فرح العجرف
New member
- إنضم
- 21 ديسمبر 2007
- المشاركات
- 8,712
- مستوى التفاعل
- 4
- النقاط
- 0



كانَت تُتابِع نَشرة الأخبارِ التي اكتظَّت بصُوَرِ القتلى والجرحى والتَّدمير
حينما أقبلَ زوجها نحوَها وراحَ يَشكو لها ظُلم رئيسه له في العَمَل !
فابتسم "محـمـد" ابتسامةً ذابلةً في وجهِ أبيهِ، قائلا: لا تحزن يا والدي الحبيب
فظُلْمُ ذَوِي القُربى أشدُّ مَضاضةً !
- ماذا تقصد يا بُنيّ ؟
فأجابته الأمُّ بحُزنٍ: قبلَ قليلٍ كان "محـمـد" يسألني عن عِلاجٍ ناجِح لفظاظةِ
زوجه وتكبّرها !
- لا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ !
نفثَتِ "الآهَ" مِن صَدرِها، وأطرقَتْ تفكِّرُ ...
وبَينما هي في توجُّعها إذْ جاءتها ابنتها بصُحبةِ أبنائها بوجهٍ مُكْفَهِرٍّ وعُيونٍ
تَفِيضُ دَمعًا مِن قسوةِ الزَّوْجِ وجَبَروتِهِ !
ثمَّ رنَّ جَرسُ الهاتِف فدعَتِ اللهَ سِرًّا أن يُسمعها خيرًا، لكنْ سُرعانَ ما خابَ
رجاؤها !
فها هوَ صَوت بنت أختها يُرَدِّدُ شكواه الدَّائمة مِن غياب الوالدينِ وانشغالِهما
المُستمِرِّ !
دَقائقُ من الصَّمتِ خيّمتْ على المكان، قطَعَها صَوت طَرقٍ خَفيفٍ على باب المنزلِ
فإذْ بالجارةِ "أمِّ عبـدالله" تستأذنها بالدُّخول، والجلوس بين يَدَيْها لتبثّها شكواها مِن
ظلمِ أخيها، وأكْلهِ مالَها بغيرِ وَجه حقٍّ !
- يا "رَحمَة" ...
بالكاد سَمعتُ اسمي وهو يَنتقل عبر مَوجات الهواء، فقد غاصَ صوتها في أودِيَةٍ
من ألَم !
- نَعَم يا أمِّي الحبيبة .
- خُذي بيدي - يا ابنتي - أريدُ الخروج إلى فِناءِ المنزلِ حيثُ النَّسمات النقيَّة
العليلة .
تَسَربَلَت بشالها الصُّوفيّ، ثم اتَّكأت على يَدي، وخرجنا .
في الكون بَقايا نورٍ، والسَّماء مُكتظَّة بالغُيوم، حتّى خُيِّل إليَّ أن الغَيمة إنْ سَجَدَت
فَسَتسْجد على ظهرِ أختِها مِن ضِيق المكان !
مَنظرٌ لم أرَ مثله مِن قبل ...
- انظري يا أمّاه، كلّ هذا الغَيم ولا قطرة مَطرٍ واحِدة !
- كيف سَنُمْطَر يا ابنتي، وكيف سَنُنصَر وكلّ هذا الظّلمُ في عالَمِنا ؟!
- لا إِلَهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .
- لا إِلَهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .
للكاتبه : رجاء بنت محمد الجاهوش
