الحمدلله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
للهموم وجوه كثيرة أسوأها الوقوف عند حافة اليأس و فقدان الأمل
وفي الآونة الأخيرة زار قلبي ضيف ثقيل لا يكاد يبرح مقامه فقد ابتليت بأمر
أرهقني فالغم لازمني و الحزن صاحبني و الهم أحرق مقلتي و الدمع أغرقني
الفرح إن حضر يوما غاب بقية أيامي, القلب بحرارة يشتكي
و ينادي الذي أهمني و لكن لا حياة لمن ينادي فبقي الألم يواسيني
و الظلام يحضنني
نظرت للسماء شاكيا همي ألتمس رؤية الحمام لكني وجدتها مليئة بالغمام
كأنها محملة بالغموم و كافة أنواع الهموم
و نظرت للأرض باكيا قلبي وجدت الحب فيها سرابا
و القلوب مملوءة حقدا و عذابا
فقدت ما أريد و أقام في قلبي كل هم كئيب و فقدت الكنز الثمين
و كدت أفقد اليقين إلا أني رفضت الإنكسار و وجهت وجهي للعزيز الغفار
له الحمد و الثناء مقتديا بالأنبياء
فتحت المصحف فسبحان الله وقع بصري على الآية:
"وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" هاج قلبي و ضج
و أحسست بأن الخطاب موجه لي:
"يا أيها المهموم الكسير يا أيها المغموم الحسير...
يا أسير الحزن أبشر ثم أبشر ثم أبشر فما ودعك ربك...
إذا غطى ظلمة الحزن بجلبابه نهارك و أطبق الغم بجناحيه عالمك فلسوف نعطيك و نرضيك...
إن عصفت بك عواصف الهم و زلزل قلبك الغم و أغرقك أمواج الحزن
و اجتمعت عليك المصائب و نوائب الدهر
و كثر عليك المصاعب فاهتف باسم رب المشارق و المغارب
و سيزول كل تلك المتاعب... إن ضاق صدرك بالهموم
و الغموم فاهتف يا حي يا قيوم فسترضى بالمقسوم...
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
يا عبدالعزيز ربك أعلم بك منك و أعلم بمصابك و بلواك
و يعلم متقلبك و مثواك و مأواك و يسمع دعائك و نجواك
إذا ألم البلوى قصم ظهرك و أوهن جسمك فسيكشف غمك
و ينقض ظهرك... إن داهمك أمر عظيم سيكفيك ربك العظيم...
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
إن باعدك الأصحاب فرب الأرباب أدناك و اختارك من خلقه و ابتلاك
إن لم ينفعك الأقارب و الأنساب و تقطعت بك الأسباب فما ودعك ربك و ما قلاك
إن فقدت عزيز و إن فارقك حبيب فنحن منك قريب
و أقرب من حبل الوريد.
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
إذا الهم طغى و بغى و كل من صاحب رجوته اتبع هواه فهوى و غوى
و ودعك و قلى و لم تعرف كيف تستقيم على طريقتك الأولى
و الفرح اختفى و تولى فاذكر شديد القوى محيى الموتى الذي أنشأك النشأة الأولى
فهو قادر على أن يعيدك سيرتك الأولى
إن وجدك عبدا إذا ذكر ربه صلى و نهى النفس عن الهوى
و كان على الهدى...
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
إن ابتليت بمصيبة تحل النقم و ذنوب تغير النعم و حرمان ورث الندم
و إن زللت للحصول على مريدك و ذكرتنا فنحن نغفر الزلة
ونضع عنك وزرك و إن أذلك مريدك فنحن نجبر تلك الذلة
و ننقض ظهرك و نشرح صدرك و نرفع لك ذكرك
إن همت نفسك بالمعصية و ابتليت بارتكاب السيئة فأكرمناك بفعل الحسنة
و محونا عنك الخطيئة...
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
إن كنت في أمرك في حيرة عمياء و أذن الآخرين عن سماعك صماء
و أصابتك الضراء فاعلم أن ربك يسمع و يرى
و لسوف يعطيك ربك فترضى وليذيقنك نعماء بعد ضراء
إن لم يفهمك إلا القلة فسنجعلهم لك نعم الخلة و لسوف نعطيك
و نرضيك ألم نجنبك فعل الرذيلة و أكرمناك بالأخلاق الكريمة الفضيلة!؟
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى