- إنضم
- 24 مارس 2023
- المشاركات
- 605
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
مراجعة لكتاب أساليب نبوية في التربية والتعليم
الكاتب هو إبراهيم بن صالح الدحيم وقد تناول في مقدمته كون سبب نهوض الأمة هو صحة التعليم وجودة التربية حيث قال :
"نهوض الأمة ورقيها معقود بصحة التعليم وجودة التربية، والمناهج الأرضية وطرائق البشر مهما أوتيت من قوة واجتمع لديها من خبرة فإنها تقف عاجزة عن تحقيق الكمالات، وعن التناغم مع الفطرة السوية، والسبب هو أن هذه المناهج لا تخلو من هوىً بشريٍ جهول، أو نظرةٍ ضيقةٍ محدودةٍ مع ضعفٍ في الشعور الداخلي الصادق ـ المراقبة ـ الذي هو بلا شك مؤثرٌ كبيرٌ على سير العمل التعليمي والتربوي"
وبالقطع سبب النهوض هو تغيير الأمة للأحسن في كل المجالات كما قال سبحانه :
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
وتناول أسباب التفكير في الأساليب النبوية في التربية والتعليم حيث قال :
"ولذا فإن من المهم ـ والمهم جداً ـ إدامة النظر والتأمل في الأساليب النبوية في التربية والتعليم وذلك لأمور:
أولاً: أن الله بعث نبيه محمداً (ص)معلماً ومزكياً، ومبشراً ونذيراً {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فعن جابر بن عبد الله أن النبي (ص)قال: «إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً» فالحكمة مِنْ بَعْث النبي (ص)أن يعلِّم الناس، ولذا كانت حياته (ص)كلها تربية وتعليم، مما يجعلها غنية جداً بالأساليب التربوية والتعليمية.
ثانياً: أن النبي (ص)أوتي الكمال البشري، وعُصم من الخطأ الذي يقدح في تبليغه للدعوة ... لقد أعطي النبي (ص)ـ مع أميته ـ علماً لا يدانيه فيه أحد من البشر (ص){وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} "
والغلط الأول إتيان النبى(ص) الكمال البشرى وهو ما يخالف عدم وجود نص في هذا بل النصوص الموجودة تدل على أنه بشر فيه نقص ككل البشر مثل :
" قل إنما أنا بشر مثلكم"
والغلط الثانى عصمته من الخطأ وهو ما يخالف وجوب استغفاره لأخطائه وهى ذنوبه قبل فتح مكة وبعدها قبل قال سبحانه:
"إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "
وقال:
"ثالثاً: لأن النبي (ص)مرّ بمختلف الظروف والأحوال التي يمكن أن يمر بها معلم أو مربٍّ في أي زمانٍ ومكان؛ فما من حالة يمر بها المربي أو المعلم إلا ويجدها نفسها أو مثلها أو شبهها أو قريباً منها في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-. ...
إن الذي ينظر إلى الجاهلية قبل الإسلام، وكيف أنها كانت تعيش انتكاسة في الفطرة والعقيدة والأخلاق، لَيرى كم هو الدور الكبير الذي قام به النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث أحدث نقلة ضخمة في زمن قياسي. يقول «كارليل» وهو يقارن بين حال العرب قبل البعثة وبعدها: «هم قوم يضربون في الصحراء، لا يؤبه لهم عدَّة قرون؛ فلما جاءهم النبي العربي، أصبحوا قبلة الأنظار في العلوم والعرفان، وكثروا بعد القلة، وعزوا بعد الذلة، ولم يمض قرن حتى استضاءت أطراف الأرض بعقولهم وعلومهم»"
وهذا الكلام عن تأثير النبى(ص) في الناس هو ضرب من الوهم فما هو إلا داعية إلى الله وأما الأثر فيعود لمن آمن أو لمن كفر كما قال سبحانه:
"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
ولو كان له تأثير لهدى من أحبهم مؤثرا فيه ولكنهم لم يهتدوا لأن الهداية والضلال راجعة للنفس وليس للداعية كما قال سبحانه:
"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وقال أيضا:
"رابعاً: وجود دعوات ضالة كانت ولا زالت تنادي بضرورة نقل أسلوب التعليم والتربية من الغرب العلماني أو الياباني الوثني دون نظرٍ إلى المبادئ والقيم والثوابت الشرعية. إننا قد نستفيد منهم في بعض الوسائل والطرائق ـ في توصيل المعلومة مثلاً والتي اعتمدوا فيها على تجارب ودراسات وجهود مضنية وافقوا فيها الصواب في أحيانٍ كثيرة - أما أن نأخذ ما نزاحم به ثوابتنا وقيمنا فلا يصح أن نختلف في رده والوقوف أمامه. ..."
والحديث عن الأخذ من أمم الكفر هو ضرب من الوهم فلا حاجة للمسلمين أن يأخذوا منهم أى شىء لأن كتاب الله فيه حكم كل شىء كما قال سبحانه:
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتناول وجود سمات ثابتة وسمات متحركة في حياة النبى (ص) حيث قال:
"تنبيه: حين نريد أن نقف على المنهج النبوي الصحيح في التربية والتعليم فلا بد أن نفرق بين السمات الثابتة في حياته -صلى الله عليه وسلم-، وبين السمات التي تستدعيها حالات معينة توجب نوعية معينة من التعامل، وإليك بعض الأمثلة توضح ذلك:
- (الرفق واللين والرحمة) سمات ثابتة في الهدي النبوي لا تكاد تفتقدها وأنت تطالع السيرة؛ كيف لا وقد أنزل الله قوله ـ تعالى ـ: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}
بينما تجد - الشدة، الزجر - تكون أموراً عارضة لأحوال عارضة ناسب أن يتعامل معها النبي (ص)بمثل هذا الأسلوب."
هذا كلام مخالف لكتاب الله فاللين والرحمة ثابتة مثلها مثل الشدة فالرحمة مع المؤمنين والشدة مع الكفار كلاهما ثابت كما قال سبحانه:
" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم "
وقال أيضا:
"- مثال آخر (الجدية، والعمل) سمة ثابتة في المنهج النبوي بينا ترى ـ المزاح، والترويح ـ وإن وُجدا في أمثلة متعددة في السنة والسيرة النبوية فإنها مع ذلك لا تزال محدودةً لا تستدعي تحويل المنهج التربوي إلى منهجٍ هزلي هزيل يعتمد على الفكاهة واللعب."
وهنا نفس الغلط فالجدية والترويحية كلاهما ثابت مع أنهما ألفاظ لا علاقة لها بكتاب الله ومكانهما طاعة الله في كل شىء
وذكر الكاتب من الأساليب النبوية التى لا يقدر على الاحاطة بها البعض حيث قال :
"إن المتأمل في هدي النبي (ص)وسيرته يرى كثرة الوسائل والأساليب التي انتهجها (ص)في تعليمه للأمة وتربيته لها، وإن الإحاطة بكل ذلك قد لا يكون ممكناً ولا مناسباً في مثل هذه العجالة، ولكني أقف مع بعض هذه الأساليب النبوية التي أرى الحاجة ماسة إلى التنبيه عليها:
أولاً: الحفاوة والترحيب وحسن الاستقبال:
أحياناً نتعامل مع المتعلم والمدعو والمتربي على أننا أصحاب منَّةٍ عليه وتفضل، ولذا نرى أنه لا حاجة إلى القيام بشيء من الترحيب والحفاوة وحسن الاستقبال، بل قد نعتبر مجرد قبولنا له كافياً في الإكرام، وربما يشعر الأب والمربي أياً كان أن الحق له؛ فهو يطالب المتربي به. ..ولقد كان من يقابل النبي (ص)ولو لأول وهلة يجد عنده من الحفاوة والترحيب وحسن الاستقبال ما يجعل النفوس تنجذب إليه وتأنس بحديثه.
جاء صفوان بن عسال إلى النبي (ص)فقال: يا رسول الله! إني جئت أطلب العلم فقال له النبي (ص)«مرحباً بطالب العلم؛ إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم على بعض حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب...».
- وعن أبي رفاعة قال: «انتهيت إلى النبي (ص)وهو يخطب، قال: فقلت: يا رسول الله! رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسول الله وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأُتي بكرسيٍّ حسبت قوائمه حديداً قال: فقعد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها»
عجيب والله! يوقف الخطبة، ويجلس للمتعلم! أي تكريم فوق هذا وأي حفاوة - ولقد كان النبي (ص)يستقبل الوفود ويحسن وفادتهم، ويتخذ لذلك لباساً خاصاً وخطيباً يخطب بين يديه إشعاراً منه بمزيد الاهتمام بهم؛ فلما أتى وفد عبد القيس رحب بهم -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «مرحباً بالقوم غير خزايا ولا ندامى..» ولما قدم الأشعريون أهل اليمن قال النبي (ص)«أتاكم أهل اليمن هم أرقُّ أفئدة، وألين قلوباً، الإيمان يمان، والحكمة يمانية» وروي في وفادة وائل بن حجر على النبي (ص)أن النبي (ص)بشر به أصحابه قبل قدومه، فقال: يأتيكم بقية أبناء الملوك. فلما دخل رحب به، وأدناه من نفسه وقرب مجلسه وبسط له رداءه، وقال: اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده» وقدم وفد عبس على النبي (ص)وكانوا تسعة، فقال النبي (ص)أنا عاشركم. وعقد لهم لواءً وجعل شعارهم «يا عشرة».
وكلام الرجل عن حسن استقبال النبى(ص) للناس والحفاوة بهم هو شىء تعود عليه ولكن هذا لا يمنع كونه بشر فلم يرحب بالأعمى الذى آتاه كى يهتدى حتى عاتبه الله فيه قال :
" عبس وتولى أن جاءه الأعمى "
فكما سبق النبى(ص) بشر ومعرض لأن يخطىء وكذلك أى معلم والروايات التى استشهد بها ظاهرة البطلان فالملائكة لا تنزل فتضع أجنحتها على الأرض لطالب العلم لأنها في السماء تخاف من النزول للأرض لعدم اطمئنانها كما قال سبحانه:
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
وحكاية إيقاف تعليم الجمع لتعليم واحد لا تتناسب مع عقل النبى(ص) وأنه يرتب الأولويات
وكذلك رواية بقايا أبناء الملوك فلا يوجد ملوك في الإسلام بالوضعية المعروفة وإنما الملوك فيه كل الناس كما قال سبحانه في بنى إسرائيل:
" وجعلكم ملوكا"
بمعنى أن كل واحد متحكم في نفسه بحكم الله
وقال أيضا:
" ثانياً: الرفق والرحمة وحسن التأني:
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}
لقد جعل النبي (ص)الرفق سبباً من أسباب الكمال والنجاح؛ فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله (ص)«يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»وفي حديث جرير بن عبد الله عن رسول الله (ص)قال: «من حُرِمَ الرفق حُرِمَ الخير»"
على هذه القاعدة العظيمة في التعامل (الرفق والرحمة) كان تعامل النبي (ص)مع أصحابه؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أُعَلِّمُكُم؛ فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها...» "
وحكاية الوالدية في الرواية نفاها الله بقوله :
" ما كان محمد ابا أحد من رجالكم"
وإنما أثبت البشرية والاخوة فقال:
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى"
وقال أيضا:
"فتأمل كيف ابتدأ النبي (ص)بهذا ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله (ص)رحيماً رفيقاً؛ فلما ظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا، سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلِّموهم»
وتتأكد الحاجة إلى الرفق والرحمة عند وقوع الخطأ غير المتعمد؛ لأن النفوس أحياناً قد يستثيرها الخطأ فتنسى التعامل معه بالرحمة والرفق، وتميل بقوةٍ إلى الردع والتأديب؛ فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: «بينا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ عطس رجُلٌ من القوم، فقلت: رحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكل أمِّيَاه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم؛ فلما صلى رسول الله (ص)فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه؛ فوالله ما نهرني ولا ضربني، ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن»
وعن أنس قال: جاء أعرابي، فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما قضى بوله أمر النبي (ص)بذَنوب من ماء فأُهريق عليه» وفي رواية: فقال له رسول الله (ص)«إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر؛ إنما هي لذكر الله ـ عزَّ وجل ـ والصلاة وقراءة القرآن»"
وقال أيضا:
" ثالثاً: الثناء والتشجيع:
الثناء والتشجيع وتسليط الضوء على مكامن الكمال في النفس البشرية والإشادة بها منهج نبوي كريم، يراد منه بعث النفس على الزيادة، وإثارة النفوس الأخرى نحو الإبداع والمنافسة، وهو مشروط بأن يكون حقاً، وأن يُؤمَن جانب الممدوح، وأن يكون بالقدر الذي يحقق الهدف.
- عن أبي هريرة قال: يا رسول الله! مَنْ أسعد الناس يوم القيامة؟ قال رسول الله (ص)«لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك، لِمَا رأيت من حرصك على الحديث....»
الكاتب هو إبراهيم بن صالح الدحيم وقد تناول في مقدمته كون سبب نهوض الأمة هو صحة التعليم وجودة التربية حيث قال :
"نهوض الأمة ورقيها معقود بصحة التعليم وجودة التربية، والمناهج الأرضية وطرائق البشر مهما أوتيت من قوة واجتمع لديها من خبرة فإنها تقف عاجزة عن تحقيق الكمالات، وعن التناغم مع الفطرة السوية، والسبب هو أن هذه المناهج لا تخلو من هوىً بشريٍ جهول، أو نظرةٍ ضيقةٍ محدودةٍ مع ضعفٍ في الشعور الداخلي الصادق ـ المراقبة ـ الذي هو بلا شك مؤثرٌ كبيرٌ على سير العمل التعليمي والتربوي"
وبالقطع سبب النهوض هو تغيير الأمة للأحسن في كل المجالات كما قال سبحانه :
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
وتناول أسباب التفكير في الأساليب النبوية في التربية والتعليم حيث قال :
"ولذا فإن من المهم ـ والمهم جداً ـ إدامة النظر والتأمل في الأساليب النبوية في التربية والتعليم وذلك لأمور:
أولاً: أن الله بعث نبيه محمداً (ص)معلماً ومزكياً، ومبشراً ونذيراً {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فعن جابر بن عبد الله أن النبي (ص)قال: «إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً» فالحكمة مِنْ بَعْث النبي (ص)أن يعلِّم الناس، ولذا كانت حياته (ص)كلها تربية وتعليم، مما يجعلها غنية جداً بالأساليب التربوية والتعليمية.
ثانياً: أن النبي (ص)أوتي الكمال البشري، وعُصم من الخطأ الذي يقدح في تبليغه للدعوة ... لقد أعطي النبي (ص)ـ مع أميته ـ علماً لا يدانيه فيه أحد من البشر (ص){وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} "
والغلط الأول إتيان النبى(ص) الكمال البشرى وهو ما يخالف عدم وجود نص في هذا بل النصوص الموجودة تدل على أنه بشر فيه نقص ككل البشر مثل :
" قل إنما أنا بشر مثلكم"
والغلط الثانى عصمته من الخطأ وهو ما يخالف وجوب استغفاره لأخطائه وهى ذنوبه قبل فتح مكة وبعدها قبل قال سبحانه:
"إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "
وقال:
"ثالثاً: لأن النبي (ص)مرّ بمختلف الظروف والأحوال التي يمكن أن يمر بها معلم أو مربٍّ في أي زمانٍ ومكان؛ فما من حالة يمر بها المربي أو المعلم إلا ويجدها نفسها أو مثلها أو شبهها أو قريباً منها في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-. ...
إن الذي ينظر إلى الجاهلية قبل الإسلام، وكيف أنها كانت تعيش انتكاسة في الفطرة والعقيدة والأخلاق، لَيرى كم هو الدور الكبير الذي قام به النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث أحدث نقلة ضخمة في زمن قياسي. يقول «كارليل» وهو يقارن بين حال العرب قبل البعثة وبعدها: «هم قوم يضربون في الصحراء، لا يؤبه لهم عدَّة قرون؛ فلما جاءهم النبي العربي، أصبحوا قبلة الأنظار في العلوم والعرفان، وكثروا بعد القلة، وعزوا بعد الذلة، ولم يمض قرن حتى استضاءت أطراف الأرض بعقولهم وعلومهم»"
وهذا الكلام عن تأثير النبى(ص) في الناس هو ضرب من الوهم فما هو إلا داعية إلى الله وأما الأثر فيعود لمن آمن أو لمن كفر كما قال سبحانه:
"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
ولو كان له تأثير لهدى من أحبهم مؤثرا فيه ولكنهم لم يهتدوا لأن الهداية والضلال راجعة للنفس وليس للداعية كما قال سبحانه:
"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وقال أيضا:
"رابعاً: وجود دعوات ضالة كانت ولا زالت تنادي بضرورة نقل أسلوب التعليم والتربية من الغرب العلماني أو الياباني الوثني دون نظرٍ إلى المبادئ والقيم والثوابت الشرعية. إننا قد نستفيد منهم في بعض الوسائل والطرائق ـ في توصيل المعلومة مثلاً والتي اعتمدوا فيها على تجارب ودراسات وجهود مضنية وافقوا فيها الصواب في أحيانٍ كثيرة - أما أن نأخذ ما نزاحم به ثوابتنا وقيمنا فلا يصح أن نختلف في رده والوقوف أمامه. ..."
والحديث عن الأخذ من أمم الكفر هو ضرب من الوهم فلا حاجة للمسلمين أن يأخذوا منهم أى شىء لأن كتاب الله فيه حكم كل شىء كما قال سبحانه:
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتناول وجود سمات ثابتة وسمات متحركة في حياة النبى (ص) حيث قال:
"تنبيه: حين نريد أن نقف على المنهج النبوي الصحيح في التربية والتعليم فلا بد أن نفرق بين السمات الثابتة في حياته -صلى الله عليه وسلم-، وبين السمات التي تستدعيها حالات معينة توجب نوعية معينة من التعامل، وإليك بعض الأمثلة توضح ذلك:
- (الرفق واللين والرحمة) سمات ثابتة في الهدي النبوي لا تكاد تفتقدها وأنت تطالع السيرة؛ كيف لا وقد أنزل الله قوله ـ تعالى ـ: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}
بينما تجد - الشدة، الزجر - تكون أموراً عارضة لأحوال عارضة ناسب أن يتعامل معها النبي (ص)بمثل هذا الأسلوب."
هذا كلام مخالف لكتاب الله فاللين والرحمة ثابتة مثلها مثل الشدة فالرحمة مع المؤمنين والشدة مع الكفار كلاهما ثابت كما قال سبحانه:
" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم "
وقال أيضا:
"- مثال آخر (الجدية، والعمل) سمة ثابتة في المنهج النبوي بينا ترى ـ المزاح، والترويح ـ وإن وُجدا في أمثلة متعددة في السنة والسيرة النبوية فإنها مع ذلك لا تزال محدودةً لا تستدعي تحويل المنهج التربوي إلى منهجٍ هزلي هزيل يعتمد على الفكاهة واللعب."
وهنا نفس الغلط فالجدية والترويحية كلاهما ثابت مع أنهما ألفاظ لا علاقة لها بكتاب الله ومكانهما طاعة الله في كل شىء
وذكر الكاتب من الأساليب النبوية التى لا يقدر على الاحاطة بها البعض حيث قال :
"إن المتأمل في هدي النبي (ص)وسيرته يرى كثرة الوسائل والأساليب التي انتهجها (ص)في تعليمه للأمة وتربيته لها، وإن الإحاطة بكل ذلك قد لا يكون ممكناً ولا مناسباً في مثل هذه العجالة، ولكني أقف مع بعض هذه الأساليب النبوية التي أرى الحاجة ماسة إلى التنبيه عليها:
أولاً: الحفاوة والترحيب وحسن الاستقبال:
أحياناً نتعامل مع المتعلم والمدعو والمتربي على أننا أصحاب منَّةٍ عليه وتفضل، ولذا نرى أنه لا حاجة إلى القيام بشيء من الترحيب والحفاوة وحسن الاستقبال، بل قد نعتبر مجرد قبولنا له كافياً في الإكرام، وربما يشعر الأب والمربي أياً كان أن الحق له؛ فهو يطالب المتربي به. ..ولقد كان من يقابل النبي (ص)ولو لأول وهلة يجد عنده من الحفاوة والترحيب وحسن الاستقبال ما يجعل النفوس تنجذب إليه وتأنس بحديثه.
جاء صفوان بن عسال إلى النبي (ص)فقال: يا رسول الله! إني جئت أطلب العلم فقال له النبي (ص)«مرحباً بطالب العلم؛ إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم على بعض حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب...».
- وعن أبي رفاعة قال: «انتهيت إلى النبي (ص)وهو يخطب، قال: فقلت: يا رسول الله! رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسول الله وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأُتي بكرسيٍّ حسبت قوائمه حديداً قال: فقعد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها»
عجيب والله! يوقف الخطبة، ويجلس للمتعلم! أي تكريم فوق هذا وأي حفاوة - ولقد كان النبي (ص)يستقبل الوفود ويحسن وفادتهم، ويتخذ لذلك لباساً خاصاً وخطيباً يخطب بين يديه إشعاراً منه بمزيد الاهتمام بهم؛ فلما أتى وفد عبد القيس رحب بهم -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «مرحباً بالقوم غير خزايا ولا ندامى..» ولما قدم الأشعريون أهل اليمن قال النبي (ص)«أتاكم أهل اليمن هم أرقُّ أفئدة، وألين قلوباً، الإيمان يمان، والحكمة يمانية» وروي في وفادة وائل بن حجر على النبي (ص)أن النبي (ص)بشر به أصحابه قبل قدومه، فقال: يأتيكم بقية أبناء الملوك. فلما دخل رحب به، وأدناه من نفسه وقرب مجلسه وبسط له رداءه، وقال: اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده» وقدم وفد عبس على النبي (ص)وكانوا تسعة، فقال النبي (ص)أنا عاشركم. وعقد لهم لواءً وجعل شعارهم «يا عشرة».
وكلام الرجل عن حسن استقبال النبى(ص) للناس والحفاوة بهم هو شىء تعود عليه ولكن هذا لا يمنع كونه بشر فلم يرحب بالأعمى الذى آتاه كى يهتدى حتى عاتبه الله فيه قال :
" عبس وتولى أن جاءه الأعمى "
فكما سبق النبى(ص) بشر ومعرض لأن يخطىء وكذلك أى معلم والروايات التى استشهد بها ظاهرة البطلان فالملائكة لا تنزل فتضع أجنحتها على الأرض لطالب العلم لأنها في السماء تخاف من النزول للأرض لعدم اطمئنانها كما قال سبحانه:
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
وحكاية إيقاف تعليم الجمع لتعليم واحد لا تتناسب مع عقل النبى(ص) وأنه يرتب الأولويات
وكذلك رواية بقايا أبناء الملوك فلا يوجد ملوك في الإسلام بالوضعية المعروفة وإنما الملوك فيه كل الناس كما قال سبحانه في بنى إسرائيل:
" وجعلكم ملوكا"
بمعنى أن كل واحد متحكم في نفسه بحكم الله
وقال أيضا:
" ثانياً: الرفق والرحمة وحسن التأني:
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}
لقد جعل النبي (ص)الرفق سبباً من أسباب الكمال والنجاح؛ فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله (ص)«يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»وفي حديث جرير بن عبد الله عن رسول الله (ص)قال: «من حُرِمَ الرفق حُرِمَ الخير»"
على هذه القاعدة العظيمة في التعامل (الرفق والرحمة) كان تعامل النبي (ص)مع أصحابه؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أُعَلِّمُكُم؛ فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها...» "
وحكاية الوالدية في الرواية نفاها الله بقوله :
" ما كان محمد ابا أحد من رجالكم"
وإنما أثبت البشرية والاخوة فقال:
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى"
وقال أيضا:
"فتأمل كيف ابتدأ النبي (ص)بهذا ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله (ص)رحيماً رفيقاً؛ فلما ظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا، سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلِّموهم»
وتتأكد الحاجة إلى الرفق والرحمة عند وقوع الخطأ غير المتعمد؛ لأن النفوس أحياناً قد يستثيرها الخطأ فتنسى التعامل معه بالرحمة والرفق، وتميل بقوةٍ إلى الردع والتأديب؛ فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: «بينا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ عطس رجُلٌ من القوم، فقلت: رحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكل أمِّيَاه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم؛ فلما صلى رسول الله (ص)فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه؛ فوالله ما نهرني ولا ضربني، ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن»
وعن أنس قال: جاء أعرابي، فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما قضى بوله أمر النبي (ص)بذَنوب من ماء فأُهريق عليه» وفي رواية: فقال له رسول الله (ص)«إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر؛ إنما هي لذكر الله ـ عزَّ وجل ـ والصلاة وقراءة القرآن»"
وقال أيضا:
" ثالثاً: الثناء والتشجيع:
الثناء والتشجيع وتسليط الضوء على مكامن الكمال في النفس البشرية والإشادة بها منهج نبوي كريم، يراد منه بعث النفس على الزيادة، وإثارة النفوس الأخرى نحو الإبداع والمنافسة، وهو مشروط بأن يكون حقاً، وأن يُؤمَن جانب الممدوح، وأن يكون بالقدر الذي يحقق الهدف.
- عن أبي هريرة قال: يا رسول الله! مَنْ أسعد الناس يوم القيامة؟ قال رسول الله (ص)«لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك، لِمَا رأيت من حرصك على الحديث....»