فهذا نبي الله يونس - عليه السلام - حينما ضعفت نفسه ... وضاق صدره ...
وضج بقومه ... فذهب مغاضبا وتركهم مهاجرا من دون ان يأذن الله له
ترك عبء الدعوه ... وغادرهم ظنا ان الله لن يضيق عليه الارض
فهي فسيحة والقرى كثيره والاقوام متعددون ...
وقاده غضبه الجامح ... وضيقه الخانق الى شاطيء البحر
فوجد سفينة مشحونه ... فركب فيها ... وانزلوه بينهم منزلا كريما
لما رأوا على وجهه من علامات الكرم والطهر والصفاء ...
فلما ابتعدوا عن الشاطىء ... هاجت الامواج ... وهبت الاعاصير
وزاغت الابصار ... وبلغت القلوب الحناجر ... وانخلعت القوائم ... وايقنو بالهلاك
ولم يجدوا طريقا لنجاتهم الا ان يتخففوا من الركاب ... وانه لابد من القاء احدهم على الاقل
ليسلم البقيه ... فساهموا فجاء السهم على يونس ( اي عملوا قرعة وطلع يونس عليه السلام )
ولكنهم ظنوا به على البحر تكريما لشأنه ... ولمارأوا من مكانه فعادوا للمساهمه فعاد السهم على يونس
وكذا للمره الثالثه ( اي لم يريدوا ان يكون هو لمكانته فهو نبي الله ولما رأى 3مرات ترسي القرعه عليه )
فألقى يونس بنفسه في اليم ... واسلم نفسه للامواج
قال تعالى : ( فالتقمه الحوت وهو مليم )
اي : مستحق للرمي لانه لم يصبر على تكاليف الرساله
وترك قومه قبل ان يأذن له الله تعالى
فأوحى الله الى الحوت : ان لاتأكل له لحما ... ولاتهشم له عظما ...
فان يونس ليس لك رزقا ... وانما بطنك تكون له سجنا
وعندما احس يونس بالضيق في بطن الحوت ... في تلك الظلمات الهائله
ظلمة البحر ----- وظلمة بطن الحوت ----- وظلمة الليل
وضاق صدره واعتلج همه ... وعظم كربه فزع الى الله تعالى :
قال تعالى ( فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظلمين )
وتأتي الاستجابه السريعة ... وانظر الى التعقيب بالفاء ... حيث قال :
( فاستجبنا له ونجيناه من الغم , وكذلك ننجي المؤمنين )
فأوحى الله الى الحوت ... ان يلقي يونس بالعراء ...
فخرج على الشاطيء سقيما هزيلا مدنفا عليلا ... فتلقته عناية الله ...
وحفت به رحمته ... فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ...
وهو نبات لاساق له وله ورق عريض ... ودبت اليه العافيه
وظهرت فيه تباشير الحياة
قال تعالى في سورة الانبياء :
( وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه فنادى في الظلمت
ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظلمين
فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين )
روى ابن ابي حاتم ... عن انس بن مالك - رضي الله عنه - :
ان يونس - عليه السلام - حين بدا له ان يدعوا بهذه الكلمت وهو في بطن الحوت فقال :
( اللهم لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظلمين )
اقبلت الدعوه تحف بالعرش
قالت الملئكه : يارب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيده غريبه
فقال الله تعالى : اما تعرفون ذلك ؟
قالو : يارب فمن هو ؟
قال عز وجل : عبدي يونس
قالوا : عبدك يونس الذي لايزال يرفع عمل ودعوته مستجابه ؟
قالوا : يارب اولا ترحم ماكان يصنع في الرخاء فتنجيه في البلاء
قال : بلى
فأمر الحوت فطرحه في العراء )
من كتاب : الله اهل الثناء والمجد
للشيخ د: ناصر الزهراني - حفظه الله وغفر له ولوالديه وللمسلمين اجمعين -
وروي في حديث اخر انه - صلى الله عليه وسلم - قال :
( اسم الله الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى :
دعوة يونس بن متى )
فقال سعد بن ابي وقاص - رضي الله عنه - : يارسول الله هي ليونس خاصة ام جماعة المسلمين ؟
قال : هي ليونس بن متى خاصه ولجماعة المسلمين عامه اذا دعوا بها ...
الم تسمع قول الله عزوجل :
( وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه فنادى في الظلمت
ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظلمين
فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين )