- إنضم
- 16 يوليو 2010
- المشاركات
- 4,416
- مستوى التفاعل
- 3
- النقاط
- 0
تبدأ مسرحية بجماليون كما كتبها جورج بيرنارد شو ، برهان يقوم بين العالم الأرستقراطي هنري هيغنز ، و صديقة الكولونيل بيكرنغ على فتاة هي اليزا دولتيل ، يلتقي فيها ذات يوم فتلفت لهجتها المبتذلة و أسلوبها المشاكس الوضيع في التصرف ، نظريهما و هنا يقول هيغنز لصديقة أن بإمكانه ، خلال اشهر قليلة أن يحول هذه الفتاة إلى سيدة أرستقراطية ، بمجرد تعليمها أناقة الحديث و أسرار اللهجة الراقية . و إذ يقول له الكولونيل أن هذا غير ممكن منطقيا ، و يقوم الرهان بين الرجلين . و على اثر ذلك يدنو هنري هيغنز من بائعة الزهور اليزا ، و يعرض عليها أن يعلمها المنطق مقابل بعض المال يعطيه لها و مال آخر يعطيه لأبيها ، و هكذا تأتي في اليوم التالي إلى بيته ، و تبدأ بالتمارين . و قد أبدت اليزا خلال التمارين استجابة و استعداد أذهلت أستاذها . و خلال فترة نجحت اليزا في الاختبارات التي أجريت لها ، و تحسن نطقها و كذلك تحسن مظهرها و يظهر ذلك خلال زيارة اليزا إلى بيت السيدة هيغنز في يوم استقبالها ، وكذلك يظهر خلال حفلة صاخبة في حديقة منزل سفير من أصدقاء هنري هيغنز فإلى تلك الحفلة اصطحب هيغنز تلميذته (اليزا) ليقدمها إلى الحفل على أساس أنها دوقة ، من دون أن يكشف سرها لأحد . و تتصرف اليزا مثل دوقة حقيقية ، نطقا و فهما و أناقة و تظهر كأنها خارجة من أرقى العائلات الأرستقراطية و يكسب بذلك هيغنز الرهان و بعد ذلك انتبهت اليزا إلى أن الرجلين لا يقيمان أي وزن لدورها في النصر ، و أكثر ما يؤثر فيها موقف هيغنز حيث أنها بدأت تميل إليه ووقعت في غرامة من دون أن يلاحظ هو شيئا و أنة يتجاهلها تماما معتبرها مجرد مادة أجرى عليها اختبارا ناجحا ، صحيح أنها كانت مادة طيعة بين يديه ، مثل المادة التي صنع منها بجماليون الأصلي منحوتته لكنها في نهاية الأمر كائن بشري تحب و تحزن ، إنها ليست مجرد دمية صنعت ، إن هذا كله تحسه اليزا ، لكن هنري هيغنز يعيش خارجة تماما فهو المهووس بعلمه و انتصاره ، ما كان ليخطر بباله مثل هذه الأشياء ،و بعد أن تيأس اليزا من قدرة هيغنز على فهم ما بها ، تلجأ إلى منزل والدته السيدة هيغنز فتقوم بتأنيب ابنها و لومه على ما فعل و من ثم يعود هيغنز إلى اليزا طالبا المغفرة و يعرض عليها أن تعيش معه و مع صديقة الكولونيل في منزله كثلاثي عازب ، فتغضب اليزا منه و ترفض عرضه فهي لا تسعى إلى الحصول على صداقة أو حياة مترفة ، بل ما يهمها هو الحنان ، يهمها أن ينظر إليها بحب .. لكنه هو يرفض هذا تماما محاولا إقناعها بأن هذا الأمر يتعارض مع طبيعته نفسها ، و إزاء هذا كله لم يعد في وسع اليزا التي صارت الآن أكثر ثقة بنفسها و قدرة على مجابهة الحياة إلا أن تعلن أمامه بأنها ستتزوج شابا صديقا له هو فريدي الذي كان يطاردها منذ زمن بعيد ، كما أنها تعلن إنها لن تعود لبيع الزهور بل ستصبح أستاذة صوتيات مثل هيغنز تماما ، بل سوف تنافسه في ذلك .
بـجماليون" هوا اسم بطل المسرحية الذائعة الصيت للكاتب والفيلسوف الإيرلندي "جورج برنارد شو" والذي استوحى فكرة هذه المسرحية عام 1912 من أسطورة أغريقية ضاربة في أعماق التاريخ تحكي قصة نحات اغريقي يدعى بجماليون كان كارهاً للنساء يعيش منزوياً ووحيداً، فأراد أن يصنع تمثالاً لما يجب أن تكون عليه المرأة المثالية التي تحيا في مخيلته، فشرع في نحت تمثال بديع الجمال وعندما انتهى من صنع التمثال العاجي بُهر بجماله الذي فاق حُسنَ أي امرأة بالوجود آنذاك واسماه "جلاتيا". ثم ما لبث ان اكتشف انه قد غارق في حب ذلك التمثال-جلاتيا، الذي صنعه بيديه العاريتين، وبدأ يحضر لتمثاله المعبود الهدايا من أثواب وحلي وزينة من تلك الأشياء التي تغري الفتيات، وأفرد للتمثال سرير مريحا ومخدة من ريش وثير. كان يزور هذا التمثال يوميا ليطمئن عليه..يحدثه ويحدوه الأمل بأن تدب في جلاتيا التمثال الروح والحياة فيصير امرأة حقيقية، لما كان يبدو عليه من الكمال والفتنة والروعة والجمال. فأخذ يحرق البخور ويقدم القرابين ويصلي لفينوس (آلهة الحب والجمال وحامية العذارى في الميثولوجيا الأغريقية) لتحول فتاته العاجية جلاتيا إلى روح حية ليتزوجها.
لكن سرعان ما تتخلى عنه جلاتيا بعد أن صارت امرأة حقيقة تضحك وتبكي وتتنفس، وهو الذي غرس روحه بتفنن وتأني مدهشين وهو يخلق ملامحها وتفاصيلها ويمنحها جمالها، ويقضي الوقت بصلواته للآلهة كي تمنحها الحياة والروح..تلك المرأة جلاتيا سرعان ما تحولت إلى امرأة مفتونة بجمالها يملأها الغرور والأنانية فتتركه لتهرب مع شاب وسيم. فيعود بجماليون الخالق العاجز والمفجوع بعشيقته التي صنعها من أدق خلجات قلبه ورعشات أصابعه، يعود موجوعاً لتقديم القرابين لفينوس الآلهة كي تعيدها إلى حالها الأول كتمثال عاجي، يعود الى التضرع للآلهة كي تعيدها الى طبيعتها الأولى..تمثال من رخام لا حول له ولا قوة.... وعندما يتحقق له ذلك يقوم بتحطيم ذلك التمثال..أي بتحطيمها..لتعود كما كانت..وهماً منسيا
اما بقية الاسطورة فتقول : ان بجماليون اطلق على عذرائه اسم "فلاطية " وانهما تزوجا وان ملكة الحب عشترون باركت زواجهما وحضرت حفل زفافهما بنفسها
وانهما انجبا طفلا اسمياه " بافوس " اطلق اسمه فيما بعد على مدينة " قبرص "
لم تلهم الأسطورة "برنارد شو" وحده فحسب، بل إن الأديب "توفيق الحكيم" في مسرحيته المبدعة التي حملت نفس الأسم والتي عالج من خلالها الأسطورة بطريقة مبتكرة تعانق بيئتنا الملحمية العربية، لتتحدث عن الفتاة غير المتحضرة ومتواضعة الجذور والتي تجد نفسها فجأة منخرطة في وسط المجتمع المخملي...لتتحول تدريجيا الى جلاتيا الأصلية كما في الأسطورة..لتغدو حطاماً بعد عين...تماما كما حدث مع صاحب الأسطوة الأغريقي الأصلي!
وقد تحولت المسرحية الي فيلم سيدتي الجميلة والي مسرحية عربية بطولة شويكار وفؤاد المهندس
لمزيد من الاطلاع
http://www.aklaam.net/forum/showthread.php?t=19034
التعديل الأخير: