دوناتا قزي... بولنديّة عاشت النفي السيبيريّ

إنضم
16 يوليو 2010
المشاركات
4,416
مستوى التفاعل
3
النقاط
0









لا يعلم كثيرون أن لبنان استقبل جالية بولندية قبل سبعين عاماً، نتيجة للنفي الذي مارسه الاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية. قد تكون دوناتا كافكا قزي الشخص الوحيد الباقي حياً من تلك الجالية. تروي، بمساعدة ابنها ويومياتها، تفاصيل تلك الأيام


لم تكن دوناتا كافكا قد تجاوزت عامها السادس عشر حين تقاسمت ألمانيا النازية والاتحاد السوفياتي السيطرة على بولندا عام 1939. وحين بدأ ستالين تطبيق مبادئ الشيوعية على قسمه من هذا البلد الأوروبي دهمت فرقه العسكرية بيوت الملّاكين والطبقتين المتوسطة والبورجوازية (عام 1941)، مُعدمةً الرجال ونافيةً سائر أفراد العائلة إلى معتقل سيبيريا الكبير. أُمهلت دوناتا وعائلتها عشر دقائق لحزم الأمتعة وحمل ما تيسّر، فيما اقتيد الوالد إلى مكان مجهول على أن يوافيهم إلى محطة القطار. سمعوا في ما بعد أنه دُفن حيّاً في الثلج وتُرك ليموت مع آلاف غيره. وثّقت دوناتا هذه التفاصيل ودوّنتها على قصاصات من الصحف، لعدم توافر الأوراق حينها.
تكتب عن رحلة الأشهر الستة في قطار مزدحم بالآلاف، حيث الجميع يتضوّرون جوعاً وينامون وقوفاً ويتبرّزون في المكان نفسه. سنتان في المقاطعة الباردة سيبيريا، التي حوّل إليها الاتحاد السوفياتي مئات الآلاف من المعتقلين عبر التاريخ.

بعد إصابتها بمرض فقدان الذاكرة في عامها السادس والثمانين، تعود قسوة تلك الأيام من خلال ردّات فعل لا واعية. ولدى زيارتها في غزير بدت ممتلئة بالحيوية. سألناها ماذا تعرف عن سيبيريا، قالت: «تحت الأرض»، وأعقبتها بـ«أسمع أنّها مكان شديد الصقيع». ثم أجهشت بالبكاء وأحست بالضيق.
أخذ ماريو، ابن دوناتا، عنها الكلام، عازياً هذه الحالة إلى ذعر والدته من وجود عدد كبير من الأشخاص في غرفة واحدة.... «سيبيريا، السجن تحت الأرض، غرفة ضيقة وأشخاص كثيرون».
سنتان قضتهما دوناتا وهي تهتم بإخوتها ووالدتها في الجبال السيبيرية، إلى أن حصلت تسوية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قضت بترحيل جميع البولنديين إلى بريطانيا مقابل تزويد الأخير بالسلاح. هكذا تقرّر ترحيل من بقي حياً من البولنديين في سيبيريا (نحو 23 في المئة من المنفيين) إلى إيران، ثم إلى لبنان تمهيداً لنقلهم إلى بريطانيا.
في طهران، أكملت دوناتا دراستها الثانوية، قبل أن تبدأ بعد ذلك رحلة العودة إلى بريطانيا مروراً بلبنان، حيث قرر العديد من البولنديين البقاء في هذا البلد، واستقروا في منطقة غزير في كسروان، والشوف في جبل لبنان. دوناتا واحدة من هؤلاء، وقد أحبت شاباً لبنانياً وقبلت عرضه للزواج. شقيقة زوجها لم تكن راضية عن زواج أخيها ببولندية، وخصوصاً أنّ شقيقاً ثانياً كرر التجربة عينها، فلم يكن منها إلا أن أدارت وجوه جميع القديسين في بيتها إلى الحائط غضباً!
إرادة الحياة عند دوناتا قوية، يقودها إيمان عميق بالله. في عودتها إلى الحياة، أكملت من حيث توقفت، فانتسبت إلى الجامعة الأميركية في بيروت لتتعلم التمريض وتدرّس في الكلية حقبة 40 عاماً، وقد كُرّمت قبل أعوام قليلة كواحدة من النساء الأوائل اللواتي تخرّجن من الجامعة.
لم تزر دوناتا بولندا منذ نفيها وعائلتها إلى سيبيريا. قطعت كل صلة لها بهذا الماضي، واكتفت برواية قصتها لأولادها وأحفادها. كأن الخوف من المواجهة حال دون سؤالها عن منزلهم. ماذا حلّ به؟ كرهت الشيوعية والنازية على قدر ما أحبت الولايات المتحدة لأسباب محض عاطفية، متعلقة بانتشالها وعائلتها من الموت.
خلال الحرب الأهلية كانت تنتقل يومياً من غزير إلى مستشفى الجامعة الأميركية قاطعةً الحواجز، وحين تعود وتجد الجميع مختبئين في الملاجئ تضحك، وترى أن ما يحصل مزاح مقارنةً بسيبيريا. اعتادت أن تضع الراديو في جيبها، وأن لا يفارقها حتى في تنقلاتها خارج المنزل، وأن تستمع إلى أخبار الـ«بي بي سي» على مدار الساعة منذ كانت صبية.
تذكر دوناتا في واحدة من يومياتها في القطار إلى سيبيريا ورؤيتها مناظر الطبيعة الخلابة، أن الحياة جميلة. لذا لم تستسلم لرثاء ذاتها ولا للبكاء على الأطلال، ولا انجرفت في النضال السياسي في محاولة منها لاستعادة ما خسرته من أرض وبيت ومال. أكملت بشغف وعطاء لأن «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».


























 

غيدآء

New member
إنضم
18 سبتمبر 2007
المشاركات
9,748
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الإقامة
ღ تحت أشجآر آلزيزفونღ
اهم شيء جذبني انها كانت تضحك على منظر الاجئين ايام الحرب الاهليه في لبنان !

ماتنلام قلبها تعوود على الحرووب !


ثآنكس على هيك موضوع

 

:: Diva ::

New member
إنضم
29 يونيو 2008
المشاركات
14,408
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
وين الاقي يومياتها اختي ؟
 
إنضم
16 يوليو 2010
المشاركات
4,416
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
غيداء
معاها حق الحرب العالمية سواء الاولى او الثانية لم يرى العالم مثلها الي الان
ولكن تبقى الحرب هي الحرب سواء كانت هالحرب كبيرة او صغيرة عالمية او أهلية
والدمار والخراب الذي تخلفه الحروب هو ذاته
تشكرات غيداء على المرور




دفدف
ما اظن تلاقينها لانه لقاء معاها بأحد الصحف
ويقولون كاتبة يومياتها على قصاصات من الصحف
نورتي
 

رفيقة دنيا

New member
إنضم
13 نوفمبر 2011
المشاركات
129
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
my world
السلام عليكم

مشكوووره رحيل على الرفيوو

الصراحه أول لما أسمع كلمة منفى يمر في ذهني أستراليا

أو لندن يعني يخلونه يعيش في مكان بسيط .. مع عمل بسيط

على شرط أنه يسحبون منه كل اللي يملكه يعني يبني نفسه من يد و يديد

لكن الواقع اللي قريته من رواية السجينه و المسكينه دوناتا

ان المنفى يخليك تندم على انك خلقت بالهدنيا << استغفر الله يا ربي

بس هذا احساسي لو كنت في مكانهم صج ان الأمكنه تختلف و الأزمنه

و الأشخاص لكن يبقى المعنى للمنفى وااااحد
 

3oosh <3 MJ

New member
إنضم
9 فبراير 2011
المشاركات
838
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
Qtr
مسكينة تعور القلب
بس الحلو انها قدرت تبني نفسها رغم الظروف اللي مرت فيها
مشكوورة حبيبتي :)
 

المهفة

New member
إنضم
30 يونيو 2009
المشاركات
846
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
عجبنى تمسكها بالحياة رغم الظروف الصعبة اللى مرت فيها .
حتى الجنود الاكتوبريين اللى عملوا انقلاب على الحكم فى روسيا اثناء الحرب البلشفية ونفوهم لسيبيريا ماتحملوا وهم جنود مدربين فاكيد ان دوناتا تملك عزيمه رهيبه بالبقاء
(رحيل مايجى منج الا الزين وسلمت الايادى )
 
إنضم
16 يوليو 2010
المشاركات
4,416
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
رفيقة دنيا
هي احسن من غيرها تزوجت وانجبت
ما اظن المنفى بالنسبة لها كان مشكلة عويصة يعني
ولندن واستراليا مو منفى !!! غالبا يكون المنفى دول غير معروفة مالطة ولا
دول جنوب امريكا البرازيل او المكسيك
شاكرة مرورج ومداخلتج


عووش
لا يأس مع الحياة
نورتي
 
إنضم
16 يوليو 2010
المشاركات
4,416
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
المهفة
ماقصرتي والزين للزين اللي مثلج
والعزيمة مهمة لكن تبقى ارادة الله فوق كل شي
الله كاتب لهاااا تعيش وتتحمل كل هالصعاب
نورتي



نور المدينة
الاجمل مرورج نويرة