- إنضم
- 16 يوليو 2010
- المشاركات
- 4,416
- مستوى التفاعل
- 3
- النقاط
- 0
الكاتب الأيرلندي برنارد شو
قلة من الناس يفكرون أكثر من مرتين أو ثلاثة بالسنة؛ أما أنا فقد صنعت لنفسي شهرة عالمية وذلك بالتفكير مرة أو مرتين بالأسبوع" هكذا تحدث الكاتب الأيرلندي الشهير جورج برنارد شو الذي تحل هذا الشهر ذكرى وفاته عام 1950، وقد صنع شهرته عبر ما يزيد عن ستين مسرحية، إلى جانب نجاحاته في الأدب والنقد الموسيقي.
كان برنارد أحد مفكري ومؤسسي الاشتراكية، حيث كانت تشغله نظرية التطور، كما يعد أحد أشهر الكتاب المسرحيين في العالم، حاز جائزة نوبل في الأدب عام 1925 وجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو عن سيناريو "بيجماليون" عام 1938.
في كتاب "الاشتراكية والحب عند برنارد شو" بقلم الدكتور نبيل راغب، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1990، يكشف المؤلف وجوها لهذا الكاتب الكبير.
شو والعرب
يؤكد المؤلف أن برنارد شو أدى خدمات جليلة للعالم العربي ولهذا فقد حظى باهتمام كتابه حتى اليوم ومنهم سلامة موسى وعباس العقاد؛ فلقد ساند قضيتنا في وقت اشتدت فيه حاجتنا للأصدقاء، وتحت عنوان "رعب دنشواي" كتب برنارد شو أن الضباط الانجليز ارتكبوا جريمة خطيرة في حق تلك القرية الفقيرة ، مؤكدا أن المصريين بعد حادثة دنشواي لن يرضخوا للحكم البريطاني ولن يقبلوا أية رابطة بانجلترا .
ويختتم حديثه بقوله: "إن النظام الإمبراطوري العسكري كله مناف للقوانين الطبيعية حيث أنه يقوم على كبت الحريات والإرهاب. وأن الحقيقة التي أوجزها وليم موريس في جملته الشهيرة: لا يوجد رجل بلغ حدا من الامتياز حتى يسود الاخرين، تنطبق أيضا على الأمم".
وكان الدكتور علي الراعي يرى في كتاب "مسرح برنارد شو" أنه ركز اهتمامه على الحقائق العارية في الحياة حيث هاجم الرومانسية والشاعرية المزيفة ثم حاول اكتشاف منهج اجتماعي جديد وثيق الصلة بالحياة المعاصرة، بينما رأى نعمان عاشور بكتابه "رواد الفكر" أن الكاتب ورث من أمه استقلالها ونشاطها وتذوقها للفن.
أما ميشيل تكلا فكشف في كتابه "جورج برنارد شو" أن برنارد شو كان يخطب دوما وخاصة يوم الأحد في الجماهير، وأحيانا يخطب ثلاث مرات في اليوم الواحد ، وكان جمهوره من المتعلمين وغيرهم، وظل يفعل هذا بدأب منذ 1883 إلى عام 1895، ما أكسبه شهرة واسعة.
أبطال عمل مسرحي تأليف برنارد شو
الزواج والاشتراكية
كانت لبرنارد شو نظرة عجيبة في أمر الزواج؛ فهو نظرا للظروف العصيبة التي مرت بها عائلة شو منذ نعومة أظافره والكفاح الذي خاضته أمه من أجل لقمة العيش بعملها كمدرسة موسيقى ومغنية للأوبرا، أصبح يرى أن الزواج بشكله السائد نظام خاطيء يحتاج للتطور مع العصر، وهو يقول في مسرحية "شروع في زواج":
"إن الزيجات الصحية لا تخرج عن كونها صداقات من نوع رفيع ومتين قائم على الفهم والتجاوب، أما تلك الزيجات التي يدعون انها تقوم على حب أبدي سواء أفلاطونيا أو حسيا فهي ليست إلا حالات مرضية يجب ان يفحصها الطبيب بعناية وإذا فشل في تحليلها فمن الممكن إرسال هذا النوع من الزوجين إلى المقصلة" !
يؤكد مؤلف الكتاب تأثر برنارد شو بمذهبه الإشتراكي كثيرا؛ فهو يرى في روايته الأولى "عدم نضوج" الحب وقد تحرر من قيود الرومانسية والخيال والزيف معتمدا على الاستقلال الاقتصادي والنظرة الواقعية، ولم تعد المرأة بتعبيره "مجرد لعبة في يد الرجل أو متعة لناظريه كما كان سائدا في المجتمع الانجليزي في عصر الملكة فيكتوريا"، ولذلك نجد بطلات شو وقد تميزن بالاكتفاء الذاتي وتحدي التقاليد وقوة الشخصية وجرأة التعبير.
ولذلك فهو يقول بكتاباته أن الزواج يجب أن يقوم على الاختيار الحر بين الرجل والمرأة بعيدا عن الفروق الطبقية وهذا لم يتح إلا بعد أن سادت الأنظمة الاشتراكية .
برنارد في مكتبه
مسرح مثير
يقول المؤلف: ألف برنارد شو مسرحيات خالية من الأفكار الخيالية، وخلق مسرح يحتك بذكاء المتفرج ويثير في نفسه الرغبة من أجل حياة أسمى وأفضل وذلك بوضعه الحقائق نفسها على المنصة ليراها الجمهور من كل زاوية ثم يذهب إلى منزله وهو يفكر في وضع حلول جذرية لها.
ويؤكد برنارد شو في إحدى مسرحياته أن التعاون بين الرجل والمرأة هو ما يحقق أهداف الحياة، ولم يكن الرجل في الماضي يؤمن بقيمة المرأة لتحقيق كيانه ووجوده ، وهو ما عبر عنه بطل مسرحية "الإنسان والسوبر مان" ، ولكنه عرف قيمة المرأة لحياته بعد زوال هذه النظرة الرجعية عن الإنسانية .
كان برنارد يدعو نساه عصره لينظرن داخل أنفسهن ويعرفن ميولهن الحقيقية ، لا أن ينتظرن في سلبية مطلقة في المنزل حتى يتصرف في شأنهن كل من يرغب في ذلك، ضاربا المثال بالمناضلة الفرنسية الشهيرة جان دارك التي سعت لخلاص شعبها وليس لنفسها فحسب.
تمثال برنارد شو بكندا
بين الأب وابنه
ينتقد شو في كتابه "جوهر الابسنية" فرض الآباء سلطتهم على الأبناء وتهديدهم بالعقاب والجحيم إذا حاولوا البحث عن السعادة في المنزل عن طريق تحقيق كيانهم، ولذلك لا يجب أن نتعجب عندما نجد الأبناء يثورون ضد الآباء لأن من حقهم تأكيد ذاتهم بعيدا عن كل عوامل الإرهاب والضغط برأي الكاتب.
في مسرحية "مهنة مسز وارين" تعامل فيفي أمها كما لو كانت امرأة غريبة عنها لا تمت إليها بصلة الدم، وكأنها تمثل جيلا يريد التحرر من القيود التقليدية التي تسعى لتشكيل حياة الأبناء قسرا ، ويؤكد الكاتب أن الآباء عليهم أن يوفروا لأبنائهم أسباب الكرامة واحترام الذات.
ويشير مؤلف الكتاب إلى اعتقاد برنارد شو أن السبب الرئيسي في تأخر التطور، وتدهور الحضارات، وانهيار الأسرة، واندثار العقيدة، وفقدان القانون لهيبته، يتركز في خنق الآباء لحريات الأبناء واستعبادهم حتى يشبوا صورة مشوهة منهم غير قادرين على أن ينظروا إلى الحياة نظرة جديدة خاصة بهم تكفل التطور والتقدم إلى الأمام.
داعي الاشتراكية
في التنويعة التي تمثلها الاشتراكية في مسرحيات شو تتبلور الفكرة التي تقول انه إذا أردنا خلق إنسان من نوع جديد يدفع الانسانية إلى الأمام فلن يمكن هذا إلا من خلال إزالة الطبقات الاجتماعية، وتذويب الفوارق الاقتصادية، بحيث تنال كل كادرات المجتمع نصيبها من العدالة الاجتماعية بعيدا عن الأوهام المثالية والخداع السياسي.
واشتراكية شو لا تقوم على الصراع والعنف وإراقة الدماء لأنه يؤمن بإمكان تحقيق التطور الحضاري عن طريق سن القوانين والتشريعات التي تهدف إلى المساواة وتخفيض الثروات الهائلة التي يتمتع بها الأغنياء من أجل رفع المستويات البائسة التي يعيش عليها الفقراء.
يشير الدكتور نبيل راغب إلى أن برنارد شو عاش حياته مخلصا لهذا الفكر حتى أطلق عليه "نبي الاشتراكية" لكونه لم يهمل الجانب الروحي في حياة الناس، يقول شو: "يؤكد كل الناس المفكرين على أن السعادة والشقاء هما من الجوانب الملازمة للانسانية ولا علاقة لهما بالمال، إن المال يستطيع شفاء الجوع ولكنه لا يستطيع شفاء التعاسة".
يجلس في حديقة عامة
التعديل الأخير:
