غلطتك الكبرى!!

white ro0oz

مراقبه عامه
إنضم
24 يونيو 2015
المشاركات
28,528
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
ذهبت مع ابني الصغير للسوق لكي نشتري قارباً مطاطياً قابلاً للنفخ من أجل الاستعداد لذوبان القطب الشمالي بسبب ظاهرة (الاحتباس الحراري). وهذا القرار اتخذناه بعد أن عقدنا اجتماعاً على مستوى الغرف التي في الشقة لمناقشة آخر المستجدات حول هذا الموضوع الشائك، وقد لاحظنا أن العلماء مختلفون، فبعضهم من الغربيين يقسمون بأغلظ الأيمان الإنجيلية أن هناك مصيبة مقبلة.. بينما علماء آخرون يرون أن الموضوع مجرد فقاعة إعلامية وتداخل مصالح اقتصادية وسياسية، ولكننا في النهاية خرجنا بتوصيات عدة أهمها شراء هذا القارب القابل للنفخ وسهل التخزين.

ولا أعلم عزيزي القارئ ما إذا كنت ستقرأ هذا الكلام في عدد الجريدة اليوم، أم ستقرأه بعد شهور أو سنوات عندما يوضع المقال كسفرة لطعامك، أو كمادة أرشيفية سقطت في يدك بالصدفة! وعندها ربما تتساءل «هذا من صجه؟».

وإجابتي هي (نعم من صجي)، فأنا لم أشترِ القارب من أجل الاحتباس الحراري فقط، ولكني أيضاً اشتريته من أجل الاحتباس الطائفي والاحتباس الرياضي، واحتباس الثروة واحتباس الغضب الشعبي من تصاريح الحكومة التي لم تقدم الأزمة المالية للشعب من خلال هوية إعلامية واعية وغير مستفزة، تلك الحكومة التي كان عليها أن تعامل الشعب الكويتي معاملة الشعب الذي سيتفهم أهمية إجراءات من هذا النوع في الوقت الراهن وعلاقتها بالمستقبل فقط إذا شاركته بشفافية في المعلومة، لا أن تخرج وتقول من منبر عالٍ (إننا نتخذ قرارات قد ينظر إليها في الوقت الحاضر على أنها غير شعبية، لكنها ستصب في مصلحة المواطنين على المديين المتوسط والبعيد).

مثل هذا التصريح يعني أن هناك معطيات لا يعلم الشعب عنها شيئاً، والحكومة (أبخص) لأنها في مرحلة وعي (أبوي)، وليس «مؤسساتياً»، ولذلك فهي حريصة على الأبناء الذين لا يعرفون مصلحتهم، ولو كانت الحكومة شاركتنا منذ البداية هذه المعطيات، بدلاً من مشاركتنا مجموعة من التصاريح المتضاربة بين الحين والآخر، لما وصل الأمر إلى (قرارات غير مرحبة من الشعب) في بلد أكثر ما يميزه هو ديموقراطيته.

فالشعب يعتقد أن الحكومة تريد أن تحول الكويت إلى طبقات، وأن الطبقة الوسطى لن تقع في شقق الإيجار فقط، ولكنها ستقع (على رقبتها) أيضاً، ويعتقد أن الحكومة تحمله فساد غيرنا، وإهمال تخطيط من سبقنا، في وقت يلاحظ فيه تغليب لتصدير الدينار للخارج على حساب الداخل، لذلك «أبوس» إيدكم اخرجوا للناس وكلموهم بصراحة، أين نقف اليوم؟ ولماذا علينا أن نسير في هذا الاتجاه؟ فما نعرفه عن هذه الأزمة التقشفية يقزمه ما لا نعرفه عنها!

وبالتالي فأنتم تساعدون بشكل أو بآخر على ظاهرة (الاحتباس الشعبي).

عموماً لقد اشتريت (القارب المطاطي) ولعلي أركبه عندما يبلغ الموج أعلاه في هذا الوطن، وستجد عزيزي القارئ تحت الكرسي الذي تجلس عليه قارباً قد اشتريته لك إذا كنت من أولئك الذين ذهب بهم خيالهم إلى أن الوطن يجب أن يكون الأول في كل شيء، الأدب والعلم والفنون والإعلام والسياحة والسياسة والرياضة، أولئك الذين يتخيلون أوطانهم وهي مليئة بالعمران وبشبكات طرق حديثة وبمصانع متقدمة وبمستشفيات راقية ومراكز بحوث وتقارير جبارة ومدارس يتخرج منها العظماء وليس المشاهير، أولئك الذين يريدون لبلدانهم أن تكون مليئة بالرجال.

إنها ليست غلطة الوطن في كوننا سنغرق يوماً ما، ولكنها غلطتنا نحن الذين ذهب بنا خيالنا إلى مناطق محرمة علينا، إن أمثالنا يستحقون الغرق لأن الخيال والأماني والأحلام أصبحت جريمة يعاقب عليها الواقع، ورغم أننا نحمد الله على هذا الوطن سواء أكان بدعم أو من دون دعم، وسواء كان بنفط أو من دون نفط، ولكننا كشباب لا نستطيع أن نتحكم في أحلامنا وفي هذا الحس الذي يعصف كياننا كله مثل نار الأولمبياد التي أشعلها فهيد الديحاني فينا.

إنه كما يقول سهيل إدريس في رواية (الحي اللاتيني): «حسك الذي يريد أن يتنبأ بكل شيء، وأن يأخذ العدة لكل أمر» تلك هي غلتطك الكبرى.

غلطتك الكبرى في كونك تريد لهذا الوطن أن يكون (البريمو) في كل شيء، في الإنسانية والعدل والمسؤولية والوعي والرياضة والريادة.

حسك الذي يتألم وهو يشاهد (وصلة الردح) في وسائل إعلام تجامل الحكومة فتتمنن على الناس، والبهتان من القول في الإعلام البديل وهو يرد على الحكومة.

ولكن رغم ذلك وما أن يرتفع الموج علينا، سنكون بهذا الحس مستعدين بقوارب النجاة، ولن ننسى أن نغني ونحن نجدف وندعو الله أن يحفظ الكويت وأميرها، وما أن تبلع الأرض ماءها وتوقف السماء فيضها، سيجدنا هذا الوطن رهن إشارته من أجل أن نحقق خيالنا وجنوننا.. من أجل أن نحقق غلطتنا الكبرى.

****

قصة قصيرة:

لم يرفع علم الكويت في الأولمبياد، لقد حدث ذلك من قبل وفي أرضها.. في الغزو ولمدة 8 شهور..

ولكن في كل مرة يثبت الشباب أنهم أعلام تمشي على الأرض.

كاتب كويتي

moh1alatwan@
محمد ناصر العطوان