حديث يتقارب الزمان وينقص العمل

estabrag

New member
إنضم
4 أغسطس 2009
المشاركات
2,467
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
كويت
شرح أحاديث في الفتن والحوادث (الجزء الثاني) - حديث يتقارب الزمان وينقص العمل

حديث يتقارب الزمان وينقص العمل
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « يَتَقَارَبُ اَلزَّمَانُ وَيَنْقُصُ اَلْعَمَلُ، وَيُلْقَى اَلشُّحُّ وَتَظْهَرُ اَلْفِتَنُ, وَيَكْثُرُ اَلْهَرْجُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اَللَّهِ: مَا هُوَ؟ قَالَ: اَلْقَتْلُ اَلْقَتْلُ. »1 .


--------------------------------------------------------------------------------


هذا الحديث أيضا اشتمل على جملة أمور مما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- مما يكون بعده يقول: « يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويلقى الشح، ويكثر الهرج، قالوا: يا رسول الله وما الهرج؟ قال: القتل القتل. »2 هذه هي الخصال أربع تقارب الزمان هذا مشكل عند كثير من الشراح.

« يتقارب الزمان »1 مما قيل فيه: يتقارب بمعنى أنه يتسارع الزمان بسبب الغفلة غفلة الناس تسرع الأيام؛ تذهب بسرعة كما يشغل الناس الآن في هذا الوقت مع -يعني- توافر اللذات والشهوات والمتع تذهب الليالي والأيام بسرعة الآن الناس يشكون، وفي أزمان ماضية أيضا يحدث هذا فبعض الأمور التي نسميها أو يقال عنها: إنها أشراط الساعة بعضها يتكرر مثل: « وترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان »3 -يعني- تحضر البادي حدث ويحدث ويتكرر رعاء الشاة يحلون المدن ويتطور أمرهم فيتنافسون في البنيان يتطاولون؛ فبعض الأمارات تتكرر تقارب الزمان -يعني- تسارع الزمان فيصبح -يعني- السنة كأنها شهر الشهر كأنه أسبوع الأسبوع كأنه يوم؛ اليوم كأنه ساعة هذا مما لعله من أقرب ما قيل فيه.

بعض المعاصرين قال: لعل هذا كناية عن تقارب المكان بسبب وجود هذه المواصلات المكان الذي كان الناس يقطعونه المسافات التي كانت تقطع بشهر صارت تقطع بساعة لا إله إلا الله أمور عجيبة قال: « وينقص العمل »4 ينقص العمل بماذا؟ العمل بدين الله -يعني- يكثر هذا الأمر، وهذا في الجملة في جملة الناس وفي عموم الناس ينقص العمل ينقص ويكثر التقصير فيما أوجب الله وينقص العمل.

« ويلقى الشح »5 "الشح": هو شدة البخل ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾6 ﴿ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ﴾7 فالشح من طبائع النفوس، ولكن بالمجاهدة يتخلص الإنسان من طبع الشح، بالمجاهدة والاستعانة بالله مع الاستعانة بالله يتخلص من الشح الذي يؤدي إلى ارتكاب ما حرم الله من قطيعة الأرحام، وسفك الدماء، فإن الشح يفضي لأنه يحمل على طلب الإنسان ما ليس له، ومنع ما يجب من الحقوق، ويلقى الشح يلقى في الناس وبين الناس ويلقى الشح.

« وتظهر الفتنة »8 هذا شاهد لما تقدم أنها ستكون فتن، والأحاديث التي فيها الإخبار عن كثرة الفتن كثيرة، وهذا منها تظهر الفتن فتن -يعني- فتن الشهوات فتن الشبهات البدع تظهر. ظهرت فتن عظيمة وبدع، ويتفرع عنها أيضا فتن أخرى ومنها « ويكثر الهرج »8 وكثرة الهرج من الفتن فربما قلنا: إن عطف الفتن الهرج على الفتن من عطف الخاص على العام « قيل: وما الهرج؟ قال: القتل القتل. »9 يكثر القتل -يعني- يكثر القتل بغير حق بأشكال من ظلم المتسلطين من كفار ومسلمين يكثر، وكذلك المعتدين يكثر القتل بغير حق ظلما وعدوانا.

أما القتل الذي هو بحق هذا ليس من الأمور التي تذكر -يعني- هذه الأمور المذكورة كلها مذمومة، وكلها شرور قيل الهرج -يعني- ليست هذه الكلمة عربية الأصل؛ بل هي من لغة الحبشة. الهرج في لغتهم القتل في لغتهم يقال له: الهرج وهناك كلمات يقال: إنها معربة وأن أصلها يعني بعضها حبشية وبعضها فارسية دخلت وتداولها -يعني- العرب، وكأنها غير مشهورة كأنها غير مشهورة هذه الكلمة ولهذا قالوا: « ما الهرج يا رسول الله؟ »10 نعم.




1 : البخاري : الفتن (7061) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4255) , وابن ماجه : الفتن (4047) , وأحمد (2/417).
2 : البخاري : الأدب (6037) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4255) , وابن ماجه : الفتن (4047) , وأحمد (2/417).
3 : مسلم : الإيمان (8) , والترمذي : الإيمان (2610) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (4990) , وأبو داود : السنة (4695) , وابن ماجه : المقدمة (63) , وأحمد (1/27).
4 : البخاري : الفتن (7061) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4255) , وابن ماجه : الفتن (4052).
5 : البخاري : الأدب (6037) , ومسلم : العلم (157) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4255) , وابن ماجه : الفتن (4052) , وأحمد (2/233).
6 : سورة الحشر (سورة رقم: 59)؛ آية رقم:9
7 : سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:128
8 : البخاري : العلم (85) , ومسلم : العلم (157) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4255) , وابن ماجه : الفتن (4047) , وأحمد (2/457).
9 : البخاري : الجمعة (1036) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4255) , وابن ماجه : الفتن (4047) , وأحمد (2/417).
10 : البخاري : الأدب (6037) , ومسلم : العلم (157) , وأبو داود : الفتن والملاحم (4255) , وابن ماجه : الفتن (4047) , وأحمد (2/417).

 

estabrag

New member
إنضم
4 أغسطس 2009
المشاركات
2,467
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
كويت
رد : حديث يتقارب الزمان وينقص العمل

5690 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا وما الهرج قال القتل القتل

مسألة: التحليل الموضوعي

5690 حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ
مسألة: التحليل الموضوعي

5690 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا وما الهرج قال القتل القتل
الحاشية رقم: 1
حديث أبي هريرة " يتقارب الزمان " وسيأتي شرحه في كتاب الفتن وقوله فيه : " وينقص العمل " وقع في رواية الكشميهني " وينقص العلم " وهو المعروف في هذا الحديث وللآخر وجه . وقوله فيه : ويلقى الشح وهو مقصود الباب وهو أخص من البخل فإنه بخل مع حرص . واختلف في ضبط " يلقى " فالأكثر على أنه بسكون اللام أي يوضع في القلوب فيكثر ، وهو على هذا بالرفع ، وقيل : بفتح اللام وتشديد القاف أي يعطي القلوب الشح ، وهو على هذا بالنصب حكاه صاحب " المطالع " وقال الحميدي : لم تضبط الرواة هذا الحرف ، ويحتمل أن يكون " تلقى " بالتشديد أي يتلقى ويتواصى به ويدعوه إليه من قوله : " وما يلقاها إلا الصابرون " أي ما يعلمها وينبه عليها ، قال ولو قيل : يلقى مخففة لكان بعيدا لأنه لو ألقي لترك وكان مدحا والحديث مساق للذم ، ولو كان بالفاء بمعنى يوجد لم يستقم لأنه لم يزل موجودا ا ه . وقد ذكرت توجيه القاف .
 

estabrag

New member
إنضم
4 أغسطس 2009
المشاركات
2,467
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
كويت
رد : حديث يتقارب الزمان وينقص العمل

اشراط الساعة(ظهور الفتن بقبض العلم،ومواقع الفتن)
بسم الله الرحمن الرحيم


ظهور الفتن بقبض العلم: روى احمد والشيخان وابو دواد عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (يتقارب الزمان ،ويقبض العلم،ويلقى الشح،وتظهر الفتن،ويكثر الهرج ؟. قيل وما الهرج: قال : القتل (صحيح الجامع(7876)

وفى رواية للبخارى :وينقص العمل))بدل : (ويقبض العلموفى رواية وينقص العلم)،بدل يقبض.

قال الحافظ فى الفتح:يتقارب الزمان: (اى نزع البركة من كل شىء حتى من الزمان) (فتح البارى (13/16)

قال النووى (قال النووى تبعا لعياض وغيره :المراد بقصره عدم البركة فيه ،وان اليوم مثلا يصير الأنتفاع به بقدر الأنتفاع بالساعة الواحدة

سبحان الله الأ ترون ان هذا حاصل فى وقتنا هذا والحمد لله

ويمكن ان ترجع الى كتاب فتح البارى(13/17) لتتعرف رعلى راى ابن ابى حمزة هو مهم جدا من انه ذكر ان يكون لقصر معنويا وحسيا الخ

وقوله ينقص العلم : قال الحافظ: قيل المراد نقص علم كل عالم ،بأن يطرأ عليه النسيان مثلا وقيل نقص العلم بموت العلماء ،فكلما مات عالم فى بلد ولم يخلفه غيره ،نقص العلم من تلك البلد

واما نقص العمل: فيحتمل ان يكون بالنسبة لكل فرد فرد،فان العامل اذا دهمته الخطوب،ألهته عن أوراده وعبادته،ويحتمل ان يراد به ظهور الخيانة فى الأمانات والصناعات.

ثم قال الحافظ: (قال ابن ابى حمزة :نفص العمل الحسى ينشأ عن نقص الدين ضرورة
واما المعنوى : فبحسب ما يدخل من الخلل بسبب سوء المطعم وقلة المساعد على العمل والنفس ميالة الى الراحة ولكثرة شياطين الإنس الذين هم اضر من شياطين الجن.


ويلقى الشح: المراد القاؤه فى قلوب الناس على اختلاف احوالهم ،حتى يبخل العالم بعلمه فيترك التعليم والفتوى،ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره،ويبخل الغنى بماله حتى يهلك الفقير ،وليس المراد وجود اصل الشح،لأنه لم يزل موجودا

وقوله تظهر الفتن: فالمراد كثرتها ،واشتهارها ، وعدم التكاتم بها ،والمراد بها ايضا ما يؤثر فى أمر الدين والله المستعان.

روى احمد والبخارى وابن ماجه عن ابى هريرة :ان رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال: ((لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ،وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان ،وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج وهو القتل) (وهو فى صحيح الجامع(7305)


مواقع الفتن وكثرتها: روى احمد والشيخان عن اسامة :قال (اشرف النبى صلى الله عليه وسلم على اطم من آطام المدينة ،فقال:هل ترون ما أرى ؟قالوا :لا:قال:فإنى ارى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع المطر) وهو فى صحيح الجامع (6907)

قال الحافظ:شبه سقوط الفتن وكثرتها بالمدينة بسقوط المطر فى الكثرة والعموم، وهذا من علامات النبوة،لإخبار بما سيكون ، وقد ظهر مصداق ذلك من قتل عثمان رضى الله عنه ولا سيما يوم الحرة.

وفى رواية اخرى للشيخان رواها ابن عمر رضى الله عنهما: ((ألا إن الفتنة هاهنا ،من حيث يطلع قرن الشيطان) صحيح الجامع (2629).

روى الشيخان عن ابى مسعود رضى الله عنه :قال: اشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن ،فقال : (الإيمان يمان ها هنا ،الإ ان القسوة وغلظ القلوب فى الفدادين عند اصول اذناب الإبل ،حيث يطلع قرنا الشيطان فى ربيعة ومضر فى صحيح الجامع(2801)

وروى الشيخان ومالك عن ابى هريرة رضى الله عنه :ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
رأس الكفر نحو المشرق ، والفخر والخيلاء فى اهل الخيل والإبل والفدادين اهل الوبر،والسكينة فى اهل الغنم) وهو فى صحيح الجامع(3446)


وروى البخارى عن ابن عمر رضى الله عنه ((ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قالكاللهم بارك لنا فى شامنا ،اللهم بارك لنا فى يمننا )).قالوا يارسول الله !وفى نجدنا .قال اللهم بارك لنا فى شامنا وفى يمننا.قالوا يا رسول الله فى نجدنا. فأظنه قال فى الثالثة: ((هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان )) . وهو فى مشكاة المصابيح (6262)

ومن هذه الحاديث تبدو ملاحظات لا بد من ذكرها:
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم انه راى مواقع الفتن فى المدينة
وهذه الأحاديث من قبل المشرق قال الحافظ فى الفتح:

(اختصت المدينة بذلك لأن عثمان بن عفان رضى الله عنه مان بها ثم انتشرت الفتن بعد ذلك،فالقتال بالجمل ومعركة صفين كانت بسبب قتل عثمان رضى الله عنه ،والقتال بالنهروان كان بسبب التحكيم فى صفين ، ثم ان قتل عثمان كان اشد أسبابه الطن على أمرائه ثم عليه بتوليته لهم،وأول ما نشا ذلك كان فى العراق وهى جهة المشرق
فلا منافاة فى الحديث.(فتح البارى13/13)

-أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بوقوع الفتن خلال البيوت ،ليتأهبوا لها ،فلا يخوضوا فيها،ويسالوا الله الصبر والنجاة من شرها (فتح البارى13/13)

-ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم نجدا بانها ارض الزلازل والفتن ، وليس المقصود بها نجد التى فى الجزيزة العرب ،وانما العراق ويؤيد ذلك ما اخرجه حديث ابن عمر (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبى نعيم (6/133).

يقول الألبانى :ان ما تنبا به عليه السلام ، فإن مثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق كالقتال بين معاوية وعلى ابن ابى طالب رضى الله عنه ،وبين الخوارج وعلى وبين عائشة وعلى ، .

مفهموم قرن الشيطان: :قال الحافظ:قال الدوودى: للشمس قرن حقيقة ويحتمل ان يريد بالقرن قوة الشيطان وما يستعين به على الإضلال،وها أوجه.وقيل : ان الشيطان يقرن راسه بالشمس عند طلوعها ،ليقع سجود عبدتها له .قيل :ويحتمل ان يكون للشمس شيطان تطلع الشمس بين قرنيه(صحيح الجامع (2811)وحديث(3669)

وسوف نتحدث المرة القادمة عن بيع الدين بعرض قليل من الدنيا وعن فهم الصحابة والتابعين لااعتزال فى الفتن وكف اللسان.


سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك واتوب اليك


http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=11054
 
التعديل الأخير:

estabrag

New member
إنضم
4 أغسطس 2009
المشاركات
2,467
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
كويت
رد : حديث يتقارب الزمان وينقص العمل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
أما بعد
قال تعالى :
(الـم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ )
هذا مبحث في مسألة الفتن والعزلة والخلطة أسأل الله أن يعصمنا من الفتن ,فقد كثرت الفتن في هذا الزمان وأصبح الحليم حيران في أمور كثيرة تعرض له فمن فتن الشبهات التي انتشرت وبكثرة في الآونة الأخيرة إلى فتن الشهوات التي زخت بها اغلب المواقع والفضائيات والصحف والمجلات ,ومن أمثلة فتن الشهوات عروض الأزياء والرقص والغناء وحفلات مايسمى بالجنس الثالث وتغيير الجنس واللباس المنتشر بين الشباب الذي يخرج نصف الإلية نسأل الله السلامة والعافية , فكل سنة يأتينا شيء جديد نستغربه ونتعجب منه وهذا مصداق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لايأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه
عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ ‏"‏ اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ‏"‏‏.‏ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم‏.‏رواه البخاري
ومن الفتن الافتتان بالنساء ومدى انتشار البرامج الفضائية التي ترتكز على المرأة بل وتركز عليها ,أيضا من الفتن المنتشرة فتنة المال وكلنا يعرف أحوال الأسهم والمساهمين فكثير منهم يكتتب رغم انه يعلم أن الشركة التي يكتتب فيها شركة ربوية ,ومنها كثرة القتل حتى بين الابن وأبيه والابن وأمه والأقارب ناهيك عن القتل الذي يحصل للمسلمين اليوم في كل بقاع الدنيا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ‏"‏‏.‏ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ‏.‏ قَالَ ‏"‏ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ‏"‏‏.‏ رواه البخاريومن الفتن فتن الشبهات كانتشار البدع وظهور الخرافات وانتشار السحروالمشعوذين , ومنها الطواف على القبور والتمسح بها
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ‏"‏‏.‏رواه البخاري ومنها كثرة المفتين والقراء سواء على القنوات أو على الشريط المكتوب أسفل الشاشات فقد قرأت لفتاه تشتكي بعض الأعراض فرد احدهم أن بها سحر وبعد فترة من الزمن إذا الفتاة ترد وتوبخ ذلك الشخص قائلة أنها عرضت نفسها على قراء وليس بها شيء وذهبت للمستشفى فاكتشفت أن الذي بها اضطرابات في القناة الهضمية !!,ومن فتن الشبهات من يجعل شرع الله عرضة للاستفتاء من يؤيد ومن يعارض !! حتى وان كانت المسألة محسومة بأحاديث من البخاري ومسلم وقد تلقت الأمة الكتابين بالقبول لأنهما تجاوزا القنطرة , كذلك من الفتن في الدين غرائب الفتوى فمن مجيز إرضاع المرأة زميلها في العمل لمنع الخلوة المحرمة بينهما إلى من يفتي بجواز التدخين في نهار رمضان, إلى ممثلة تقرأ الرقية الشرعية من كتاب الله على مخرج نصراني .
إنها فتن متتابعة في كل مكان وزمان وقد ألف أهل العلم مؤلفات في الفتن والحوادث حري بك أخي القارئ العودة إليها والاستفادة مما فيها لمعرفة كيفية الخروج من هذه الفتن عبر المنهج الرباني .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ ‏"‏‏.
قال الشيخ عبدالكريم الخضير :هذا في أوقات الفتن المدلهمة التي لايستطيع الإنسان فيها أن يخرج سالما ولهذا أجازوا تمني الموت في زمن الفتن ,جاء النهي عن تمني الموت (لايتمنى أحدكم الموت لضر نزل به ),لكن جاء انه في آخر الزمان يأتي الرجل إلى صاحب القبر يقول ياليتني مكانك لماذا لأن الضرر محقق بالبقاء فالموت وزوال الدنيا أسهل بكثير من أن يعرض الدين للخطرفإذا وصل الحد إلى هذا الأمر جاز للإنسان أن يتمنى الموت. أ .هـ
فماهو الحل للخروج من هذه الفتن
لاشك أن الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو المخرج من هذه الفتن
ولكن ماذا عن الناس
ماذا يفعلون بعد الاعتصام بالكتاب والسنة
هل يبقون على الخلطة أم لابد من العزلة
أيهما أفضل الخلطة أم العزلة

جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ ‏"‏‏.‏إذا وجدت الفتن وتلاطمت وعجز الإنسان عن حماية نفسه وخشي على نفسه أن يتأثر وهو ليس بمؤثر في غيره ينطبق عليه هذا الحديث وهذا الحديث في الفتن التي لايدرى وجه الصواب فيها
قال الشيخ عبدالكريم الخضير أطال الله بقاءه على الطاعة ونفعنا بعلمه : فالشخص المؤثر في غيره لاشك أن الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم وبذل الجهد في نفعهم هذا هو المتعين .
العزلة والخلطة يبحثها أهل العلم ابوسليمان الخطابي له كتاب من انفع الكتب في فضل العزلة
وهناك عزلة كلية وعزلة جزئية
فشخص يصلي الجمع والجماعة ويحضر المناسبات لكنه لايكثر الخلطة مع الناس لان كثرة الخلطة في الناس لاشك أن أثرها على القلب ظاهر وهذا يختلف باختلاف الناس ,في الجملة إن كثرة الخلطة مع الناس لابد أن يكون لها اثر على القلب ,فالعزلة فيها نفع عظيم لاسيما في الفتن التي لايستطاع دفعها ولا رفعها ويخشى من تأثر الإنسان بها فإذا كان الإنسان من النوع المؤثر هذا لايجوز له أن يعتزل الناس بل لابد أن يخالط الناس ويؤثر فيهم وأما إذا كان يتأثر ولا يؤثر فمع وجود هذه المنكرات وغيرها عليه أن يعتزل ,وقد قال شراح البخاري وغيره "المتعين في هذه الأزمان العزلة لعدم خلو المحافل من المنكرات "يقولون هذا قبل الانفتاح وقبل الدشوش وقبل اختلاط المسلمين بغيرهم وقبل العادات الوافدة من الكفار ,شراح بعضهم في القرن الثامن وبعضهم في القرن التاسع أي قبل 600 سنه و500 سنة .أ.هـ
وإليك أخي الكريم شيء مماذكره الخطابي في كتابه العزلة :
قال أبو سليمان وأنشدت هذا البيت:
هذا الزمان الذي كنا نحذره
في قول كعب وفي قول ابن مسعود
إن دام هذا ولم يحدث له غير
لم يبك ميت ولم يفرح بمولود

قال أبو سليمان حدثنا إبراهيم بن فراس حدثنا احمد بن علي بن سهل قال حدثنا العباس بن الحسين قال أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تتمثل بهذين البيتين:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم
وبقيت في خلف كجلد الأجرب
يتحدثون مخــانة ومـــــلاذة
ويعاب قائلهم وإن لم يشغب
قال أبو معاوية قالت عائشة رضي اله عنها: ويح لبيد لو أدرك هذا الزمان .
قال عروة وكيف لو عاشت عائشة رضي الله عنها إلى هذا الزمان؟
قال هشام : فكيف لو بقي عروة إلى هذا الزمان؟
وقال أبو معاوية : فكيف لو بقى هشام إلى هذا الزمان؟
وقال العباس بن الحسين نحو ذلك .وقال احمد بن علي : وقال ابن فراس مثله .

أخبرنا أبو سليمان قال : أخبرني محمد بن سعدوية قال : حدثنا ابن الجنيد قال : حدثنا قتيبة قال : حدثنا أبو سعد الأعمى قال : حدثنا عافية القاضي ، عن ابن أبي ليلى : قال : « سيأتي على الناس زمان يقال له زمان الذئاب فمن لم يكن في ذلك الزمان كلبا أكلوه » قال أبو سليمان قال قتيبة : هو هذا الزمان

وختم كلامه عن العزلة رحمه الله بهذه الرائعة :
قد انتهى منا الكلام في أمر العزلة إلى حيث شرطنا أن نبلغه وأوردنا فيها من الأخبار ما خفنا أن نكون قد حسنا معه الجفاء من حيث أردنا الاحتراز منه ، وليس إلى هذا أجرينا ولا إياه أردنا فإن الإغراق في كل شيء مذموم وخير الأمور أوسطها والحسنة بين السيئتين ، وقد عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإغراق في عبادة الخالق عز وعلا والحمل على النفس منها ما يؤودها ويكلها ويدها ، فما ظنك بما دونها من باب التخلق والتكلف

ومع ذلك لابد للإنسان من مخالطة الناس فقد ذكر الخطابي
عن وهيب بن الورد قال : « قلت لوهب بن منبه : إني أريد أن أعتزل الناس ، فقال لي : لا بد لك من الناس وللناس منك ؛ لك إليهم حوائج ، ولهم إليك حوائج ، ولكن كن فيهم أصم سميعا أعمى بصيرا سكوتا نطوقا »
أخبرنا بشر بن رافع قال : أخبرني شيخ من أهل صنعاء يقال له أبو عبد الله قال : سمعت وهب بن منبه ، يقول : إني وجدت في حكمة آل داوود : « حق على العالم أن لا يشغل عن أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحسب فيها نفسه ، وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يصدقونه عيوبه وينصحونه في نفسه ، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها مما يحل ويجمل . فإن هذه الساعة عون لهذه الساعات ، واستجمام للقلوب ، وفضل ، وبلغة ، وعلى العاقل أن يكون عارفا بزمانه ، ممسكا بلسانه ، مقبلا على شأنه »


نسأل الله أن يعصمنا من الفتن ماظهر منها ومابطن
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 
التعديل الأخير:

ام دليار

New member
إنضم
5 نوفمبر 2010
المشاركات
10,640
مستوى التفاعل
7
النقاط
0
رد : حديث يتقارب الزمان وينقص العمل

جزاج الله خير
 

estabrag

New member
إنضم
4 أغسطس 2009
المشاركات
2,467
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
كويت
رد : حديث يتقارب الزمان وينقص العمل

بارك الله بك