مقالات أعجبتني

  • بادئ الموضوع غزلان عبدالكريم
  • تاريخ البدء
إنضم
21 يونيو 2009
المشاركات
55
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
دعونا ننتقي هنا أجمل المقالات التي وجدنا فيها شيئاً من الإبداع والحس الإنساني الكبير .
 
التعديل الأخير:
إنضم
21 يونيو 2009
المشاركات
55
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
( الضيف )
مقال للكاتب السياسي الساخر : محمد الماغوط .
أروع ما في بيروت خريفها وإن كان عابرا كحريتها ، وفي بداية تشردي على أرصفتها قبل عشرين عاما وأكثر، كنت كدول المواجهة أعيش على المساعدات الخارجية حيث كان لي بالفعل أصدقاء مواجهة وأصدقاء مساندة وأصدقاء استنزاف وفي مثل هذا الفصل بالذات وبينما كنت أتسكع أو بالأحرى أحوم في فترة الغداء أمام واجهة مطعم فيصل أتأمل فراريجه وأطاييبه الغريبة كأنها بالنسبة لي لوحات سيريالية دعيت كضيف رسمي أو "احتياطي" لم أعد أذكر إلى حفلة عشاء ساهرة في "الجبل" تكريما لأحد أدباء المهجر فقبلت الدعوة على الفور وشريت عدة زجاجات من الكازوز استعدادا لها دون أن أعرف متى وأين وعلى شرف من؟
لكن واجهتني مشكلة الثياب فالبرد في لبنان كسياسته لا تعرف متى يقضي عليك وكنت في تلك الأثناء قد نشرت قصيدة عن الفقر والتشرد لاقا استحسانا عند مختلف الفئات والأحزاب والميليشيات، ولذلك جاءني بنطلون من واحد ناصري وجاكيت من واحد كتائبي وكنزة من صديق قومي عربي وربطة عنق حمراء من ناقد شيوعي ولذلك عندما ارتديتهم جميعا وتأملت نفسي في المرآة كنت أشبه ما أكون بنشيد أممي أو مؤتمر قمة متحرك .

وأخذت أول باص وانطلقت صعدا إلى مكان الحفلة وكنت في تلك المرحلة من حياتي لا أعرف ولم أسمع بشيء اسمه آداب الدخول أو الجلوس أو الانصراف، لا أعرف سوى أن أدخل وأجلس على أول كرسي أصادفه في أية حفلة أو مطعم أو حزب أدعى إليه ومتى ضجرت أو نرفزت من شيء أفتح الباب وأنصرف .
ولكن في هذه المرة كان الأمر مختلفا إذ ما أن فؤجئت بكثافة الحضور وأناقته واختلاطه حتى شعرت بالرعب : تحيات، انحناءات، خدم يذهبون ويجيئون، ضحكات هنا، ولحمسات هناك، فلم أعد أعرف كيف أتصرف وقفت في الباب وتنحنحت سعلت تنشقت فلم ينتبه لقدومي أحد فظننت أنني معروف من قبل الجميع وقد رفعوا الكلفة فيما بيني وبينهم فأخذت أول مقعد في الصالة وجلست أمسح عرقي ولكن ما أن فعلت حتى جاءت سيدة وقالت لي: تفضل إلى هنا وما كدت أجلس حيث أشارت حتى جاء خادم وقال لي: تفضل إلى هنا إلى أن انتهى بي المقام على أريكة ضيقة بين اثنين من أدباء المهجر المسنين يتحدثان عن الفتوحات العربية وأثرها في حضارة الغرب والشرق وكان أحدهما لاينفك بعد كل جملة يفتح زجاجة ويلتقم منها عددا من الحبوب والمنشطات أو يضع نقوطا في عينيه فتجاهلتهما وأخرجت ما في جيوبي من مسودات وقصائد وأخذت اصحح وأضيف وأشطب لالفت نظر المدعوين إلى أنني "أديب" فلم ينتبه إلي أحد ووقفت أتأمل مكتبة ضخمة في احدى الزوايا واتصفح مجلداتها وكدت أقرأ أحدها بالكامل دون أن يعيرني أحد انتباها فكظمت غيظي ورحت ابحث عن حلقة من المتحدثين وقوفا لأنضم إليها فانتقيت أقربها إلى المائدة وكان أفرادها يتقارعون الأنخاب وهم غارقون في الحديث والفكاهات فأقبلت عليهم وغرقت معهم في الضحك دون أن أعرف السبب. ولمن نهاية الصحكة سرعان ما انقلبت إلى سعلة فحشرجة بدأت ولم تعرف كيف تنتهي وكأن كل تاريخي المخزون في صدري من "المرجان والطاتلي سرت" قد تفجر في تلك اللحظة وطلبت من المضيفة كأس ماء فقالت لي بالانكليزي: دقيقة... وانصرفت إلى مدعويها وسألت الخادم كأس ليمون فقال لي بالافرنسي : لحظة... وراح يلبي طلب شخص آخر فتركت الجميع ورحت أبحث عن زاوية ما حتى ينتهي سعالي والتقط أنفاسي ولم أجد نفسي إلا في غرفة "الحمام" والواقع أنني لم أعرف أنه "حمام" فعلا إلا من الصنابير والمناشف المطوية هنا وهناك لقد كان هو الآخر أشبه بقاعة استقبال مصغرة وباختصار كانت الاسفنجة الموضوعة أمام العتبة أكثر اتساعا وطراوة من الفراش الذي ولدت وقضيت طفولتي عليه أما "البانيو" فلا يمكن لأي إنسان أن يراه إلا ويشتهي أن يقيم فيه هو وعائلته إلى الأبد !!
وفيما كانا أصوات الضحكات وقرع أنخاب الوداع تتناهى إلي من الداخل تلفت يمنة ويسرة وتمددت فيه بكامل ثيابي ووضعت ما أحمل من كتب ومجلات تحت رأسي ولففت ساقا على ساق ورحت أفكر: بعد قليل سينصرف المدعوون تباعا وكل جماعة تنتظرها سيارتها وسائقها أما أنا فماذا ينتظرني في الخارج ، في الداخل ، في الجبل ، في السهل ، في الوادي ؟ غير الليل والريح واصطفاق الأبواب؟
وفجأة دخلت إحدى المدعوات لتصلح من زينتها وقد فؤجئت بتمددي داخل البانيو، فنظرت إليّ باستعلاء كأنني ليفة أو صابونة وقالت: بصراحة.. تنقصك اللياقة
فقلت لها: بل ينقصني وطن !!
 

.

*عضوة شرف في منتديات كويتيات*
إنضم
30 سبتمبر 2004
المشاركات
26,298
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
37
الإقامة
الكويت
مقالته عجيبه ماشاءالله شلون تحجى عن سياسه بشكل غير مباشر ع قولتهم بطيات المقال نغزات ع السياسه ..

انا احب مقالات د. خالد القحص لانه تكون ع شكل قصص..

بدور لكم جم نموذج منهم ان شاءالله..

مشكوره..
 

pink sun

New member
إنضم
22 يناير 2009
المشاركات
126
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
يسلموووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو