القوقعة من عتمة سجون سوريا الى النور ( ادب السجون)

white ro0oz

مراقبه عامه
إنضم
24 يونيو 2015
المشاركات
28,528
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
القوقعة”: من عتمة السجون السوريّة إلى الضوء!

إنّه زمن “القوقعة”، حيث يختلط كل شيء. لا حدود فاصلة بين الماضي والحاضر، السوريالي والواقعي. هي ليست مجرّد رواية يقصّها علينا أحدهم. هي نص يختزن الرعب، الخوف، الظلم..الاحتضار. تدور الأحداث في ثمانينيّات القرن الماضي، أثناء احتدام الصراع المسلّح بين النظام السوري والاخوان المسلمين.
يعود “مصطفى خليفة” إلى بلاده من فرنسا، بعد حصوله على إجازة في الإخراج السينمائي. “بلادي (سوريا) بحاجة إليّ أكثر من أي دولة اخرى”. وهكذا كان. يترك مصطفى خلفه كل شيء: صديقته، مقاهي باريس، حقوق الإنسان، البيرة، وأشياء اخرى..
يصل إلى المطار. يوقفه الأمن السوري. يأخذوه إلى التحقيق، بتهمة الإنتماء إلى تنظيم “الإخوان المسلمين”، علماً انه مسيحي حسب الهويّة، وملحد في المعتقد. وهناك، يختفي مصطفى لمدّة 13 سنة، ثلاثة أشهر وثلاثة عشرة يوماً، في سجون النظام.





يسرد مصطفى يوميّاته كما عايشها. من يومه الأول في التحقيق، حتى آخر لحظة خرج منها من السجن. نصّه البسيط، الواقعي، والفجّ ينقلك دون تكلّف، إلى مساحات مليئة بالحقد، الكراهية، والذل. لم يكن بحاجة للأسلوب الأدبي الجذاب ليدخلك إلى ذلك العالم المظلم. ربّما الوضع المزري الذي عايشه طيلة تلك الفترة كان كافياً ليتجذّر في شخصيته، وذاكرته ومستقبله. وطبعاً، لم تغب مقاربته السينمائيّة، عن صياغة النص، التي تأسر القارىء من الصفحة الأولى.
يدخل مصطفى إلى قعر المجتمع، من ثقب جدار الزنزانة، التي يتلصّص من خلالها على ساحة السجن الصحراوي. هناك، يلتقي بالأبرياء، المقاتلين، المناضلين والمجرمين. يلتقي بأطفال، شباب، رجال وعجزة. يلتقي بمثقّفين، خرّيجي جامعات، أطبّاء وغيرهم. يلتقي بالحمر (أي الشيوعيين واليساريين)، والخضر (أي الإسلاميين بكل تياراتهم الفكرية والسياسية). جميعهم سجناء النظام.
للحظة، يطغى الخيال على النص. من أساليب التعذيب المبتكرة إلى طريقة التعامل مع السجناء، مروراً بالأجواء داخل السجن (ظروف صحيّة، الأمراض المعديّة، علاقة السجناء ببعضهم البعض). ولكن الأحداث بفجاجتها تفرض ذاتها على النص، لتذكّر القارىء بأن ما يقرأه هو وقائع حقيقية، جرت فعلاً في مكان ما في سوريا.
***
هو نظام مريض ذو مخيّلة قذرة. الهرميّة العسكريّة تسيطر على تفاصيله. تترك الرواية لدى القارىء إنطباعات كثيرة عن المجتمع، النظام والحركات الدينيّة المتشددة. من خلالها، تستطيع أن تفهم أكثر بنية العلاقات الأمنية داخل النظام، وتعرف اكثر من أين تستمد الحركات الدينيّة عصبها في مواجهة النظام القائم، وأسباب صمود السجناء في ظل ظروف حياتيّة قاسية وظالمة وقاهرة.
أهميّة النص، رغم طابعه الروائي، الذي كتبه مصطفى خليفة بأنه أرّخ، بشجاعة، لحقبة خاف الكثيرون من الكتابة عنها، وتعريتها. أرّخ لحقبة مندثرة من التاريخ الحديث لسوريا، سترسم ملامح حقبات مضت واخرى ستأتي على المشرق عامةً، وسوريا خاصة.
اسم الرواية: القوقعة، يوميات متلصص
اسم الكاتب: مصطفى خليفة