ذات صباح مشحون بالعمل في غرفة الطوارئ بالمستشفى
و في حوالي الساعة الثامنة و النّصف دخل عليّ عجوز
يناهز الثمانين من العمر لإزالة بعض الغرز من إبهامه ,
و ذكر أنه في عجلةٍ من أمره لأن لديه موعد في التّاسعة !
طلبت منهُ أن يجلس على الكرسيّ المخصّص لإجراء الغيارات
على الجروح وتحدّثتُ قليلاً و أنا أزيل الغرز و أهتم بجرحه : ) !
سألته عن طبيعة موعده و لما هو في عجلة من أمره !
أجاب : كلّ صباح أذهب لدار الرعاية لتناول الإفطار مع زوجتي !
فسألته عن سبب دخول زوجته دار الرعاية ؟
فأجابني بأنها هناك منذ فترة لأنها مصابة بمرض الزهايمر ( ضُعف الذّاكرة )
بينما كنّا نتحدث وقد انتهيت من التغيير على جرحه و سألته :
و هل ستقلق زوجتك لو تأخرت عن الميعاد قليلاً ؟
فأجاب : إنها لم تعد تعرف من أنا !
إنها لا تستطيع التعرّف عليّ منذ خمس سنوات مضت !
قلت له : ولا زلت تذهب لتناول الإفطار معها كلّ صباح على الرغم
من أنها لا تعرف من أنت ؟!
ابتسم الرجل و هو يضغط على يدي و قال :
هي لا تعرف من أنا , ولكني أعرف من هي
!
* أيّ وفاءٍ هذا
!!