
قلبي يسابقني إليك .. والطريق فراش رملٍ ناعمٍ يرسم الآثار خلفي .. ولهفة قدمي تمتصه
برداً ناعماً من سلسبيل الصباح الباكر ..!
طفت بناظري في مداك اللامتناهي .. وسرى تيار موجك المتكسر على الشاطيء إلى
مسامي المشحونة .. ليفتح لها منفذاً تتسرب منه أوجاع الماضي والحاضر ..!
وبعث في بدني رعشة حنين .. ضرب في جذور أعماقي السحيقة .. وشنّف سمع روحي
وعزف على قيثارها .. لحن السكينة المضاع في صخب الحياة !!
هنـــا ! والسادسة تعلن وجــــودها في ساعة الكون .. وجدت راحتي ..!
في المدى المترامي .. في انحناءة الأفق على البحر العريق ..
في تراوح الوهج التبري اللطيف بين ثنايا السحب .. بين احتجابٍ .. وإسفار !
هنـــا! انتحر القلق على جرف البحر الحاني ..!
هنـــا ! أحسست بالقلب الكبير يحتضنني بودٍ .. ويطبب جروحي ..!
هنـــا ! حيث لا صوت بشر يبدد نأمة السكون .. أُشرعَ لي باب الحديث مع الكون !
فكان لي مع ناعم الرمل ... حديث ..
ومع الطحالب الخضراء المترامية على أحضان الشاطيء ..حديث ..
ومع كل موجة تسرقني لبّاً وتأسرني سحراً ..حديث ..
ومع ندى الفجر الأبلج يلمسني فتنة ويتنفسني رونقاً ..حديث ..
ومع قطرات رذاذٍ ترشقني قُبلاً .. وتغمرني كُلاً .. حديث ..
ومع النسيم السابح في رئة النقاء .. حديث ..!!
أحاديث صامتة لاحصر لها .. تتبادل الحب والإنسجام .. وتختصر وجد السنين ..!
فأيّ روح أينعت في رياض هذه الأحاديث ؟!!
وأيّ أزهارٍ تفتحت ؟! ... وأيّ سلامٍ ! أورق فيها وأزهر .. ونما وأثمر ..في ساعاتٍ
نسيها الزمان .. وأغفلتها الأيام ؟؟!
إنه حديث الروح .. مع الكون !
متعةٌ ساكبةٌ في ينبوع الأعماق ..!
لاحبّ يجاريها .. ولا وجد يقاربها !
حبٌ .. بلا وجع ! ... ولا يخلّف الصّدع !
حبٌ غير مشروط .. بلا قيود .. بلا حدود .. !
حب يتآلف مع روح الكون .. وينسجم مع إيقاعه !
حب يغرق في ميلاد الحياة .. ويهتف بي : أنت مني أيتها الروح ! فلم لاتقارني
انسجامي ؟!
ألا ترين أن لحني توحد في فم الكون ؟ فلم تعزفين النشاز ؟! .
حقاً يابحــــر !!
أنا وأنت واحد في ضمير الكون ..!
فلم لاأكون مثلك .. في سلام ؟!
ولم أوصمُ حيــــاتي بالآلآم ..؟!
وأقترف الحزن .. وأمتهن اليأس ؟!
:[ آه ما أكثر الأوجاع التي صنعتنا ! وأورثتنا الندوب ! وخلّفتنا الجراح ! ]
قلتها .. وأنا أقفل عائــــدةً من البحــــر
إلى ... أوصاب البشــــــــر ..!!