تمهيد:
يقول الدكتور زغلول النجار: جاءني طبيب أمريكي أسلم، ولم يقرأ من القرآن سوى قوله تعالى: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين﴾ [البقرة: 1-2] فقال: كتاب يصف نفسه بذلك لابد أنه كتاب من رب العالين( )، فالواحد منا إذا كتب خطاباً، وبات حتى الصباح، يقوم بتغيير نصفه على الأقل، وهو مجرد خطاب، ولو بات الخطاب معه مرة أخرى، فإنه سيقوم بتعديله كاملاً.
كما يقول: غير أن الذي يعيش في الغرب، ويطالع هذا التقدم سوف يكتشف أنه تقدم مادي فقط، رافقه تخلف ديني وأخلاقي ومعنوي وروحاني، وسلوكي، وأن هذه الحضارة سوف تدمر ذاتها بذاتها، يقولون إنها حضارة تتآكل من داخلها وهي حضارة عفنة، تهتم بالمادة وتهمل الجوانب المعنوية والروحية.
إن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه، وهو كلام الله الذي لا تنفد معانيه وإعجازاته، فهو المعجزة الفكرية الخالدة، فكلما أحدث الناس شكوكاً جاءهم القرآن الكريم بالبرهان المبين. وإذا كان العلماء القدماء يتحدثون عن الإعجاز البياني للقرآن الكريم، فإن علماء هذا العصر يتحدثون في وجوه أخرى من الإعجاز، مثل الإعجاز التشريعي والتاريخي والعلمي والرياضي. هذه الوجوه وغيرها جعلت مهمة المسلم اليوم أسهل لإقامة الحجة.
إنه كان معلوماً من حال النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان أمياً لا يكتب ولا يقرأ، وكذلك كان معروفاً من حاله أنه لم يكن يعرف شيئاً من كتب المتقدمين، وأقاصيصهم وأنبائهم وسيرهم. ثم أتى بجمل مما وقع وحدث، من عظيمات الأمور ومهمات السير، من حين خلق الله آدم عليه السلام، إلى حين مبعثه، فذكر في الكتاب -الذي جاء به معجزة له-: قصة آدم عليه السلام، وابتداء خلقه، وما صار أمره إليه من الخروج من الجنة، ثم جملاً من أمر ولده وأحواله وتوبته، ثم ذكر قصة نوح عليه السلام، وما كان بينه وبين قومه، وما انتهى إليه أمرهم، وكذلك أمر إبراهيم عليه السلام، إلى ذكر سائر الأنبياء المذكورين في القرآن.
ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه، إلا عن تعلم، وإذ كان معروفاً أنه لم يكن ملابساً لأهل الآثار وحملة الأخبار، ولا متردداً إلى التعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه، علم أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي. ولذلك قال الله عزَّ وجل: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: 48].
وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: 105]، وأن من كان يختلف إلى تعلم علم، ويشتغل بملابسة أهل صنعة، لم يخف على الناس أمره، ولم يشتبه عندهم مذهبه، وقد كان يعرف فيهم من يحسن هذا العلم، وإن كان نادراً، وكذلك كان يعرف من يختلف إليه للتَّعلُم، وليس يخفى في العرف عالم كل صنعة ومتعلمها، فلو كان منهم لم يخف أمره، قال تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [هود: 49](2).
القصص:
أ- القصة في اللغة: معنى القصص القصّ: تتبع الأثر، يقال: قصصت أثره: أي تتبعته، والقصص مصدر، والقصص: الخبر المقصوص- بالفتح - وضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه، والقِصص بكسر القاف: جمع القصة. قال تعالى: ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصا﴾ [الكهف: 46]. أي رجعا يقصان الأثر الذي جاءا به. وقال على لسان أم موسى: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [القصص: 11] أي تتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه. والقصص كذلك: الأخبار المتتبعة قال تعالى: ﴿إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ [آل عمران: 62]. وقال: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَاب﴾ [يوسف: 111]. والقصة: الأمر والخبر، والشأن والحال(3).
ب- القصة في الاصطلاح عرفها بعضهم بقوله: أخبار عن أحوال الأمم الماضية والوقائع الحاضرة والحوادث السابقة(4).
وهذا التعريف وأشباهه مأخوذ من أنواع القصة، والتعريف الذي أراه مناسباً في جمعه ومنعه هو أن القصة: خبر عن حوادث حسية ونفسية تدور حول شخوص محدودة الزمان والمكان، والمراد بالخبر هو: العلم المنقول حكاية ورواية، والحوادث هي الظواهر المحسوسة أي المدركة بحاسة من الحواس المعروفة، والحوادث النفسية هي الباطنة في الضمائر والنيات والمشاعر، والشخوص هي الشخصيات أفراداً وجماعات، وحدود الزمان هي البداية والنهاية المحدودة بوحدة زمنية كاليوم والشهر والسنة، وحدود المكان المساحة من طول وعرض مع الارتفاع في الحجم.
وقصص القرآن: إخباره عن أحوال الأمم الماضية، والنبوات السابقة، والحوادث الواقعة- وقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي، وتاريخ الأمم، وذكر البلاد والديار، وتتبع آثار كل قوم، وحكى عنهم صورة ناطقة لما كانوا عليه، فإذا أردت أن تعرف الرسالة الربانية التي تحملها السورة، فاقرأ آخر سطر من قصة النبي الذي سميت السورة باسمه، وهي قاعدة قرآنية تكاد أن تكون قاعدة مضطردة تشعرك بعظمة هذا الكتاب وروعته.
إن الموعظة الخطابية تسرد سرداً لا يجمع العقل أطرافها ولا يعي جميع ما يلقى فيها، ولكنها حين تأخذ صورة من واقع الحياة في أحداثها تتضح أهدافها، ويرتاح المرء إلى سماعها، ويصغي إليها بشوق ولهفة، ويتأثر بما فيها من عبر وعظات، وقد أصبح أدب القصة اليوم فناً خاصاً من فنون اللغة وآدابها، والقصص الصادق يمثل هذا الدور في الأسلوب العربي أقوى تمثيل، ويصوره في أبلغ صورة.
أنواع القصص:
والقصص في القرآن ثلاثة أنواع:
النوع الأول: قصص الأنبياء، وقد تضمن دعوتهم إلى قومهم، والمعجزات التي أيدهم الله بها، وموقف المعاندين منهم، ومراحل الدعوة وتطورها، وعاقبة المؤمنين والمكذبين. كقصص نوح، وإبراهيم، وموسى، وهارون، وعيسى، ومحمد، وغيرهم من الأنبياء والمرسلين، عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.
النوع الثاني: قصص قرآني يتعلق بحوادث غابرة، وأشخاص لم تثبت نبوتهم، كقصة الذين أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت. وطالوت وجالوت، وابني آدم، وأهل الكهف، وذي القرنين، وقارون، وأصحاب السبت، ومريم، وأصحاب الأخدود، وأصحاب الفيل، ونحوهم.
النوع الثالث: قصص يتعلق بالحوادث التي وقعت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كغزوة بدر وأحد في سورة آل عمران، وغزوة حنين وتبوك في التوبة، وغزوة الأحزاب في سورة الأحزاب، والهجرة، والإسراء، ونحو ذلك.
خصائص القصص القرآني:
1- القصة القرآنية حقيقية في وقوعها وصادقة في خبرها فليست خيالاً ولا كذباً.
وبناءاً على ذلك ينبغي أن تكون قصص الأنبياء تصوير للواقع النفسي وقد أفرط البعض في جرأتهم واتهامهم بوجود أساطير وحوادث ملفقة ومكذوبة، بالإضافة إلى دعوى أن مصدر القصة القرآنية هي كتب الأديان الأخرى والحكايات الشعبية والأفراد العاديون.
2- حسن الاختيار بعرض الوجه الأحسن من القصة والإعراض عما لا خير فيه فضلاً عن الشر، ولذلك تسمى القصص القرآنية أحسن القصص.
وهذه ميزة للقرآن بخلاف المعهود المعدود في الكتب الأخرى كالتوراة والإنجيل حيث تعرض القصة كاملة بخيرها وشرها، ولقد حوت قصص أهل الكتاب نتيجة لذلك على كثير من الجوانب الضارة في التعليم والتربية. والتوجيه واضح في تحديد غرض أو أغراض القصة القرآنية من حيث التكليف للدعوة والتعليم والتربية.
3- التفاوت في العرض طولاً وقصراً، فمثلاً سورة نوح تدور حول قصة واحدة وهذه القصة ذكرت في آية واحدة في سورة الحاقة هي قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة: 11].
4- التقطيع بعرض المشاهد منفصلة غير متصلة وغير متسلسلة، وهذا يعني عدم مراعاة التسلسل التاريخي والترتيب الزمني لحوادث القصة كما هو شأن كتب التاريخ وكما هو حال التوراة والإنجيل.
5- تكرير القصة لفظاً ومعنى أو التكرير بالمعنى، والثاني هو الغالب والذي يسوغ التكرار تنوع السياق سباقاً ولحاقاً، ومعلوم أن التكرير وإن كان من عيوب الكلام من وجه فإنه من وجه آخر أدل على البلاغة وأجل في الإعجاز.
فوائد القصص القرآني:
ولعلنا ومن خلال الخصائص أعلاه نستنتج أن للقصص القرآني فوائد نجمل أهمها فيما يأتي:
1- إيضاح أسس الدعوة إلى الله، وبيان أصول الشرائع التي بعث بها كل نبي، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25].
2- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب الأمة المحمدية على دين الله وتقوية ثقة المؤمنين بنصرة الحق وجنده وخذلان الباطل وأهله، قال تعالى: ﴿وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [هود: 120].
3- تصديق الأنبياء السابقين وإحياء ذكراهم وتخليد آثارهم.
4- إظهار صدق محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته بما أخبر به عن أحوال الماضين عبر القرون والأجيال.
5- مقارعته أهل الكتاب بالحجة فيما كتموه من البينات والهدى، وتحديه لهم بما كان في كتبهم قبل التحريف والتبديل كقوله تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 93].
6- والقصص ضرب من ضروب الأدب، يصغي إليه السمع، وترسخ عِبَره في النفوس، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف: 111].
تكرار القصص وحكمته:
يشتمل القرآن الكريم على كثير من القصص الذي تكرر في غير موضع، فالقصة الواحدة يتعدد ذكرها في القرآن، وتعرض في صور مختلفة في التقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب، وما شابه ذلك ولعلنا نستفيد من هذا ما يلي:
1- بيان بلاغة القرآن في أعلى مراتبها، فمن خصائص البلاغة إبراز المعنى الواحد في صورة مختلفة، والقصة المتكررة ترد في كل موضع بأسلوب يتمايز عن الآخر، وتصاغ في قالب غير القالب، ولا يمل الإنسان من تكرارها، بل تتجدد في نفسه معانٍ لا تحصل له بقراءتها في المواضع الأخرى.
2- قوة الإعجاز، فإيراد المعنى الواحد في صور متعددة مع عجز العرب عن الإتيان بصورة منها أبلغ في التحدي.
3- الاهتمام بشأن القصة لتمكين عِبَرها في النفس، فإن التكرار من طرق التأكيد وأمارات الاهتمام. كما هو الحال في قصة موسى مع فرعون، لأنها تمثل الصراع بين الحق والباطل أتم تمثيل -مع أن القصة لا تكرر في السورة الواحدة مهما كثر تكرارها-.
4- اختلاف الغاية التي تساق من أجلها القصة، فتذكر بعض معانيها الوافية بالغرض في مقام، وتبرز معانٍ أخرى في سائر المقامات حسب اختلاف مقتضيات الأحوال.
أثر القصص القرآني في التربية والتهذيب:
مما لا شك فيه أن القصة المحكمة الدقيقة تطرق المسامع بشغف- وتنفذ إلى النفس البشرية بسهولة ويسر، وتسترسل مع سياقها المشاعر فلا تمل ولا تكل، ويرتاد العقل عناصرها فيجني من حقولها الأزهار والثمار. والدروس الفنية والإلقائية تورث الملل، ولا تستطيع الناشئة أن تتابعها وتستوعب عناصرها إلا بصعوبة وشدة، وإلى أمد قصير.
ولذا كان الأسلوب القصصي أجدى نفعاً، وأكثر فائدة. والمعهود -حتى في حياة الطفولة- أن يميل الطفل إلى سماع الحكاية، ويصغي إلى رواية القصة، وتعي ذاكرته ما يروى له، فيحاكيه ويقصه، وفي سن مبكرة يسمع الصغير أنواعاً من القصص ويتعلق بها حتى ينام عليها، وهذا أهم الأسباب في الانصراف للأبوين والجدين الكبيرين. قلت: بل حتى الكبار فإن القصة لها تأثير في أسماعهم وانظر إلى حال السامعين لمتحدثهم ما إن يقول في عبارته يروى أو جاء في قصة فلان أو حدثنا إلا وترى السامعين قد قاموا من غفلتهم وانتبهوا لذلك المتحدث بيد أنهم كانوا قبل ذلك متململين متضجرين، ومن هنا تلمس جانب من جوانب الإعجاز حيث اهتم القرآن بالقصة اهتماماً بالغاً ولا تكاد تمر بسورة إلا وفيها قصة تنجذب لها القلوب وتنبه الغافل وتشحذ الفكر بأسلوب رباني بديع. هذه الظاهرة الفطرية النفسية ينبغي للمربين أن يفيدوا منها في مجالات التعليم، لاسيما التهذيب الديني، الذي هو لب التعليم، وقوام التوجيه فيه. وفي القصص القرآني تربة خصبة تساعد المربين على النجاح في مهمتهم، وتمدهم بزاد تهذيبي، من سيرة النبيين، وأخبار الماضين وسنة الله في حياة المجتمعات، وأحوال الأمم. ولا تقول في ذلك إلا حقاً وصدقاً. ويستطيع المربي أن يصوغ القصة القرآنية بالأسلوب الذي يلائم المستوى الفكري للمتعلمين، في كل مرحلة من مراحل التعليم(5).
التدبير الرباني للقصة القرآنية:
القصة عموماً يسردها ويدير أحداثها ويسوقها نحو الهدف المراد منها مبدعها ومنشؤها أو مؤلفها بالمصطلح الروائي، والأحداث التي تعرضها علينا القصة القرآنية هي من نوع الأحداث التي تسير وفقاً للتدبير الرباني والإشراف الإلهي المباشرين نحو غاية معينة، ولذلك فلا عجب أن يتدخل الإمداد الغيبي واللطف الإلهي في تسيير الكثير من حوادثها وسوقها باتجاه معين يخدم الرسالة والدعوة الإلهية.
وعلى هذا الأساس يمكننا القول أن (العنصر أو العامل الغيبي) في القصة القرآنية يلعب دوراً مصيرياً حاسماً في تشكيل الأحداث وتغييرها وأحياناً قلبها رأساً على عقب، وعادة ما يكون هذا (العامل الغيبي) مصحوباً بعنصر المفاجأة سواءاً كان متمثلاً في عذاب أو إمداد ولطف أو معجزة خارقة، وهذا الطابع الفجائي يكاد يكون ملاصقاً للعامل الغيبي غير منفك عنه، فالعذاب لا يحدث إلا بغتة ـ كما صرحت بذلك الآيات القرآنية ـ كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُون﴾ [الأنعام: 44].
وقوله: ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ [الأعراف: 95] وبالمقابل وفي نفس السياق القصصي نجد أن اللطف الإلهي المنقذ لأنبيائه وأتباعهم لا ينزل هو الآخر إلا عندما تبلغ القلوب الحناجر، وعندما يوشك المؤمنون على الاستيئاس، كما تصرح بذلك الآيتان القرآنيتان التاليتان: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [يوسف: 110].
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيب﴾ [البقرة: 214]، ونريد بالطابع الفجائي للعامل الغيبي، دلالة الظروف والملابسات المادية الظاهرية كلها على نتيجة معينة لابد ـ حسب المعادلات المادية ـ من أن تنتهي إليها وفي غمرة هذه التوقعات بالضبط يتدخل العامل الغيبي ليقلب مجرى الأحداث قلباً جذرياً أو ليغير اتجاهها، تأملوا معي هذا المقطع من قصة موسى عليه السلام الذي يتجسد فيه هذا العامل بتلك المواصفات: ﴿فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ* فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: 60-63]
المعادلات المادية ترسمها لنا عبارة ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ والعامل الغيبي غير المتوقع يتمثل في نزول الوحي الإلهي بغتة بالنسبة لبني إسرائيل على موسى في تلك الظروف العصيبة حاملاً البشرى بالخلاص ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾ [الشعراء: 63].
وهكذا تتغير مجريات الأحداث بتدخل هذا العامل الغيبي بل تسير في اتجاه معكوس فالشواهد المادية تقتضي أن يُدرك موسى وأتباعه، ومعنى ذلك تصفيتهم تصفية كاملة وانتصار فرعون وجنوده، ولكن العامل الغيبي جاء ليقلب هذه النتيجة في اتجاه معاكس تماماً.
هذا فيما يتعلق بالإمداد الغيبي، أما فيما يتعلق بالعذاب فالأمثلة والشواهد كثيرة، ويمكن أن تكون معظم أنواع العذاب الذي نزل على الأمم التي كذبت الرسل وآذتهم شاهداً على عنصر المفاجأة في العامل الغيبي، ولكنا ـ مع ذلك ـ نريد أن نتوقف قليلاً عند أحد هذه الشواهد لبروز عنصر المفاجأة في الحسابات المادية بروزاً أشارت إليه الآيات القرآنية إشارات صريحة واضحة.
شاهد يتمثل في قصة صاحب الجنتين التي جاءت في سورة الكهف: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبا﴾ [الكهف: 32-43] القصة -إذا نظرنا إليها من منظار مادي لا يدخل في حساباته العوامل الغيبية- لابد وأن تنتهي بإثراء صاحب الجنتين ثراءًا فاحشاً بعد أن أنتجت الجنتان ذلك المحصول الوافر الذي بلغ من الضخامة حداً دفع صاحبه إلى أن يستشعر في نفسه الغرور والاستغناء عن الله تعالى، ولكن العامل الغيبي يأتي -كالعادة- ليقلب مجرى الأحداث وليوصلها إلى نتيجة مباغتة عكسية؛ إنها الفقر المدقع، والشعور القاتل بالندم: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا﴾ [الكهف: 42].
ولعل هذا العنصر الغيبي المفاجئ الذي تتميز به القصة القرآنية هو من أكثر العناصر جذباً للقارئ وشداً لانتباهه، فالقارئ عندما يتلو مثل هذه الآيات القرآنية التي تفاجئه بدخول العامل الغيبي إلى ساحة الأحداث يستيقظ في نفسه ذلك الشعور الذي يلازمه دائماً وهو يتابع القصص القرآني ألا وهو اليقين من واقعية الأحداث وصدقها ووقوعها فعلاً، مثل هذا الشعور من شأنه أن يجذب القارئ إلى أحداث القصة إلى أبعد الحدود، كما ومن شأنه أيضاً أن يمنح الأحداث حركة عنيفة، ويملؤها بالصراع والتحركات التي تخرج الأحداث من حالة الرتابة والروتينية. والحقيقة أن هذه الميزة التي تنفرد بها القصة القرآنية -دونما منازع- تعد من آيات إعجاز القرآن التعبيري، فهي تجمع بين الواقعية والإثارة، ومثل هذه الميزة لا يمكن أن يؤمنها أي قاصٍ دون أن يضطر إلى إضافة بعض المبالغات و(السيناريوهات والخيال الكاذب) إلى أحداث عمله القصصي أما القصة القرآنية فقد جمعت بإعجاز وبراعة بين الواقعية المحضة وبين عامل الشد والإثارة، ومثل هذا الجمع هو من شأن الإعجاز البلاغي القرآني وحسب.
وقد يسأل سائل في هذا المجال: أليس من المفارقات أن تقلب مسيرة الأحداث بهذا الشكل بغير المتوقع، وألا يحدث هذا القلب رد فعل سلبي في نفس القارئ قد يصرفه عن متابعة القصة حتى النهاية محملاً بنوع من الاستنكار والاستهجان وهو يجد نفسه أمام نتيجة لم يكن يتوقعها؟
وجواباً على هذا التساؤل نقول: إن مثل هذه المفارقات التي تترك -عادة- أثراً سلبياً في نفس القارئ، قد تصدق على (القصة البشرية) نتيجة لذلك الشعور الذي يلازم قارئها وهو يتنقل بين صفحاتها، ألا وهو الإحساس بأن القصة ليست واقعية تماماً وأن بعض أحداثها من نسج خيال الكاتب ومن ضمنها العناصر الفجائية القالبة لمجرى الأحداث، ولذلك فإن على الكاتب أن يكون حذراً جداً في اختيار نوعية تلك العناصر وإلا حدثت تلك المفارقات التي من الممكن أن تؤدي إلى فشل عمله القصصي، أما بالنسبة إلى (القصة القرآنية) فإن مثل هذا التساؤل لا يمكن أن يصدق مطلقاً، لأن المفارقات معدودة أصلاً فيها لما ذكرناه سابقاً من أنها تمثل قصصاً حقيقية حدثت بالفعل، ولذلك فإنها لا تتضمن أية مفارقة أساساً لأن المفارقة هي وليدة الاختلاق والافتعال.
النوع الآخر من العناصر الغيبية التي تنفرد بها القصة القرآنية هو عنصر المعجزات والآيات؛ وقبل أن ندخل في الحديث عن تفاصيل هذا العنصر نذكر أننا لا نقصد من هذا الحديث أن هذا العنصر مقصود بحد ذاته للإثارة والجذب لأنه -حاله كحال سائر العناصر- عنصر واقعي حدث فعلاً وأبرزته القصة القرآنية لعرض الواقع ولخدمة أهداف الدعوة الإلهية، ولكننا نريد من ذلك أن هذا العنصر جاء ليؤدي -في إطار المحاولة الإلهية المتكاملة- هدفاً آخر هو إضفاء الحركة اللازمة على الأحداث وتلوينها. ولعل أفضل مثال يمكن أن نضربه في هذا المجال هو تلك المنازلة التي حدثت بين موسى (عليه السلام) وبين سحرة مصر، والتي جرت أمام فرعون وأمام تلك الجموع الغفيرة من الناس، الأمر الذي يزيد من تواجد عنصر الإثارة والتشويق والشد فيها.والملاحظ على الآيات التي تصور لنا هذا الحدث أنها تهيئ نفس القارئ منذ البدء إلى الانجذاب للقصة ومتابعة أحداثها من خلال ذلك التحدي الذي يجابه به فرعون موسى بعد أن يريه موسى الآيات التي بعث بها، ومن خلال تعيين موسى لزمان ومكان المنازلة وتأكيده على أن تكون هذه المنازلة على رؤوس الأشهاد، فلنتابع هذا الحدث كما جاء به القرآن الكريم: ﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنتَ مَكَاناً سُوًى * قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ [طه: 57-59].
هذه الآيات هي بمثابة الحلقة الأولى من الحدث، الحلقة المنتهية عند نقطة تهيئ الأجواء للحلقة التالية وتثير عوامل التطلع الممزوج بالشوق والرغبة الشديدة إلى ما سيحدث فيها، ولا يلبث التصوير القرآني أن ينقلنا إلى ساحة الحدث في الوقت المناسب عندما تكون العيون متطلعة، والأذهان مشدودة، والنفوس ملؤها الترقب والتطلع إلى ما سيحدث من تلك الأعمال الخارقة في تلك الساحة المطوقة بمئات العيون المحملقة في فضول: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه: 65-66].
الصورة الأولى من المباراة؛ الحبال والعصي تتحول في لمحة بصر إلى ثعابين تملأ المكان رعباً وذعراً، وتملأ قلوب بني إسرائيل إشفاقاً على موسى من هذا السحر العظيم: ﴿قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: 116].
وحتى موسى نفسه يستولي عليه الإشفاق، ويتسرب إليه الخوف البشري الفطري الذي وصفه القرآن بأنه عظيم: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى﴾ [طه: 67].
وفي هذه اللحظة بالذات يتدخل (العامل الغيبي) ليقلب -كما في كل مرة- مجرى الأحداث، وليصرفها عن المسار الذي تتوقعه الأذهان في تلك اللحظات التي كانت الظروف فيها في غير صالح موسى أن تتحرك فيه: ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: 68 ـ 69].
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾ [الأعراف: 117].
وهكذا يسدل الستار على هذا الحدث الرهيب المثير الذي انتهى بانتصار العامل الغيبي الذي يجسد بشكل معجزة أسهمت -بالإضافة إلى إثبات صدق الدعوة الإلهية- في بعث الحركة والحياة إلى الحدث. وهكذا نرى أن العامل الغيبي يضع القصة القرآنية في مكان متميز متفرد، فهي واقعية لا تنفك هذه الواقعية عنها ﴿إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ [آل عمران: 62]، في نفس الوقت الذي تتضمن فيه القوى والعوامل الغيبية، وتتجسد فيه هذه القوى والعوامل ألطاف أو معجزات أو آيات أو عذاب، خلافاً للقصص البشرية التي تدخل في تركيبتها وتوظف هذا النوع من العناصر، فإننا ننظر إليها دائماً بعين الريبة والشك، ولا تكاد فكرة (الأساطير) و(المبالغات) و(الخرافات) تفارقنا ونحن نتابع أحداثها(6)، بل إن مثل هذا التوظيف الذي هو بأمس الحاجة إلى ذكاء ومهارة وبراعة لا يمكن أن يتوفر إلا في البلاغة القرآنية، قد ينقلب وبالاً على العمل القصصي فيكون أشبه شيء بخدع سينمائية يسخر الإنسان منها في داخله ويسخر من عقله بدلاً من أن يكون عملاً أدبياً راقياً يؤدي دوره في عالم الأدب والفن ولعل ما نشاهده اليوم من أفلام أنتجتها هوليود وقد وظفت لأفلامها أحدث التقنيات والأجهزة والكفاءات لتجسيد أحداث القصة تجسيداً أقرب إلى الواقع ولكن لما كانت أحداث الفلم أو قصة الفلم من نسج الخيال بحكم أن المخلوق يبقى مخلوقاً عاجزاً قاصراً عن الكمال فتبقى كل الأحداث في نظر المشاهد والمتتبع للقصة تبقى خيالاً لايتعدى صالة العرض وسرعان ما يتلاشى تأثيرها ويبقى الإحساس بالخيبة وأن كل تلك الأحداث التي مرت ما هي إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا ً حتى إذا انتهت المشاهد لم يجده شيئاً.