ما يجب في أسماء
الله الحسنى
[صحة الاطلاق
صحة الإطلاق شرط من شروط
أسماء الله الحسنى, وفيه يجب أن يقتضي الاسم المدح والثناء بنفسه بدون متعلق أو قيدعادي
[32], وميزان الأسماء الحسنى يدور على المدح بالملك والاستقلال وما يعود إلى هذا المعنى, وعلى المدح بالحمد والثناء وما يعود إلى ذلك, وكل اسم دل هذين الأمرين فهو صالح دخوله فيها
[33],
- قال ابن القيم: «إن الله تعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع والاستهزاء مطلقا، ولا ذلك داخل في أسمائه الحسنى، ومن ظن من الجهال المصنفين في شرح الأسماء الحسنى أن من أسمائه تعالى الماكر والمخادع والمستهزئ والكائد فقد فاه بأمر عظيم تقشعر منه الجلود، وتكاد الأسماع أن تصم عند سماعه، وقد غَر الجَاهل أنه وتعالى أطلق على نفسه هذه الأفعال، فإشتق له منها أسماء، وأسماؤه تعالى كلها حسنى فأدخلها في الأسماء الحسنى وقرنها بالرحيم والودود والحكيم والكريم, وهذا جهل عظيم فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقا، بل تمدح في موضع وتذم في موضع، فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله تعالى مطلقاً، فلا يقال إنه تعالى يمكر ويخادع ويستهزئ ويكيد، فكذلك لايشتق له منها أسماء ويكتفى بها، بل إذا كان لم يأت في أسمائه الحسنى المريد والمتكلم ولا الفاعل ولا الصانع لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم، وإنما يوصف بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز والفعال لما يريد، فكيف يكون منها الماكر والمخادع والمستهزئ. ثم يلزم هذا الغالط أن يجعل من أسمائه الحسنى الداعي، والآتي، والجائي، والذاهب، والقادم، والرائد، والناسي، والقاسم، والساخط، والغضبان، واللاعن، إلى أضعاف ذلك من الألفاظ التي أطلق تعالى على نفسه أفعالها في القرآن، وهذا لا يقوله مسلم ولا عاقل، والمقصود أن الله لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، وقد علم أن المجازاة على ذلك حسنة من المخلوق فكيف من الخالق سبحانة وتعالى» [34].
- قال ابن تيمية:«أسماء الله الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها» [35].
[عدل] أسماء الله الحسنى كلها توقيفية
إتفق علماء المسلمون بأن
أسماء الله الحسنى كلها توقيفية, أي يجب الوقوف في أسماء
الله على ما ورد ذكره في نصوص الشرع لا يزيد أحد على ذلك ولا ينقص منه, بل يكتفى بما وردت به نصوص الشرع لفظًا ومعنى, غير قابل للقياس, ولا التبديل بمرادف, ولا يؤدي إلى معناها غيرها وإن تقاربا في ظاهر الكلام.
- قال أبو سليمان الخطابي: «ومن علم هذا الباب, أعني: الأسماء والصفات ومما يدخل في أحكامه ويتعلق به من شرائط، أنه لا يُتجَاوز فيها التَّوقيف، ولا يُستَعمل فيها القياس؛ فيلحق بالشيء نظيره في ظَاهر وَضعِ اللغة ومتعارف الكلام, فالجواد: لا يجوز أن يقاس عليه: السخي وإن كانا مُتقاربين في ظاهر الكلام. وذلك أن السَّخي, لم يرد به التَوقِيف،... وقد جاء في الأسماء: (القوي) ولا يقاس عليه الجَلْدُ، وإن كانا يتقاربان في نعوت الآدميين, لأن باب التَّجلد يدخله التكلف والاجتهاد, ولا يُقاس على (القادر) المُطيق ولا المُستطيع لأن الطاقة والاستطاعة إنما تطلقان على معنى قوة البُنية وتركيب الخِلقة، ولا يقاس على (الرحيم) الرقيق, وإن كانت الرحمة في نعوت الآدميين نوعاً من رقة القلب, و(الحليم) و(الصبور) فلا يجوز أن يُقاس عليها الوقور والرزين. وفي أسمائه (العليم) ومن صفته العِلم؛ فَلا يَجوز قياسه عليه أن يُسمَّى عارفاً لما تقتضيه المعرفة من تقديمِ الأسبابِ التي بِها يُتوَصَّل إلى عِلم الشيءِ. وَكذلك لاَ يُوصَف بالعَاقِل. وَهذا البَاب يَجب أن يُراعى, ولا يُغفَلَ، فإن عائِدتَهُ عَظيمة, وَالجَهلُ بِهِ ضَار» [36]
- قال ابن القيم: «أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها, ولا يقوم غيرها مقامها, ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره, ليس تفسيرا بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم, وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص, فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه, والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر, ومن صفات الإحسان البر الرحيم الودود دون الرفيق والشفوق ونحوهما, وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف, وكذلك الكريم دون السخي, والخالق البارئ المصور دون الفاعل الصانع المشكل, والغفور العفو دون الصفوح الساتر, وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه» [37]
وإختلف علماء المسلمون في طريقة التوقيف في
أسماء الله الحسنى كالتالي:
- من يرى أنها من القرآن فقط.
- من يرى أنها من القرآن والآثار الصحيحة فقط.
- من يرى أنها من القرآن ومن السنة ومن إجماع المسلمين.
[عدل] ما ثبت الدعاء به فهـو اسم من أسـماء الله الحسـنى
فما ورد في
القرآن أو في السـنة النبوية الصـحيحة، و
دعي الله به فهو اسـم من أسماء
الله الحسنى
[32].
- قال ابن تيمية: «ومن أسمائه التي ليست في التسعة والتسعين: اسمه السبوح... وكذلك أسماؤه المضافه مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لاريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة، وثبت الدعاء بها »[38].
[عدل] أسماء الله الحسنى وصفاته صادرة عن كماله
الله كامل بذاته وصفاته، و
أسماء الله الحسنى وصفاته صادرة عن كماله، والمخلوق يسمى بعد فعاله.
- قال ابن القيم: : «فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله، والمخلوق كماله عن فعاله، فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل، فالرب لم يزل كاملاً، فحصلت أفعاله عن كماله، لأنه كامل بذاته وصفاته، فأفعاله صادرة عن كماله، كمل ففعل، والمخلوق فعل فكمل من الكمال اللائق به»[39].
[عدل] المَثَل الأعلى
ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، فهكذا الأسماء والصفات، لم يمنع انتفاء نظيرها ومثالها ومماثلها من فهم حقائقها، ومعانيها، بل قام بقلوب السلف معرفة حقائقها، وانتفاء التمثيل والتشبيه، والتعطيل عنها. وهذا هو المثل الأعلى الذي أثبته
الله تعالى لنفسه فقال:
﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)﴾ (
سورة الروم)، وقال سبحانه:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾ (
سورة الشورى).
[32].
- قال ابن تيمية: «والله لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله لا مثل له، بل له المَثل الأعلى، فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال، فالخالق أولى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص، فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزّهًا عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم، فالخالق أولى أن يُنزه عن مماثلة المخلوق وإن حصلت موافقة في الاسم»