنسبة لها رحلة جميلة بكل ما فيها من عمل وعطاء، ترفض الانكسار والضعف، تعشق التحدي والإصرار، مؤمنة بعملها وطموحاتها، والدتها إنكليزية وهي أيضا درست في إنكلترا بكل ما فيها من تطور وعادات وتقاليد مختلفة، لكنها احتفظت بأصالتها وجذورها العربية وقيمها الإنسانية وستظل كذلك لإيمانها وقناعتها بأنها بنت الأرض التي نبتت وتعلمت فيها الفضيلة والاخلاق.
فارسة متعددة السمات، متفانية في عملها، تعشق الجري والقفز فوق الحواجز في مضمار الحياة بجانب مضمار السباق، تؤمن بضرورة المخاطرة والمجازفة وسط تبعات وتجارب الحياة لذا تركت العمل مع والدها لتشيد بيدها صروح نجاحها وتحفر قنوات كفاحها، إنها الفارسة ( نوف العيسى ) مدير مركز الكويت للفروسية.
ماأهم الصفات الإنسانية في حياتك العامة؟
أنا إنسانة عادية تحب الحياة تعشق الصدق والتواضع والتسامح، درست في بريطانيا كمبيوتر وتجارة ثم حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال الدولية و عدت لأرض الوطن عام 1996 لأعمل مع والدي كمديرة مشتريات خارجية ولكن عرفت منذ البداية أن هذا العمل لا يناسبني بل لا يلائمني نهائيا وخلال عام من هذا العمل طلب مني أحد مُلاك الخيل تولي المكان وكان الإسطبل في الفنطاس ولم يرد بخاطري إنشاء مدرسة لتعليم ركوب الخيل فالمتعارف عليه هنا أن الخيل للركوب كهواية وهذا ما كنا نفعله منذ الصغر في نادي الصيد والفروسية.
كيف بدأت مشروعك، وما هي التحديات التي واجهتيها؟
عند بداية المشروع وجدت كثيرا من الناس يسألون لماذا تكرسين كل وقتك للفروسية بالرغم من وجود مجالات عديدة للعمل؟! ولكن جاءت الفرصة من أوسع أبوابها وقررت ترك العمل مع والدي وتكريس كل الوقت للخيل، وكان هذا الإسطبل يخص خالد وجاسم وخليفة الخرافي وكان تفكيرهم في وجود مكان كبير ترفيهي يمتلكونه ويأتون إليه متى أرادوا ذلك، وبدأ الحلم بخطوة فكانت البداية مجرد تأجير بعض الخيل وتدريب بعض الأفراد فأنا عندي شهادة تدريب حصلت عليها من بريطانيا عام 1991 قبل بدء دراستي الجامعية.
بدأنا في تلقي طلبات التدريب حيث يأتي الأهالي في فترة الصباح خاصة الأمهات وفترة العصر يأتي الأطفال لتلقي دروس في الفروسية، وكان هناك اشتراك ببعض المسابقات ولكن بعد فترة قصيرة بدأنا في تنظيم المشروع أكثر واتسع مجال التدريب لدينا وتم ربط بعض الخيول بالمُلاك، وزادت قاعدة الطلاب فطلبت من أحمد العمران مساعدتي في برنامج التدريب وشيئًا فشيئاً أصبح لدينا الآن مدرسات أجنبيات طلبت منهن تدريس الحصص للطلبة مقابل أن يحصلن على دروس تخصهن دون مقابل والآن وفقنا في أكثر من مدربة.
المجال الذي دخلنا فيه يكبر بذاته كما أن النجاح يحصد نجاحا لذا ليس بمستغرب التوسع الذي نعيشه والقاعدة التي تكبر كما أن المستوى التدريبي يرتفع والمشاركات المحلية والدولية تزداد.
ما الفرق بين مركز الكويت للفروسية الذي أنشأتموه وبين نادي الصيد والفروسية؟
نادي الصيد عبارة عن نادي حكومي وعدد بسيط من الرواد يذهبون إليه وأي جهة حكومية لا تهتم بتوسيع قاعدة التدريب لديها فالأمر لا يهم، ولكن مركز الكويت للفروسية أول النوادي الخاصة للتدريب ومن المعروف أن لدينا ميزانية محددة باعتبارنا شركة ومشروعا خاصا لذا لابد أن نصل لأرقام معينة سنويا وبالتالي نحاول رفعها، من أجل ذلك نعمل دائما على تطوير المركز. ولقد بدأ العمل الفعلي بالمركز في فبراير 1996 وكانت أعمالًا بسيطة حيث كان في أول الأمر مزرعة خاصة لهواة الخيل من الشباب وكنت أول فتاة تعمل بهذا المجال ولكن كبر المشروع باهتمامنا ورعايتنا له فنحن اعتبرنا أنفسنا أسرة واحدة وهذا المكان مثل البيت وساعدنا أكثر قبول الأهالي للمكان وارتياحهم بإرسال أولادهم سواء كانوا كويتيين أم مقيمين.
التقاليد العربية
لقد نشأت في أسرة تجمع بين العادات والتقاليد العربية نظرا لوالدك الكويتي، وعادات وتقاليد إنكليزية نظرا لوالدتك الإنكليزية، ايهما طغى علي الآخر؟
لا شك العربية بكل أصالتها وجذورها، صحيح أنا من أم إنكليزية وأب كويتي ولكن أنا كويتية اكثر من الكويتية، عربية بكل قطرة في دمي، التربية في البيت، العادات والتقاليد، الأسلوب والدراسة أو بين الأهل كويتية، بالعكس والدتي تطبعت وأخذت الأسلوب العربي حتى في عاداتها وتقاليدها فأصبحت امرأة عربية ومسلمة.
هل وجود أم أجنبية في حياتك اسهم معك في تحقيق كيانك كفارسة هزم المعوقات من عادات وتقاليد فرضت على الفتاة الكويتية والخليجية بشكل عام؟
أنا مؤمنة بأن كل فتاة لديها الهواية والطموح في مجال الفروسية أو أي رياضة أخرى وضعت أمامها عائقا فسوف يتحول إلى حاجز نفسي ومعنوي ويولد عندها إحباطا، لابد أن يكون للفتاة ارادة قوية وعزيمة حتى تصل إلى ما تريد وتحطم كل الحواجز.
حصلت على العديد من الجوائز كان آخرها البطولة التي أقيمت في البحرين، كانت من خمس جوائز وحصلت أنت بمفردك على ثلاث جوائز وتلقيت اتصالا هاتفيا من ملك البحرين شخصيا هناك فيها على هذا الإنجاز، كيف كان شعورك عندما تلقيت هذه المكالمة؟
هذه المكالمة كانت بمثابة مفاجأة وشرف كبيرين بالنسبة لي، في البداية شعرت برهبة، هي المرأة الأولى التي يحدث فيها أن يتلقى فارس مثل هذه التهنئة من شخصية عظيمة وكبيرة مثل ملك البحرين، عندما تحدثت معه وجدت في حديثة عفوية وبساطة وخلق جميل، رجل يتمتع بتواضع وقيم نبيلة صادقة، فقد استطاع بهذه الصفات العظيمة التي يتمتع بها أن ينتشل من داخلي الخوف والرهبة.
تجربة فريدة
ماذا عن تجربتك كمديرة لمركز تدريب الفرسان، وخاصة أنك في مقتبل الحياة؟
عندما توليت منصب مديرة مركز كانت المنطقة التي يشغلها المركز لا تتعدى ربع الأرض التي عليها المركز الان، كانت حوالي 4200 متر، والارض الحالية حوالي ثلاثين ألف متر فرق شاسع، بعد ذلك تفرغت تماما للفروسية وخاصة أن الإقبال على المركز زاد بشكل كبير وخاصة أن المناخ الذي نعيشه في ادارة المركز نتعامل فيه بروح الأسرة الواحدة أمام هذا الإقبال طالبنا بزيادة مساحة الأرض وقد ساعدنا على ذلك أن المنطقة التي كنا نشغلها مخطط لها بالإزالة، وحصلنا على الموافقة وانتقلنا إلى هذا المكان الواسع والمجهز بكل التقنيات الحديثة.
ماذا أخذت من والدتك؟
جزء من الشكل والهدوء في طباعها، قوة التحمل سواء كانت مهمة صعبة أم سهلة.
هل صحيح أن المرأة تتعامل مع الفرس أفضل من الرجل؟
بعض المرات يكون هذا صحيحا، وبالتالي يكون تجاوب الحصان مع المرأة أكثر من الرجل، لكن هناك فرسان يستخدمون طريقة فيها القوة والجدية وهذا يتنافى مع الحالة النفسية التي يكون عليها الفرس في ذاك الوقت.
هل طبيعة المرأة وشخصيتها تتأثر في اختيار الفرس الذي يتلاءم مع طبيعتها وشخصيتها؟
هذا يرجع لكل شخص على حدة، بالنسبة لي عندما يقع اختياري على فرس هادئ ليس لديه شخصية أشعر بنوع من الملل لأنني محتاجة الفرس الذي لديه الإصرار والتحدي حتى أستطيع أن اصل من خلاله إلى الأفضل، لكن عندما أتعامل مع فرس تم تشكيله وثبت على هذا لا يمكن أن أقوم بتشكيل شيء فيه.
هل ينطبق هذا على تعاملك مع الآخر من البشر؟
بكل تأكيد لا، الإنسان يملك العقل والرؤية الصائبة التي يخاطب بها الناس، لا يمكن أن أتعامل مع البشر كما أتعامل مع الحيوان وقدراته محدودة، كل حصان له حدود لا يمكن أن يتخطاها، كل شيء له حدود وهذا ينطبق على كل المخلوقات التي خلقها الله.
شاهدت مشهدا مؤلما آثر في كثيرا، أصيب حصان أثناء السباق ودخل الطبيب وأعطاه حقنة أودت بحياته بعد عدة دقائق، أليست هذه قسوة على الفرس، ولماذا يتم ذلك؟
بكل آسف ليس عندنا في الكويت العلاج الكافي ولا الرعاية البيطرية التي ممكن أن تعالج كسر عضو من أعضاء الخيل، وبالتالي أمامك خياران: أن تترك الحصان دون رعاية او علاج، أو تريحه من الألم بحقنة موت، ولكن لو حصل ذلك في أوروبا ممكن معالجته، نحن نقوم باستضافة الكثير من الأطباء من الدول الأوروبية لمعالجة كثير من الحالات المرضية في الفرس.
هل توجد علاقة بين الفارس والحصان؟
تحدث العلاقة في حالة استمرار الفارس مع الحصان ومباشرته بشكل دائم والحصان لديه القدرة على التميز، أنا شخصيا لست فارسة لحصان واحد، ارتباطي بأكثر من خمسة خيول، أصبح يومي ممتلئا بين التدريب وبين علاقاتي بالمركز والتدريب وعملي أيضا، بالإضافة إلى برنامجي الخاص مع كل حصان أقوم بالتدريب معه، لا أملك إلا عدد ساعات معينة في اليوم وهذا لا يساعدني في عمل علاقة مع الحصان.
بعد العشرة والمعاشرة مع الخيول والمركز، ما هو شعورك بعد خروجك من المركز ومفارقة الخيول؟
أشعر بحالة من الاغتراب!!
ماذا عن البراعم التي تقومين بتدريبهم بالمركز؟
أرى فيهم الإصرار والتحدي والنبوغ، هؤلاء جزء من حياتي اليومية، أنا أعيش معهم في التدريب منذ سنوات طويلة وأراهم أمامي يكبرون من طفولتهم حتى سن المراهقة والنضوج، عندما يحصل أحدهم على مركز متقدم أو جائزة تكون فرحتي بهم أكثر من فرحتي لنفسي.
لماذا اخترت هواية ممارسة الخيل؟
أنا من عشاق الخيل منذ طفولتي، لا يمكن أن يتدخل الإنسان فيما يحبه ويعشقه وخاصة إذا كان هذا الاختيار منذ الطفولة، أنا نفسي لا أعرف الإجابة على هذا السؤال الذي طرحته حتى عندما أسأله لنفسي!.
هل هناك علاقة بين دراسة التجارة وممارسة الفروسية؟
نعم، نحن نعتبر شركة نحتاج فيها إلى فريق عمل من محاسبين واداريين نظرا لأننا نقوم باستيراد الأعلاف ومستلزمات الخيل من أدوية من مقويات، ومستلزمات الفرسان، دراستي في التجارة والكمبيوتر ساعدتني كثيرا في عملي.
ماذا عن طفولتك؟
منذ طفولتي واليوم مقسم عندي ما بين الدراسة والفروسية فقط ليست لي اهتمامات أخرى على الطلاق وكنت محدودة جدا في علاقاتي الاجتماعية.
ماذا وجدت في رياضة الفروسية؟
رياضة ومتعة أحببتها من كل قلبي، وجدت فيها نفسي، دخلت معركة التحدي وانتصرت، الخيل أعطاني صفات جميلة، الصبر وقوة التحمل والتحدي والإصرار.
هل تعيشين وتتوهجين مع الأحداث والصراعات التي تحدث في عالمنا؟
أنا لي عالم مختلف، من البيت للفروسية ومن الفروسية إلى البيت لدرجة أن سيارتي تقود نفسها بنفسها لأنها تعرف الطريق؟ ! ليس لي نشاطات أو أعمال أخرى إطلاقا !!
لقد عشت في إنكلترا سنوات، ماذا أخذت من هناك؟
عدت من إنكلترا بثلاث شهادات : الجامعية، والماجستير، وشهادة في أدارة إسطبلات والخيل.
أول فرحة
ما أول فرحة في حياتك؟
كانت عند شراء أول حصان في حياتي.
ما أول بطولة حصلت عليها؟
كانت في عام 1987 وقد حصلت على المركز الرابع ما بين 70، و80 فارسا وفارسة وكانت في دبي.
حصولك على الكثير من البطولات والكؤوس، هل هذه الإنجازات اسهمت في تكوينك الشخصي؟
عندما ادخل في بطولة أو مسابقة همي يكون أداء الخيل بالشكل المناسب الذي يتناسب مع فترة التدريب التي قمت بها قبل البطولة أو المسابقة بحيث يكون ذلك هو المقياس الحقيقي لقيمة التدريب وبالتالي في حالة التراجع بالمسابقة أقوم بمراجعة شاملة لفترة التدريب وجوانب التقصير فيها سواء من الحصان أو مني شخصيا، لكن لا شك أن الفوز هو هدفي وغايتي دائما.
ماهي ملاحظاتك على الجيل الحالي؟
عندما اذهب إلى السوق أندهش من بعض تصرفات هذا الجيل من تصرفات صبيانية مستهترة بكل المبادئ والقيم، توجد تفاهات كثيرة نظرا للفراغ وعدم الإحساس بالمسؤولية، بكل أسف أصبح اهتمام الفتيات بالموضة والماركات والموديلات وتركوا الأساسيات والهوايات المفيدة لهم وللمجتمع.
آخر الكلمات: أتمنى من كل قلبي أن يهتم الإعلام بالجيل الجديد والصاعد من الفرسان
