الفصل الأول
المكافآت السخية للصداقة
"لابد أن نحصن أنفسنا ضد هذه الحياة بالعديد من الصداقات، فلا توجد سعادة تضاهي شعور الانسان عندما يحب شخصا أو شخصا يحبه".... "سيدنى سميث"
عن طريق الأبحاث التي أجريت في عيادتنا أدركت أنا و زملائي أن الصداقة تعد بمثابة نقطة الانطلاق نحو كل نوع آخر من أنواع الحب، فالصداقة تؤثر على كل أنواع العلاقات الهامة في الحياة، فالأشخاص الذين يعيشون بدون صداقات تكون لديهم قدرة قليلة على الاستمرارفي أي نوع من الحب، فدائما ما يميلون الى المرور بأكثر من علاقة زواج، بالاضافة الى علاقات متقطعة مع العديد من أفراد العائلة..................................
ليس هناك ضرر من كونك منطويا
قابلت في بلدتي أكثر رجل خجول منعزل على الاطلاق، إنه السيد "هير برت بيلز" ، وهو صاحب مشتل، كان يتحرك بخجل شديد وتضطرب نظراته حين يتحدث، وإذا ابتسم فله سمت خاص يوحي بالعصبية.
ولم يسع "هير برت" مطلقا للدخول في دوائر المناصب و السلطة، فقد كان يزرع الشجيرات و الأشجار بيديه في قطعة الأرض التي تركها له والده، ولم يكن منفتحا على الاطلاق.
وعلى الرغم من ذلك فقد كانت جنازته احدى أكبر الجنازات التي شهدتها بلدتنا الصغيرة على الاطلاق، حيث شارك فيها جمع كبير من الناس حتى انهم ملأوا كل الساحة للصلاة عليه.
كيف استطاع مثل هذا الرجل الخجول أن يكسب قلوب ذلك العدد الكبير من الناس؟ إنه بكل بساطة عرف - وعلى الرغم من خجله - كيف يكون صداقات، فقد أتقن مبادئ الاهتمام بالآخرين، ووضع الناس في أولوياته لأكثر من ستين عاما، وربما عن\ما أدرك الناس أن كرم مشاعره وروحه كانت بمثابة مجهود اضافي يبذله شخص خجول مثله، بادلوه نفس الحب، واعتقد ان المئات منهم قد فعلةا هذا.
فعندما أحثك على على أن تخلص للصداقة، فأنا لا أحاول أن أحثط على أن تكون منفتحا، فبعض الناس يفترضون أن خجلهم هو المشكلة.
في ليلة ما كنت واقفا الى جوار أحد جراحي الأعصاب، وكنا صامتين نشاهد عبر النافذة أضواء المدينة من تحتنا، ولم يكن سهلا بالنسبة له أن يبدأ في استشارتي، وكان هذا واضحا من طريقته في إمساك قدح القهوة في حرص..... و أخيرا أخذ نفسا عميقا، كأنه سوف يغطس في حمام سباحة ملئ بالماء البارد، وقال :
"أعتقد أنني هنا لأني أفسد جميع علاقاتي، فطوال كل تلك السنين كافحت للوصول الى أعلى المراتب في مهنتي معتقدا أنه عندما أحقق ذلك سوف يحترمني الناس و يسعون للتقرب مني، لكن هذا لم يحدث" ثم سحق الكوب البلاستيكي الفارغ الذي في قبضته كنوع من التأكيد على إحباطه و يأسه.
ثم استمر قائلا: "كما أعتقد أنني قد حظيت ببعض الاحترام في المستشفى، لكنني لست قريبا حقا من أي فرد، فلا أجد من أشاركه همومي، فقد كنت خجولا ومتحفظا طوال حياتي، وما أحتاج اليه فعلا هو إصلاح وتغيير تام لشخصيتي"