نشرت «الشرق الأوسط» بصفحتها الأخيرة في عددها الصادر الخميس 15/11 أخبارا مؤلمة عن حوادث اختفاء 550 قطة من مدينة فرنسية «بما يمكن أن يدل على وجود عصابات لتهريبها إلى سويسرا للاستفادة من جلودها في الصناعة»، وبسبب ذلك تكونت جمعية سويسرية للدفاع عن القطط، ويشير ناشطو الجمعية إلى أن سبب استهداف القطط بالذات هو ما يقال عن فوائد شعرها في تخفيف آلام المفاصل. يبدو الأمر تافها إلى جانب بحور الدماء الإنسانية التي تحيطنا أينما تلفتنا، لكن ما الضرر في أن أحزن كذلك على القطط؟ أنا أحب القطط، ولدي واحد أسود هو «قمر الزمان» وعمره سبع سنوات ونصف، ومعه ابنه «مبروك» المشمشي وعمره ست سنوات، وقد سميته «مبروك» لأن ولادته كانت في ليلة النصف من شعبان وهو وحيد أمه «جميلة» التي ماتت بعد ولادته بستة أشهر، ومن هنا فأنا أعرف حجم الأسى الذي استولى على أصحاب القطط الضائعة. وقبل أن يزغدني قارئ عصبي بتعليق يذكرني بما لا يمكن أن أغفل عنه من مآسي البشر، أحب أن أنوه بالآتي: اقتناء الحيوانات الأليفة خاصة القطط، ليس كما يتصور الناس: سفاهة، و«ناس مش عارفة تودي فلوسها فين». لا يا سادة، لقد ثبت علميا أن تربية القطط من أهم وسائل علاج الاكتئاب.
أنا وأناس غيري نحتاج القط لرعايتنا. نعم، إن القط هو الذي يرعانا من حيث رعايتنا له لأنه يبعث لدينا البهجة ويستخرج منا شحنات الغضب والتوتر. إذا كنت غاضبة فأنا أشيط فيه: «كده يا ولد؟ تقلب الترابيزة وتبهدل الدنيا؟» وإذا كنت أكتب وأتململ من الكتابة أغتنم فرصة قفزه إلى ورقي لينام ويتمطى تماما فوق الورقة التي أكتب عليها والسطر الذي يجري عليه قلمي، فأشيط: «كده يا ولد يعني بلاش أشتغل؟ طيب، تعالى أضع لك قطرة في عينيك!» زعيق في القط شمال ويمين يسحب من صدري كل شحنات الغضب المسممة، والقط طبعا لا يهمه، وهو يعتقد أننا لم نخلق إلا من أجل أن نكون خدما له: ينظر بلا اكتراث، ولسان حاله: «مش عاوز دوشة... روحي غيري نشارة الخشب... ورشي الزيتون فوق الأكل لأن معدتي ماعت...»، ثم يواصل تمشيط شعره بلسانه. القط يضحكني بعد قراءة مانشيتات الصحف، ويبدد قلقي عندما يداهمني ارتباك في أوضاعي المالية، وأقول بيت الشعر الزينبي: «إن ربا كفاك بالأمس ما كان، سيكفيك في غد ما يكون».
دائما كان لدي قط. في بيتي بنيويورك كانت لدي «رشا» السيامية، وكانت تؤنس وحدتي ولا أجد معها غربة. ثم «رتيبة» بالقاهرة عام 1967 التي هربت مني لتتزوج وكانت معذورة. ثم «فردوسي» الذي انتحر بإلقاء نفسه من النافذة حزنا لفراقي بعد اعتقالي يناير 1973. وفي العراق كان لدي «مرزوق» الذي كان ينتظر عودتي عند رأس الشارع ويسبقني قفزا مثل الفرس الأصيل إلى باب البيت. وكان هناك قط طريف يمر بباب حديقة البيت في اليوم الممطر ينونو إيقاعا يشبه: «صباح الخير...الدنيا بتمطر...أنا ماشي...»، فأضحك أنا ونوارة قبل أن تصل سيارة حضانتها في الصباح الباكر. وعند عودتي إلى مصر كان لدي «خير» و«بركة». وانتحر «بركة» لفراقي بعد اعتقالي سبتمبر 1981، وهربت «خير» ثم وجدتها بعد ذلك على السلم حاملا فأدخلتها وأنجبت تحت الدولاب «دغدوغ» و«دغدغة»، وكانا في غاية القبح ماركة «بلدي صايع» حقا، ومع ذلك كانت «خير» تتصور أن العالم كله متآمر لخطف طفليها، فلا تكف عن مهاجمة كل من يقترب من الدولاب حتى صاحبة الدولاب. وكان لدي «خير إن شاء الله»، الشيرازي الأبيض، إلى أن استقر الوضع مع «قمر الزمان» و«مبروك». في تربية القطط دواء وشفاء من أمراض الغضب، وعدم الثقة، والاكتئاب، والشفقة على النفس. وكلما استمعت إلى منطق يسفه تربية القطط أرد بحيثيات طويلة، أولها: أن من وضع الشفقة في القلب نحو القطط لا يمكن أن يكون مقصرا تجاه البشر، ثم إن تربية قطة ليس بديلا عن المساعدة في تربية طفل، كذلك فإن معدل المصروف في أدوية علاج الاكتئاب أعلى بكثير من مصروف إطعام قطة ظريفة تتقافز في فرح وأنت تطعمها، ومصروف إطعام قطة أقل بكثير من مصروف إدمان السجائر، والسفه والإسراف في تخمة الأكل والمشرب، وأسلوب الحياة المترفة الأنانية لدى الكثير الذي يبخل على القطط والأطفال على حد سواء. ولولا أن في تربية القطط الخير لما أوصانا بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا أن في إطعام كل كبد رطبة صدقة. نعم نربي القطط لعلاج الاكتئاب، لكن لا وألف لا لخطفها وذبحها للاستفادة من جلودها وشعرها لعلاج المفاصل. أعوذ بالله
ثبت علميا:
أنا وأناس غيري نحتاج القط لرعايتنا. نعم، إن القط هو الذي يرعانا من حيث رعايتنا له لأنه يبعث لدينا البهجة ويستخرج منا شحنات الغضب والتوتر. إذا كنت غاضبة فأنا أشيط فيه: «كده يا ولد؟ تقلب الترابيزة وتبهدل الدنيا؟» وإذا كنت أكتب وأتململ من الكتابة أغتنم فرصة قفزه إلى ورقي لينام ويتمطى تماما فوق الورقة التي أكتب عليها والسطر الذي يجري عليه قلمي، فأشيط: «كده يا ولد يعني بلاش أشتغل؟ طيب، تعالى أضع لك قطرة في عينيك!» زعيق في القط شمال ويمين يسحب من صدري كل شحنات الغضب المسممة، والقط طبعا لا يهمه، وهو يعتقد أننا لم نخلق إلا من أجل أن نكون خدما له: ينظر بلا اكتراث، ولسان حاله: «مش عاوز دوشة... روحي غيري نشارة الخشب... ورشي الزيتون فوق الأكل لأن معدتي ماعت...»، ثم يواصل تمشيط شعره بلسانه. القط يضحكني بعد قراءة مانشيتات الصحف، ويبدد قلقي عندما يداهمني ارتباك في أوضاعي المالية، وأقول بيت الشعر الزينبي: «إن ربا كفاك بالأمس ما كان، سيكفيك في غد ما يكون».
دائما كان لدي قط. في بيتي بنيويورك كانت لدي «رشا» السيامية، وكانت تؤنس وحدتي ولا أجد معها غربة. ثم «رتيبة» بالقاهرة عام 1967 التي هربت مني لتتزوج وكانت معذورة. ثم «فردوسي» الذي انتحر بإلقاء نفسه من النافذة حزنا لفراقي بعد اعتقالي يناير 1973. وفي العراق كان لدي «مرزوق» الذي كان ينتظر عودتي عند رأس الشارع ويسبقني قفزا مثل الفرس الأصيل إلى باب البيت. وكان هناك قط طريف يمر بباب حديقة البيت في اليوم الممطر ينونو إيقاعا يشبه: «صباح الخير...الدنيا بتمطر...أنا ماشي...»، فأضحك أنا ونوارة قبل أن تصل سيارة حضانتها في الصباح الباكر. وعند عودتي إلى مصر كان لدي «خير» و«بركة». وانتحر «بركة» لفراقي بعد اعتقالي سبتمبر 1981، وهربت «خير» ثم وجدتها بعد ذلك على السلم حاملا فأدخلتها وأنجبت تحت الدولاب «دغدوغ» و«دغدغة»، وكانا في غاية القبح ماركة «بلدي صايع» حقا، ومع ذلك كانت «خير» تتصور أن العالم كله متآمر لخطف طفليها، فلا تكف عن مهاجمة كل من يقترب من الدولاب حتى صاحبة الدولاب. وكان لدي «خير إن شاء الله»، الشيرازي الأبيض، إلى أن استقر الوضع مع «قمر الزمان» و«مبروك». في تربية القطط دواء وشفاء من أمراض الغضب، وعدم الثقة، والاكتئاب، والشفقة على النفس. وكلما استمعت إلى منطق يسفه تربية القطط أرد بحيثيات طويلة، أولها: أن من وضع الشفقة في القلب نحو القطط لا يمكن أن يكون مقصرا تجاه البشر، ثم إن تربية قطة ليس بديلا عن المساعدة في تربية طفل، كذلك فإن معدل المصروف في أدوية علاج الاكتئاب أعلى بكثير من مصروف إطعام قطة ظريفة تتقافز في فرح وأنت تطعمها، ومصروف إطعام قطة أقل بكثير من مصروف إدمان السجائر، والسفه والإسراف في تخمة الأكل والمشرب، وأسلوب الحياة المترفة الأنانية لدى الكثير الذي يبخل على القطط والأطفال على حد سواء. ولولا أن في تربية القطط الخير لما أوصانا بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا أن في إطعام كل كبد رطبة صدقة. نعم نربي القطط لعلاج الاكتئاب، لكن لا وألف لا لخطفها وذبحها للاستفادة من جلودها وشعرها لعلاج المفاصل. أعوذ بالله
ثبت علميا:
- فقد اثبت علمياً ان لتلك القطط قدرة على سحب شحنات التوتر من جسد المكتئب حين توضع تلك القطة بحضن ذلك الشخص، فالقطة حين تستشعر ان هناك شحنات توتر بجسد صاحبها تبدا هي بإرسال شحنات معاكسة عن طريق اهتزاز جسدها كي تعادلها او تلغيها،
- فالعلماء يؤكدون أن لها تأثيرا إيجابيا على الأطفال في المنزل حيث تعلمهم معنى العطاء والمسئولية
