الندم

white ro0oz

مراقبه عامه
إنضم
24 يونيو 2015
المشاركات
28,528
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
بقلم : هيا الفهد
عندما نصل لمرحلة الندم فمن المؤكد أننا استنفدنا جميع طاقات الصبر والتحمل مع أولئك الذين نظروا لطيبتنا وتسامحنا نظرتهم الضيقة..
الندم من المؤسف أنه سلاح ذو حدين.. ينغرس في صدر النادم ويقتل في نصله الآخر الطرف المندوم على معرفته ومعاشرته والتعايش معه..
لا أعتقد أن هناك إنسانا ما لم يمر بذلك الإحساس المؤلم لعلاقة ما أو مواقف محددة أو تجربة أو عطايا أو تسامح وغفران حتى لو كانت العلاقة عطاء سخيا أو واسطة سعى فيها للغير ومساعدة من نوع ما استنفدت قدراته وتفكيره ووقته.
قد يختلف معي البعض في أن العمل الطيب لا يؤسف عليه ولا يجب أن يجر صاحبه لدهاليز الندم ولا يدخل المشاعر في عتمة الذنب والحسرة.. قد يعترض البعض بأن مد يد العون من مبادئ ديننا الحنيف وأن تفريج كربة ستفرج عنا بالتالي كرب يوم القيامة ونحن في أمسّ الحاجة لها في زماننا هذا وحفظا لأنفسنا من نار جهنم وعملا لآخرتنا.. أتفق.. لكن الألم الداخلي المتمثل بغدر من قربناهم يوما الينا ومن آثرناهم على أنفسنا ومن أدرنا لهم خدنا الأيسر بعد أن عاثوا ضربا بالأيمن من وجوهنا يجعلنا نقف لحظة عند منعطف الندم رفقا بقلوب طيبة مارست واجباتا وأدت حقوقا دون انتظار شيء سوى مرضاة الله.
من الطبيعي أن نحس الغصة في «بلعومنا» حين نرى ما أجزلنا بعطائه يضيع هباء منثورا لا حمدا ولا شكرا ولا احتراما أو تقديرا.. بل على عكس ذلك إمعانا في الظلم وسطوة كلام وإنكار جميل واستهتار بكرامة وجرح لكبرياء وصار للتعدي سوطا حادا يجرح الظهر بلسعاته وللإهانة دورها القاسي اللاذع للفؤاد ولتفضيل الغير ممن يتصف بالجبروت والقوة أهميته وارتسم الضعف في طيبة العاطي والمتسامح فركن في زاوية اللامبالاة..
لا نملك أن نعيش فرادى ولا نمتلك القدرة على محو ماض لجعله كأن لم يكن ولا ابعاد اناس فرضهم العمل أو القرابة أو الصداقة أو الجيرة أو النسب.. لا نملك أن نغير ذاتنا التي رباها الله وأوجدها الخالق بصفات محددة ولا أن نزيل من أنفسنا مبادئ وقيما فرضتها التربية ورحم الله من غرسها داخلنا ولا أن نتجاهل دينا عمل على مكارم الأخلاق.
الضربات المتعددة والمتلاحقة تقطع الأنفاس.. تزيد ضربات القلب.. توجع الجسد والعقل.. فنصاب بعفن الندم.. لماذا تصرف هكذا؟ لماذا لم نكن أقوى مما كنا؟ لماذا سامحنا من التصقت به الخيانة؟ لماذا أغمضنا عينا عن ظالم ومتعد؟ لماذا ولماذا وخلف كل لماذا مرارة الندم.