ح
حبنا الله عليه
Guest
رحل جابر الخير...
رحل جابر العطاء...
رحل رجل الدولة...
رحل جابر الرمز والقائد...
رحل الفارس والقدوة...
رحل ابو الكويت.. والكويتيين...
رحل الحاكم... الوالد... الانسان
يوم الأحد الموافق15/1/2006 لن ينظر اليه في التاريخ بوصفه يوما عاديا بكل تأكيد... لانه اليوم الذي فاضت فيه روح المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ/ جابر الاحمد الجابر الصباح...
وهذا الحدث بالفعل لا يعني ابناء المنطقة العربية فقط... بل يعني دول العالم كافة... فالذين عرفوا سيرة الرجل العطرة من الأمم الاخرى... يعرفون انه رجل كبير بكل ما تعنيه الكلمة من معان ودلالات...
ولعلنا لا نبالغ اذا قلنا ان الشيخ/ جابر الاحمد رحمه الله كان من الحكام الذين يحظون بشعبية كبيرة... عضدتها انجازات غير مسبوقة في التحول ببلاده من صحراء قاحلة الى واحدة من ارقى واجمل بلاد المنطقة وربما العالم بأسره وفي خلال سنوات...
لقد رحل فارس من فرسان الوحدة العربية... رحل من صنع الحضارة على ارض بلاده الطيبة...
مسيرة سموه للعطاء والبناء:
بعد ان تولى سموه الحكم رحمه الله استطاع ان يكمل مسيرة الخير التي بدأها شيوخ الكويت من قبله... وحمل امانة الحكم في رعيته الذين نالوا العناية في مختلف نواحي الحياة من تعليم وصحة وترفيه... الخ.
و انطلاقا من مبدأ العطاء الذي جبل سموه عليه... وتربى في كنفه.. كانت لسموه رؤية في أن الخير لأبناء البلد اولاً ثم الافاضة منه على الدول العربية والإسلامية ليعم الخير على الجميع وذلك من خلال مشاريع انمائية كبرى حملت معها اسم الكويت الى كل ارجاء المعمورة.. ولتصبح الكويت هذه البلد الصغير في حجمها.. الكبيرة في عطائها.
وقد استطاع سموه رحمه الله خلال الثماني والعشرين سنة الماضية ان يوثق ويزيد من العلاقة الحميمة بينه كحاكم وبين ابناء شعبه.. وذلك من خلال الرعاية الأبوية التي خص بها سموه ابناءه المواطنين بمختلف فئاتهم.. وتعدد مذاهبهم وعلى أساس المساواة الكاملة بين الجميع شيباً وشباباً.. رجالاً ونساء وأطفالاً وفي عهد سموه رحمه الله تطورت الكويت ونهضت في مختلف المجالات.. وفي جميع نواحي الحياة.. وأصبح للكويت وزن وثقل على المستوى الدولي سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي حيث عمت مشاريعها التنموية ومساعداتها الانسانية مختلف شعب العالم.. وعلى المستوى السياسي كانت الكويت ومازالت لاعباً اساسياً في الكثير من المواقف الدولية التي يكون للكويت دور فيها ورأي يؤخذ به ويعتد به.. سواء على المستوى الاقليمي او العربي أو الإسلامي او الدولي... وهو دور مشهود له تلمسه الشعوب قبل القيادات في صور إنجازات يعترف بها الجميع...
وقد كان عهد سموه رحمه الله من أكثر عهود الدولة الكويتية خصوبة وإزدهاراً.. فقد تولى سموه إقامة الأسس التي نهضت عليها هذه الدولة الحديثة التي نراها الآن.. وباختصار فقد كان سموه هو المهندس الاول لحركة الاستثمار في الداخل والخارج.. وكان المشرف على الخطة الاستثمارية التي حررت البلاد من الارتهان لمورد النفط فقط.. وهو كان المحرك الاكبر لأنشطة الرساميل الكويتية في أسواق العالم.. فكان من نتيجتها عوائد تفوق عوائد النفط.. ومما كان له عظيم الأثر على إسعاد الاجيال الحالية ودون نسيان الرعيل الأول.. ومن هذا المنطلق نشأ الاقتصاد الكويتي وترعرع في كنف سموه.. وتحت رعايته رحمه الله ليصبح من اقوى الاقتصادات على مستوى العالم لما حققه من نجاح مشهود.. انعكس بدوره على ابناء الوطن الذين وفر لهم عيشاً كريماً... وشكل بنية تحتية لبلد بدأ حياته بدون موارد..
وقد شهدت المرحلة التي توفرت فيها الفوائض المالية في عهد سموه رحمه الله نتيجة لتصدير النفط التوجه الى الاستثمارات الضخمة وطويلة المدى.. حتى تكتمل حلقات النجاح الاقتصادي الذي بدا واضحاً على ارتفاع مداخيل الأسر الكويتية حيث زيدت معاشات العاملين والمعاشات التقاعدية في الاعوام 1979، 1981، 1982، 1985، 1990، 1992 و 2001 وحتى الآن.. فما زال العمل جاريا على تعديل الرواتب وزيادتها.. وقد كانت رؤية سموه رحمه الله ان مسيرة اقتصاد الكويت الوطني ليست مصالح ذاتية ولا مكاسب آنية.. إنما هي مسيرة وطن.. باق بأرضه وبأجياله.. وواثق من غده ومستقبله.. ولذلك فمن حق هذا الوطن الذي أفاء بخيراته على المواطنين.. أن يكون هو أول المستفيدين من هذه الخيرات باستثمارها على أرضه لخير أبنائه.. فأموال الكويت هي عصب قوتها.. ولعل في توجيهها الى تبني المشاريع المحلية التي ستنتج عن انتقال بعض النشاطات والخدمات الى القطاع الخاص فرصة استثمارية نافعة للفرد والوطن...
ويعيد سموه رحمه الله الى اذهان الكويتيين... ان الكويت عاشت بالمحبة والسلام والعلاقات الطيبة مع الجميع.. ونبذت العدوان بكل أشكاله.. وهذا ما هيأ لها مكانتها الاقليمية والعربية والاسلامية والدولية.. وانه اذا حاد الكويتيون عن هذا النهج متجاوزين قدرتهم يفقدون طريقهم ويخوضون في طريق غير مأمون المسير والعافية.. لذلك دعاهم سموه رحمه الله ان تكون خياراتهم على قدر امكانياتهم وتحدياتهم على قدر حجمهم.. وحذرهم من ان تكون صيحاتهم اعلى من حناجرهم.. فالله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً الا وسعها ولا يسومها الا ما اثاها..
وقد كانت قيادة سموه للبلاد رحمه الله.. وتوجيهه للعمل السياسي فيها كان سموه رحمه الله وما زال يتصرف على أساس ان الديموقراطية اختيار كويتي كان منذ البداية وهو سبيل الكويت الدائم في مسيرتها المتنامية.. وان الديموقراطية الكويتية ليست مستعارة بل هي أصيلة ومحلية.. وكويتية الجذور والمنبت والنهج والقيمة.. انطلاقاً من ان الشورى بين الكويتيين في تسيير امور بلدهم واقع تاريخي.. وهذا المعنى وكما كان يرى سموه رحمه الله ما يعطي الديموقراطية الكويتية شخصيتها المتفردة ووصفها الحقيقي ومغزاها الاصيل.. اما عدا ذلك من التقليد للآخرين فهو لون من ألوان التبعية التي ينفر منها الكويتيون كل النفور.. فهم يحرصون دائماً على الأصالة التي هي ابرز سماتهم عبر مراحل التاريخ..
ومنذ بداية عهد سموه وحتى رحيله.. رحمه الله كان يدعو مواطنيه الى تعميق ايمانهم بالله والوطن في نفوسهم.. وهو يحثهم على سلوك سبيله على بصيره: مفاتيح للخير.. مغاليق للشر.. اخوانا بنعمة الله.. الكويت هي فخرهم.. والقرآن طريقهم.. والمحبة رابطتهم.. والعمل شرفهم.
وقد شهدت سنوات حكم سموه رحمه الله كثيراً من الصراعات والاحداث في المنطقة.. وكان شغل سموه رحمه الله الشاغل هو اهل الكويت حتى اثناء المحاولة الدنيئة التي تعرض لها سموه في محاولة لاغتياله.. شلت ايدي الجبناء.. والتي جرت في 25 مايو 1985 على يد عصابة من الجبناء وقد وجه سموه رحمه الله بعدها كلمة لشعبه قال فيها: »إن عمر جابر الاحمد مهما طال الزمن هو عمر انسان يطول او يقصر.. ولكن الابقى هو عمر الكويت.. والاهم هو بقاء الكويت.. والاعظم هو سلامة الكويت.. رحمك الله يا جابر الاحمد.
كما جاء العدوان العراقي على الكويت في الثاني من اغسطس 0991 محاولا هدم ما بنته الكويت في سنين.. ولكن هيهات.. فكما قاد سموه رحمه الله البلاد في حالة السلم.. فقد دافع عنها في حالة الحرب... وكله ايمان بأن الكويت سترجع لأهلها.. واستطاع سموه رحمه الله وبفضل من الله وحنكته وتعاون ومساعدة الاشقاء والاصدقاء تحرير الكويت من العدوان.. واستعادتها.. وبناءها من جديد.
وقد كانت لسموه رحمه الله رؤية ثاقبة صقلتها الاحداث... وانعكس ذلك علي ما يتخذه سموه رحمه الله من قرارات.. وما عرض سموه رحمه الله من افكار واقتراحات.. وقد كانت فكرة انشاء مجلس التعاون لدول الخليج االعربية والتي يضم دول الخلية الست.. فكرة كويتية خالصة نابعة من قناعة سموه رحمه الله بان العصر القادم هو عصر التكتلات والتي تعتبر ركيزة اساسية من ركائز المجتمع الدولي..
كما كان حرص سموه رحمه الله تعالى المشاركة الايجابية في مؤتمرات القمة العربية.. مساهما بما تجود به الكويت من دعم لقضايا الامة العربية وعلى رأسها قضية فلسطين وقضية السلام في الشرق الاوسط.
كما شهدد العالم الاسلامي اهتماما بالغا من سموه رحمه الله وقد استضاف سموه رحمه الله قادة دول العالم الاسلامي في الكويت في يناير 1987 حيث عقد مؤتمر القمة الاسلامي الخامس.
كما ألقى سموه رحمه الله خطابا تاريخيا امام الدورة الـ 43 للجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر 1988 باسم مليار مسلم في العالم وبصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي.. اقترح فيه مشروعا من ثلاثة بنود لتخفيف معاناة الدول النامية كوسيلة ضغط على دول الجنوب الفقيرة.
وعلى الصعيد الدولي كان سموه رحمه الله اكثر نشاطا واهتماما بهذا الجانب ضاربا المثل في التعاون مع المجتمع الدولي من خلال الجمعية العامة للامم المتحدة والتي حرص سموه رحمه الله على حضور اجتماعاتها... وقد انعكس ذلك في اختيار سموه رحمه الله شخصية العام الخيرية العالمية لعام 1995.