ما شعورك عندما تتحدث مع شخص لم يكن يسمع أو يتكلم أية كلمة قبل فترة وجيزة؟
وما شعور الصم والبكم عندما يجدوا أنفسهم صدفة قادرين على استماع أصوات الناس والحديث معهم؟ كيف يتمكن هؤلاء من الاستماع والكلام؟ كيف تجرى عملية زراعة القوقعة الإلكترونية؟ ما هو الجهاز الذي يزرع ليستعيد الناس سمعهم وكلامهم؟
«العرب « التقت الدكتور عبد السلام القحطاني استشاري جراحة الأذن والأنف والحنجرة وزراعة القوقعة الإلكترونية بمؤسسة حمد الطبية، وأول طبيب قطري يجري هذا النوع الدقيق من العمليات فكان هذا الحوار.
لمن تجرى عملية زراعة القوقعة الإلكترونية؟
بداية أوضح أن الأذن الداخلية هي المسؤولة عن استقبال الموجات الصوتية وتحويلها إلى موجات كهربائية إلى مركز السمع في الدماغ، حيث يتم تحليل هذه الأصوات فنعرف من خلالها أننا نسمع صوتاً ما، وقد يفقد الإنسان السمع إما خَلقيا (بفتح الخاء)، بمعنى أنه قد يولد أصم، أو قد يفقد السمع خلال حياته إما بسبب مرض ما أو الأصوات العالية أو كبر السن، أما الأطفال الذين يولدون وهم صم فقد يكون نتيجة صلة قرابة بين الأبوين، أو تعرض الأم لبعض الأمراض أو أخذ بعض الأدوية في بدايات الحمل، أو إصابة الطفل ببعض الأمراض في السنة الأولى كالصفراء أو الالتهاب السحائي مما يؤدي لفقدان السمع.
وقد يكون سبب الصمم في الأذن الداخلية بوجود أمر توصيلي عصبي متعلق بالأذن الوسطى والخارجية، أما ما يتعلق بزراعة القوقعة فهو الصمم الحسي العصبي.
كيف يتم اكتشاف الصمم عند الأطفال؟
- يوجد لدينا في قطر -بحمد الله- برنامج الكشف المبكر عن السمع، وقد بدأ العمل في السنوات الخمس الأخيرة، حيث يقوم بفحص جميع الأطفال المولودين في الدولة، فإذا وجد طفل لديه إعاقة سمعية تتم متابعته من خلال قسم السمع بمؤسسة حمد الطبية، ويتم تحويل المريض إلى برنامج زراعة القوقعة بعد مجموعة من الفحوصات، ثم يتم إجراء المزيد من الفحوصات والترتيبات الخاصة ببرنامج زراعة القوقعة.
ما ترتيبات برنامج زراعة القوقعة؟
- تمر مسألة اختيار المريض لزراعة القوقعة السمعية بعدة مراحل، وذلك لتطبيق معايير الأمان في البرنامج؛ أولها اختيار المريض المناسب للعملية، حيث يتم إجراء جميع الفحوصات السمعية التي تؤكد فقدان السمع عند المصاب بما يعادل 90 % فأكثر، ويتم تركيب معينات سمعية لمدة شهرين، كما يتم تحويل المريض إلى معالج نفسي واختصاصي النطق والاختصاصي الاجتماعي، كما يتم إجراء أشعة مقطعية ومغناطيسية للتأكد من وجود قوقعة الأذن والعصب السمعي، كما يتم التأكد من أن المريض أخذ جميع التحصينات المعروفة.
وكيف تجرى العملية؟
- تتم العملية الجراحية عن طريق شق جراحي خلف الأذن بطول من 5 -7 سم، ثم يتم حفر عظمة الأذن وفتح الأذن الداخلية لإدخال المحفز الكهربائي، ووضع الجهاز تحت فروة الرأس، ويتم خلال العملية إعطاء المريض مضاداً حيوياً، كما يستعمل جهاز الكشف عن عصب الوجه، وتستعمل أحدث الميكروسكوبات الجراحية فيها، ويتم فحص الجهاز قبل الزرع وبعد الزرع للتأكد من سلامته، ولا تجرى العملية إلا بوجود جهاز احتياط، وهذا من معايير الأمان الموجودة في البرنامج القطري.
كيف يعمل جهاز القوقعة؟
- جهاز القوقعة عبارة عن جهاز داخلي وجهاز خارجي، والجهاز الخارجي عبارة عن ميكروفون يستقبل الموجات الصوتية، ثم هناك جهاز معالجة الكلام الذي يقوم بتمويل الموجات الصوتية إلى موجات كهربائية، وتحويلها إلى موجات كهرومغناطيسية يمكنها الانتقال من خلال الجلد، فيقوم الجهاز الداخلي بالتقاط هذه الموجات وتحويلها إلى موجات كهربائية، ويقوم المحفز بتحفيز الخلايا السمعية في قوقعة الأذن، حيث يتم من خلالها سماع الأصوات.
متى يسمع المصاب بعد العملية؟
- لا يتم فتح الجهاز الخارجي إلا بعد مرور أسبوعين إلى 3 أسابيع بعد العملية، حيث يسمع المريض أول صوت له بعد تركيب الجهاز الخارجي، ويكون ما يسمعه غير مفهوم، ولكن هنا يأتي دور التأهيل السمعي والنطقي، حيث قد يستغرق من 3 شهور إلى عامين حتى يتمكن المريض من المقدرة على السمع والكلام.
ما السبب الذي جعلك تتدرب على هذه العملية؟
- لقد كنت جراح أنف وأذن وحنجرة بمؤسسة حمد الطبية، وكنت أقوم بإجراء أغلب العمليات الخاصة بالأنف والأذن والحنجرة، وأكثر ما استهواني عمليات الأذن، كنت أشعر أنها تغير حياة الأطفال والمرضى إلى الأفضل، وكنت أركز في حياتي المهنية على عمليات الأذن، لأنه يجب أن يكون جراح زراعة القوقعة متمكناً في جراحة الأذن، وقد كان تأثري شديداً بانتقال الطفل من عالم السكون إلى عالم السمع والكلام، حيث كان هذا الأمر أحد الأسباب الرئيسية والمحفزة لكي أتدرب على هذه العملية وإتقانها، وخصوصاً عندما أسمع كلمة شكر من طفل لم يكن يسمع أو يتكلم من قبل.
منذ متى تجرى هذه العملية في العالم؟
- أول من اخترع القوقعة الإلكترونية في العالم هو طبيب أميركي اسمه وليام هاوس عام 1969م، وهو واحد من أشهر جراحي الأذن في العالم، ولم يسجل براءة الاختراع باسمه وبقي فقيراً، وكان بإمكانه أن يكون مليونيراً إذ ركب في العالم حولي 100 ألف قوقعة سمعية إلكترونية حتى الآن.
كم عملية زراعة للقوقعة أجريت في برنامجكم بمؤسسة حمد الطبية؟
- خلال البرنامج الجديد تم إجراء زراعة قوقعة لحوالي 25 شخصاً وكانت النتائج بفضل الله جيدة، حيث دخل بعض الأطفال الذين زرعت لهم القوقعة الإلكترونية المدارس وهم اليوم يعيشون حياتهم ويتعلمون مع الأطفال الآخرين، والعمليات التي أجريت كانت لأشخاص من مختلف الأعمار والجنسيات.
هل العملية مكلفة مادياً؟
- في الحقيقة تعد عملية زراعة القوقعة مكلفة مادياً إذ تبلغ تكلفتها حوالي 93 ألف ريال قطري، وهنا فإنني أناشد أهل الخير بالتبرع لدعم بعض الأسر المتعففة، والذين لا يمكنهم تحمل تكاليف العملية، ويوجد بالإدارة المالية بمؤسسة حمد الطبية حساب خاص لمساعدة الأسر غير القادرة، حيث يمكن التبرع لدعم هذه الأسر، والمساعدة في إعادة أطفال ولدوا وهم لا يسمعون، وبإجراء هذه العملية سيعودون إلى عالم السمع والكلام يمارسون حياتهم بشكل طبيعي بإذن الله.
الدكتور عبد السلام القحطاني من مواليد الدوحة عام 1969م، أنهى الدراسة في مدارس قطر، كما أكمل دراسة الطب من جامعة القاهرة عام 1994م، وقضى السنة التدريبية بمؤسسة حمد الطبية، وقضى 5 سنوات بقسم الأنف والأذن والحنجرة، حيث حصل على البورد العربي عام 2000، ثم تدرب على زراعة القوقعة مع البروفيسور رولاند ليزج رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى فيراي بورج بألمانيا، وقد قام هذا الجراح بإجراء زراعة قوقعة لأكثر من 1500 شخص وحده، والدكتور القحطاني رئيس برنامج التدريب لأطباء الأنف والأذن والحنجرة، وعضو لجنة التدريب في الزمالة العربية البورد العربي.
http://www.alarab.com.qa/details.php...o=429&secId=16
