[FONT="]صديقاتي ..
[/FONT] [FONT="]هذا موضوع كان يدور بذهني منذ مده وقررت انشره هنا في نادي الكتاب لإنه[/FONT] [FONT="] المكان المناسب له .. وسيكون متجدد .. دوما ..
[/FONT] [FONT="]بريد المطر ..
[/FONT] [FONT="]هو بريد يضم رسائل .. كُتبت على أيدي شخصيات في الواقع .. او كُتبت على أيدي
[/FONT] [FONT="]شخصيات كانت بين دفتيّ روايه او كتاب .. فلا يهم .. مادامت رسائل .. تحمل ..
[/FONT] [FONT="]عاطفه .. لامست روحك ..
[/FONT] [FONT="]قرنت البريد بالمطر .. لإن المطر لطالما كان رمزا للمشاعر.. بكل أشكالها .. [/FONT]
غادة..
أعرف أن الكثيرين كتبوا إليك، وأعرف أن الكلمات المكتوبة تخفي عادة حقيقة الأشياء خصوصا إذا كانت تُعاش.. وتُحس وتُنزف على الصورة الكثيفة النادرة التي عشناها في الأسبوعين الماضيين...ورغم ذلك، فحين أمسكت هذه الورقة لأكتب كنت أعرف أن شيئا واحدا فقط أستطيع أن أقوله وأنا أثق من صدقه وعمقه وكثافته وربما ملاصقته التي يخيل إلي الآن أنها كانت شيئا محتوما، وستظل كالأقدار التي صنعتنا: إنني أحبك.
الآن أحسها عميقة أكثر من أي وقت مضى، وقبل لحظة واحدة فقط مررت بأقسى ما يمكن لرجل مثلي أن يمر فيه ، وبدت لي تعاساتي كلها مجرد معبر مزيف لهذه التعاسة التي ذقتها في لحظة كبريق النصل في اللحم الكفيف...
الآن أحسها ، هذه الكلمة التي وسخوها ،كما قلت لي والتي شعرت بأن علي أن أبذل كل ما في طاقة الرجل أن يبذل كي لا أوسخها بدوري.
إنني أحبك: أحسها الآن والألم الذي تكرهينه – ليس أقل ولا أكثر مما أمقته أنا – ينخر كل عظامي ويزحف في مفاصلي مثل دبيب الموت.
أحسها الآن والشمس تشرق وراء التلة الجرداء مقابل الستارة التي تقطع أفق شرفتك إلى شرائح متطاولة...
أحسها وأنا أتذكر أنني لم أنم أيضا ليلة أمس، وأنني فوجئت وأنا أنتظر الشروق على شرفة بيتي أنني – أنا الذي قاومت الدموع ذات يوم وزجرتها حين كنت أُجلد – أبكي بحرقة.بمرارة لم أعرفها حتى أيام الجوع الحقيقي ، بملوحة البحار كلها وبغربة كل الموتى الذين لا يستطيعون فعل أيما شيء ...وتساءلت: أكان نشيجاً هذا الذي أسمعه أم سلخ السياط وهي تهوي من الداخل؟
لا..أنت تعرفين أنني رجل لا أنسى وأنا أعْرَفُ منك بالجحيم الذي يطوق حياتي من كل جانب ، وبالجنة التي لا أستطيع أن أكرهها ، وبالحريق الذي يشتعل في عروقي ، وبالصخرة التي كتب علي ّ أن أجرها وتجرني إلى حيث لا يدري أحد ...وأنا أعرف منك أيضاً بأنها حياتي أنا ، وأنها تنسرب من بين أصابعي أنا ، وبأن حبك يستحق أن يعيش الإنسان له ..
ورغم ذلك فأنا أعرف منك أيضاً بأنني أحبك إلى حد أستطيع أن أغيب فيه ، بالصورة التي تشائين ، إذا كنت تعتقدين أن هذا الغياب سيجعلك أكثر سعادة ، وبأنه سيغير شيئاً من حقيقة الأشياء.
أهذا ما أردت أن أقوله لك حين أمسكت الورقة؟ لست أدري..ولكن صدقيني يا غادة أنني تعذبت خلال الأيام الماضية عذاباً أشك في أن أحدا يستطيع احتماله ، كنت أجلد من الخارج ومن الداخل دونما رحمة وبدت لي حياتي كلها تافهة ..
إن قصتنا لاتكتب ، وسأحتقر نفسي لو حاولت ذات يوم أن أفعل ، لقد كان شهراً كالإعصار الذي لايُفهم ، كالمطر، كالنار، كالأرض المحروثة التي أعبدها إلى حد الجنون وكنت فخورا بك إلى حد لمت نفسي ذات ليلة حين قلت بيني وبين ذاتي أنك درعي في وجه الناس والأشياء وضعفي ، وكنت أعرف في أعماقي أنني لا أستحقك ليس لأنني لا أستطيع أن أعطيك حبا ولكن لأنني لن أستطيع الاحتفاظ بك إلى الأبد .
وكان هذا فقط ما يعذبني ...إنني أعرفك إنسانة رائعة ، وذات عقل لايصدق وبوسعك أن تعرفي ما أقصد .. لا يا غادة لم تكن الغيرة من الآخرين.....كنت أحسك أكبر منهم بما لا يقاس ، و لم أكن أخشى منهم أن يأخذوا منك قلامة ظفرك .
لا يا غادة ....لم يكن إلا ذلك الشعور الكئيب الذي لم يكن ليغادرني ، مثل ذبابة أطبق عليها صدري ، بأنك لا محالة ستقولين ذات يوم ما قلتِه هذه الليلة.
إن الشروق يذهلني ، رغم الستارة التي تحوله إلى شرائح وتذكرني بألوف الحواجز التي تجعل من المستقبل - أمامي – مجرد شرائح....وأشعر بصفاء لا مثيل له مثل صفاء النهاية ورغم ذلك فأنا أريد أن أظل معك ، لا أريد أن تغيب عني عيناك اللتان أعطتاني ما عجز كل شيء انتزعته في هذا العالم من إعطائي . ببساطة لأني أحبك. وأحبك كثيراً يا غادة، وسيُدَمرُ الكثير مني إن أفقدك، وأنا أعرف أن غبار الأيام سيترسب على الجرح ولكنني أعرف بنفس المقدار أنه سيكون مثل جروح جسدي: تلتهب كلما هبت عليها الريح .
أنا لا أريد منك شيئاً وحين تتحدثين عن توزيع الانتصارات يتبادر إلى ذهني أن كل انتصارات العالم إنما وزِعَت من فوق جثث رجال ماتوا في سبيلها ..
أنا لا أريد منك شيئاً ، ولا أريد- بنفس المقدار- أبداً أبداً أن أفقدك.
إن المسافة التي ستسافرينها لن تحجبك عني ، لقد بنينا أشياء كثيرة معا ً لا يمكن ، بعد، أن تغيّبها المسافات ولا أن تهدمها القطيعة لأنها بنيت على أساس من الصدق لا يتطرق إليه التزعزع...
ولا أريد أن أفقد ( الناس) الذين لايستحقون أن يكونوا وقود هذا الصدام المروّع مع الحقائق التي نعيشها... ولكن إذا كان هذا ما تريدينه فقولي لي أن أغيب أنا . ظلي هنا أنت فأنا الذي تعودت أن أحمل حقيبتي الصغيرة وأمضي ...
ولكنني هذه المرة سأمضي وأنا أعرف أنني أحبك، وسأظل أنزف كلما هبت الريح على الأشياء العزيزة التي بنيناها معاً..
ما حملته من كلمات كان لها اثر فى داخلي فتنفست الصعداء ، وسري الحب فى كل نسمه من
نسمات جسدي ، فتعانقت المشاعر وغسل قلبينا المطر ، فتدفق الحب فى الشرايين عاطفه
وعاصفه بحال بات يراودني ؟
مامعنى هذا الذي اكتبه ؟
اني لا أعرف ماذا أعني به !
ولكني أعرف انك " محبوبي " , وأني أخاف الحب , أقول هذا مع علمي بأن القليل من الحب كثير ..
الجفاف والقحط واللا شيء بالحب خير من النزر اليسير ..
كيف أجسر على الأفضاء اليك بهذا , وكيف أفرّط فيه ؟ لا أدري , الحمدلله اني اكتبه على ورق
ولا أتلفّظ به , لأنك لو كنت حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام , ولاختفيت زمناً طويلاً ,
فما أدعك تراني الا بعد أن تنسى ..!
حتى الكتابة ألوم نفسي عليها احياناً لأني بها حرة كل هذه الحريه ..، قلي ما إذا كنت على ضلال
أو هدى ؟ .. فأني أثق بك , وأصدق بالبداهه كل ماتقول ..! وسواء كنت مخطئة ام لا فان قلبي يسير
اليك , وخير مايفعل هو أن يظل حائماً حواليك , يحرسك ويحنو عليك ..وعندما احدق فى الآفق البعيد
اجد نجمتان متجاورتان رغم وضح النهار ، انها نجمتي انا ونجمه لك انت ؟ تتهامس بهمس بعيد عن
اعين البشر ، وكل ما مر ليل اونهار اتفقت النجمتان على ان لا تفترق ، وابقى انا في شوق اليك احمل
فى داخلي كلمات من لهيب عواطفك ...
من رساله كتبها .. عبدالحميد الكاتب لأهله .. وهو منهزم مع مروان ..
أما بعد .. فإن الله تعالى جعل الدنيا محفوفة بالكره والسرور ، فمن ساعده الحظ فيها سكن إليها ، ومن عضته بنابها ذمها ساخطاً عليها ، وشكاها مستزيداً لها ، وقد كانت أذاقتنا أفاويق استحليناها
ثم جمحت بنا نافرة ، ورمحتنا مولية ، فَمُلح عذبها ، وخشن لينها ، فأبعدتنا عن الأوطان ، وفرقتنا عن الإخوان ، فالدار نازحة ، والطير بارحة .
وقد كتبت والأيام تزيدنا منكم بعداً ، وإليكم وجداً ، فإن تتم البلية إلى أقصى مدتها يكن آخر العهد بكم وبنا ، وإن يلحقنا ظفر جارح من أظفار عدونا نرجع إليكم بذل الإسار ، والذل شر جار . نسأل الله تعالى الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء ، أن يهب لنا ولكم ألفة جامعة ، في دار آمنة ، تجمع سلامة الأبدان والأديان ، فإنه رب العالمين وأرحم الراحمين.. .