- إنضم
- 24 فبراير 2012
- المشاركات
- 23
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
لستُ عقيماً
إنتظرته على قارعة الطريق ككل صباح .. لم تحوّل نظرها عنه وسارت كأنها تتجه إليه .. كل يوم في نفس الوقت .. في نفس باص الأيتام .. حتى إعتقدت أنه ينتظرها ليلتقيها .. كل يوم لها يبدأ ببسمته .. وحركاته العفوية المفاجئة أمامها ...
.
.
عند التقاء العيون ترسم بسمة الصباح .. وتلتقي بأشعة الشمس لتمدها بحيوية ونشاط تبدأ به عملها .. هذا الطفل الصغير ذو الخمس سنوات على أبعد تقدير ما أبهج وجهه .. يسارع برد بسمتها عند رؤيتها كأنها أمه ..
يا الله ما أجمل أن تكون أماًّ .. تمنت أن تشعر بالأمومة منذ بداية حياتها الزوجية .. ومنذ سبع سنين وهي تنتظر!
هذا الطفل جدد بداخلي الشعور بالنقص .. أين أنا من بنات جنسي ، أين هم من سأباهي بهم العالم ، أين زينة الحياة الدنيا؟
هذا الطفل جدد بداخلي الشعور بالنقص .. أين أنا من بنات جنسي ، أين هم من سأباهي بهم العالم ، أين زينة الحياة الدنيا؟
كل يوم تقف تنتظر الباص الذي يقلة إلى المدرسة ، ولاحظت في اكثر من مرة أنه يبحث عنها عند تواريها عن أنظارة .. كانت نشوة بحثه عنها تفوق حد إستيعابها .. فرحة أن يلتقي بوجهها ترتسم على ملامحة الصغيرة وبحركتة العفوية يرفع يده ليحييها بخجل الأطفال! وبدون تفكير تبادلة التحية ، تنسى آداب السيدة الرزينة وتتعمق في شعورها اللذيذ بالسعادة العميقة التي تثلج الصدر وتبعد عنه هموم وغرابة الحياة بأختيار أسلوب العقاب؟.
تساءلت منذ أكتشفت أنها عقيم : " ماذا فعلت لأستحق مثل هذا العقاب ألم تجد الحياة شيئا أبسط .. ووقعة على نفسي أخف ! كنت لأرتضي أي شعور بالمرار.. إلا أن أكون عقيماً!".
سار الباص في طريقة ومسحت دمعة تحررت من مقلتيها .. استجمعت شتات نفسها .. وانطلقت إلى مكان عملها .. لم تنسها وجوه المراجعين ذلك الوجه الصغير .. بقيت تبتسم وكأنه أمامها .. وفرحة اللقاء ما تزال تقبع في أعماقها ..
أنهت العمل وعادت إلى منزلها .. قابلها وحش الوحدة والخواء الذي يخيم فيه بعد أن تزوج وتركها .. لم تتخيله بدون أطفال كانت تلمح نظرة النقص في عيونه عند مشاهدة أطفال في الشارع .. حنوه على أطفال العائلة كان يفوق قدرتها على تحمل حرمانه من حقه .. في أن يكون أبا!
أنهت العمل وعادت إلى منزلها .. قابلها وحش الوحدة والخواء الذي يخيم فيه بعد أن تزوج وتركها .. لم تتخيله بدون أطفال كانت تلمح نظرة النقص في عيونه عند مشاهدة أطفال في الشارع .. حنوه على أطفال العائلة كان يفوق قدرتها على تحمل حرمانه من حقه .. في أن يكون أبا!
تناولت الطعام من البراد ووضعته لتسخنه .. بدلت ملابسها وصورة ذلك الطفل لا تفارقها .. تخيلته يلعب في أرجاء المنزل يقفز فوق الأريكة .. ويتبعها في المطبخ يساعدها كلما طلبت منه .. تخيلت إحدى الغرف وهي تتحول لمتحف لألعاب الأطفال يتوسطه سرير صغير على شكل سياره .. وهو ينام فيه كالملائكة.
تنقلت بين الغرف .. تستجديها بحركة آدمي تشعرها بأنها على قيد الحياة .. عبثا تناولت جهاز التحكم بالتلفاز تطرد الهدوء القابع في ثنايا الجدران!
تنقلت بين محطاته أصابها الضجر .. رمت الجهاز وأمسكت كتابا تركته على الأريكة قبل أن تغفو في الليلة السابقة .. حاولت أن تدمج نفسها بمواضيعه ولكن في كل صفحة يطل ذلك الصغير بيده الملوحة .. وغمازات وجهه عند انفراج شفتيه .. أيقظتها رائحة شيء يحترق .. تذكرت الطعام .. فهرعت إلى المطبخ لتجد الغداء تحول لفحم أسود .. ضحكت بهستيريا .. وجلست على بلاط المطبخ مستندة للخزائن .. تضم رأسها بين قدميها ... فكرت:" سأصاب بالجنون حتما إذا بقيت وحدي،
ماذا سأفعل، لم أعد احتمل هذا الوضع ، آه لو كان عندي أبن كذلك الطفل !".
رفعت رأسها .. راودتها فكرة .. قفزت فرحة تتراقص بين غرف المنزل وتهلل حتى سقطت على ظهرها "غداً سأصبح أماً، لماذا لم أفكر قبل الآن بالتبني؟ ذلك الطفل سأجعله إبني، ما أجملها من كلمة "إبني"! لن أشعر بالعقم والنقص مره أخرى".
رفعت رأسها .. راودتها فكرة .. قفزت فرحة تتراقص بين غرف المنزل وتهلل حتى سقطت على ظهرها "غداً سأصبح أماً، لماذا لم أفكر قبل الآن بالتبني؟ ذلك الطفل سأجعله إبني، ما أجملها من كلمة "إبني"! لن أشعر بالعقم والنقص مره أخرى".
تحركت من مكانها وتفقدت غرفة الصغير .. " ماذا لو غيرت لونها لأزرق؟ سيكون لونا جميلا والستائر تحمل رسوم أبطال الفضاء .. ما نوع ألعابة المفضلة ! هل أختار له سيارات أم طائرة ؟ قد يحبذ الدببة .. تجاوز خيالها المعقول حتى إعتقدت أنه أمامها يشاركها الاختيار".
وقفت لبرهة وقالت :" سأترك الخيار له! سأعطيه ما يحب وإغرقه بالهدايا".
وقفت لبرهة وقالت :" سأترك الخيار له! سأعطيه ما يحب وإغرقه بالهدايا".
لم تستطع النوم تلك الليلة وهي تنتظر الصباح كي تراه وتخبرة حرفيا بذلك .. أشرقت الشمس ولم تتمكن من إغماض جفنها فاليوم سأصبح أما .. غادرت المنزل على عجل وتوجهت إلى دار الأيتام ..
هناك في مكتب المسؤولة أتمت الإجراءات وذهبت إلى غرفة صفه .. توقفت خلف باب الصف لم تقو على الدخول أحست برعشة تنتابها وبحرج غريب .. استجمعت قواها ودفعت الباب ودخلت .. هدأت أصوات الأطفال وتوجهت الأنظار إليها .. كلهم يتساءلون عن هذه الضيفة الغريبة وبعيونها بحثت عنه .. لم يطل بحثها فقد قفز من بينهم ورمى بنفسه في حضنها.. وهمس:" في أذنها كنت أعلم أنك ستأتين".
التعديل الأخير: