شهادات من واقع ظروفهم وتجاربهم الحياتية والعملية معاناة المكفوفين.. من يبصرها؟!
المكفوفون بحاجة إلى دعم ومساندة
إعداد شيماء أشكناني
ماذا لو أغمض أحدنا عينيه لبرهة من الوقت؟!
ماذا لو سار أحدنا في الظلام الدامس لفترة طالت أو قصرت؟!
ماذا لو استيقظ احدنا فجأة ليكتشف أنه أضحى محروماً من نعمة البصر؟!
إنها ليست اسئلة لإثارة الضيق والضجر والتشاؤم بقدر الرغبة في الالتفات إلى واقع المكفوفين، والنظر بعين البصيرة إلى قضايا الذين حرموا من نعمة البصر التي لا تقدر بثمن، وإذا كانت كل الأمور والعاهات التي يصاب بها بنو البشر هي قضاء وقدر، فالمطلوب الاعتبار بها والالتفات إلى معاناة ذوي الإعاقات عموما والمكفوفين وضعاف البصر على وجه الخصوص.
المكفوفون شريحة كبيرة وجزء لا يتجزأ من المجتمع، منهم الموهوبون والمبدعون والمكافحون في الحياة، لكن - للأسف - وسائل الإعلام لا تسلط الضوء الكافي على هذه الطاقات العظيمة والتجارب الرائعة لذوي الإرادة الذين حرموا من نعمة البصر، لكن الخالق العظيم عوضهم عنها ببصيرة نافذة وإرادة قوية وموهبة فذة.
القبس تسلط الضوء على واقع المكفوفين من خلال شهادات، أعدها خبراء دوليون مشاركون في الملتقى العلمي الحادي عشر للجمعية الخليجية للإعاقة، الذي افتتحت فعالياته أمس الأول، وننشر أيضاً رؤية علمية للخبراء حول تشغيل المكفوفين وتعليمهم ودعمهم وتأهيلهم.
ووفق الخبراء والباحثين فإن للإعلام دورًا كبيرًا في التوعية لتشغيل ورعاية المكفوفين وتأهيلهم، من حيث اسهامهم في تثقيف المجتمع وتسليط الضوء على القدرات والإمكانات التي يمتلكها الكفيف من خلال المؤتمرات والمنتديات وورش العمل والوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة، من حيث معالجة القضايا التي تخص المكفوفين، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الإعلام الهادف. وهذا ما نرتئيه من وسائل الإعلام.
لكن في مجتمعنا الحالي لا يلعب الإعلام هذا الدور، إنما يعكس شيئًا مخالفًا، والدليل على ذلك صورة الكفيف في المسلسلات والمسرحيات والإعلام التي تظهره في صورة العاجز الذليل أو المهرج، المتخبط في كل قراراته وعدم تسليط الضوء على الشخصيات الكفيفة المشرفة والفاعلة المؤثرة في المجتمع، وهي كثيرة، مما يعطي نظرة غير مشجعة لأصحاب الأعمال من خلال توظيف المكفوفين.
المكفوفون ليسوا عاجزين
المزيد من الوظائف لفاقدي البصر
مع التطور التكنولوجي، الذي سهل للمكفوفين التعليم، برزت ظاهرة محدودية التخصصات والوظائف التي يمكن أن يشغلها المكفوفون، وهذه المحدودية ليست ناجمة من ضعف قدرات الكفيف ومؤهلاته، بل من نظرة المجتمع الضيقة التي ترى في الكفيف شخصاً عاجزاً يجب حصره في مواقع محددة في العمل، في الوقت الذي يكون فيه الكفيف قادراً على أن يلج تخصصات متعددة، ويمتهن وظائف متنوعة، مثله في ذلك مثل أي مبصر.
لذلك تدعو الورقة إلى ضرورة أن تضطلع المؤسسات والهيئات بدور فاعل، لكي تسهم في تشغيل الكفيف في مواقع عدة، كما أن للإعلام دوراً لا يستهان به في تعديل الصورة النمطية للكفيف، التي ساهم هو في زرعها في أذهان الناس أحياناً بصورة لاواعية، لتحل محلها صورة الكفيف المتعلم القادر على ارتياد التخصصات المختلفة، والعمل في وظائف متنوعة، مثله مثل المبصر.
وتختتم الورقة بمجموعة من التوصيات التي ترى من الضروري العمل على تفعيلها، لنوفر للكفيف مناخاً جيداً للعلم والعمل.
خبيرة في شؤون الإعاقة
شريفة المالكي
المؤهلات: ــ حاصلة على شهادة الثانوية العامة شعبة الاقتصاد الأعمال المكتبية- 1992.
ــ عضوة في جمعية الصداقة للمكفوفين منذ عام 1986.
ــ أول امرأة تحصل على عضوية الهيئة التنفيذية في اتحاد آسيا للمكفوفين في الفترة 2005/2008.
ــ عضوة في جمعية أولياء أمور المعاقين وأصدقائهم البحرينية منذ 2005.
ــ انضمت إلى إدارة جمعية الصداقة للمكفوفين منذ عام 1996.
ــ رئيسة اللجنة الاجتماعية لمدة ست سنوات من 1996 حتى 2000.
ــ سعت في توظيف المكفوفين وبعد ذلك اسست لجنة التوظيف بجمعية الصداقة للمكفوفين.
المكفوفون والمهن الحرفية
تطرقت الدراسة إلى واقع المكفوفين في السابق، ودورهم الحياتي.
لقد كانت المهن التي يمتهنها المكفوفون بسيطة لا تعتمد على التعليم، بل كانت مهنًا حرفية اكتسبوها بالممارسة والخبرة مثل مهنة المسّاج (المرّاخ)، وهو الذي يعالج الناس بالكي والأعشاب والمساج، وإمام مسجد أو مؤذن أو معلم القرآن للأطفال، ويطلق عليه في لهجتنا الدارجة «المطوع». وكانت المرأة الكفيفة في ذلك الوقت تقطب الزري (الكورار)، فكانت هذه هي وظائف المكفوفين.
ولم يحظ المكفوفون برعاية واهتمام، فلم يكن التعليم متاحا لهم في ذلك الوقت، أي بدايات القرن العشرين حتى الستينات منه، لذلك كانوا يعملون في مهن حرفية يدوية تعتمد على براعتهم الشخصية.
جهود لتحسين الواقع
انتهت ورقة العمل إلى أنه يجب أن تتكاتف جهود جهات عدة، بدءًا من أسرة الكفيف، والكفيف نفسه ووزارة التربية ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الإعلام والجمعيات المعنية بشؤون المكفوفين، كما يجب تحقيق التكامل في العمل لتحسين واقع المكفوفين بين جمعيات المكفوفين في دول مجلس التعاون في مجال التوظيف، ولا يقتصر الأمر على جهود فردية أو جهود جمعيات أهلية.
المعاقون بصريا.. بين المصطلحات والقوانين
تعريف الإعاقة البصرية لغويا: تستخدم ألفاظ كثيرة في اللغة العربية لتشير إلى الشخص الذي فقد بصره، وهذه الألفاظ هي:
الأعمى
وهي مأخوذة من أصل مادتها وهي العماء، والعماء هو الضلالة، والعمى يقال في فقد البصر أصلا، وفقد البصيرة مجازا.
وكلمة الأكمه : مأخوذة من الكمه، والكمه هو العمى قبل الميلاد.
وكلمة الأعمى، مأخوذة أيضا، من العمه، والعمه كما في لسان العرب التحير والتردد، وقيل العمه التردد في الضلالة والتحير في منازعة أو طريق.
ويقال العمه في افتقاد البصر والبصيرة، وقيل إن العمه في البصيرة كالعمى في البصر.
الضرير
أما كلمة الضرير فهي بمعنى الأعمى، لأن الضرارة هي العمى، والرجل الضرير هو الرجل الفاقد لبصره.
الكفيف أو المكفوف
أصلهما من الكفّ، ومعناهما المنع. والمكفوف هو الضرير وجمعها المكافيف.
التعريف القانوني للكفيف
يشير التعريف القانوني للإعاقة البصرية - من وجهة نظر الأطباء - الذي تأخذ به معظم السلطات التشريعية، إلى أن الشخص المعاق بصرياً، هو ذلك الشخص الذي لا تزيد حدة الإبصار لديه على Visual Acuity 20/200 60/6 قدم في أحسن العينين أو حتى باستعمال النظارة الطبية، وتفسير ذلك أن الجسم الذي يراه الشخص العادي في إبصاره على مسافة 200 قدم، يجب أن يقرب إلى مسافة 20 قدما حتى يراه الشخص الذي يعدّ معاقاً بصريا، وفق هذا التعريف.
وهذا التعريف هو التعريف المعتمد قانونياً في الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية.
الكفيف وفق منظمة الصحة العالمية
أما الكفيف وفق معيار منظمة الصحة العالمية فهو من تقلّ حدة إبصاره عن 60/3. ولو حاولنا ترجمة ذلك وظيفياً فإنه يعني أن ذلك الشخص لا يستطيع رؤية ما يراه الإنسان سليم البصر عن مسافة 60 متراً إلا إذا قرب له إلى مسافة 3 أمتار.
ويشيع استخدام تعريف منظمة الصحة العالمية في الدول الأقل نموا.
التعريف التربوي
التعريف التربوي يشير إلى أن الشخص الكفيف، هو ذلك الشخص الذي لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب إلا بطريقة برايل Braille Method.
ضعاف البصر
أما ضعاف البصر فهم الأفراد الذين يستطيعون قراءة المادة المطبوعة على الرغم، مما قد تتطلبه هذه المادة أحيانًا من بعض أشكال التعديل (على سبيل المثال، تكبير حجم المادة ذاتها أو استخدام عدسات مكبرة).
مبدعون ومتميزون حققوا طموحهم بالبصيرة والإرادة
استعرضت الدراسة نماذج لكفاح المكفوفين وتفوقهم، واتخذت من المكفوفين في البحرين ودول أخرى نموذجا لذلك. وقالت لإيماننا بقدرات الكفيف وتحدياته نحو استشراف المستقبل في المجتمع العربي بشكل خاص والعالمي بشكل عام، وسعي الدولة إلى تطوير التخصصات المناسبة لذوي الاعاقة، ومنحهم بعثات دراسية على المستويين العربي والعالمي لتنويع الوظائف وحصولهم على الشهادات العليا، نستعرض كفاحهم. وقد حصل كفيف على الدكتوراه وهو محاضر في جامعة البحرين، كما وصل الكفيف إلى درجة فني و مبرمج للحاسوب وعمل في مجالات متعددة مثلا في المخابرات والمحاماة والقضاء، وفي المغرب وماليزيا وصل الكفيف إلى العلاج الطبيعي وفي دولة قطر وصل إلى العلاقات العامة، وموظف في إدارة المرور، ومع هذه النسبة البسيطة التي وصلوا إليها لم يحصل خريجو الجامعة الحديثو التخرج على وظائف مناسبة لتخصصاتهم.
الكفيف والصورة النمطية الخاطئة
شدد الخبراء على أن المكفوفين جزء لا يتجزأ من المجتمع، وعلى الحكومة دعمهم والعمل على تخفيف معاناتهم والتوعية بحقوقهم، مشيرين إلى أن الوقت قد حان لتغيير الصورة النمطية الخاطئة حول المكفوفين وضعاف البصر، فمنهم مبدعون ومتميزون على مستوى العالم قديما وحديثا.

مطالعة بطريقة «برايل» في جمعية المكفوفين

طريقة «برايل» تفتح بصيرة المكفوفين على العلوم
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=692141&date=07042011