على أسوار بابل

قد يتساءل البعض لما هذا العنوان ، هو عنوان كتاب للكاتب اللبناني جورج طراد ، يدافع به عن اللغة الفصحى ضد اللهجة العامية ، وقد وجدت انه افضل ما يمكن لي ان اختاره كعنوان لهذا الجزء من البحث الذ اعددته بهذا المجال ...

انا من أنصار اللغة الفصحى ومن المتعصبين جداً لها أيضاً ، واكتفي بالقول ان قدرة اللغة العربية الفصحى على استعاب المستجدات والتطورات ومرونتها لمسايرة الابداعات بشتى المجالات ، تشفع لي هذا التطرف والتعصب لها ..
يقول المستشرق الألماني يوهان فك Johann Fück :
"إن العربية الفصحى لتدين حتى يومنا هذا بمركزها العالمي أساسياً لهذه الحقيقة الثابتة ، وهي أنها قد قامت في جميع البلدان العربية والإسلامية رمزاً لغوياً لوحدة عالم الإسلام في الثقافة والمدنية ، لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها المسيطر ، وإذا صدقت البوادر ولم تخطئ الدلائل فستحتفظ العربية بهذا المقام العتيد من حيث هي لغة المدنية الإسلامية".
ويبدو ان حسد المستشرقين للعرب على لغتهم لا يقف عند هذا الحد بالمستشرق المجري عبدالكريم جرمانوس يقول
العنصر الثاني الذي أبقى على اللغة العربية هو مرونتها التي لا تُبارى ، فالألماني المعاصر مثلاً لا يستطيع أن يفهم كلمةً واحدةً من اللهجة التي كان يتحدث بها أجداده منذ ألف سنة ، بينما العرب المحدثون يستطيعون فهم آداب لغتهم التي كتبت في الجاهلية قبل الإسلام "
من يكتب باللهجة العامية لا يكتب لغة عربية لآن العامية تحتوى كثير من الكلمات الدخلية والتي لا اصلها للغة العربية الفصحى ، وهذا ما يجعل الفصحى بمثابة الشيء المقدس عندي ..
يقول مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية بحوار أجرته معه لجنة النهوض باللغة العربية حول سؤال طرح عليه
وهنا النص
بصفتكم رئيسا لمجمع اللغة العربية، كيف تنظرون إلى واقع استخدام اللغة العربية في ظل انتشار واسع النطاق للهجات العامية؟
3- لقد بيَّن المجمع موقفه بشكل صريح في بيان أصدره، ووُزع على الصحف في العام الماضي. وقد جرى التأكيد على أن المجمع ليس ضد اللغة اللهجة العامية التي يستعملها الناس، وهي لغة لهجة طبيعية. ولكن المجمع لم يوافق على أن تكتب النصوص باللهجة العامية، لأن هذا تخريب للغة الفصيحة. نحن لا نستطيع أن نجبر الناس على أن يتكلموا لغة الفرزدق أو لغة الجاحظ، ولكن نطلب منهم أن يحترموا هذه اللغة. فما نسمعه الآن من كلمات دخيلة تبقى بألفاظها الأجنبية، بل وتُحوَّر إلى ألفاظ عربية هو إخلال بطبيعة اللغة.
من جهة أخرى، يمكن أن يكون للإنسان – دون قصد- أخطاء من قبيل عدم التمييز بين المجرور والمرفوع، وهذا خطأ مقبول من باب أنه طريق يسلكه ليصل إلى مستوى لغوي أعلى، ولكننا لا نقبل – وهذا ما نراه في الإعلام - تمثيليات بالعامية، وتقديم النشرة الجوية بالعامية، لماذا يحدث هذا؟ اللغة العربية ليست بالتعقيد الذي يصفونه، هناك في العالم لغات أصعب بكثير، وتستعمل في جميع الأمور المنشورة والمنطوقة رسميا.
نحن لا نتدخل في ما يُنطق به في البيوت، ولكن هناك مستوى عام يجدر بنا الانتباه إليه، مثل الصحافة، والمتاجر...، واللغة العربية الفصيحة هي مسؤولية المجمع، لأن قانون المجمع يقول بأن مجمع اللغة العربية بدمشق هو المرجعية العليا للغة العربية.
أجرى اللقاء: رامي أكرم شريم
اصبحت اللهجة العامية الآن لهجة تستخدم بالآدب ، وسلبياتها هي افتقارها قدرة التعبير ، وطول الكتابة بها لشرح الموقف والمشاعر وهذا ما يلاحظ من خلال القصائد العامية التي نلاحظ طولها ، وتكرار الفكره بها محاولة للوصول للمعنى المطلوب بسبب افتقارها الشديد للمرونة ومطاوعة الكاتب على تجسد الفكرة والإحساس ، ومازال قراء اللهجة العامية قليلون مقارنة بقراء الفصحى الذين يقرأون لكبار الكتاب ، والأسوء من ذلك ان اللهجة العامية تحصر كاتبها بالمستوى المحلي ، وتمنعه عن المستوى العالمي ،، او حتى على نطاق الدول العربية ..
ويصل تعصبي للغة العربية الفصحى بأني اكره الأغاني العامية ، ويقتصر سماعي للأغنية لاغاني القيصر كاظم الساهر ، الذي يبدع بغناء اشعار المبدع نزار قباني ،،
الحديث ذو شجن ، وذو تفرعات عديده .. بأحد الأبحاث بعنوان " بين العامية والفصحى يتجدد الجدل " التي اجرتها مجلة عربيات الدولية وهي مجلة الكترونية مرخصة من وزارة الثقافة والإعلام السعودية ،، اجرت لقاء مع بعض دور النشر العربية المهمة بالوطن العربية ، والتي تنتشر اصداراتها على نطاق عالمي أيضاً ..
فكان لدار ورد
تحول الثقافة إلى اقتصاد وراء استخدام العامية
بينما يرى الدكتور مجد حيدر من دار ورد للنشر أن هناك ضرورات تحتم استخدام اللهجات العامية موضحا ذلك بقوله: "أنا ضد استخدام اللهجة الدارجة في العمل الأدبي بشكل عام، لكن هناك ضرورات في الأدب تحتم استخدام بعض المصطلحات العامية فحتى في الآداب العالمي هناك كلمات تكتب بالعامية، ولكن ليس في كتابة العمل الأدبي بشكل كامل فهذا التوجه لايخدم الأدب ويدمر الحالة الإبداعية للغة العربية التي تعد طيعة ومجنحة بوسعنا الاشتقاق منها دون اللجوء إلى العامية، ومن متابعتي لهذا الاتجاه الذي بات ينتشر في الآونة الأخيرة أعتقد أنه يعود إلى الجهل بالإضافة إلى أن الثقافة تحولت إلى عمل تجاري، فلم تعد كما كانت مرتبطة بالهم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ونحن بحاجة لغربلة الأعمال الأدبية قبل نشرها واختيار ما يليق بنشره بقسوة كي نحافظ على مستوى الأدب".![]()
والساقي
نرفض العامية ونرضخ لها في هذه الحالات
ولدار الساقي تصور إذ يقول عصام أبو حمدان: "دار النشر تعتبر همزة الوصل بين الوطن العربي، وتتجه دور النشر في العادة لاستخدام اللغة العربية الفصحى تسهيلا للمعرفة بين المشرق والمغرب، وفي المعتاد تقوم لجنة متخصصة من قبل الدار بالإطلاع على العمل قبل نشره وقد نقترح على الكاتب بعض التعديلات أو المدلولات، وبالرغم من رفضنا الأعمال التي تكتب بالعامية إلا أننا نرضخ حينما يكون جمهور الكاتب مقتصرا على مدينة أو منطقة معينة تستخدم ذات اللهجة".![]()
ولدار الفارابي كان هذا الرد الصارم جداً باتجاه اللغة العربية ورفضهم للهجة العامية
دعوة لتدخل مجمع اللغة العربية
بالإنتقال من الماضي إلى الحاضر، اتجهنا إلى دور النشر المعنية في المقام الأول بترويج الروايات، إذ أبدى قاسم بركات من دار الفارابي رفضه لاستخدام العامية في الروايات، قائلاً: "لابد أن نحافظ على اللغة العربية السليمة ومكانتها وذلك بالابتعاد عن استخدام اللهجات الخاصة بكل بلد، لان هذا الاستخدام يؤثر على سلامة اللغة ويزيد من تفككها، ولا أرى في استخدام العامية أو اللهجة الدارجة أي إضافة أدبية للعمل الإبداعي أو مساهمة الحبكة القصصية بل على العكس فالعامية تحصر انتشار العمل على نطاق البلد الذي تنتمي إليه، فلكل بلد عربي مصطلحات خاصة به لن يستطيع أي قارئ من بلد آخر استيعابها أو فهمها بسهولة، كما أن بعض الكتاب اتجهوا إلى الاستعانة بعبارات أو مفردات أجنبية خلفها الاستعمار مثل كتاب المغرب العربي الذي يستخدمون بعض المفردات الفرنسية في الكتابة العربية الأمر الذي يساهم في تشويه وتصدع اللغة". واقترح بركات في ختام حديثه أن يتم التعامل بحزم مع هذه الأساليب من قبل مجمع اللغة العربية.
والى مقال من اليوم السابع بعنوان الكتابة بالعامية وقيلة الحيلة اللغوية لناصر عراق
ليس عندى شك كبير فى أن الذين يتصدون لكتابة موضوعاتهم ومقالاتهم الصحفية باللهجة العامية لا يمتلكون المهارات اللغوية الكافية لصياغة ما يكتبون بالعربية الفصحى!
ذلك أن المرء لا يلوذ باللهجة الدارجة عند سكب آرائه على الورق إلا إذا كان قاموسه الفصيح شاحباً وشحيحاً، ومقدرته على التعبير عن أفكاره باللغة الفصحى محدودة ومتواضعة!
أعرف جيداً الحجة التى يسوقها من يكتب بالعامية، والتى تتمثل فى أنه يستخدم لغة الناس العاديين التى ينطقون بها فى الشوارع والبيوت، وهى أقرب - وفقاً لهذه الحجة - إلى عقول القراء وأذواقهم!
هذا الكلام ينسف للأسف الجوهر الحقيقى للأدب خاصة والفن عموماً.
لماذا؟
لأن الأدب - بكل تنويعاته والصحافة جزء منه - يتكئ بشكل رئيس على تكثيف اللغة والسمو بها نحو آفاق أرحب وأغنى، فاللغة الدارجة التى نستهلكها فى حياتنا، هى لغة التواصل اليومى وتلبية احتياجاتنا المباشرة، أما اللغة الفصحى، إذا لانت وانصاعت للكاتب المبدع، فسوف ينبثق منها إشعاع آسر يحلق بالقارئ نحو فضاءات الخيال المنهمر، فتمتعه وترقق مشاعره!
لا تقل لى - من فضلك - إن الكتابة الصحفية ليست أدباً، وإنها موجهة لآلاف، بل ملايين القراء، وعليه يصبح من الضرورى أن نتحدث لهؤلاء الملايين بخطاب يستخدم لغتهم الدارجة نفسها بكل فقرها ومحدوديتها!
هذه الآراء مردود عليها، ذلك أن الصحافة العربية استطاعت منذ انبثاقها قبل أكثر من 180 عاماً، (جريدة الوقائع المصرية أول لصحيفة عربية صدرت فى عام 1828)، أن تزاحم الأدب فى مواقعه، فعرضت موضوعاتها وأخبارها وتحقيقاتها بلغة عربية فصحى، لكنها متخففة من الفخامة والطنطنة التى كان الأدباء يكتبون بها نصوصهم وإبداعاتهم فى نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.
فى مصر على سبيل المثال، من يستطيع أن ينكر أن كوكبة معتبرة من الصحفيين الكبار كانوا يصوغون مقالاتهم بلغة فصحى رشيقة وأنيقة مثل محمد التابعى ومحمد زكى عبد القادر وأحمد الصاوى محمد ومحمد حسنين هيكل وإحسان عبد القدوس وأحمد بهاء الدين وسلامة أحمد سلامة وفهمى هويدى وصلاح الدين حافظ وصلاح عيسى وغيرهم، ناهيك عن الأدباء والنقاد الذين لاذوا بالصحافة ليعبروا من خلالها عما يجيش فى نفوسهم من أفكار وآراء وأحلام وآمال، مثل طه حسين والعقاد والحكيم ونجيب محفوظ ولويس عوض وأحمد عبد المعطى حجازى وفاروق عبد القادر وجابر عصفور وصلاح فضل وغيرهم.
باختصار كانت الصحافة إحدى المنارات الكبرى التى تضىء عقول الناس وتثقفهم وتهذب مشاعرهم، فضلاً عن دورها الرائد فى "تليين" اللغة العربية الفصيحة وتطويعها لمقتضيات العصر الحديث، من دون أن تقع فى مطب الابتذال، أو تركن إلى الاستعانة باللهجة الدارجة!
أما الآن، فقد ظهرت فى الخمسة عشر عاماً الأخيرة - داخل مصر - عدة صحف لا تستحى أن تضع عناوينها كلها باللهجة العامية، ولا تخجل أن تنشر مقالات رؤساء تحريرها وهى تحتشد بعبارات ومفردات دارجة لا حصر لها!
لقد أصبح الإفراط فى استخدام العامية ومخاصمة الفصحى دليل على انحطاط لغة الصحافة، وعدم قدرتها على تطوير أدائها اللغوى الفصيح ليواكب ما يحتاجه قارئ هذا الزمان!
المصيبة أن عدوى اللهجة العامية انتقلت من الصحافة إلى النصوص الأدبية، وتحديداً الرواية والقصة القصيرة (دعنا من شعر العامية، فتلك قصة أخرى)، وهكذا بات كثير من المبدعين لا يستنكفون أن "يرصّعوا" رواياتهم وقصصهم بمفردات من القاموس الدارج الذى يصل أحياناً إلى حد البذاءة، وبعضهم لا يجد أى غضاضة فى أن يجعل أبطال رواياته وقصصه يتكلمون ويتحاورون بأفحش الكلام!
الأمر الذى يدفعنا إلى تذكر التجربة العظيمة لسيد الرواية العربية نجيب محفوظ بكل إجلال واعتزاز، فالرجل أنطق شخوص رواياته من الأميين والجهلة والباعة والبسطاء والعاهرات والسكارى بلغة عربية فصيحة وأنيقة وجزلة! ولم يرفع شعار "العامية" بحجة أن الناس العاديين لا يتحدثون إلا بها!
لقد نسى هؤلاء أن "الفن كذب جميل" كما قال لى مرة بحق ناقدنا الكبير فاروق عبد القادر، ومن ثم يصبح من اللائق والجائز معاً، وفقاً لهذا المفهوم، أن يتحرر الكاتب الحصيف من أسر نقل الواقع كما هو بكل خشونته وفظاظته سواء الحقيقية أو اللغوية، ليقدم لنا عملاً من وعن الواقع، ولكن كيمياء الفن حذفت منه كل ما هو فج ومبتذل ورخيص، لتغنيه بسحر الابتكار وروعة التركيب وسمو الصياغة!
(مرة أخرى نجيب محفوظ نموذج ساطع ومشرق).
المؤسف أن الكتابة بالعامية - فى الصحافة والأدب - تنسف وحدة الثقافة العربية، وهى ثقافة عريقة جديرة بالحفاظ عليها وتنميتها وتطويرها!
فالقارئ المصرى على سبيل المثال يستحيل عليه أن يطالع موضوعاً صحفياً أو نصاً روائياً مصاغاًَ بلهجة مغاربية دارجة، كذلك من الصعب جداً على الإنسان السورى أو اللبنانى أن يقرأ نصاً بالعامية العراقية أو الخليجية، والعكس صحيح، فلماذا نهدر ما أنجزناه بامتداد قرون طويلة؟ ولماذا نفتت بنياناً شامخاً وباذخاً، اسمه اللغة الفصحى، يستظل به أكثر من 320 مليون إنسان عربى!
باختصار.. إن الذى يستعين باللهجة الدارجة دوماً فى كتاباته - الصحفية أو الأدبية - هو شخص قليل الحيلة لغوياً، يهرب من مهمة نبيلة وثقيلة وحتمية.. مهمة صناعة لغة فصحى جديدة تتواءم مع عصر التكنولوجيا وتلبى أشواق الناس لكل ما هو مثير وبديع وفاتن وهو أمر مؤسف على كل حال!
والى هنا انهي هذا البحث عن اللغة الفصحى واهتراء العامية بشعر جميل جداً للشاعر هاشم الرفاعي يدافع به عن اللغة العربية بعنوان " حول قيود اللغة العربية "
شـعـلت حربًا لم تضع أوزارها تـركـت بـكـل صـحـيفـة آثـارها وحملـة حملتك الجريئة فانبـرت أقلام من خاضوا وراءك نـارها
ورميت أخت الضاد منك بطعنة كــادت تــدك قــويــةً أسـوارهـا
مجبًا؟ أتحـيـون الـتراث بقـتـلهـا
وتــرمــون بــهـدمـهــا منهـارها
ورأيت قـومـاً يـرهـقون عيوبهـا
طلبًا وراحوا يطمسون نضارها
البحث اعداد : أنثى اليمامة
ملاحظة : قد يكون هذا جزء من بحث منشور باسمي الحقيقي ، تحت عنوان آخر
فقد تم اجراء البحث من اجل مشروع عربي شبابي لدعم الفصحى
ملاحظة : قد يكون هذا جزء من بحث منشور باسمي الحقيقي ، تحت عنوان آخر
فقد تم اجراء البحث من اجل مشروع عربي شبابي لدعم الفصحى