لقاء شيق مع الشيخ مشعل المطر عن تفسير الاحلام

الراشديه

New member
إنضم
7 يونيو 2009
المشاركات
47
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
لا يُرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام إلا بصفاته المنقولة عن صحابته رضي الله عنهم ومن يره على غير ذلك فإنما رأى شيطاناً
كثر في هذه الأيام اهتمام المسلمين بتفسير الرؤى والأحلام، وانتشرت برامج من هذا النوع على الفضائيات، فهو موضوع تناوله الإعلام والناس في مجالسهم وفي أطروحاتهم، وموضوع يمس المجتمع لحاجته إليه في بيان أحكامه وأحواله، وموضوع راج سوقه في هذا الزمن. «الأنباء» التقت مفسر الرؤى والأحلام والقارئ المعروف مشعل المطر لتطرح عليه تساؤلات عديدة حول هذا الموضوع، حيث أكد المطر أن تفسير الرؤى من علم الأنبياء والصالحين، وهو نتاج الموهبة والعلم والاطلاع على أحوال الناس، نافيا أن يكون من قبيل ادعاء علم الغيب أو الكهانة، ومؤكدا في الوقت نفسه على أهمية أن يتحلى المفسر بالورع وأن يلم بالعلوم الشرعية ويكون حافظا لأسرار المستفتين. وأشار إلى عدم إمكانية استفادة تشريع جديد في الدين الإسلامي الكامل من الرؤى أو الأحلام، كما لا يجوز أن يجزم بوقوع تفسيرها لأن علمها عند الله، مضيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يرى في المنام إلا بصفاته وشمائله التي حفظتها كتب السنة وتناقله الصحابة الكرام، وبغير هذا القيد يكون النائم إنما رأى شيطانا. وحول سبب انكبابه على تفسير الرؤى وخدمة الناس في ذلك، أوضح المطر أن لوالدته الفضل الكبير في ذلك، حيث عرفت بتفسيرها للرؤى لأفراد عائلته، كما كانت تلقنه معاني رموز الأحلام، مبينا أنه سعى في تنمية معرفته بالتفسير من خلال الإكثار من قراءة أبواب وأحكام الرؤى والأحلام في كتب الفقه والحديث، كما أوضح أنه استفاد من شيخه صالح النهام في بداياته، لافتا إلى أن له رؤيا فسرها له النهام بأنه سيكون علما من أعلام المفسرين، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
متى علمت بقدرتك على تفسير الرؤى والأحلام؟ وكيف كانت بداياتك؟

بداية الأمر كانت من والدتي بارك الله في عمرها، فقد كانت تفسر الأحلام بالوراثة، وأخذت هذا العلم من الأولين من أجدادها، وكنت كلما أرى رؤية وأطلب منها تفسيرها تعلمني وتعطيني معاني الرموز التي فيها، وتقول لي هذا الشيء يرمز إلى كذا وكذا، وكانت تصيب كما يقال «واحدة بواحدة»، وبقدر الله يقع ويصيب تأويلها وتفسيرها، فهي أول من لفت انتباهي إلى هذا العلم، وبعدها بدأت أطالع كتب تفسير الأحلام وأنا في سن 11 عاما، التي يشتريها لي والدي، فكنت أرجع للكتب أحيانا وإلى أمي أحيانا، وفي سن العشرينات بدأ بعض الأصدقاء المقربين يسألوني تفسير بعض الرؤى في أحيان قليلة فأفسر ولله الحمد فأصيب، فعرفت ان عندي هذه الموهبة لكنها تحتاج الى تنمية.

موهبة أم علم؟

بما أنك قلت انك نميت موهبتك فهنا سؤال يتكرر كثيرا وهو، هل تفسير الأحلام موهبة وملكة تولد مع الإنسان لا يمكن اكتسابها، ام علم يمكن تعلمه؟

هذا سؤال جيد ومهم جدا، فبعض المختصين يرون ان تفسير الأحلام موهبة، والبعض الآخر يرى أنها علم، والصحيح أن تفسير الأحلام يجمعهما كليهما، فهو نتيجة علم وموهبة، وهناك أدلة كثيرة على أنه علم، ففي سورة يوسف قال تعالى (كذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث)، ويقول القرطبي في تفسير هذه الآية «كل علم علمه الله للأنبياء لا يكون فيه كهانة ولا اطلاع على الغيب، وإنما يجوز تعليمه للبشر»، وفي آخر سورة يوسف قال عز وجل أيضا على لسان يوسف عليه السلام (رب قد آتيتني من تأويل الأحاديث)، وأيضا فإن تفسير الأحلام موهبة لأن المفسر يحتاج إلى الفراسة وإلى الاطلاع على أحوال الناس قبل أن يفسر لهم.

صفات المفسر

ما أبرز صفات المفسر التي ينبغي أن يتحلى بها؟

صفات المفسر ذكرها صلى الله عليه وسلم في قوله «لا يقص الرجل رؤياه إلا على عالم أو ناصح»، والعالم مقصود به عالم بأصول الرؤيا وعالم بأحكام الدين وفقيه، لأن أحكام الرؤى ذكرت في كتب الحديث والفقه، فهي إذن باب من أبواب العلم، فينبغي أن يكون المفسر مطلعا على هذه الأبواب وعلى دراية بها، كما يجب أن يكون ورعا وصاحب عبادة وحافظا لأسرار الناس كما قال ابن سيرين رحمه الله.

الرؤى وادعاء علم الغيب

البعض يرى في تفسير الرؤى والأحلام نوعا من ادعاء علم الغيب ونوعا من الدجل والكهانة، فما تعليقك؟

بداية هناك فرق واضح بين الدجل والكهانة وتفسير الرؤى والأحلام، فتفسير الرؤى والأحلام هو علم شرعي ثابت ومذكور في القرآن والسنة، واختص به الأنبياء والصالحون كما يقول ابن عبدالبر في تفسير الرؤى أنه علم الأنبياء والسلف، وقد شرعه الله في كتابه، وهناك سورة كاملة في القرآن الكريم ابتدأت برؤيا واختتمت برؤيا وهي سورة يوسف، وكذلك فإن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يعلم الصحابة تفسير الأحلام، ويجلس بعد صلاة الفجر ويقول «من رأى منكم رؤيا»، فيفسرها كفلق الصبح، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا جزء من النبوة، وهذا الكلام يدل على ان تفسير الأحلام علم شرعي، أما الكهانة والدجل فهي الاطلاع على النجوم والأبراج وادعاء علم الغيب، بينما تفسير الأحلام قائم على فهم رموز مأخوذة من الكتاب والسنة.

بطريقة أخرى هل يمكن للمفسر أن يجزم بتأويله للرؤيا؟

بالطبع لا، تفسير الرؤى والأحلام مبني على الظن وليس على اليقين، ربما يصدق وربما لا يصدق.

أنواع الرؤى

هل تحدثنا عن أقسام ما يمكن أن يراه النائم في منامه، خاصة أن الناس يقعون في خلط شديد بين الرؤية الربانية والأحلام الشيطانية؟

قال سبحانه وتعالى (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج)، فالله سبحانه بيّن جميع الأحكام وأوضحها رسوله صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم «الرؤيا ثلاثة فرؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه» رواه مسلم، والفرق بينهم هو ان الرؤيا تكون مكملة، أي مبتدئة بحدث ومنتهية كالقصة المتكاملة، ثانيا يكون فيها شيء من المبشرات عبر رموز مبشرة، ثالثا تكون مطمئنة خاصة حين يستيقظ منها وتكون نفسية الرائي مرتاحة، وهذا نستفيده من قوله تعالى في سورة يونس (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة)، أما الحلم فيكون شيئا مخيفا، كمثل أشياء اوضحها النبي صلى الله عليه وسلم بكونها شيطانا، كقوله مثلا عن الكلب الأسود شيطان، وعن الحية شيطان، فمن رأى شيئا من هذه الحيوانات فهي دلالة على أن ما رآها حلم، وكذلك الاحتلام من الشيطان وبالتالي فالاحتلام ليس له تفسير بل هو من الأحلام، والجزء الثالث هو أضغاث الأحلام وهي الأمور المختلطة، كأن ينوي الإنسان على سفر أو زواج فيرى أنه سافر أو تزوج، أو يحضر حفلا ثم يرى في منامه نفس الأشخاص الذين رآهم في ذلك الحفل، والذي يفسر في هذه الأقسام الثلاثة هو القسم الأول الرؤيا الصالحة.

البحث عن المفسرين للأحلام

هل من المعقول أن تؤدي الرؤيا إلى القلق ولهث الناس في البحث عن المفسرين لها؟

نعم من الملاحظ أن الناس منشغلون جدا بطلب تفسير الأحلام، فلا يكاد يعرف الناس مفسرا إلا وانكبوا عليه، وأنا تلفوني لا يسكت، وحقيقة أنا لا ألومهم لأن هذا الشيء حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول أحد الصحابة كنت أرى الرؤيا فتمرضني، حتى سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها: فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره: فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره» رواه البخاري، فلما سمع الصحابي هذا الحديث اطمأن وارتاح، وكذلك على كل مسلم إذا رأى رؤية طيبة ان يحمد الله ويخبر من يحب من الناس وإن رأى شرا فليستعذ وينفث ويصلي ركعتين ولا يحدث بهما أحد، والنبي صلى الله عليه وسلم أكد أنها لا تضره.

لكن لو لم يجد الرائي مفسرا لرؤياه فماذا يصنع: هل يجب عليه أن يجتهد في البحث عن تفسير لها؟

لا يلزم أن يجتهد ويبحث عن مفسر، لكن إن تيسر له مفسر قصها عليه، وإن لم يجد فليس هناك بأس.

لا تقع حتى تفسر

هل يمكن أن الرؤيا إذا لم تجد لها من يعبرها تقع؟

الرؤيا لا تقع حتى تفسر، والعلم عند الله، وفي هذا حديث نبينا صلى الله عليه وسلم «إن الرؤيا على جناح طائر إذا فسرت وقعت»

قلت أن الرؤيا ينغي أن تؤول للخير، لكن هل يمكن لرؤيا التي هي من الله أن تفسر بالشر؟

لا يكون شرا، وإنما يكون إنذارا من الشر وتحذير من شر قد يحصل، وهذا وقع كثيرا، وأقرب مثال ما جاء في سورة يوسف في رؤيا الملك الذي رأى «سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف»، فحذر يوسف ملك مصر من قدوم سبع سنوات عجاف وقحط، وهذا شر بلا شك، ولذلك قال من كان حول الملك ممن ليس له دراية بعلم الرؤى والأحلام قالوا «أضغاث أحلام»، بينما الحقيقة انها رؤيا وليست أضغاث أحلام، فلما فسرها يوسف تمكن الملك من تجاوز المحنة وصمد اقتصاد البلد بمشورة النبي يوسف عليه السلام، كما قال تعالى على لسان يوسف «فما حصدتم فذروه في سنبله»، وكذلك رؤيا يوسف عليه السلام الأولى التي فيها سجود الشمس والقمر والـ 11 كوكبا له حيث حذره أبوه النبي يعقوب عليه السلام من شر إخوانه ونصحه بعدم إخباره إخوانه بها.

التواصل معكم

كيف يمكن للقراء التواصل مع الشيخ مشعل المطر؟ وهل لك مجلس معين أو تلفون أو موقع إلكتروني تتلقى فيه الأسئلة؟

أنا أستغل الفرصة من هذا اللقاء لأبين أسفي الشديد من بعض المفسرين الذين جعلوا من تفسير الأحلام تجارة، بحيث يلزمون المتصل والسائل أن يتصل على خدمة اتصالات معينة تتقاضى من المتصلين مبلغا كبيرا من المال مقابل خدمة التفسير، ولأجل هذا جعلت تلفوني مفتوحا للجميع وهو على الرقم التالي 99046729، أجيب على الجميع في أوقات فراغي، وحاليا أتلقى اتصالات واستفسارات من جميع أنحاء العالم، وأرد على المكالمات بحسب استطاعتي.

يأكل في الحمام

حدثنا عن أغرب ما واجهت من الأحلام التي طلب منك تفسيرها؟

أغرب هذه القصص أن أحد الأصدقاء رأى رؤيا تكررت عليه ثلاثة أيام، وهي أنه يأكل روبيان في الحمام، وفي بداية الأمر لم يهتم بالرؤى في أول مرة، لكن حين تكررت عليه قام بالاتصال علي، وتوقفت في بداية الأمر، وقلت له امهلني حتى أجد لها تفسيرا، وسبحان الله وجدت رمزا في كلمة الحمام ذكرها ابن شاهين في كتابه «الإشارات في علم العبارات»، وهو أن كلمة الأكل أو الحمامات تعني الحكومة لأنها قريبة من الحروف، ففسرتها بأنه سيدعى على طعام عند رؤساء دول، ودارت الأيام وجلس مع أحد رؤساء الدول ووقعت الرؤيا كما فسرت.

الشيخ صالح النهام

هل ترجع إلى كتب ومشايخ تستشيرهم في هذا العلم الجليل؟

أرجع إلى كتب الشروحات مثل فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وكذلك شروح صحيح مسلم، وأطول باب في شرح البخاري هو باب الرؤيا، وهذه الأبواب من كتب الحديث لها شروحات أيضا لابن عثيمين وابن باز يرحمهما الله، وكذلك إعلام الموقعين لابن القيم حيث ذكر أحكام الرؤيا، ولذلك على المفسر الاطلاع على كتب أهل العلم.

وعلى مستوى الأشخاص فإني أرجع في الكويت إلى الشيخ صالح النهام وهو من الأناس البارزين في علم الرؤى خاصة شرح الرموز، فهو ما شاء الله متميز بها، وبالمناسبة فقد كانت لي رؤيا قديمة رأيتها وفسرها لي الشيخ صالح النهام، رأيت في المنام وكأني جالس في حلقة علم وكان الشيخ الذي يحاضر فيها هو الشيخ صالح النهام، وكان يسألني عن الرموز وأجيبه بطريقة علمية، فقال للحضور عني «هذا فضل الله يؤتيه من يشاء، انظروا كيف أن القرآن يجعل صاحبه يفسر الأحلام تفسيرا جيدا»، وسألت الشيخ عن هذه الرؤيا بعدما استيقظت، فقال لي «ستصبح بإذن الله علما من أعلام المفسرين»، وبعد مرور الوقت رأيت نفسي دخلت هذا المجال وبرزت ولله الحمد.

الرؤيا ليس فيها تشريع جديد

دائما يتكرر علينا انتشار بعض النشرات التي يقول أصحابها إنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بتحذير الناس أو تبشيرهم ويأمرهم بنشر هذا الأمر وطباعة هذه النشرات 25 مرة أو أكثر أو أقل وإلا فسيصاب من لم يفعل ذلك بالمصائب الكبيرة، في حين من يقوم بنشرها يرزق بالأرزاق الكثيرة، فما تعليقك؟

الله عز وجل يقول (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، فالله عز وجل قد أكمل الدين، والرؤيا ليس فيها تشريع، فلا يقبل أن يأتي أحد فيقول ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لي «افعل كذا» وهو مخالف للشرع وللكتاب والسنة، فهذه ليست رؤيا بل هي من الشيطان، وكثير من الناس وقع ضحية تلبيس الشيطان عليه، فكثيرا ما يأتي الشيطان أحدهم ويقول أنت المهدي المنتظر أو أنت كذا وكذا، ثم بعد ذلك تحدث فتنة بسبب ما رأى، وما قصة المدعو أحمد صاحب مفاتيح مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا إحداها، وكيف يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بطباعة أوراق والطباعة غير معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كطباعة 30 ورقة أو أرسل 30 رسالة فيأتيك الفرج، فهذه كلها من الخرافات والدجل، لأن الرؤيا ليس فيها تشريع.

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأوصافه

هل كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يكون قد رآه حقا؟

الصحابة رضوان الله عليهم وصفوا النبي صلى الله عليه وسلم بصفات ثابتة وواضحة لأنهم رأوه وصحبوه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «من رآني في المنام فقد رآني حقا»، ويقول في ذلك الشيخ ابن جبرين رحمه الله هذا الحديث يختص بالصحابة لأنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا الكلام قاله ابن عثيمين رحمه الله أيضا، والضابط في هذه المسألة هو ان من رأى النبي صلى الله عليه وسلم بصفاته الحقيقية التي وصفها الصحابة فقد رآه حقا، ونضرب على ذلك مثالا فمن من رأى إنسان حليقا نقول له هل كان النبي صلى الله عليه وسلم حليقا؟ بالطبع لا، إذن الإجابة أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بصفاته التي وصفه بها الصحابة رضي الله عنهم، وإنما رأى حلما من الشيطان.





عدد المشـاهدات: 323














جميع حقوق النشر محفوظة - جريدة الأنباء © 2010