- إنضم
- 24 يونيو 2015
- المشاركات
- 28,528
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
*«الكف الأحمر» والشهادات المزورة*
بقلم ✍? : *د. حسن جوهر*
? *قضية الشهادات المزورة وطريقة التعاطي معها رسمياً وشعبياً تذكرنا بقصة "الكف الأحمر" أيام الستينيات أو السبعينيات من القرن الماضي ، ولعل جيل تلك الفترة أقدر على تصور ما نقصده بدقة ، ولكن لا بأس بتقريب الفكرة للشباب بطريقة مختصرة ومقارنة سريعة*
? *"الكف الأحمر" قصة خيالية مرعبة جداً خاصة للأطفال وطلبة المدارس ، وتدور أحداثها حول كف يد إنسان حمراء اللون كأنه ملطخ بالدم ، يظهر في مراحيض المدارس ليثير الرعب القاتل في نفوس التلاميذ ، وبقدرة قادر وعلى الرغم من عدم وجود أدوات التواصل الاجتماعي أو الفوركاست فإن القصة انتشرت بشكل جنوني في عموم الكويت ، وبدأت السوالف والإشاعات تتوالى بكل الأشكال وعلى جميع المستويات ، ومن بين الروايات التي باتت الشغل الشاغل لعموم الناس أن أحد الفراشين رأى الكف الأحمر في مرحاض مدرسة بالفحيحيل وضربه بالمكنسة وقضى عليه ، لكن في الوقت نفسه اكتشفت مجموعة من بنات مدرسة هند بالسالمية هذا الكف في صالة الألعاب ، في حين شاهده الطالب الأول في مدرسة بحولي بين أرفف المكتبة وهو يذاكر فيها ، وتحول الكف الأحمر إلى متلازمة في كل المدارس فرآه ناظر المدرسة ومعلم الدين والمفتش ووكيل الوزارة وكلهم كانوا يعطون تفاصيله الدقيقة ، إلى أن وصل الكف اللعين إلى مراحيض البيوت وعلى "راس العاير" في الفرجان وفي حمامات المساجد وحتى الوزارات والبقالات ومحلات بيع الملابس ، واستمرت القصة عدة شهور دون أن يظهر هذا الكف أو تسجل ضده أي قضية ، علماً أنه لم يؤذ أحداً على الإطلاق*
? *قصة الشهادات المضروبة أو الوهمية أو المزورة تحمل بصمات الكف الأحمر نفسها ، فكل مواطن صار يعرف أحد المزورين ، وكل مغرد اكتشف دكتورا وهميا ، وفي كل ديوانية اكتشفوا مجموعة من أصحاب الشهادات المضروبة ، وكل يوم واحد يصيد دكتورا مزورا في الكليات الجامعية أو في المناصب القيادية أو في ميدان الرياضة والوسط الفني ، أو من الشيوخ ورجال الدين ، وكذلك من الرجال والنساء ومن الوزراء والنواب ، والكل صار يسرد قصصا تفصيلية عن هذا المزور وتاريخه وجامعته وشهادته المضروبة ، لكن الجهة الوحيدة التي لم تصلها الأخبار هي الحكومة طبعاً ، ومثل الكف الأحمر لم نجد قضية في المحاكم أو النيابة رغم كثرة الأخبار عن ذلك ، وستنتهي القصة مثلما انتهى الكف الأحمر لتسجل في تاريخ الكويت "سنة الشهادات المزورة" ، وتضاف إلى سلسلة "حزايات" خالتي قماشة ، مثل الناقلات ثم الاستثمارات الخارجية وبعدها المناخ ثم الخس والطماط في الجيش ، ثم القسائم الصناعية ، ثم الألعاب النارية ، ثم الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية ، ثم الحيازات الزراعية ثم الشركات الوهمية وشاليهات الخيران وانتهاءً بمطعم الفلافل*
? *الفرق الوحيد أن جميع هذه القصص حقيقية مقارنة بالكف الأحمر ، ولكن التعامل معها سينتهي إلى ما انتهت إليه قصة الكف الأحمر ، ومع التقدير للكثير من السيناريوهات والتحليلات الجادة التي تم فيها تناول الشهادات المزورة وارتباطها بالفساد ، إلا أن ثمة تحليلا لم يتم بيانه ، وهو السكوت عن انتقاد وفضح القياديين والمتنفذين الكبار في البلد بحجة أن الديرة خاربة برمتها ، وليأكل بعض الناس بعضا ، وينسوا الحكومة ولو لبعض الوقت ، فالكل عايش الدور بكل حماس*
l

بقلم ✍? : *د. حسن جوهر*
? *قضية الشهادات المزورة وطريقة التعاطي معها رسمياً وشعبياً تذكرنا بقصة "الكف الأحمر" أيام الستينيات أو السبعينيات من القرن الماضي ، ولعل جيل تلك الفترة أقدر على تصور ما نقصده بدقة ، ولكن لا بأس بتقريب الفكرة للشباب بطريقة مختصرة ومقارنة سريعة*

? *"الكف الأحمر" قصة خيالية مرعبة جداً خاصة للأطفال وطلبة المدارس ، وتدور أحداثها حول كف يد إنسان حمراء اللون كأنه ملطخ بالدم ، يظهر في مراحيض المدارس ليثير الرعب القاتل في نفوس التلاميذ ، وبقدرة قادر وعلى الرغم من عدم وجود أدوات التواصل الاجتماعي أو الفوركاست فإن القصة انتشرت بشكل جنوني في عموم الكويت ، وبدأت السوالف والإشاعات تتوالى بكل الأشكال وعلى جميع المستويات ، ومن بين الروايات التي باتت الشغل الشاغل لعموم الناس أن أحد الفراشين رأى الكف الأحمر في مرحاض مدرسة بالفحيحيل وضربه بالمكنسة وقضى عليه ، لكن في الوقت نفسه اكتشفت مجموعة من بنات مدرسة هند بالسالمية هذا الكف في صالة الألعاب ، في حين شاهده الطالب الأول في مدرسة بحولي بين أرفف المكتبة وهو يذاكر فيها ، وتحول الكف الأحمر إلى متلازمة في كل المدارس فرآه ناظر المدرسة ومعلم الدين والمفتش ووكيل الوزارة وكلهم كانوا يعطون تفاصيله الدقيقة ، إلى أن وصل الكف اللعين إلى مراحيض البيوت وعلى "راس العاير" في الفرجان وفي حمامات المساجد وحتى الوزارات والبقالات ومحلات بيع الملابس ، واستمرت القصة عدة شهور دون أن يظهر هذا الكف أو تسجل ضده أي قضية ، علماً أنه لم يؤذ أحداً على الإطلاق*

? *قصة الشهادات المضروبة أو الوهمية أو المزورة تحمل بصمات الكف الأحمر نفسها ، فكل مواطن صار يعرف أحد المزورين ، وكل مغرد اكتشف دكتورا وهميا ، وفي كل ديوانية اكتشفوا مجموعة من أصحاب الشهادات المضروبة ، وكل يوم واحد يصيد دكتورا مزورا في الكليات الجامعية أو في المناصب القيادية أو في ميدان الرياضة والوسط الفني ، أو من الشيوخ ورجال الدين ، وكذلك من الرجال والنساء ومن الوزراء والنواب ، والكل صار يسرد قصصا تفصيلية عن هذا المزور وتاريخه وجامعته وشهادته المضروبة ، لكن الجهة الوحيدة التي لم تصلها الأخبار هي الحكومة طبعاً ، ومثل الكف الأحمر لم نجد قضية في المحاكم أو النيابة رغم كثرة الأخبار عن ذلك ، وستنتهي القصة مثلما انتهى الكف الأحمر لتسجل في تاريخ الكويت "سنة الشهادات المزورة" ، وتضاف إلى سلسلة "حزايات" خالتي قماشة ، مثل الناقلات ثم الاستثمارات الخارجية وبعدها المناخ ثم الخس والطماط في الجيش ، ثم القسائم الصناعية ، ثم الألعاب النارية ، ثم الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية ، ثم الحيازات الزراعية ثم الشركات الوهمية وشاليهات الخيران وانتهاءً بمطعم الفلافل*

? *الفرق الوحيد أن جميع هذه القصص حقيقية مقارنة بالكف الأحمر ، ولكن التعامل معها سينتهي إلى ما انتهت إليه قصة الكف الأحمر ، ومع التقدير للكثير من السيناريوهات والتحليلات الجادة التي تم فيها تناول الشهادات المزورة وارتباطها بالفساد ، إلا أن ثمة تحليلا لم يتم بيانه ، وهو السكوت عن انتقاد وفضح القياديين والمتنفذين الكبار في البلد بحجة أن الديرة خاربة برمتها ، وليأكل بعض الناس بعضا ، وينسوا الحكومة ولو لبعض الوقت ، فالكل عايش الدور بكل حماس*
