نافلة من نوافل العبادات الجليلة .. بها تكفر السيئات مهما عظمت , وبها تقضى الحاجات مهما تعثرت .. وبها يُستجاب الدعاء.. ويزول المرض والداء.. وترفع الدرجات في دارالجزاء.. نافلة لا يلازمها إلا الصالحون ، فهي دأبهم وشعارهم وهي ملاذهم وشغلهم.. تلك النافلة هي : قيام الليل قال صلى الله عليه وسلم : " عليكم بقيام الليل ، فإنَّه تكفير للخطايا والذنوب، ودأب الصالحين قبلكم ، ومطردة للداء عن الجسد ". ( رواه الترمذي والحاكم ).
من ثمراته : دعوة تُستجاب .. وذنب يُغفر .. ومسألة تُقضى.. وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن .. وتحصيل للسكينة .. ونيل الطمأنينة .. واكتساب الحسنات .. ورفعة الدرجات.. والظفر بالنضارة والحلاوة والمهابة.. وطرد الأدواء من الجسد ! - فمن منَّا مستغي عن مغفرة الله وفضله ؟! - من منَّا لا تضطره الحاجة ؟! فيا ذات الحاجة ها هو الله جلَّ وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة .. يقترب منا.. ويعرض علينا رحمته واستجابته .. وعطفه ومودته .. وينادينا نداء حنوناً مشفقاً : هل من مكروب فيفرج عنه .. فأين نحن من هذا العرض الــسخــي ! قم أيها المكروب.. في ثلث الليل الأخير.. وقل : لبيك وسعديك .. أنا يا مولاي المكروب وفرجك دوائي.. وأنا المهموم وكشفك ماأريد.. وأنا الفقير وعطاؤك غنائي..
وأنا الموجوع وشفاؤك رجائي.. قم .. وأحسن الوضوء.. ثم أقم ركعات خاشعة .. أظهر فيها لله ذلَّكِ واستكانتكِ له.. وأطلعه على نية الخير والرجاء في قلبك.. فلا تدع في سويدائه شوب إصرار.. ولا تبيت فيه سوء نية .. ثم تضرَّع وابتهل إلى ربكِ , شاكي إليه كربك.. راجي منه الفرج.. وتيقَّن أنكِ موعود بالاستجابة.. فلا تعجل ولا تَدَع الإنابة .. فإنَّ الله قد وعدك إن دعوته أجابك ، فقال سبحانه : ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ )ثم وعدك أنَّه أقرب إليكِ في الثلث الأخير، فتمَّ ذلك وعدان ، والله جلَّ وعلا لا يخلف الميعادأتهزأ بالدعــــاء وتزدريه , ولا تدري ما صنع الدعاء ..
سهام الليل لا تخطيء ولكن ! لها أمد وللأمـد انقضاء "
قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل ، وقال ابن كثير في تفسيره : ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ). وقال عبد الحق الأشبيلي : ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش، فلا تستقر عليها ، ولا تثبت فيها لخوف الوعيد، ورجاء الموعود )
- الجميع يعلم فضل قيام الليل " خاصه بأن الرب سبحانه يقول بأن الوقت هذا وقت إجابه .. ينزل سبحانه وتعالى وبحول منه يقبل مناجاة عبده وتضرعهَ و دُعائه ! الكثير منَّا للأسف الشديد يتهاون فيها مع أن قدرها كبيرليست بالشيء العسير هيَ .. فقد تحتاج منا لـ إرادة وعزيمةَ والإستعاذه من الشيطان الرجيمَ "
قم وصلِّ تهجدك .. وأطلب ماتشاء _ أحآديث وسنن وحيآة سلف كلهآ تحث على القيام ,,
- من الأحآديث .. حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن الجسد )رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر : ( نعم الرجل عبد الله ، لو كان يصلي من الليل )[ متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً .. _ ولِـ محمد صلى الله عليه وسلم قيام قيام النبي صلى الله عليه وسلم " أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ " قمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً " نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً " أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) [المزمل: 1-4]. وقال سبحانه : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً ) [الإسراء: 79].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه . فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ [متفق عليه]
وليس فقط صحابته من اقتدى به فـالسلف الصالح ايضا .. قال الحسن البصري : ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل ). وقال أبو عثمان النهدي: ( تضيّفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا ) وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى ، ثم يقول : اللهم إن جهنم لا تدعني أنام ، فيقوم إلى مصلاه
-> إذا كان للسلف الصالح ان يقتدوا بسيد البشريه لأنهم يعلموا بعظم وفضل هذا الأمر فالقيام حكمه : "سنه مؤكده " لذا يجب على الجميع عدم التفريط فيها .. _
- في الختام .. لايسعني إلا أن أذكر بضع توصيات تعينكم بإذن الله على القيام
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل: فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور : الأول : ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب ، فيغلبه النوم ، ويثقل عليه القيام ! الثاني : ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه . الثالث : ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام . الرابع : ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل . وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور : الأول : سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا. الثاني : خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل . الثالث : أن يعرف فضل قيام الليل . الرابع " وهو أشرف البواعث ": الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه .
ربي أعنا على القيام فهو بركه وخير وفير .. ورزق منك سبحانك .. نصيب بالدنيا ونصيب في الأخره , لـِ نتكاتف على القيام وندعوا به ونحث عليه
زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث رضى الله عنها
آخر أمهات المؤمنين - رضي الله عنها
اسمها ونسبها:
هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن جبير بن الهزم بن روبية بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية. فأما أمها كانت تدعى هند بنت عوف بن زهير بن الحرث، وأخواتها: أم الفضل (لبابة الكبرى) زوج العباس رضي الله عنهما، و لبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة المخزومي وأم خالد بن الوليد، وعصماء بني الحارث زوج أُبي بن الخلف، وغرة بنت الحرث زوج زياد بن عبدالله بن مالك الهلالي .. وهؤلاء هن أخواتها من أمها وأبيها. أما أخواتها لأمها فهن: أسماء بنت عميس زوج جعفر رضي الله عنه، ثم مات فخلف عليها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم مات فخلف عليها علي كرم الله وجه. وسلمى بنت عميس زوج حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، ثم ملت فخلف عليها شداد بن أسامة بن الهاد. وسلامة بنت عميس زوج عبدالله بن كعب بن عنبة الخثعمي.
ولهذا عُرفت أمها هند بنت عوف بأكرم عجوز في الأرض أصهاراً، فأصهارها: أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصديق، وعميه حمزة والعباس ابنا عبدالمطلب، وجعفر وعلي أبناء عمه أبي طالب، وشداد بن الهاد رضي الله عنهم أجمعين. وتلك فضائل حسان، فهل فوق ذلك من أسمى وأفخر من هذا النسب الأصيل والمقام الرفيع...؟؟!!
أزواجها قبل الرسول صلى الله عليه وسلم:
كان زواجها رضي الله عنها أولاً بمسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام، ففارقها وتزوجها أبو رهم بن عبدالعزى. فتوفي عنها وهي في ريعان الشباب. ثم ملأ نور الإيمان قلبها، وأضاء جوانب نفسها حتى شهد الله تعالى لها بالإيمان، وكيف لا وهي كانت من السابقين في سجل الإيمان. فحظيت بشرف الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة 7 للهجرة.
همس القلوب وحديث النفس:
وفي السنة السابعة للهجرة النبوية، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة معتمرين، وطاف الحبيب المصطفى بالبيت العتيق بيت الله الحرام. وكانت ميمونة بمكة أيضاً ورأت رسول الله وهو يعتمر فملأت ناظريها به حتى استحوذت عليها فكرة أن تنال شرف الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تصبح أماً للمؤمنين، وما الذي يمنعها من تحقيق حلم لطالما راودتها في اليقظة والمنام وهي التي كانت من السابقين في سجل الإيمان وقائمة المؤمنين؟ وفي تلك اللحظات التي خالجت نفسها همسات قلبها المفعم بالإيمان، أفضت ميمونة بأمنيتها إلى أختها أم الفضل، وحدثتها عن حبها وأمنيتها في أن تكون زوجاً للرسول الله صلى الله عليه وسلم وأماً للمؤمنين، وأما أم الفضل فلم تكتم الأمر عن زوجها العباس فأفضت إليه بأمنية أختها ميمونة، ويبدو أن العباس أيضاً لم يكتم الأمر عن ابن أخيه فأفضى إليه بأمنية ميمونة بنت الحارث. فبعث رسول الله ابن عمه جعفر بن أبي طالب ليخطبها له، وما أن خرج جعفر رضي الله عنه من عندها، حتى ركبت بعيرها وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أن وقعت عيناها عليه صلى الله عليه وسلم حتى قالت: 'البعير وما عليه لله ورسوله'.
ميمــونة في القرآن الكريـم:
وهكذا وهبت ميمونة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وفيها نزل قوله تعالى: (( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)).
لقد جعلت ميمونة أمرها إلى العباس بن عبد المطلب فزوجها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أيضاً أن العباس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: 'إن ميمونة بنت الحارث قد تأيمت من أبي رهم بن عبدالعزى،هل لك أن تتزوجها؟' ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ميمونة والزواج الميمون:
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة ثلاثة أيام، فلما أصبح اليوم الرابع، أتى إليه صلى الله عليه وسلم نفر من كفار قريش ومعهم حويطب بن عبدالعزى - الذي أسلم فيما بعد- فأمروا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرج بعد أن انقضى الأجل وأتم عمرة القضاء والتي كانت عن عمرة الحديبية. فقال صلى الله عليه وسلم: 'وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم، فصنعت لكم طعاماً فحضرتموه'. فقالوا: 'لا حاجة لنا بطعامك، فأخرج عنا'.فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف مولاه أن يحمل ميمونة إليه حين يمسي. فلحقت به ميمونة إلى سَرِف، وفي ذلك الموضع بنى الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه البقعة المباركة، ويومئذ سماها الرسول صلى الله عليه وسلم ميمونة بعد أن كان اسمها برة. فعقد عليها بسرف بعد تحلله من عمرته لما روي عنها: 'تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف'.
ميمونة والرحلة المباركة إلى المدينة المنورة:
ودخلت ميمونة رضي الله عنها البيت النبوي وهي لم تتجاوز بعد السادسة والعشرين. وإنه لشرف لا يضاهيه شرف لميمونة، فقد أحست بالغبطة تغمرها والفرحة تعمها، عندما أضحت في عداد أمهات المؤمنين الطاهرات رضي الله عنهن جميعاً. وعند وصولها إلى المدينة استقبلتها نسوة دار الهجرة بالترحيب والتهاني والتبريكات، وأكرمنها خير إكرام، إكراماً للرسول صلى الله عليه وسلم وطلباً لمرضاة الله عز وجل.
ودخلت أم المؤمنين الحجرة التي أعد لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لتكون بيتاً لها أسوة بباقي أمها المؤمنين ونساء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا بقيت ميمونة تحظى بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتفقه بكتاب الله وتستمع الأحاديث النبوية من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتهتدي بما يقوله، فكانت تكثر من الصلاة في المسجد النبوي لأنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: 'صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلى المسجد الحرام'.
وظلت ميمونة في البيت النبوي وظلت مكانتها رفيعة عند رسول الله حتى إذا اشتد به المرض عليه الصلاة والسلام نزل في بيتها.. ثم استأذنتها عائشة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لينتقل إلى بيتها ليمرض حيث أحب في بيت عائشة.
حفظها للأحاديث النبوية:
وبعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، عاشت ميمونة رضي الله عنها حياتها بعد النبي صلى الله عليه وسلم في نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة والتابعين؛ لأنها كانت ممن وعين الحديث الشريف وتلقينه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنها شديدة التمسك بالهدي النبوي والخصال المحمدية، ومنها حفظ الحديث النبوي الشريف وروايته ونقله إلى كبار الصحابة والتابعين وأئمة العلماء. و كانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها من المكثرات لرواية الحديث النبوي الشريف والحافظات له، حيث أنها روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستاً وسبعين حديثاً.
ميمونة وشهادة الإيمان والتقوى:
وعكفت أم المؤمنين على العبادة والصلاة في البيت النبوي وراحت تهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم - وتقتبس من أخلاقه الحسنة، وكانت حريصة أشد الحرص على تطبيق حدود الله، ولا يثنيها عن ذلك شيء من رحمة أو شفقة أو صلة قرابة، فيحكى أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها، فوجدت منه ريح شراب، فقالت: 'لئن لم تخرج إلى المسلمين، فيجلدونك، لا تدخل علي أبدا'. وهذا الموقف خير دليل على تمسك ميمونة رضي الله عنها بأوامر الله عز وجل وتطبيق السنة المطهرة فلا يمكن أن تحابي قرابتها في تعطيل حد من حدود الله. وقد زكى الرسول صلى الله عليه وسلم إيمان ميمونة رضي الله عنها وشهد لها ولأخوتها بالإيمان لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: 'قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأخوات المؤمنات: ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم الفضل، وسلمى امرأة حمزة، وأسماء بنت عميس أختهن لأمهن' رضي الله عنهم جميعاً.
الأيام الأخيرة والذكريات العزيزة:
كانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، قد عاشت الخلافة الراشدة وهي عزيزة كريمة تحظى باحترام الخلفاء والعلماء، وامتدت بها الحياة إلى خلافة معاوية رضي الله عنه. وقيل: إنها توفيت سنة إحدى وخمسين بسرف ولها ثمانون سنة، ودفنت في موضع قبتها الذي كان فيه عرسها رضي الله عنها، وهكذا جعل الله عز وجل المكان الذي تزوجت به ميمونة هو مثواها الأخير. قال يزيد بن الأصم: 'دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم'.
وتلك هي أمنا وأم المؤمنين أجمعين ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، آخر حبات العقد الفريد، العقد النبوي الطاهر المطهر، وإحدى أمهات المؤمنين اللواتي ينضوين تحت قول الله تعالى (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )).
وصدق الله العظيم.
فضائل وأسباب شهرة ميمونة:
وكانت لأم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها شهرة شهد لها التاريخ بعظمتها، ومن أسباب شهرتها نذكر:
إن أم ميمونة هند بنت عوف كانت تعرف بأنها أكرم عجوز في الأرض أصهاراً - كما ذكرت سابقاً- فأصهارها: أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصديق، وعميه حمزة والعباس ابنا عبدالمطلب، وجعفر وعلي أبناء عمه أبي طالب، وشداد بن الهاد رضي الله عنهم أجمعين.
ومن أسباب عظمتها كذلك شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لها ولأخواتها بالإيمان، لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: 'قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأخوات المؤمنات: ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم الفضل زوج العباس، وسلمى امرأة حمزة، وأسماء بنت عميس أختهن لأمهن' رضي الله عنهن جميعاً.
ومنه تكريم الله عز وجل لها عندما نزل القرآن يحكي قصتها وكيف أنها وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في قول الله تعالى: (( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين )).
ومن ذلك أنها كانت آخر من تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبها ختمت أمها المؤمنين، وكانت نعم الختام . وقد كانت تقيه تصل الرحم لشهادة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لها عندما قالت: ' إنها والله كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم'.
ومما يذكر لميمونة رضي الله عنها أنها كانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها من الحافظات المكثرات لرواية الحديث النبوي الشريف، ولم يسبقها في ذلك سوى أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.