مقتطفات من صيد الخاطر ( متجدد بإذن الله )

إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله حمداً يبلغ رضاه , وصلى الله على أشرف من اجتباه , وعلى من صاحبه ووالاه , وسلم تسليماً لا يدرك منتهاه .
حيا الله أخواتي الحبيبات
بين يدي كتاب قيم للغاية فيه من الفوائد الكثير الكثير استمتع حاليا بقراءته فأحببت أن تشاركني أخياتي لذة القراءة
( صيد الخاطر ) لابن الجوزي رحمه الله
كتاب عجيب للغايه لا يُمل من قراءته وسبحان الله كم بيننا وبين ابن الجوزي من الأزمان ومازال كتابه حاضراُ بيننا
سأضع بمشيئة الله تعالى مقتطفات من الكتاب وسيكون الموضوع متجددا بإذن الله

،،،

اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
اللهم اجعل ما اسطره هنا من مقتطفات من هذا الكتاب من العلم الذي يُنتفع به يصلني أجره يوم أن ألقاك يا الله وأُوسد في لحدي وحدي
اللهم امحو به وزري وارفع به درجتي وتجاوز به عني يا حسن التجاوز
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
( ابن الجوزي )

هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي التيمي البكري المعروف بابن الجوزي

الحافظ , المفسر , الفقيه , الواعظ , الأديب , شيخ وقته , وإمام عصره .

ولد ببغداد سنة 508 هـ أو 510 هـ

برع في فن الوعظ وهو ابن عشرين سنه فأسال الدموع من العيون ورقق أقسى القلوب وأمال أعتى العقول

توفي البن الجوزي في بغداد ليلة الجمعه بين العشاءين في الثاني عشر من شهر رمضان سنة 597 هـ وغُسل وقت السحر وحملت جنازته على رؤوس الناس وكان الجمع كثيرا جدا

كان يوما مشهودا . حتى قيل : أن الناس أفطروا من شدة الزحام ووقدة الحر وما وصل إلى حفرته إلا وقت صلاة الجمعه .



 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ في فضيلة التبصر في العواقب ]




من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها , نال خيرها , ونجا من شرها ومن لم ير العواقب غلب عليه الحس , فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة وبالنّصَب ما رجا منه الراحة .




وبيان هذا في المستقبل , يتبين بذكر الماضي , وهو أنك لا تخلو , أن تكون عصيت الله في عمرك أو أطعته . فأين لذة معصيتك ؟ وأين تعب طاعتك ؟ هيهات رحل كلٌ بما فيه ! فليت الذنوب إذ تخلت خلت !




وأزيدك في هذا بياناً مثل ساعة الموت , وانظر إلى مرارة الحسرات على التفريط , ولا أقول كيف تغلب حلاوة اللذات , لأن حلاوة اللذات استحالت حنظلاً , فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم , أتراك ما علمت أن الأمر بعواقبه ؟ فراقب العواقب تسلم , ولا تمل مع هوى الحس فتندم .
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ في أعظم العقوبة عدم الإحساس بفداحة الذنب ]

أعظم المعاقبة ألا يحس المعاقب بالعقوبة , وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة , كالفرح بالمال الحرام , والتمكن من الذنوب . ومن هذه حاله لا يفوز بطاعة .

وإني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين فرأيتهم في عقوبات لا يحسون بها , ومعظمها من قِبل طلبهم للرياسة . فالعالم منهم , يغضب إن رُدّ عليه خطؤه , والواعظ متصنع بوعظه و المتزهد منافق أو مراء . فأول عقوباتهم , إعراضهم عن الحق شغلاً بالخلق . ومن خفيّ عقوباتهم , سلب حلاوة المناجاة , ولذة التعبد .

إلا رجال مؤمنون , ونساء مؤمنات , يحفظ الله بهم الأرض , بواطنهم كظواهرهم , بل أجلى , وسرائرهم كعلانيتهم , بل أحلى , وهممهم عند الثريا , بل أعلى . إن عرِفُوا تنكروا , وإن رئيت لهم كرامة , أنكروا , فالناس في غفلاتهم وهم في قطع فلاتهم , تحبهم بقاع الأرض , وتفرح بهم أملاك السماء , نسأل الله عز وجل التوفيق لإتباعهم , وأن يجعلنا من أتباعهم .

فصل [ اغتنام الوقت في التحصيل ]

ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه , وقدر وقته , فلا يضيع منه لحظة في غير قربة . ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل . ولتكن نيته في الخير قائمة , من غير فتور , ربما لا يعجز عن البدن من العمل , كما جاء في الحديث : ( نية المؤمن خيرٌ من عمله ) وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات . فنقل عن عامر ابن عبد قيس أن رجلاً قال له : ( كلمني , فقال له : ( أمسك الشمس ) . وقال ابن ثابت البناني : ذهبت ألقن أبي , فقال : ( يا بني دعني , فإني في وردي السادس ) .

ودخلوا على بعض السلف عند موته , وهو يصلي , فقيل له , فقال : ( الآن تطوى صحيفيتي ) .

فإذا علم الإنسان – وإن بالغ في الجد – بأن الموت يقطعه عن العمل , عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته , فإن كان له شيء من الدنيا وقف وقفاً , وغرس غرساً , وأجرى نهراً , ويسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده , فيكون الأجر له , أو أن يصنف كتاباً من العلم , فإن مُصنّف العالم ولده المخلد , وأن يكون عاملاً بالخير , عالماً فيه , فينقل من فعله ما يقتدي الغير به . فذلك الذي لم يمت .

فما قوم بأمواتٍ وهم في الناس أحيـاءُ .

 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ صلاح القلب بالعزلة والفكر والعلم ]

تأملت أمر الدنيا والآخرة , فوجدت حوادث الدنيا حسية طبعية , وحوادث الآخرة إيمانية يقينية , والحسيات أقوى جذباً لمن لم يقو علمه ويقينه .
والحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها , فمخالطة الناس , ورؤية المستحسنات والتعرض بالملذوذات , يقوي حوادث الحس , والعزلة , والفكر , والنظر في العلم , يقوي حوادث الآخرة .


ويبين هذا بأن الإنسان إذا خرج في الأسواق , ويبصر زينة الدنيا , ثم دخل إلى المقابر , ففكر ورقّ قلبه , فإنه يحس بين الحالتين فرقاً بيناً . وسبب ذلك , التعرض بأسباب الحوادث .

فعليك بالعزلة والذكر والنظر في العلم , فإن العزلة حمية , والفكر والعلم أدوية , والدواء مع التخليط لا ينفع . وقد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق , والتخليط في الأفعال فليس لك دواء إلا ما وصفت لك . فأما إذا خالطت الخلق وتعرضت للشهوات , ثم رمت صلاح القلب رمت الممتنع .

فصل [ يكشف الله السرائر ]

نظرت في الإدلة على الحق سبحانه وتعالى فوجدتها أكثر من الرمل , ورأيت من أعجبها أن الإنسان قد يُخفي ما لايرضاه الله عز وجل , فيظهره الله سبحانه عليه ولو بعد حين , وينطق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس .

وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق , فيكون جواباً لكل ما أخفى من الذنوب , وذلك ليعلم الناس أن هنالك من يُجازي على الزلل , ولا ينفع من قدره وقدرته حجاب ولا استتار , ولا يصاغ لديه عمل .

وكذلك يخفي الإنسان الطاعة فتظهر عليه , ويتحدث الناس بها وبأكثر منها , حتى إنهم لا يعرفون له ذنباً ولا يذكرونه إلا بالمحاسن , ليعلم أن هنالك رباً لا يُضيع عمل عامل .

وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه , أو تأباه وتذمه , أو تمدحه وفق ما يتحقق بينه وبين الله تعالى , فإنه يكفيه كل همّ , ويدفع عنه كل شر . وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق دون أن ينظر الحق , وإلا انعكس مقصوده وعاد حامده ذامّاً

 

مهااا ~

New member
إنضم
22 أبريل 2010
المشاركات
85
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
" تآآيهـه " مابه أحد ويآآآيّ .~
.

الكتاب هذا بجد متميّز .. ومن أفضل الكتب " بوجهه نظري "

وأنا حاليّـا ً أقراه ..

سلمت يمناك أختي

وعسى ربي يرزقك بـ الفردوس الأعلى ..

أنصح الجميع بـ قراءته ~

شكرا ً أختي
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
جزاكِ الله خيرا يا حبيبة
فعلا كتاب قيم جداا
أسال الله ان ينفعنا به
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ كيف يتلقى المؤمن البلايا ]

من نزلت به بلية , فأراد تمحيقها , فليتصورها أكثر مما هي عليه تَهُن . وليتخايل ثوابها , وليتوهم نزول أعظم منها , يرى الربح في الاقتصار عليها وليتلمح سرعة زوالها , فإنه لولا كرب الشدة ما رجيت ساعات الراحة . وليعلم أن مدة مقامها عنده كمدة مقام الضيف , فليتفقد حوائجه في كل لحظة , فيا سرعة انقضاء مقامه , ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل , ووصف المضيف بالكرم .

فكذلك المؤمن في الشدة ينبغي أن يراعي الساعات , ويتفقد فيها أحوال النفس , ويتلمح الجوارح , مخافة أن يبدو من اللسان كلمة , أو من القلب تسخط . فكأن قد لاح فجر الأجر , فانجاب ليل البلاء , ومدح الساري بقطع الدجى , فما طلعت شمس الجزاء , إلا وقد وصل إلى منزل السلامة .


فصل [ الإنسان بحاجة إلى رحمة الله دوماً ]

لما تلمحت تدبير الصانع في سوق رزقي , بتسخير السحاب , وإنزال المطر برفق , والبذر دفين تحت الأرض , كالموتى , قد عفن ينتظر نفخة من صور الحياة , فإذا اصابته اهتز خضراً .

وإذا انقطع عنه الماء مدّ يد الطلب يستعطي , وأمال رأسه خاضعاً , ولبس حلل التغير , فهو محتاج إلى ما أنا محتاج إليه من حرارة الشمس , وبرودة الماء ولطف النسيم , وتربية الأرض , فسبحان من أراني – فيما يربّيني به – كيف تربيتي في الأصل .

فيا أيتها النفس التي قد اطّلعتِ على بعض حكمه , قبيح بكِ والله الإقبال على غيره . ثم العجب كيف تٌقبلين على فقير مثلك , يناديني لسان حاله بي مثل ما بك : يا حِمام ! فارجعي إلى الأصل الأول , واطلبي من المسبب . ويا طوبى لك إن عرفتِهِ فإن عرفانه ملك الدنيا والأخرة .


 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ التفكر في عاقبة الذنب قبل ارتكابه ]



المؤمن لا يبالغ في الذنوب , وإنما يقوى الهوى وتتوقد نيران الشهوة فينحدر .
وله مداد لا يعزم المؤمن على مواقعته , ولا على العود بعد فراغه , ولا يستقصي في الإنتقام إن غضب , وينوي التوبة قبل الزلل .


وتأمل إخوة يوسف عليهم السلام فإنهم عزموا على التوبة قبل إبعاد يوسف فقالوا " اقتلوا يوسف " ثم زاد ذلك تعظيماً فقالوا " أو اطرحوه أرضا " ثم عزموا على الإنابة فقالوا " وتكونا من بعده قوماً صالحين " فلما خرجوا به إلى الصحراء هموا بقتله بمقتضى ما في القلوب من الحسد . فقال كبيرهم " لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب " ولم يرد أن يموت بل يلتقطه بعض السيارة , فأجابوا إلى ذلك .


والسبب في هذه الأحوال أن الإيمان على حسب قوته , فتارة يردها عند الهم , وتارة يضعف فيردها عند العزم , وتارة عن بعض الفعل , فإذا غلبت الغفلة , ووقع الذنب , فتر الطبع , فنهض الإيمان للعمل , فينغص بالندم أضعاف ما التذ .





فصل [ التقوى هي الحصن الذي يحميك من تقلبات الأيام ]



اعلم أن الزمان لا يثبت على حال كما قال عز وجل " وتلك الأيام نداولها بين الناس " فتارة فقر , وتارة غنى , وتارة عز , وتارة ذل , وتارة يفرح الموالي , وتارة يشمت الأعادي . فالسعيد من لازم أصلاً واحداً على كل حال , وهو تقوى الله عز وجل , فإنه إن استغنى زانته , وإن افتقر فُتحت له أبواب الصبر , وإن عوفي تمت النعمة عليه , وإن ابتلي جملته , ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد , أو أعراه أو أشبعه أو أجاعه . لأن جميع تلك الأشياء تزول وتتغير .


والتقوى أصل السلامة , حارس لا ينام , يأخذ باليد عند العثرة , ويواقف على الحدود . والمنكر من غرته لذة حصلت مع عدم التقوى فإنها ستحول وتخليه خاسراً .

ولازم التقوى في كل حال , فإنك لا ترى في الضيق إلا السعة , وفي المرض إلا العافية . هذا نقدها العاجل والآجل معلوم .
 
إنضم
10 فبراير 2009
المشاركات
13,126
مستوى التفاعل
18
النقاط
38
الإقامة
【♥】ابتسم فأنت مفارق【♥】
الموقع الالكتروني
www.binbaz.org.sa
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ احذر العثار وتوق الذنوب ]

رأيت كل من يعثر بشيء أو يزلق في مطر يلتفت إلى ما عثر به , فينظر إليه , طبعاً موضوعاً في الخلق . إما ليحذر منه إن جاز عليه مرة أخرى , او لينظر مع احترازه وفهمه كيف فاته التحرز من مثل هذا .

فأخذت من ذلك إشارة , وقلت : يامن عثر مراراً هلا أبصرت ما الذي عثرك فاحترزت من مثله , أو قبحت لنفسك مع حزمها تلك الواقعة .

فإن الغالب ممن يلتفت : أن معنى التفاته كيف عثر مثلي مع احترازه بمثل ما أرى .
فالعجب لك كيف عثرت بمثل الذنب الفلاني والذنب الفلاني ؟ كيف غرك زخرف تعلمت بعقلك باطنه , وترى بعين فكرك مآله ؟ كيف أثرت فانياً على باق ؟ كيف بعت بوكس , كيف اخترت لذة رقدة على انتباه معاملة ؟

آه لقد اشتريت بما بعت أحمال ندم لا يُقلها ظهر , وتنكيس رأس أمسى بعيد الرفع , ودموع حزن على قبح فعل ما لمددها انقطاع .

وأقبح الكل , أن يقال لك : بماذا ؟ ومن أجل ماذا ؟ وهذا على ماذا ؟ يا من قلب الغرور عليه الصفحة , ووزن له والميزان راكب .



فصل [ الغفلة سبب الوقوع في الذنوب ]

لا ينال لذة المعاصي إلا سكراناً بالغفلة . فأما المؤمن فإنه لا يلتذ , لأنه عند التذاذه يقف بإزائِهِ علم التحريم , وحذر العقوبة . فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي , فيتنغص عيشه في حال التذاذه .

فإن غلب سكر الهوى كان القلب متنغصاً بهذه المراقبات , وإن كان الطبع في شهوته . وما هي إلا لحظة , ثم خذ من غريم , ندم ملازم , وبكاء متواصل , وأسف على ما كان من طول الزمان .

حتى إنه لو تيقن العفو وقف بإزائه حذر العتاب , فأف للذنوب ما أقبح آثارها وما أسوأ أخبارها , ولا كانت شهوة لا تنال إلا بمقدار قوة الغفلة .



 
إنضم
10 فبراير 2009
المشاركات
13,126
مستوى التفاعل
18
النقاط
38
الإقامة
【♥】ابتسم فأنت مفارق【♥】
الموقع الالكتروني
www.binbaz.org.sa
فصل [ احذر العثار وتوق الذنوب ]


رأيت كل من يعثر بشيء أو يزلق في مطر يلتفت إلى ما عثر به , فينظر إليه , طبعاً موضوعاً في الخلق . إما ليحذر منه إن جاز عليه مرة أخرى , او لينظر مع احترازه وفهمه كيف فاته التحرز من مثل هذا .

فأخذت من ذلك إشارة , وقلت : يامن عثر مراراً هلا أبصرت ما الذي عثرك فاحترزت من مثله , أو قبحت لنفسك مع حزمها تلك الواقعة .

فإن الغالب ممن يلتفت : أن معنى التفاته كيف عثر مثلي مع احترازه بمثل ما أرى .
فالعجب لك كيف عثرت بمثل الذنب الفلاني والذنب الفلاني ؟ كيف غرك زخرف تعلمت بعقلك باطنه , وترى بعين فكرك مآله ؟ كيف أثرت فانياً على باق ؟ كيف بعت بوكس , كيف اخترت لذة رقدة على انتباه معاملة ؟

آه لقد اشتريت بما بعت أحمال ندم لا يُقلها ظهر , وتنكيس رأس أمسى بعيد الرفع , ودموع حزن على قبح فعل ما لمددها انقطاع .

وأقبح الكل , أن يقال لك : بماذا ؟ ومن أجل ماذا ؟ وهذا على ماذا ؟ يا من قلب الغرور عليه الصفحة , ووزن له والميزان راكب .



فصل [ الغفلة سبب الوقوع في الذنوب ]

لا ينال لذة المعاصي إلا سكراناً بالغفلة . فأما المؤمن فإنه لا يلتذ , لأنه عند التذاذه يقف بإزائِهِ علم التحريم , وحذر العقوبة . فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي , فيتنغص عيشه في حال التذاذه .

فإن غلب سكر الهوى كان القلب متنغصاً بهذه المراقبات , وإن كان الطبع في شهوته . وما هي إلا لحظة , ثم خذ من غريم , ندم ملازم , وبكاء متواصل , وأسف على ما كان من طول الزمان .

حتى إنه لو تيقن العفو وقف بإزائه حذر العتاب , فأف للذنوب ما أقبح آثارها وما أسوأ أخبارها , ولا كانت شهوة لا تنال إلا بمقدار قوة الغفلة .

 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ معرفة المبتلي تخفف من وقع البلاء ]

ليس في الدنيا ولا في الآخرة أطيب عيشاً من العارفين بالله عز وجل , فإن العارف به مستأنس به في خلوته . فإن عمت نعمة علم من أهداها , وإن مرّ مُر حلا مذاقه في فيه , لمعرفته بالمبتلي . وإن سأل فتعوق مقصوده , صار مراده ما جرى به القدر علماً منه بالمصلحة بعد يقينه بالحكمة , وثقته بحسن التدبير .

وصفة العارف أن قلبه مراقب لمعروفه , قائم بين يديه , ناظر بعين اليقين إليه , فقد سرى من بركة معرفته إلى الجوارح ما هذبها

فإن نطقتُ فلم أنطق بغيركم وإن سكتُ فأنتم عقد إضماري

إذا تسلط على العارف أذى أعرض نظره عن السبب , ولم ير سوى المسبب , فهو في أطيب عيش معه . إن سكت , تفكر في إقامة حقه , وإن نطق تكلم بما يرضيه , لا يسكن قلبه زوجه ولا إلى ولد , ولا يتشبث بذيل محبة أحد .

وإنما يعاشر الخلق ببدنه , وروحه عند مالك روحه , فهذا الذي لا هم عليه في الدنيا , ولا غم عنده وقت الرحيل عنها , ولا وحشة له في القبر , ولا خوف عليه يوم المحشر .

فأما من عدم المعرفة فإنه معثر لا يزال يضج من البلاء , لأنه لا يعرف المبتلي , ويستوحش لفقد غرضه لأنه لا يعرف المصلحة , ويستأنس بجنسه لأنه لا معرفة بينه وبين ربه , ويخاف من الرحيل لأنه لا زاد له ولا معرفة بالطريق .

وكم من عالم وزاهد لم يرزقا من المعرفة إلا ما رزقه العامي البطال , وربما زاد عليهما . وكم من عامي رزق منها ما لم يرزقاه مع اجتهادهما . وإنما هي مواهب وأقسام , " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " .
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ العاقل من تأهب بالزاد ليوم المعاد ]

رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً . إن طال الليل فبحديث لا ينفع , أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر . وإن طال النهار فبالنوم . وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق , فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة , وهي تجري بهم , وما عندهم خبر .

ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود , فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل . إلا أنهم يتفاوتون , وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة .

فالمتيقظون منهم يتطلعون إلى الأخبار بالنافق هناك , فيستكثرون منه فيزيد ربحهم . والغافلون منهم يحملون ما اتفق , وربما خرجوا لا مع خفير .

فكم ممن قد قطعت عليه الطريق فبقي مفلساً . فالله الله في مواسم العمر . والبدار قبل الفوات .

واستشهدوا العلم , واستدلوا الحكمة , ونافسوا الزمان , وناقشوا النفوس , واستظهروا بالزاد . فكأن قد حدا الحادي فلم يفهم صوته مِن وقعِ دمع الندم .




فصل [ ذكر الموت يكف عن الهوى ويبعث على الجد ]


من أظرف الأشياء إفاقة المحتظر عند موته , فإنه ينتبه انتباهاً لا يوصف , ويقلق قلقاً لا يحد , ويتلهف على زمانه الماضي . ويود لو ترك كي يتدارك ما فاته , ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت , ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف .

ولو وجدت ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية حصل كل مقصود من العمل بالتقوى . فالعاقل من مثّل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك . فإن لم يتهيأ تصوير ذلك على حقيقته تخايله على قدر يقظته . فإنه يكف كف الهوى , ويبعث على الجد .
فأما من كانت تلك الساعة نصب عينيه , كان كالأسير لها . كما رُوي عن حبيب العجمي أنه كان إذا أصبح قال لامرأته : إذا مت اليوم ففلان يغسلني , وفلان يحملني .

وقال معروف لرجل : صل بنا الظهر , فقال : إن صليت بكم الظهر لم أصل بكم العصر , فقال : وكأنك تؤمل ان تعيش إلى العصر ,نعوذ بالله من طول الأمل .

وذكر رجل رجلاً بين يديه بغيبة , فجعل معروف يقول له : اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك .


 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ احفظ قلبك في الخلوة يحبك الله والناس ]

إن للخلوة تأثيرات تتبين في الجلوة , كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه , أو رجاء لثوابه , أو إجلالاً له , فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر , فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو .

وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوي تقوى محبته , أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب , ويتفاوت تفاوت العود .

فترى عيون الخلق تُعظم هذا الشخص وألسنتهم تمدحه ولا يعرفون لِمَ ؟ ولا يقدرون على وصفه لبعدهم عن حقيقة معرفته .

وقد تمتد هذه الأرابيح بعد الموت على قدرها , فمنهم من يُذكر بالخير مدة مديدة ثم ينسى , ومنهم من يًذكر مائة سنة ثم يخفى ذكره وقبره , ومنهم أعلام يبقى ذكرها أبداُ .

وعلى عكس هذا من هاب الخلق , ولم يحترم خلوته بالحق , فإنه على قدر مبارزته بالذنوب , وعلى مقادير تلك الذنوب , يفوح منه ريح الكراهة فتمقته القلوب , فإن قلّ مقدار ما جنى قلّ ذكر الألسن له الخير , وبقي لمجرد تعظيمه , وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه لا يمدحونه ولا يذمونه .

ورب خال بذنب كان سبب وقوعه في هوة شقوة في عيش الدنيا والآخرة وكأنه قيل له : ابق بما آثرت فيبقى أبداً في التخبيط .

فانظروا إخواني إلى المعاصي أثرت وعثرت . وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى , فيلقى الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر .

فتلمحوا ما سطرته , واعرفوا ما ذكرته , ولا تهملوا خلواتكم ولا سرائراكم , فإن الأعمال بالنية , والجزاء على مقدار الإخلاص .
 

broor

New member
إنضم
27 مارس 2009
المشاركات
704
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
يعطيج العافية
مجهود رااائع
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
وإياك يا حبيبه
غفر الله لي ولك ولوالدينا والمسلمين أجمعين
 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ المعاصي عواقبها سيئة ]

الحذر الحذر من المعاصي , فإن عواقبها سيئة , وكم من معصية لا يزال صاحبها في هبوط أبداُ من تعثير أقدامه , وشدة فقره , وحسراته على ما يفوته من الدنيا , وحسرة لمن نالها . فلو قارب زمان جزائه على قبيحه الذي ارتكبه كان اعتراضه على القدر في فوات أغراضه يعيد العذاب جديداً , فوا أسفاً لمعاقب لا يحس بعقوبته , وآه من عقاب يتأخر حتى ينسى سببه . أوليس ابن سيرين يقول : عيرت رجلاً بالفقر فافتقرت بعد أربعين سنة . وابن الجلاء يقول : نظرت إلى شاب مستحسن فنسيت القرآن بعد أربعين سنة .

فوا حسرة لمعاقب لا يدري أن أعظم العقوبة عدم الإحساس بها .

فالله الله في تجويد التوبة عساها تكف كف الجزاء , والحذر الحذر من الذنوب خصوصاً ذنوب الخلوات , فإن المبارزة لله تعالى تسقط العبد من عينه , وأصلح ما بينك وبينه في السر وقد أصلح لك أحوال العلانية .

ولا تغتر بستره أيها العاصي فربما يجذب عن عورتك , ولا بحلمه فربما بغت العقاب . وعليك بالقلق واللجأ إليه والتضرع . فإن نفع شيء فذلك وتقوت بالحزن , وتمزز كأس الدمع واحفر بمعول الأسى قليب قلب الهوى , لعلك تنبط من الماء ماء يغسل جرم جرمك .


 
إنضم
15 يونيو 2010
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
فصل [ عظّم الله يعظّمك الناس ]


إخواني : اسمعوا نصيحة من قد جرب وخبّر . إنه بقدر إجلالكم لله عز وجل يُجِلكم , وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم .


ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سنه , ثم تعدى الحدود فهان عند الخلق , وكانوا لا يلتفتون إليه مع غزارة عمله , وقوة مجاهدته .


ولقد رأيت من كان يراقب الله عز وجل في صبوته مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم فعظم الله قدره في القلوب حتى علقته النفوس , ووصفته بما يزيد على ما فيه الخير .

ورأيت من كان يرى الاستقامة إذا استقام , فإذا زاغ مال عنه اللطف , ولولا عموم الستر و شمول رحمة الكريم لافتضح هؤلاء المذكورون , غير أنه في الأغلب تأديب أو تلطف في العقاب كما قيل :


ومن كان في سُخطه مُحسنا فكيف يكون إذا ما رضي


غير أن العدل لا يحابى , وحاكم الجزاء لا يجور , وما يضيع عند الأمين شيء .





فصل [ بادر بالتوبة قبل وقوع العقوبة ]


الواجب على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي , فإن نارها تحت الرماد . وربما تأخرت العقوبة ثم فجأت , وربما جاءت مستعجلة , فليبادر بإطفاء ما أوقد من نيران الذنوب , ولا ماء يطفئ تلك النار إلا ما كان من عين العين , لعل خصم الجزاء يرضى قبل أن يبت الحاكم في حكمه