Heaven Light
New member

صورة فاطمة لما كانت صغيرة
مرة أخرى انتصبت الخيام في الجهراء لكن هذه المرة ليس لاقامة عرس وانما مآتم على من فُقدن في مخيم عرس الدم، واستبدلت لافتات الدعوة للعرس بلافتات الدعوة للعزاء، فهذه تشير الى عزاء الداحس وتلك الى عزاء الظفيري وثالثة الى عزاء البرطماني و...!، ومن ذهب ليهنئ بالأمس اتشح بالحزن اليوم وسارع بتقديم واجب العزاء.
وحار مواطنو الجهراء وربما لم يجدوا الوقت الكافي لحضور أكثر من عزاء في وقت واحد ليواسوا عوائلهم فالضحايا بالعشرات الا ان اداء واجب العزاء والحرص على مشاركة الاقارب أحزانهم جعل السيارات تتكدس أمام خيام العزاء للوقوف الى جانب الأهالي المنكوبين.
ورغم حجم الكارثة التي خلفها اقامة عرس في خيمة وتحذير وسائل الإعلام من اقامة المناسبات في الخيام، الا ان الأهالي لم يجدوا مفراً من نصب الخيام مرة أخرى وتجهيزها بالانارة واجهزة التكييف، ومطبخ الشاي والقهوة لاستقبال المعزين، وحول هذا الأمر يحدثنا أبوناصر أحد اقارب الضحايا:
يقول الحمد لله على كل حال وهذا قضاء الله وقدره أما بالنسبة لنصب الخيمة فمن عادات وتقاليد العرب استقبال المعزين، من جميع أطياف المجتمع خصوصاً وان ديوانية المنزل لا تسع لعشرين شخصاً، فنضطر لوضع هذه الخيمة الكبيرة حتى تستوعب اعداد المعزين ومن ثم نقدم لهم الشاي والقهوة، بالاضافة لدعوتهم للغداء والعشاء لمدة ثلاثة أيام متتالية ثواباً لأرواح الموتى.
وأشار ابوناصر الى ان هناك الكثير من الضحايا لم يتم دفنهم حتى الآن ولم يقيموا عزاء ولكن بعد الدفن سنبني الكثير من الخيام في الساحات لاستقبال المعزين، مشيراً الى ان اهالي الجهراء نسيج واحد تربطهم علاقات نسب.
«الراي» جالت بين خيام عزاء الاسر المنكوبة معزية اياهم ومحاولة استطلاع الأمر منهم، وكانت البداية مع والد فاطمة صباح الشمري الذي روى فجيعته بفاطمة وهو يردد «الله أعطاني اياها والله أخذها مني، ولا حول ولا قوة الا بالله».وقال والد فاطمة ذات الخمسة عشر ربيعاً، انها ابلغته في يوم السبت الماضي رغبتها في الذهاب الى عرس أقاربهم فما كان منه الا الموافقة، كونها تستحق التقدير والنزول عند رغباتها لما تتمتع به من خلق رفيع والتزام ديني، وقبل غروب شمس يوم السبت قبلت فاطمة رأس أمها واخوانها وكأنها تودعهم، والتفتت لأبيها قائلة «أسلّم عليك».
وأضاف الشمري وهو يغالب دموعه أن فاطمة توجهت للعرس بصحبة أخيها واخواتها مصطحبة فطورها، حيث كانت صائمة في ذلك اليوم،
ويكمل انها قرابة الثامنة مساء اتصلت بأخيها نواف تبلغه بحدوث حريق في خيمة العرس، وعندما ذهبنا وجدنا الخيمة وقد اصبحت اثرا بعد عين وكانت المنطقة تعيش حالة من الهلع والحزن والجنون الذي فرضته الصدمة.
وأردف انني رأيت من بين الجثث صورة لفستان فاطمة وهممت بالذهاب الا ان رجال الأمن حالوا دوني ودونها قائلين، نحن سنقوم باللازم، وانتظرت الليل بطوله دون فائدة ترجى، حتى الساعة الواحدة من ظهر اليوم الثاني حيث ابلغني رجال الادلة الجنائية بضرورة اخذ بصمة يدي واخرى من اللعاب للتأكد من وجود قريب لي لديهم.
وفي عصر اليوم الثاني للحادث المأسوي هاتفني من يقول انت صباح الشمري، قلت نعم: قال عظم الله أجرك بفاطمة.
وبين صباح الشمري انه فرح باستشهاد ابنته ويحسبها عند الله من الشهداء، مؤكدا انه سلم امره لله، وتاركا الامر لعدل الكويت واميرها وولي عهدها، ومطالبا باستخراج شهادة وفاة لابنته، التي قد تحرم منها كونها من دون جنسية.ومن جانبه، قال عم فاطمة ماجد الشمري ان ما رآه عندما كان مارا بجانب خيمة العرس لا يصدقه عقل ولا يقبله منطق متسائلا: كيف تشتعل الخيمة في خمس دقائق؟. مؤكدا ان ما حصل يعتبر جريمة بشعة وفاجعة كبيرة لتلك الاسر.
وبين الشمري، ان فاطمة كانت كالحلم، وذهبت كالحلم، مشيرا ان ما رآه يوم الحادث يتراءى له كل دقيقة، حيث رأى اناسا تحترق وتذهب ارواحهما دون ان يمتلك شيئا لانقاذهم.
اما عمر عناد خال فاطمة الذي كان متأثرا لفقدها ووالدة زوجته، فقد بين انهم بحثوا عن الفقيدتين في كل المستشفيات الخاصة والعامة دون جدوى حتى تم ابلاغهم في عصر اليوم الثاني بوفاتهما.
وقال اننا لم نكن نتخيل ان يصل اي انتقام من زوجة بحق زوجها لهذه الدرجة، مؤكدا ان هناك تهديدات سابقة من زوجة المعرس إلا اننا لم نكن نتخيل ان يصل بها الامر الى هذه الدرجة في تدمير اسر وعوائل، ولا نقول إلا ان على الانسان الصبر والاحتساب.اما حمد ابو عوف الذي فقد بنت اخيه التي لا تتجاوز الـ15 عاما وتدعى فاطمة يقول بأن الذي حصل فاجعة كبيرة ومؤلمة لم تحدث مثلها ابدا في الكويت، مؤكدا ان الهلع والخوف مازال يراودنا ونحن في منازلنا، ولا نعرف طعم النوم.
واشار إلى انه كان في يوم الحادث جالسا في ديوانية صديقه في منطقة الجهراء ومن حسن الصدف، صديقه كان ذاهبا بزوجته الى نفس العرس، وتلقى اتصالا من زوجته وهرع خارج المنزل حيث خرجنا خلفه ليخبرنا ما الذي جرى وعندها قال بأن خيمة العرس قد احترقت، الصدمة في هذه اللحظة كانت قوية بالنسبة لي، ومن ثم هرعت مسرعا إلى مكان العرس ومن ثم وجدت بأن النيران قد التهمت الخيمة بأكملها.
واضاف بأن هذه اللحظة لم اجد سوى البحث عن فاطمة او اي شيء يوصلني اليها ومن ثمن اخبرتني زوجة اخي بأن فاطمة قد التهمتها النيران ونقلت روحها الى الباري عز وجل، مضيفا بأن هذا قضاء الله وقدره ولكن نطالب الحكومة بأن يكشفوا ملابسات الحادث والبحث عن الجاني الذي فعل جريمته النكراء التي راح ضحيتها نساء ويتمت اطفالهن.
المصدر وبقية المقال
http://www.alraimedia.com/alrai/Article.aspx?id=150940