تفسير سورة الواقعة

white ro0oz

مراقبه عامه
إنضم
24 يونيو 2015
المشاركات
28,528
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
تفسير ابن سعدي رحمه الله:
?تفسير السعدي?


سورة الواقعة من الآية [1] إلى [26] ?

✿❃•〰•✿❃✿•〰•❃✿
بسم الله الرحمن الرحيم
?( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)
يخبر تعالى بحال الواقعة التي لا بد من وقوعها، وهي القيامة التي

?( لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)
أي: لا شك فيها، لأنها قد تظاهرت عليها الأدلة العقلية والسمعية، ودلت عليها حكمته تعالى.

?( خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ (3)
أي: خافضة لأناس في أسفل سافلين، رافعة لأناس في أعلى عليين، أو خفضت بصوتها فأسمعت القريب، ورفعت فأسمعت البعيد.

?( إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4)
أي: حركت واضطربت.

?( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5)
أي: فتتت.

?( فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا (6)
فأصبحت الأرض ليس عليها جبل ولا معلم، قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.

?( وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7)

{ وَكُنْتُمْ } أيها الخلق

{ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً }
أي: انقسمتم ثلاث فرق بحسب أعمالكم الحسنة والسيئة.

?( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8)

ثم فصل أحوال الأزواج الثلاثة،
فقال: { فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ }
تعظيم لشأنهم، وتفخيم لأحوالهم.

?( وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)

{ وَأَصْحَابُ الْمَشئَمَةِ } أي: الشمال،
{ مَا أَصْحَابُ الْمَشئَمَة } تهويل لحالهم.

?( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)
أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.

?( أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)

[أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ]

?( فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)
أولئك الذين هذا وصفهم، المقربون عند الله، في جنات النعيم، في أعلى عليين، في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها.

?( ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (13)
وهؤلاء المذكورون
{ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ }
أي: جماعة كثيرون من المتقدمين من هذه الأمة وغيرهم.

?( وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (14)
وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة على متأخريها، لكون المقربين من الأولين أكثر من المتأخرين.

والمقربون هم خواص الخلق،

?( عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ (15)
أي: مرمولة بالذهب والفضة، واللؤلؤ، والجوهر، وغير ذلك من [الحلي] الزينة، التي لا يعلمها إلا الله تعالى.

?( مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)

{ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا }
أي: على تلك السرر، جلوس تمكن وطمأنينة وراحة واستقرار.
{ مُتَقَابِلِينَ } وجه كل منهم إلى وجه صاحبه، من صفاء قلوبهم، وحسن أدبهم، وتقابل قلوبهم.

?( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (17)
أي: يدور على أهل الجنة لخدمة وقضاء حوائجهم، ولدان صغار الأسنان، في غاية الحسن والبهاء،
{ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ } أي: مستور، لا يناله ما يغيره، مخلوقون للبقاء والخلد، لا يهرمون ولا يتغيرون، ولا يزيدون على أسنانهم.

?( بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ (18)
ويدورون عليهم بآنية شرابهم
{ بِأَكْوَابٍ } وهي التي لا عرى لها،
{ وَأَبَارِيقَ } الأواني التي لها عرى،
{ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ }
أي: من خمر لذيذ المشرب، لا آفة فيها.

?( لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ (19)

{ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أي: لا تصدعهم رءوسهم كما تصدع خمرة الدنيا رأس شاربها.
ولا هم عنها ينزفون، أي: لا تنزف عقولهم، ولا تذهب أحلامهم منها، كما يكون لخمر الدنيا.

والحاصل: أن جميع ما في الجنة من أنواع النعيم الموجود جنسه في الدنيا، لا يوجد في الجنة فيه آفة، كما
قال تعالى: { فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى } وذكر هنا خمر الجنة، ونفى عنها كل آفة توجد في الدنيا.

?( وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)
أي: مهما تخيروا، وراق في أعينهم، واشتهته نفوسهم، من أنواع الفواكه الشهية، والجنى اللذيذ، حصل لهم على أكمل وجه وأحسنه.

?( وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (21)
أي: من كل صنف من الطيور يشتهونه، ومن أي جنس من لحمه أرادوا، وإن شاءوا مشويا، أو طبيخا، أو غير ذلك.

?( وَحُورٌ عِينٌ (22)
أي: ولهم حور عين، والحوراء: التي في عينها كحل وملاحة، وحسن وبهاء، والعين: حسان الأعين وضخامها وحسن العين في الأنثى، من أعظم الأدلة على حسنها وجمالها.

?( كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)
أي: كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهي، المستور عن الأعين والريح والشمس، الذي يكون لونه من أحسن الألوان، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه، فكذلك الحور العين، لا عيب فيهن [بوجه]، بل هن كاملات الأوصاف، جميلات النعوت.

فكل ما تأملته منها لم تجد فيه إلا ما يسر الخاطر ويروق الناظر.