- إنضم
- 24 يونيو 2015
- المشاركات
- 28,528
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0

المتابع للعمل الضخم الذي روج له بشكل لافت، والتكلفة الإنتاجية الكبيرة التي تحدث عنها المخرج، يتوقع منه أن يكون متقناً ودقيقاً، خاصة أنه تاريخي، ويجب أن تحكمه المصداقية والدقة في التعاطي مع الأحداث، من أصغر التفاصيل إلى أكبرها.
ولكن الأخطاء التي وقع بها مسلسل سمرقند، لا يمكن التغاضي عنها، خاصة وأنها لم تعد تخفى على أحد، فالعمل يجسد ملحمة كبيرة، والاهتمام الكبير به يمكن للجميع ملاحظته، بداية من الألقاب التي وزعت على الممثلين في العمل وتم عرضها على الشارة، الأمر الذي أثار استهجاناً كبيراً لدى الجمهور المتابع، خاصة أن إطلاق الألقاب جاء فضفاضاً وأكبر من حجم الممثلين، كأن يطلق على الفنانة أمل بشوشة لقب «النجمة القديرة»، علماً بأن مشوارها الفني مازال بأوله، ومن يتابع العمل يلاحظ جيداً الأغلاط اللغوية التي وقعت بها، ومخارج الحروف لديها غير سليمة، وكيف غاب عن بال «النجمة القديرة» التي تحدثت في أحد البرامج أنها لا تستعرض في المسلسل، أن تنزع صفي الرموش المستعارة التي كانت تنام وتستيقظ بهما، خاصة وأنها تؤدي دور جارية تباع في أسواق النخاسة، واللافت أيضاً أن هناك تحيزاً إخراجياً لبشوشة بشكل صارخ، من خلال تسليط الضوء عليها بشكل مبالغ فيه، وذلك بإقحام كلوزات لها غير مبررة في مشاهد أبطال الأحداث.
ولو بقيت الأخطاء في هذه الحدود، فربما يمكن أن تمر مرور الكرام، ولكن أن تطال الأخطاء الشاعر والفيلسوف الكبير عمر الخيام، الذي يجسد شخصيته الفنان يوسف الخال، كيف لمن يجسد شخصية عمر الخيام أن يخطئ ويستبدل كلمة مكان أخرى، فبدلاً من أن يقول: «ويتهموننا بالكفر والزندقة» استبدل الزندقة بكلمة «الزنبقة»، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فـ «لماذا» «أصبحت تلفظ «لمازا» وغير ذلك الكثير.
وحسن الصباح، الذي يجسد شخصيته الفنان عابد فهد، لم ينج أيضاً من الأخطاء، فبدلاً من أن يقول إن النبي يونس في بطن الحوت، أبدله بالنبي «يوسف» ونتساءل: ألم تتم مراجعة العمل ومراقبته قبل العرض؟
ولم تتوقف الأخطاء على اللغة، بل تجاوزتها لمجريات الأحداث، فكيف لجارية أن تكون في نفس الحلقة بقصر أصفهان مع جواري الملك، وبعدها بمشهدين تكون بقصر سمرقند مع جواري الملك شاه، والمشهد الذي يليه تنضم إلى جوارٍ تباع بسوق أصفهان؟ أين ذهبت الميزانية الضخمة التي تحدثوا عنها؟ ألم تكن كافية لدفع أجور الكومبارس؟
وسمرقند، كما جاء على لسان نجومه ومخرجه، هو عمل يروج ضد التطرف والعنف والإرهاب، فكيف لعمل يحمل هذه الرسالة أن يظهر مشاهد الجواري وهن يرقصن على جثث الموتى، بصورة تظهر مدى الازدراء للذات البشرية أياً كان جرمها أو دينها أو جنسها؟ فإكرام الميت دفنه، وخصوصاً أن المشهد في بلاط ملك شاه الذي يحارب التطرف والعنف ووحشية الصباح، فكيف يقابله بوحشية أكبر؟
ومن الأخطاء التوثيقية أيضاً تجسيد سوق سمرقند، فقد جاء فقيراً جداً، ومن المعروف بأنه كان من أهم الأسواق تاريخياً، ولعب دوراً اقتصادياً مهماً آنذاك، وعرف بتجارة الحرير، وقد استنكر الكثير من المشاهدين هذا التقصير الإنتاجي، ويبقى السؤال أين كانت عين مخرج العمل إياد الخزوز من هذه الأخطاء الجسيمة لنص تمت كتابته بكل إتقان؟.
ماذا قال الدكتور محمد البطوش، كاتب العمل، عن هذه الأخطاء والنقاط السلبية فيه؟
في البداية، اعتبر الكاتب بأن مسلسل سمرقند بعيد كل البعد عن الرواية، مع العلم بأنه يتشرف بالرواية للكاتب الكبير أمين معلوف، أما عن الأخطاء اللغوية فهو لم يكن راضياً عنها مطلقاً، ولكنه حاول إيجاد تبريرات لها، واعتبر بأن الظروف الصعبة التي صور بها العمل، وظروف الطقس تشفع للممثلين بهذه الأخطاء، ومن الواضح أنه، وعلى الرغم من ذلك، بدا أنه غير مقتنع بها.
أما عن مشهد الرقص على جثث الموتى، فقال بأنه لم يكتب هذا المشهد، بل هو من رؤية المخرج، وقال: للأمانة التاريخية فإن مثل هذه المشاهد كانت موجودة في تلك العصور، وبالنسبة لشهادات النجومية التي وزعت على الشارة، وأداء بعض الممثلين، اعتبر الكاتب بأن هذا الأمر لا دخل له به، وهو أمر خاص بالمخرج.
كلمة لا بد منها: سمرقند، نص مهم للغاية، وكتب بحرفية وإتقان، وإن حدثت اتكاءات ذاتية شخصية لأهداف ترويجية لبعض النجوم أضرت بالعمل، كان يمكن تلافيها، ليكون في المكتبة الدرامية العربية عمل جيد عنون باسم سمرقند.
التعديل الأخير: