عزيزتى هذا هو:
إن علاقة التربية بالديمقراطية علاقة جدلية ووثيقة، إذ لايمكن الحديث عن التربية والتعليم في غياب الحريات الخاصة والعامة وانعدام الديمقراطية الحقيقية القائمة على المساواة وتكافؤ الفرص والمبنية أيضا على العدالة الاجتماعية و الإيمان بالاختلاف وشرعية التعدد.
ولايمكن الحديث كذلك عن الديمقراطية في غياب تربية حقيقية وتعليم بناء وهادف يتسم بالجودة والإبداع والابتكار وتكوين الكفاءات المنتجة، ويحترم المواهب ويقدر الفاعلين التربويين والمتعلمين المتفانين في البحث والاستكشاف والتنقيب العلمي والمعرفي.
ومن هنا، فالتربية والديمقراطية متلازمان كالعملة النقدية فلا تربية بلا ديمقراطية ولا ديمقراطية بلا تربية. وما أحوجنا اليوم إلى تربية ديمقراطية- في وطننا الذي انعدمت فيه المواطنة الحقيقية وتقلصت فيه حقوق الإنسان وتضاءلت فيه العدالة حتى كادت أن تنعدم- من أجل تأهيل ناشئتنا تأهيلا أخلاقيا وديمقراطيا لإدارة دفة البلاد وقيادة دواليبها على ضوء رؤية إبداعية ديمقراطية قائمة على أسس النظام والمسؤولية والانضباط والمواطنة الحقة، والتوق إلى الحرية والتغيير وبناء الدولة والأمة على معايير الإبداع والإنتاج والابتكار قصد الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة والأمم المزدهرة حضاريا وعلميا وتكنولوجيا!
إذا، ماهي التربية؟ وما مفهوم الديمقراطية؟ وماهي علاقة التربية بالديمقراطية؟ وماهي آليات تفعيل الديمقراطية في نظامنا التربوي؟ وماهي الصعوبات التي تواجه تطبيق الديمقراطية وتفعيلها في الواقع التربوي؟ وما هي الحلول المقترحة لتثبيت الديمقراطية التربوية؟ تلكم هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في هذه الدراسة المتواضعة.
1- مفهوم التربيـــة:
التربية فعل تربوي وتهذيبي وأخلاقي يهدف إلى تنشئة المتعلم تنشئة اجتماعية صحيحة وسليمة. و تساهم التربية أيضا في الحفاظ على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وتسعى جادة لتكوين المواطن الصالح، و تهدف كذلك إلى تغيير المجتمع والدفع به نحو طريق التقدم والازدهار عبر تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة المثلى. زد على ذلك، فالتربية هي التي تصيغ المجتمع صياغة أخلاقية وترفع من مكانته وتوصله إلى مصاف الدول المتقدمة والمزدهرة.
وتسعى التربية جادة إلى إدماج الفرد في المجتمع تكيفا وتأقلما وتصالحا وتغييرا، كما تسعى إلى:" الإنماء الكامل لشخصية الإنسان وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية. يعني تكوين أفراد قادرين على الاستقلال الفكري والأخلاقي ويحترمون هذا الاستقلال لدى الآخرين، وذلك طبقا لقاعدة التعامل بالمثل التي تجعل هذا الاستقلال مشروعا بالنسبة إليهم." وعلى العموم، فالتربية هي وسيلة لتحقيق الإبداع والابتكار و طريقة في الاستكشاف والتأويل والبحث ودمقرطة المجتمع، وترتكز على الحرية والمبادرة الفردية وسيادة النقاش الهادف والنقد البناء والحوار السليم من أجل بناء مجتمع متقدم واع يساهم في الحداثة ويثري العولمة بما لديه من طاقات منتجة واختراعات ومكتشفات ومستجدات نظرية وتقنية وعلمية ومعلوماتية.
ويقول الدكتور محمد لبيب النجيحي:" ولما كان هدف التربية الأساسي هو تنمية التفكير واستغلال الذكاء، فمعنى هذا أن التربية تعمل من أجل الحرية الإنسانية. فالتأكيد على نمو الطفل إنما هو تأكيد على تحرير قدراته العقلية من قيودها، وإتاحة الفرصة لها للانطلاق حتى تستطيع أن تستخدم بطريقة فعالة إمكانيات البيئة التي يعيش فيها. ويصبح المجتمع الحر هو المجتمع الذي يشترك أفراده أيضا في تطويره وتوجيه التغيير الاجتماعي الحادث له.
وعندما يتمتع أفراد المجتمع بالحرية فإن التربية تكون بذلك قد أسهمت في بناء مجتمع مفتوح. ونعني بالمجتمع المفتوح المجتمع الذي يسعى عن قصد وتصميم في سبيل تطوره، ولا يعمل فقط على المحافظة على الوضع الراهن. وهذا المجتمع هو مجتمع قد نظم تنظيما يدخل في اعتباره حقيقة التغيير في الأمور الإنسانية. وهو مجتمع يقبل التغير على أنه وسيلة للقضاء على الفساد والانحلال، وأن الذكاء الإنساني والمجهود التعاوني من جميع أفراد المجتمع تؤدي جميعا إلى نمو الإنسانية وتقدمها."
زد على ذلك أن التربية تحقق مجموعة من الوظائف الجوهرية كالتعليم والتثقيف والتطهير والتهذيب والتنوير وتحرير الفكر من قيود الأسطورة والخرافة والشعوذة والسمو بالإنسان نحو آفاق إيجابية ومثالية.
اذا تبين شي ثاني راسلينى علي الخاص وشكرا
موووووفقة
رويال كلاس للبحوث والدراسات الطلابية والأكاديمية