- إنضم
- 24 مارس 2023
- المشاركات
- 606
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
إضاءات حول كتاب أسلحة الدمار الشامل وحكمها في الفقه الإسلامي
الكتاب من مؤلفات خير الدين مبارك عوير وموضوعه ممثل فى حكم ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل وقد ابتدأ عوير كتابه ببيان خطورة تلك أسلحة حيث قال:
"أما بعد:فلا يخفى على إنسان التقدم الهائل الذي وصلت إليه البشرية في شتى مجالات الحياة، وكان من أعظمها خطرا مجال التسلح العسكري، وما جد فيه من أسلحة شديدة الفتك والتدمير، تذر الديار بلاقع، وتهلك الحرث والنسل، حتى اصطلح على تسميتها بأسلحة الدمار الشامل؛ لقوتها الهائلة في التدمير، والمساحة الواسعة التي يصيبها الهلاك والتخريب، وآثارها السيئة على البيئة، وكل ذي روح من إنسان وحيوان، فكانت قمنة بأن تدرس، ويبين حكمها فتعرف، وهذا البحث محاولة لإماطة اللثام عنها، والكشف عن مكنوناتها"
فى التمهيد أورد عوير خطورة الثلاثى السلاحى النووي، والكيميائي، والبيولوجي وقدراته المميتة حيث قال:
"تمهيد:
المراد بأسلحة الدمار الشامل، أسلحة لم يكن الإنسان يحلم يوما بها، ولا كان في وسعه تصورها، وإنما عرفها في القرن الأخير، بعد أن بلغ من التطور المادي والتكنولوجي مبلغا عظيما، حير الألباب والعقول، وتنوعت مجالاته وتعددت، وكان من ثمراته تصنيع أسلحة امتازت بقدرتها الهائلة على التدمير، والقتل والتخريب، إنه السلاح النووي، والكيميائي، والبيولوجي.
لقد اصطلح على تسمية هذا الثالوث المدمر بأسلحة الدمار الشامل ، وتنافست الدول لتحصيلها، باسم سياسة الردع تارة، والدفاع عن النفس تارة أخرى، حتى صار وسيلة ابتزاز للشعوب والحكومات المغلوبة على أمرها، وكل من فكر في امتلاكه ضيق عليه، وسيس بالترغيب والترهيب حتى يعدل عن طلبه، ويذعن لما يسمى الإرادة الدولية، أو القانون الدولي"
وتناول عوير ما يحدث فى بلادنا من البعد عن التسلح بتلك الأسلحة وأن الأنظمة يزعمون فقط أن لديهم بعض من تلك الأسلحة الفتاكة وفى النهاية كما فى حرب العراق ظهر أن لا أحد يملك شىء من هذا وحتى تلك الأنظمة إن امتلكت شىء منها لا تستخدم ذلك السلاح مع الأعداء وإنما تستخدمها ضد طوائف من شعوبها كالأكراد فى حلابجة من قبل صدام وضد السوريون السنة من قبل الطائفة العلوية الحاكمة وبين عوير هذا حيث قال:
"إن الناظر في حال أهل الإسلام، وما نزل بهم من الذل والصغار، حتى اقتطعت أطراف من بلادهم، واستذل فئام من شعوبهم، ليرى فيهم مصداق قول النبي -: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها) والسبب في ذلك تنكبهم لدينهم الذي فيه عزتهم، وتركهم للإعداد، وأسباب القوة التي يقارعون بها أعداءهم، فصارت بلادهم كلأ مباحا لأمم الكفر، وشعوبهم مغلوبة على أمرها، تمضي من يد سيد إلى يد سيد.
إن الأمة الإسلامية إذا كانت تتطلع إلى سعادتها، وسيادتها في الدنيا، وفوزها بجنة ربها في الأخرى، فعليها أن ترجع إلى دينها رجعة صادقة، وتأخذ بأسباب القوة الرادعة؛ لتدفع الضيم عن أبنائها، وتسترد ما فقد من حقوقها وأرضها."
وشرح عوير كون ذلك الثلاثى من الأسلحة نازلة مستحدثة يجب بيان الحكم فيها حيث قال:
"ولما كانت هذه الأسلحة حادثة، ولم تكن معروفة عند علمائنا الأولين، ولا عرفها فقهاء الأمة، تحقق فيها معنى النازلة في الاصطلاح، والتي قيل فيها: "الحادثة التي تحتاج لحكم شرعي" فكان لزاما معرفة حكمها الشرعي حتى تكون الأمة على بصيرة بها، فإن كانت حلالا وجب عليها الأخذ بها، وإن كانت حراما تجنبتها، وأخذت ببدائلها.
سبب هذه النازلة:
أولا: ما سبقت الإشارة إليه، من التطور التقني المذهل الذي تعيشه البشرية.
ثانيا: التسابق المحموم إلى التسلح، إما بقصد الدفاع، وإما بقصد التسلط والاستيلاء على ثروات الدول والشعوب.
ثالثا: حاجة الأمة الملحة لها؛ من أجل حفظ الكليات الخمس الضرورية، ... وهي: الدين والعقل والنفس والمال والعرض.
رابعا: تغير الأعراف، ففيما سبق كانت القوة الحربية في السيف والرمح، وأما الآن فإن القوة في الطائرات، والصواريخ، والغواصات وغير ذلك مما نراه في الجيوش الحديثة"
وقد ابتدأ الكاتب بتعريف تلك الأسلحة حيث قال:
"المبحث الأول: التعريف بأسلحة الدمار الشامل:
المطلب الأول: تعريفها في اللغة:
أسلحة: جمع سلاح، وهو آلة الحرب وما يقاتل به الدمار: الهلاك الشامل: مأخوذ من قولهم: شملهم الأمر إذا عمهم، فالشامل العام، ومنه ... الشملة الكساء فأسلحة الدمار الشامل هي: آلات الحرب التي تعم بإهلاكها"
قطعا تسميتها بالدمار الشامل ليس تعريفا دقيقا فلا يمكن لسلاح بشرى مهما كان أن يدمر كل شىء على الأرض وإنما أسلحة تدمير كبير فهى تقتل أعداد هائلة وتفسد الأرض
وقد تعهد الله أن يميت هؤلاء البشر الذين يظنون أنهم قادرون على هذا التدمير الذى يسمونه شامل فقال :
"إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس"
والدراسات المعلنة التى أجراها القوم على ما أسموه تجاربهم النووية لأن البعض منهم يشكك فيها ويشكك في ضرب هيروشيما ونجازاكى بها أثبتت بقاء نوع من الحياة على الأرض بعد استعمال القنابل الذرية كبقاء الصراصير وأثبت المعروف أمامنا أن مع استعمال السلاح النووى فى هيروشيما ونجازاكى فى اليابان ظهر ناجين من ذلك الدمار صحيح أن معظمهم تم تشويههم أو أصيبوا بأمراض خطيرة نتيجة الإشعاع حسب المعلن ولكنهم بقوا على قيد الحياة وقد عادت الحياة للمدينتين بعد سنوات قليلة من هدمهما
وأما السلاحين البيولوجى والكيماوى فليسا بنفس الخطورة التى يمثلها النووى لأنهما يحتاجان لظروف خاصة كى يؤتيا ثمارهما الضارة حيث أن بعض من الريح أو بعض من المطر قد يفسد خطورتهما تماما كما أن بعض من الإجراءات الاحتياطية كالحجر الصحى تمنع انتقال الأمراض البيولوجية كما أن السلاح البيولوجى قد يرتد على من ألقاه بانتقال شخص من تلك الدولة لدولة أخرى وساعتها ينتقل المرض بين عدة دول ويعود لمصدره من خلال السفر أو من خلال الجنود الذين قاموا بالعملية إن لم يكونوا قد فعلوا الاحتياطات اللازمة
والسلاح الكيماوى ليس نتيجته مؤكدة فى كل الأحوال فأى تغيير مناخى قد يفسده ومن ثم فهو غالبا ما يصيب منطقة الإلقاء فقط وأما من حولها فالإصابات تتفاوت غالبا وتكون قليلة
وتناول الباحث تعريف الخبراء العسكريين لتلك الأسلحة حيث قال:
المطلب الثاني: تعريفها في الاصطلاح العسكري:
"لقد اصطلح المعنيون بأمر التسلح، على إطلاق (أسلحة الدمار الشامل) على ثلاثة أنواع من الأسلحة، هي: السلاح النووي، والسلاح الكيميائي، والسلاح البيولوجي
أولا: الأسلحة النووية:
وتسمى بالسلاح الذري، نسبة إلى النواة والذرة، وهي قنابل شديدة الإنفجار، تعتمد على الطاقة المنطلقة من تحويل جزء من المادة، بتحطيم النواة الذرية لبعض العناصر، كاليورانيوم ويدخل في السلاح النووي القنبلة الهيدروجينية، والقنبلة النترونية، التي تسمى بـ (السلاح النظيف)؛ لأنها عند انفجارها تطلق أشعة تقتل البشر دون أن تدمر المنشآت
ثانيا: السلاح الكيميائي.
هو كل مادة تسبب ألما أو تسمما في جسم الإنسان، سواء كانت غازا كالكلور، أم سائلا كالخردل، أم جسما صلبا كالكلور استوفينون، ومن أفتك هذه المواد غاز الخردل وكذا غاز الأعصاب.
ثالثا: السلاح البيولوجي:
ويسمى أيضا بالسلاح الجرثومي، والبكتيريولوجي، نسبة للجراثيم والبيكتيريا وهو استعمال الكائنات الحية، أو سمومها لقتل الإنسان، أو إنزال الخسائر به، أو بممتلكاته، من ثروة حيوانية أو نباتية ومن الأمراض التي تسببها الطاعون، والكوليرا، وغيرهما من الأوبئة."
وتعرض الكاتب لحكم استعمال تلك الأسلحة فيما يسمونه بالقانون الدولى حيث قال:
"المبحث الثاني: حكم استعمال هذه الأسلحة:
المطلب الأول: حكم استعمالها في القانون الدولي:
لقد صدر حظر لاستعمال الأسلحة الكيميائية في مؤتمر جنيف عام 1925 م، بعد أن استعملها الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى ضد الحلفاء وأما الأسلحة النووية فقد صدرت فتوى من محكمة العدل الدولية بمشروعية التهديد بالأسلحة النووية، واستخدامها، بتاريخ 8 يوليو 1996 (حسب القانون الدولي المطبق حاليا) واستندوا في ذلك على مايلي:
1. أن القانون الدولي لا يحرم الأسلحة النووية بصراحة.
2. أن نصوص القانون الدولي الإنساني ـ قانون النزاعات المسلحة ـ لا تنطبق على هذه الأسلحة.
3. أن القرارات الدولية بخصوص هذه الأسلحة غير مجمع عليها.
4. أن من حق الدولة المعتدى عليها أن تستخدم حق البقاء؛ باسم الدفاع الشرعي عن النفس.
وهناك قول آخر يرى منع هذه الأسلحة بناء على مواد قانونية أخرى
ولذلك نرى الدول الكبرى ـ ممن تملك هذه الأسلحة ـ تسعى حثيثة؛ لتحمل الدول على التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية؛ لتقطع عليها الطريق لامتلاكها، وهي تسلك في ذلك الابتزاز والضغوط السياسية والاقتصادية بأنواعها، وربما لوحت بالتأديب العسكري"
والقانون الدولى هو قانون على الهوى وهو يستعمل دوما فى صالح الكفار والمراد بهم الكفار الأقوياء الذين يمتلكون تلك الأسلحة ويستخدمونها وهو لا يحاكم أحد منهم والغالب هو أن المنتصر هو من يحاكم المهزوم حتى ولو كان المهزوم هو المظلوم كما فى محاكمات نورمبرج حيث كان حاكم المنتصرون وهم الحلفاء بقايا القيادات الألمانية وسجنوهم وأعدموهم
وكما اختلف القانونيون فى القانون الدولى اختلف الفقهاء فى عصرنا مثلهم وقد شرح الكاتب ذلك حيث قال:
"المطلب الثاني: حكم استعمالها في الشريعة الإسلامية المطهرة:
اختلف العلماء والباحثون في حكم هذه الأسلحة على قولين:
القول الأول: أنها مباحة، بل من القوة الواجبة، التي أمر المسلمون بإعدادها لمواجهة أعدائهم، وبهذا قال أكثر من بحث هذه المسألة، ومنهم: محمد بن ناصر الجعوان في كتابه: "القتال في الإسلام ـ أحكامه وتشريعاته"، وأحمد نار في كتابه: "القتال في الإسلام"، ومحمد خير هيكل في كتابه: "الجهاد والقتال في السياسة الشرعية"، وهو مقتضى قواعد أهل العلم في هذا الباب كما ستأتي إن شاء الله نصوص كلامهم.
ومن الأصول التي بنوا عليها:
أولا: عموم قول الله تبارك وتعالى: أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون
قال الألوسي: "أي: كل ما يتقوى به في الحرب كائنا ما كان"
وقال الشيخ محمد رشيد رضا: "وقد جزم العلماء قبله ـ أي قبل الرازي ـ بعموم نص الآية"
وقال السعدي: "فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات، من المدافع والرشاشات والبنادق والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون، ويندفع بها شر أعدائهم"
ثانيا: إرهاب وردع أعداء الإسلام؛ حتى لا تسول لهم أنفسهم الاعتداء على المسلمين، وهذا مأخوذ من قوله تعالى في الآية السابقة: ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من لا تعلمونهم الله يعلمهم
قال الشيخ السعدي: "وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته، فإذا كان موجودا شيء أكثر إرهابا منها ... كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلم الصناعة وجب ذلك؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب "
والردع مبدأ سياسي تعتمده الدول في سياساتها الدفاعية، وعرفه صاحب كتاب الاستراتيجية العسكرية المعاصرة (ص 80) بقوله: "هو مصطلح شائع في عالم السياسة معناه: منع الخصم من أن يقوم بما لا يرغب الرادع أن يقوم به".
الكتاب من مؤلفات خير الدين مبارك عوير وموضوعه ممثل فى حكم ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل وقد ابتدأ عوير كتابه ببيان خطورة تلك أسلحة حيث قال:
"أما بعد:فلا يخفى على إنسان التقدم الهائل الذي وصلت إليه البشرية في شتى مجالات الحياة، وكان من أعظمها خطرا مجال التسلح العسكري، وما جد فيه من أسلحة شديدة الفتك والتدمير، تذر الديار بلاقع، وتهلك الحرث والنسل، حتى اصطلح على تسميتها بأسلحة الدمار الشامل؛ لقوتها الهائلة في التدمير، والمساحة الواسعة التي يصيبها الهلاك والتخريب، وآثارها السيئة على البيئة، وكل ذي روح من إنسان وحيوان، فكانت قمنة بأن تدرس، ويبين حكمها فتعرف، وهذا البحث محاولة لإماطة اللثام عنها، والكشف عن مكنوناتها"
فى التمهيد أورد عوير خطورة الثلاثى السلاحى النووي، والكيميائي، والبيولوجي وقدراته المميتة حيث قال:
"تمهيد:
المراد بأسلحة الدمار الشامل، أسلحة لم يكن الإنسان يحلم يوما بها، ولا كان في وسعه تصورها، وإنما عرفها في القرن الأخير، بعد أن بلغ من التطور المادي والتكنولوجي مبلغا عظيما، حير الألباب والعقول، وتنوعت مجالاته وتعددت، وكان من ثمراته تصنيع أسلحة امتازت بقدرتها الهائلة على التدمير، والقتل والتخريب، إنه السلاح النووي، والكيميائي، والبيولوجي.
لقد اصطلح على تسمية هذا الثالوث المدمر بأسلحة الدمار الشامل ، وتنافست الدول لتحصيلها، باسم سياسة الردع تارة، والدفاع عن النفس تارة أخرى، حتى صار وسيلة ابتزاز للشعوب والحكومات المغلوبة على أمرها، وكل من فكر في امتلاكه ضيق عليه، وسيس بالترغيب والترهيب حتى يعدل عن طلبه، ويذعن لما يسمى الإرادة الدولية، أو القانون الدولي"
وتناول عوير ما يحدث فى بلادنا من البعد عن التسلح بتلك الأسلحة وأن الأنظمة يزعمون فقط أن لديهم بعض من تلك الأسلحة الفتاكة وفى النهاية كما فى حرب العراق ظهر أن لا أحد يملك شىء من هذا وحتى تلك الأنظمة إن امتلكت شىء منها لا تستخدم ذلك السلاح مع الأعداء وإنما تستخدمها ضد طوائف من شعوبها كالأكراد فى حلابجة من قبل صدام وضد السوريون السنة من قبل الطائفة العلوية الحاكمة وبين عوير هذا حيث قال:
"إن الناظر في حال أهل الإسلام، وما نزل بهم من الذل والصغار، حتى اقتطعت أطراف من بلادهم، واستذل فئام من شعوبهم، ليرى فيهم مصداق قول النبي -: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها) والسبب في ذلك تنكبهم لدينهم الذي فيه عزتهم، وتركهم للإعداد، وأسباب القوة التي يقارعون بها أعداءهم، فصارت بلادهم كلأ مباحا لأمم الكفر، وشعوبهم مغلوبة على أمرها، تمضي من يد سيد إلى يد سيد.
إن الأمة الإسلامية إذا كانت تتطلع إلى سعادتها، وسيادتها في الدنيا، وفوزها بجنة ربها في الأخرى، فعليها أن ترجع إلى دينها رجعة صادقة، وتأخذ بأسباب القوة الرادعة؛ لتدفع الضيم عن أبنائها، وتسترد ما فقد من حقوقها وأرضها."
وشرح عوير كون ذلك الثلاثى من الأسلحة نازلة مستحدثة يجب بيان الحكم فيها حيث قال:
"ولما كانت هذه الأسلحة حادثة، ولم تكن معروفة عند علمائنا الأولين، ولا عرفها فقهاء الأمة، تحقق فيها معنى النازلة في الاصطلاح، والتي قيل فيها: "الحادثة التي تحتاج لحكم شرعي" فكان لزاما معرفة حكمها الشرعي حتى تكون الأمة على بصيرة بها، فإن كانت حلالا وجب عليها الأخذ بها، وإن كانت حراما تجنبتها، وأخذت ببدائلها.
سبب هذه النازلة:
أولا: ما سبقت الإشارة إليه، من التطور التقني المذهل الذي تعيشه البشرية.
ثانيا: التسابق المحموم إلى التسلح، إما بقصد الدفاع، وإما بقصد التسلط والاستيلاء على ثروات الدول والشعوب.
ثالثا: حاجة الأمة الملحة لها؛ من أجل حفظ الكليات الخمس الضرورية، ... وهي: الدين والعقل والنفس والمال والعرض.
رابعا: تغير الأعراف، ففيما سبق كانت القوة الحربية في السيف والرمح، وأما الآن فإن القوة في الطائرات، والصواريخ، والغواصات وغير ذلك مما نراه في الجيوش الحديثة"
وقد ابتدأ الكاتب بتعريف تلك الأسلحة حيث قال:
"المبحث الأول: التعريف بأسلحة الدمار الشامل:
المطلب الأول: تعريفها في اللغة:
أسلحة: جمع سلاح، وهو آلة الحرب وما يقاتل به الدمار: الهلاك الشامل: مأخوذ من قولهم: شملهم الأمر إذا عمهم، فالشامل العام، ومنه ... الشملة الكساء فأسلحة الدمار الشامل هي: آلات الحرب التي تعم بإهلاكها"
قطعا تسميتها بالدمار الشامل ليس تعريفا دقيقا فلا يمكن لسلاح بشرى مهما كان أن يدمر كل شىء على الأرض وإنما أسلحة تدمير كبير فهى تقتل أعداد هائلة وتفسد الأرض
وقد تعهد الله أن يميت هؤلاء البشر الذين يظنون أنهم قادرون على هذا التدمير الذى يسمونه شامل فقال :
"إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس"
والدراسات المعلنة التى أجراها القوم على ما أسموه تجاربهم النووية لأن البعض منهم يشكك فيها ويشكك في ضرب هيروشيما ونجازاكى بها أثبتت بقاء نوع من الحياة على الأرض بعد استعمال القنابل الذرية كبقاء الصراصير وأثبت المعروف أمامنا أن مع استعمال السلاح النووى فى هيروشيما ونجازاكى فى اليابان ظهر ناجين من ذلك الدمار صحيح أن معظمهم تم تشويههم أو أصيبوا بأمراض خطيرة نتيجة الإشعاع حسب المعلن ولكنهم بقوا على قيد الحياة وقد عادت الحياة للمدينتين بعد سنوات قليلة من هدمهما
وأما السلاحين البيولوجى والكيماوى فليسا بنفس الخطورة التى يمثلها النووى لأنهما يحتاجان لظروف خاصة كى يؤتيا ثمارهما الضارة حيث أن بعض من الريح أو بعض من المطر قد يفسد خطورتهما تماما كما أن بعض من الإجراءات الاحتياطية كالحجر الصحى تمنع انتقال الأمراض البيولوجية كما أن السلاح البيولوجى قد يرتد على من ألقاه بانتقال شخص من تلك الدولة لدولة أخرى وساعتها ينتقل المرض بين عدة دول ويعود لمصدره من خلال السفر أو من خلال الجنود الذين قاموا بالعملية إن لم يكونوا قد فعلوا الاحتياطات اللازمة
والسلاح الكيماوى ليس نتيجته مؤكدة فى كل الأحوال فأى تغيير مناخى قد يفسده ومن ثم فهو غالبا ما يصيب منطقة الإلقاء فقط وأما من حولها فالإصابات تتفاوت غالبا وتكون قليلة
وتناول الباحث تعريف الخبراء العسكريين لتلك الأسلحة حيث قال:
المطلب الثاني: تعريفها في الاصطلاح العسكري:
"لقد اصطلح المعنيون بأمر التسلح، على إطلاق (أسلحة الدمار الشامل) على ثلاثة أنواع من الأسلحة، هي: السلاح النووي، والسلاح الكيميائي، والسلاح البيولوجي
أولا: الأسلحة النووية:
وتسمى بالسلاح الذري، نسبة إلى النواة والذرة، وهي قنابل شديدة الإنفجار، تعتمد على الطاقة المنطلقة من تحويل جزء من المادة، بتحطيم النواة الذرية لبعض العناصر، كاليورانيوم ويدخل في السلاح النووي القنبلة الهيدروجينية، والقنبلة النترونية، التي تسمى بـ (السلاح النظيف)؛ لأنها عند انفجارها تطلق أشعة تقتل البشر دون أن تدمر المنشآت
ثانيا: السلاح الكيميائي.
هو كل مادة تسبب ألما أو تسمما في جسم الإنسان، سواء كانت غازا كالكلور، أم سائلا كالخردل، أم جسما صلبا كالكلور استوفينون، ومن أفتك هذه المواد غاز الخردل وكذا غاز الأعصاب.
ثالثا: السلاح البيولوجي:
ويسمى أيضا بالسلاح الجرثومي، والبكتيريولوجي، نسبة للجراثيم والبيكتيريا وهو استعمال الكائنات الحية، أو سمومها لقتل الإنسان، أو إنزال الخسائر به، أو بممتلكاته، من ثروة حيوانية أو نباتية ومن الأمراض التي تسببها الطاعون، والكوليرا، وغيرهما من الأوبئة."
وتعرض الكاتب لحكم استعمال تلك الأسلحة فيما يسمونه بالقانون الدولى حيث قال:
"المبحث الثاني: حكم استعمال هذه الأسلحة:
المطلب الأول: حكم استعمالها في القانون الدولي:
لقد صدر حظر لاستعمال الأسلحة الكيميائية في مؤتمر جنيف عام 1925 م، بعد أن استعملها الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى ضد الحلفاء وأما الأسلحة النووية فقد صدرت فتوى من محكمة العدل الدولية بمشروعية التهديد بالأسلحة النووية، واستخدامها، بتاريخ 8 يوليو 1996 (حسب القانون الدولي المطبق حاليا) واستندوا في ذلك على مايلي:
1. أن القانون الدولي لا يحرم الأسلحة النووية بصراحة.
2. أن نصوص القانون الدولي الإنساني ـ قانون النزاعات المسلحة ـ لا تنطبق على هذه الأسلحة.
3. أن القرارات الدولية بخصوص هذه الأسلحة غير مجمع عليها.
4. أن من حق الدولة المعتدى عليها أن تستخدم حق البقاء؛ باسم الدفاع الشرعي عن النفس.
وهناك قول آخر يرى منع هذه الأسلحة بناء على مواد قانونية أخرى
ولذلك نرى الدول الكبرى ـ ممن تملك هذه الأسلحة ـ تسعى حثيثة؛ لتحمل الدول على التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية؛ لتقطع عليها الطريق لامتلاكها، وهي تسلك في ذلك الابتزاز والضغوط السياسية والاقتصادية بأنواعها، وربما لوحت بالتأديب العسكري"
والقانون الدولى هو قانون على الهوى وهو يستعمل دوما فى صالح الكفار والمراد بهم الكفار الأقوياء الذين يمتلكون تلك الأسلحة ويستخدمونها وهو لا يحاكم أحد منهم والغالب هو أن المنتصر هو من يحاكم المهزوم حتى ولو كان المهزوم هو المظلوم كما فى محاكمات نورمبرج حيث كان حاكم المنتصرون وهم الحلفاء بقايا القيادات الألمانية وسجنوهم وأعدموهم
وكما اختلف القانونيون فى القانون الدولى اختلف الفقهاء فى عصرنا مثلهم وقد شرح الكاتب ذلك حيث قال:
"المطلب الثاني: حكم استعمالها في الشريعة الإسلامية المطهرة:
اختلف العلماء والباحثون في حكم هذه الأسلحة على قولين:
القول الأول: أنها مباحة، بل من القوة الواجبة، التي أمر المسلمون بإعدادها لمواجهة أعدائهم، وبهذا قال أكثر من بحث هذه المسألة، ومنهم: محمد بن ناصر الجعوان في كتابه: "القتال في الإسلام ـ أحكامه وتشريعاته"، وأحمد نار في كتابه: "القتال في الإسلام"، ومحمد خير هيكل في كتابه: "الجهاد والقتال في السياسة الشرعية"، وهو مقتضى قواعد أهل العلم في هذا الباب كما ستأتي إن شاء الله نصوص كلامهم.
ومن الأصول التي بنوا عليها:
أولا: عموم قول الله تبارك وتعالى: أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون
قال الألوسي: "أي: كل ما يتقوى به في الحرب كائنا ما كان"
وقال الشيخ محمد رشيد رضا: "وقد جزم العلماء قبله ـ أي قبل الرازي ـ بعموم نص الآية"
وقال السعدي: "فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات، من المدافع والرشاشات والبنادق والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون، ويندفع بها شر أعدائهم"
ثانيا: إرهاب وردع أعداء الإسلام؛ حتى لا تسول لهم أنفسهم الاعتداء على المسلمين، وهذا مأخوذ من قوله تعالى في الآية السابقة: ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من لا تعلمونهم الله يعلمهم
قال الشيخ السعدي: "وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته، فإذا كان موجودا شيء أكثر إرهابا منها ... كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلم الصناعة وجب ذلك؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب "
والردع مبدأ سياسي تعتمده الدول في سياساتها الدفاعية، وعرفه صاحب كتاب الاستراتيجية العسكرية المعاصرة (ص 80) بقوله: "هو مصطلح شائع في عالم السياسة معناه: منع الخصم من أن يقوم بما لا يرغب الرادع أن يقوم به".