- إنضم
- 6 سبتمبر 2010
- المشاركات
- 468
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
رد : فهد .. وآنتهت رحلة أمريكآ بسجن آلحائر ...!
12
كنت قد عدت من أمريكا إلى الرياض بعد رحلة طويلة من الأحداث التي شكلت منعطفاً حاداً في حياتي ..
رميت نفسي في غرفة أمي لأروي عطش الشوق الذي أهلكني ..
استقيظت بعد سبات طويل في ساعات متأخرة من النهار من اليوم التالي ..
أعد أبي وليمة خاصة وصغيرة , جمعتني بأخوتي كتعبير عن فرحتهم بقدومي ..
مشعل , هدى , نورة وزياد .. يشكلون في هذه المرحلة قيمةً أكبر بكثير لي ..
كانوا مجتمعين حولي , ينظرون إلي بفرح , شعرت كم أنا غالٍ لديهم , الكل يريد خدمتي بل إنهم يتسابقون في ذلك ..
أعطف كثيراً عليهم , لا سيما بعد وفاة والدتي التي شكلت أثراً لا يمحى فيهم ..
أصبحت حبيس المنزل , لا أخرج إلا في أوقات متأخرة منتصف الليل هرباً من الناس والمجتمع ..
حتى في أوقات الصلاة أختار مساجد عشوائية بعيداً عن مسجد الحي والجيران ..
أرى الرياض قد تغيرت , لم تكن كذلك عندما تركتها ..
فكرة أداء مناسك العمرة عن والدتي كانت جبارةً جداً أقترحها والدي من أجل أن يساعدني على بر أمي ..
رحبت بتلك الفكرة كثيراً وزادني فرحاً إنضمام أخي مشعل لي ..
أستطيع أن أنام قرير العين برفقته وأن لا أخاف مجدداً من الخيانة ..
شعور رهيب يطبق عليك حينما تنظر إلى الكعبة الشريفة , وتلك الحشود تطوف من حولها ..
قمنا باداء المناسك في وقت متأخر تلافياً للإزدحام الشديد ..
دعوت لأمي كثيراً ولم أغفل عن والدي .. فليس في الحياة طعم بدونهما ..
عدت لأقضي ليلة رائعة مع أخي في الفندق , كان مشعل يرغب مني سماع كل شيء عن أمريكا ..
كنت أختلق له القصص التي يرغب بسماعها , فأنا أعلم تماماً بإهتماماته ونوعية الأحداث التي يحب ..
بالطبع مخفياً عنه الحقائق المرّة ..
عدت من مكة المكرمة بقلبٍ صافٍ , ومعنويات مرتفعة بعد أجواء إيمانية بصحبة أخي ..
قررت إخبار والدي بعد رجوعي من مكة عن عدم رغبتي بالعودة لأمريكا .. عارضاً لفكرة الدراسة هنا في المملكة ..
فأبدى رفضاً قاطع .. وأصر على أن أكمل ما بدأته ..
كان يقول لي : يا فهد .. إن اليأس للضعيف والمتردي والنطيح فقط !
ولم أعهدك كذلك ...
لم يكن يعلم أبي عن سر رفضي للذهاب إلى هناك .. وإلا لأقسم علي بعدم الذهاب مجدداً ..
أصرّيت على رأيي وأصرّ هو على رأيه ..
اذكر أنني كنت أجلس معه بالساعات نناقش الأمر في غرفتي , لا يوقفنا إلا الصراخ أو أحد إخوتي طارقاً الباب لأمر ما ..
أبي شخص يرفض الضعف واليأس , كان يقول لي: أفشل ذلك ليس عيباً لكن العيب هو الخنوع !
يابني .. أريدك أن تكون شجاعاً لتنال مرادك , وليتسنى لي أن أفاخر بك بين الناس ..
فأنت قدوة أخوتك .. لا تكن كذلك يا فهد ترفض المحاولة بعد فشل بسيط ..
بين إصرار أبي ورفضي , قررت أخذ المشورة من الشيخ ياسر صديقي القديم ..
اتصلت به فأجاب بلفهة وشوق كبير ..
قلت له بعد السلام والسؤال عن الأحوال .. ياسر أريد رأيك في أمر ما ..
فرحب جداً وقال لي بأنه يعتبرني كأحد إخوانه ولست بصديق ولذا فهو لن يبخل علي بأي شيء قد اطلبه منه ..
فقلت له : ياسر أنت تعلم ما حصل لي في الولايات المتحدة .. وتعلم تماماً أنني عقدت العزم على عدم العودة إليها ..
فأظهر إنصاتاً ..
أكملت قائلاً : أبي مصممٌ على أن أعود لأدرس من جديد رافضاً فكرة بقائي هنا ومعللاً بأن اليأس ليس للرجال الناجحين .. وأنه يريد مني تلك الشهادة حتى يكون له حق العيش بفخر كما يقول ..
الآن أنا يا ياسر محتار جداً هل أنفذ رغبة أبي أم رغبتي ..
فقال لي ياسر بحكمة : اسمع يا فهد , لا بد من صلاة الإستخارة قبل كل شيء ..
هناك أمور سلبية حصلت لك وأنا أعلم أنها لم تكن بسيطة , لكن بالمقابل تعلمت أنت الكثير منها .. أليس هذا صحيحاً ؟!
أكدت على صحة ما يقول ..
أنت لديك الخبرة الكافية الان , وما مضى سيكون درساً قاسياً ستضعه نصب عينيك طالما تكون هنا في الولايات المتحدة .. هل أنا محق ؟
قلت له : بلى ...
فقال ياسر .. اسمع يافهد , تخيل على أنها حرباً بينك وبين سياتل , لا بد من هزيمتها يا فهد ...
وصدقني سنفرح كثيراً بإنتصارك بإذن الله ...
لا تستسلم لعدوك .. بل اهزمه فأنت أشجع يا فهد ...
أعجبتني كثيراً فكرة تصوير مصيري مع سياتل على أنها حرب .. وبدأت أعيد النظر مجدداً ..
هل أبي وياسر على حق ؟
لكن أخاف كثيراً من إتخاذ القرار الخاطىء مرتين , مستشهداً بذلك على موقفي مع ليندآ ...
كنت أفكر مليّاً , بالقرارات الخاطئة التي اتخذتها من قبل وأصحبت تردعني الآن من الذهاب ..
وبين رغبة والدي والآمال التي يعقدها علي كأكبر ابنٍ له ...
مضى شهرين منذ وصولي إلى الرياض عندما استخرت وقررت أخيراً :
إني ذآهبٌ إلى هناك !
لا بد أن أنتصر وأنتقم لنفسي من سياتل يدفعني لذلك ثقة أبي الكبيرة في قدراتي ..
اتصلت بالمعهد .. فأخبرني أحد الإداريين أنه بإمكاني العودة إلى المعهد مع بداية الفصل القادم ..
لكن مالم يؤكده لي هو فكرة إجتياز الإختبار الشامل للغة والذي سيريحني كثيراً بإختصار هذه السنة الإجبارية ..
قال لي عندما تحضر إلى الولايات المتحدة قد ننظر في وضعك ...
مبرراً رفضهم على أنهم يعتبرونني كطالب منسحب .. ولهذا يلزمني إعادة السنة بأكملها وليس لي الحق بالإختصار ..
ذهبت وزارة التعليم العالي لأستكمل إجراءاتي وبعد العديد من المواعيد والمقابلات والقليل من الواسطة , أتممت جميع الإجراءات ..
بدأت أرتب جميع الأمور الخاصة في السفر .. بدءً من موعد الرحلة وانتهاء بمكان السكن ونوعه ..
لم أرغب بالسكن مع عائلة أخرى مجدداً .. ولا أن أتشارك مع بني جنسي !
كل ما أردته هو التفرد والوحدة ..
رّحب والدي كثيراً بقراري وشجعني على ذلك ..
قررت أن أدرس الإنجليزية في البيت دراسة ذاتية مستغلاً شغف أختي نورة في تدريسها اللغة على الرغم من أنها مازالت في المرحلة المتوسطة ..
إشرافي على تعليمها اللغة أثارة الحماسة فيني ..
اقترح والدي فكرة الإنضام لمعهد خاص لذلك , قبلتها شاكراً له حرصه , فكنت أدرس نهاراً في المعهد وليلاً مع نورة ..
يبذل أبي الغالي والنفيس في سبيل رؤيتي شخصاً ناجحاً ..
وأحب أن أحقق له ذلك , ولذا قررت العودة على مضض ..
حانت ساعة الصفر .. أنا مغادر .
لم أكن أعتقد بأن عبارة " عدم العودة إلى هنا مجدداً " والتي كنت أرددها كثيراً تعني ثلاثة أشهر فقط !
سبحان مقلب القلوب ..
اتجهت للمطار وكأنني أعيد شريط رحلتي السابقة , ينقص المشهد وجود أمي ..
ثقة وهدوء كنت أتمتع بهما ..
لم أعد خائفاً من أي شيء , أريد أن أخوض تلك الحرب وانتصر لي ولوالدي ..
بعد وداعٍ حافل , استقليت طائرتي إلى مصير مجهول ..
صحيح أنني أرتبكت وشعرت بوخزاتٍ في قلبي لكن لو تطلب مني الموت فقط لسعادة أبي فإني سأغامر ..
لم أشعر براحة كبير أثناء نومي في الطائرة , تقلبت كثيراً وتقطّع نومي بشكل كبير ..
حالما هبطت طائرتنا بدأ قلبي الخفقان ..
عللت بأن سبب ذلك هو رجوعي إلى ذكرى قديمة ..
نزلت وأنا أرتجف أكثر مما كنت عليه في الطائرة .. هذا هو مطار نيويورك الذي أصبحاً مخيفاً بلا سبب ..
سرت بإتجاه طوابير إنها الإجراءت للدخول إلى الولايات المتحدة ..
انتظرت في الصف الطويل حاملاً جوازي وبعض الأوراق ..
حالما حان دوري طلب مني موظف الجوزات التقدم ..
أخذ الجواز وأدخل بعض المعلومات في الحاسب ثم قال لي : انتظر قليلاً ..
من حيث لا أدري اتاني من الخلف رجل من أمن المطار طالباً من التنحي عن الطابور ..
وذهب آخر لاخذ جوازي من موظف الجوازات ..
سألته بوجل : ما القصة ؟
قال لي : تفضل معي بهدوء ..
قام بإحكام قضبته على ساعدي كي لا أهرب ..
أعتقدت بأني أحضرت شيئا ممنوعاً في حقيبتي , كتبرير أولي ..
اقتادوني لرجل آخر ..
سألني : هل أنت فهد ؟
فقلت نعم أنا فهد , كان رجلاً مدنياً , قال لي : اتعرف الإنجليزية ؟
فقلت نعم ولكن ليس بطلاقة ..
فقال : اسمع , في هذا المطار هناك اربع مئة رجل أمن .. من بينهم ما يزيد على المئة من أفراد المباحث الفيدرالية , وهناك وحدة عسكرية بأكملها في وضع الإستعداد لأي طارىء ...
ستمشي معي بهدوء إلى غرفة التفتيش الشخصي , وهناك ستعرف كل شيء ..
اظهرت تعاوناً ممزوجاً بخوف وهلع ..
كنت أندب حظي في داخلي وأقول في نفسي .. هداك الله يا والدي هداك الله !
خفت كثيراً من مصيري القادم ..
ويبدو أن نيويورك ستدافع عن أختها سياتل أمامي !
مالذي فعلته في المطار وأغضبهم ..؟
أم هو مجرد اشتباه عابر ..
وصلنا لغرفة التفتيش الشخصي .. كانت عبارة عن مكتب فيه تقريباً ستة من الرجال المدنيين ومعهم ثلاثة أفراد من أمن المطار بلباسهم الرسمي ..
دخلت مع ذلك الرجل الغرفة .. وبلا سبب تم ضربي بطريقة وحشية ..
صرخت راجياً توقفهم عن الضرب , لكن لم يغلبهم رجائي ..
توقفوا بعدما كالوني من العذاب أنواعاً وأنواع ..
رفعوني وأجلسوني على مقعد خشبي وكبلوني فيه , ثم جاء احدهم يقول لي بأن هذه ليست إلا البداية !
قلت له بعد أن تلطخت ملابسي بالدم : مالذي فعلته ؟
سألني أحدهم : هل لك علاقة بشقة صغيره قرب معهد سياتل ؟
علمت حينها أن شيئاً ما قد حدث بإسمي !
يتبع ,,,
12
كنت قد عدت من أمريكا إلى الرياض بعد رحلة طويلة من الأحداث التي شكلت منعطفاً حاداً في حياتي ..
رميت نفسي في غرفة أمي لأروي عطش الشوق الذي أهلكني ..
استقيظت بعد سبات طويل في ساعات متأخرة من النهار من اليوم التالي ..
أعد أبي وليمة خاصة وصغيرة , جمعتني بأخوتي كتعبير عن فرحتهم بقدومي ..
مشعل , هدى , نورة وزياد .. يشكلون في هذه المرحلة قيمةً أكبر بكثير لي ..
كانوا مجتمعين حولي , ينظرون إلي بفرح , شعرت كم أنا غالٍ لديهم , الكل يريد خدمتي بل إنهم يتسابقون في ذلك ..
أعطف كثيراً عليهم , لا سيما بعد وفاة والدتي التي شكلت أثراً لا يمحى فيهم ..
أصبحت حبيس المنزل , لا أخرج إلا في أوقات متأخرة منتصف الليل هرباً من الناس والمجتمع ..
حتى في أوقات الصلاة أختار مساجد عشوائية بعيداً عن مسجد الحي والجيران ..
أرى الرياض قد تغيرت , لم تكن كذلك عندما تركتها ..
فكرة أداء مناسك العمرة عن والدتي كانت جبارةً جداً أقترحها والدي من أجل أن يساعدني على بر أمي ..
رحبت بتلك الفكرة كثيراً وزادني فرحاً إنضمام أخي مشعل لي ..
أستطيع أن أنام قرير العين برفقته وأن لا أخاف مجدداً من الخيانة ..
شعور رهيب يطبق عليك حينما تنظر إلى الكعبة الشريفة , وتلك الحشود تطوف من حولها ..
قمنا باداء المناسك في وقت متأخر تلافياً للإزدحام الشديد ..
دعوت لأمي كثيراً ولم أغفل عن والدي .. فليس في الحياة طعم بدونهما ..
عدت لأقضي ليلة رائعة مع أخي في الفندق , كان مشعل يرغب مني سماع كل شيء عن أمريكا ..
كنت أختلق له القصص التي يرغب بسماعها , فأنا أعلم تماماً بإهتماماته ونوعية الأحداث التي يحب ..
بالطبع مخفياً عنه الحقائق المرّة ..
عدت من مكة المكرمة بقلبٍ صافٍ , ومعنويات مرتفعة بعد أجواء إيمانية بصحبة أخي ..
قررت إخبار والدي بعد رجوعي من مكة عن عدم رغبتي بالعودة لأمريكا .. عارضاً لفكرة الدراسة هنا في المملكة ..
فأبدى رفضاً قاطع .. وأصر على أن أكمل ما بدأته ..
كان يقول لي : يا فهد .. إن اليأس للضعيف والمتردي والنطيح فقط !
ولم أعهدك كذلك ...
لم يكن يعلم أبي عن سر رفضي للذهاب إلى هناك .. وإلا لأقسم علي بعدم الذهاب مجدداً ..
أصرّيت على رأيي وأصرّ هو على رأيه ..
اذكر أنني كنت أجلس معه بالساعات نناقش الأمر في غرفتي , لا يوقفنا إلا الصراخ أو أحد إخوتي طارقاً الباب لأمر ما ..
أبي شخص يرفض الضعف واليأس , كان يقول لي: أفشل ذلك ليس عيباً لكن العيب هو الخنوع !
يابني .. أريدك أن تكون شجاعاً لتنال مرادك , وليتسنى لي أن أفاخر بك بين الناس ..
فأنت قدوة أخوتك .. لا تكن كذلك يا فهد ترفض المحاولة بعد فشل بسيط ..
بين إصرار أبي ورفضي , قررت أخذ المشورة من الشيخ ياسر صديقي القديم ..
اتصلت به فأجاب بلفهة وشوق كبير ..
قلت له بعد السلام والسؤال عن الأحوال .. ياسر أريد رأيك في أمر ما ..
فرحب جداً وقال لي بأنه يعتبرني كأحد إخوانه ولست بصديق ولذا فهو لن يبخل علي بأي شيء قد اطلبه منه ..
فقلت له : ياسر أنت تعلم ما حصل لي في الولايات المتحدة .. وتعلم تماماً أنني عقدت العزم على عدم العودة إليها ..
فأظهر إنصاتاً ..
أكملت قائلاً : أبي مصممٌ على أن أعود لأدرس من جديد رافضاً فكرة بقائي هنا ومعللاً بأن اليأس ليس للرجال الناجحين .. وأنه يريد مني تلك الشهادة حتى يكون له حق العيش بفخر كما يقول ..
الآن أنا يا ياسر محتار جداً هل أنفذ رغبة أبي أم رغبتي ..
فقال لي ياسر بحكمة : اسمع يا فهد , لا بد من صلاة الإستخارة قبل كل شيء ..
هناك أمور سلبية حصلت لك وأنا أعلم أنها لم تكن بسيطة , لكن بالمقابل تعلمت أنت الكثير منها .. أليس هذا صحيحاً ؟!
أكدت على صحة ما يقول ..
أنت لديك الخبرة الكافية الان , وما مضى سيكون درساً قاسياً ستضعه نصب عينيك طالما تكون هنا في الولايات المتحدة .. هل أنا محق ؟
قلت له : بلى ...
فقال ياسر .. اسمع يافهد , تخيل على أنها حرباً بينك وبين سياتل , لا بد من هزيمتها يا فهد ...
وصدقني سنفرح كثيراً بإنتصارك بإذن الله ...
لا تستسلم لعدوك .. بل اهزمه فأنت أشجع يا فهد ...
أعجبتني كثيراً فكرة تصوير مصيري مع سياتل على أنها حرب .. وبدأت أعيد النظر مجدداً ..
هل أبي وياسر على حق ؟
لكن أخاف كثيراً من إتخاذ القرار الخاطىء مرتين , مستشهداً بذلك على موقفي مع ليندآ ...
كنت أفكر مليّاً , بالقرارات الخاطئة التي اتخذتها من قبل وأصحبت تردعني الآن من الذهاب ..
وبين رغبة والدي والآمال التي يعقدها علي كأكبر ابنٍ له ...
مضى شهرين منذ وصولي إلى الرياض عندما استخرت وقررت أخيراً :
إني ذآهبٌ إلى هناك !
لا بد أن أنتصر وأنتقم لنفسي من سياتل يدفعني لذلك ثقة أبي الكبيرة في قدراتي ..
اتصلت بالمعهد .. فأخبرني أحد الإداريين أنه بإمكاني العودة إلى المعهد مع بداية الفصل القادم ..
لكن مالم يؤكده لي هو فكرة إجتياز الإختبار الشامل للغة والذي سيريحني كثيراً بإختصار هذه السنة الإجبارية ..
قال لي عندما تحضر إلى الولايات المتحدة قد ننظر في وضعك ...
مبرراً رفضهم على أنهم يعتبرونني كطالب منسحب .. ولهذا يلزمني إعادة السنة بأكملها وليس لي الحق بالإختصار ..
ذهبت وزارة التعليم العالي لأستكمل إجراءاتي وبعد العديد من المواعيد والمقابلات والقليل من الواسطة , أتممت جميع الإجراءات ..
بدأت أرتب جميع الأمور الخاصة في السفر .. بدءً من موعد الرحلة وانتهاء بمكان السكن ونوعه ..
لم أرغب بالسكن مع عائلة أخرى مجدداً .. ولا أن أتشارك مع بني جنسي !
كل ما أردته هو التفرد والوحدة ..
رّحب والدي كثيراً بقراري وشجعني على ذلك ..
قررت أن أدرس الإنجليزية في البيت دراسة ذاتية مستغلاً شغف أختي نورة في تدريسها اللغة على الرغم من أنها مازالت في المرحلة المتوسطة ..
إشرافي على تعليمها اللغة أثارة الحماسة فيني ..
اقترح والدي فكرة الإنضام لمعهد خاص لذلك , قبلتها شاكراً له حرصه , فكنت أدرس نهاراً في المعهد وليلاً مع نورة ..
يبذل أبي الغالي والنفيس في سبيل رؤيتي شخصاً ناجحاً ..
وأحب أن أحقق له ذلك , ولذا قررت العودة على مضض ..
حانت ساعة الصفر .. أنا مغادر .
لم أكن أعتقد بأن عبارة " عدم العودة إلى هنا مجدداً " والتي كنت أرددها كثيراً تعني ثلاثة أشهر فقط !
سبحان مقلب القلوب ..
اتجهت للمطار وكأنني أعيد شريط رحلتي السابقة , ينقص المشهد وجود أمي ..
ثقة وهدوء كنت أتمتع بهما ..
لم أعد خائفاً من أي شيء , أريد أن أخوض تلك الحرب وانتصر لي ولوالدي ..
بعد وداعٍ حافل , استقليت طائرتي إلى مصير مجهول ..
صحيح أنني أرتبكت وشعرت بوخزاتٍ في قلبي لكن لو تطلب مني الموت فقط لسعادة أبي فإني سأغامر ..
لم أشعر براحة كبير أثناء نومي في الطائرة , تقلبت كثيراً وتقطّع نومي بشكل كبير ..
حالما هبطت طائرتنا بدأ قلبي الخفقان ..
عللت بأن سبب ذلك هو رجوعي إلى ذكرى قديمة ..
نزلت وأنا أرتجف أكثر مما كنت عليه في الطائرة .. هذا هو مطار نيويورك الذي أصبحاً مخيفاً بلا سبب ..
سرت بإتجاه طوابير إنها الإجراءت للدخول إلى الولايات المتحدة ..
انتظرت في الصف الطويل حاملاً جوازي وبعض الأوراق ..
حالما حان دوري طلب مني موظف الجوزات التقدم ..
أخذ الجواز وأدخل بعض المعلومات في الحاسب ثم قال لي : انتظر قليلاً ..
من حيث لا أدري اتاني من الخلف رجل من أمن المطار طالباً من التنحي عن الطابور ..
وذهب آخر لاخذ جوازي من موظف الجوازات ..
سألته بوجل : ما القصة ؟
قال لي : تفضل معي بهدوء ..
قام بإحكام قضبته على ساعدي كي لا أهرب ..
أعتقدت بأني أحضرت شيئا ممنوعاً في حقيبتي , كتبرير أولي ..
اقتادوني لرجل آخر ..
سألني : هل أنت فهد ؟
فقلت نعم أنا فهد , كان رجلاً مدنياً , قال لي : اتعرف الإنجليزية ؟
فقلت نعم ولكن ليس بطلاقة ..
فقال : اسمع , في هذا المطار هناك اربع مئة رجل أمن .. من بينهم ما يزيد على المئة من أفراد المباحث الفيدرالية , وهناك وحدة عسكرية بأكملها في وضع الإستعداد لأي طارىء ...
ستمشي معي بهدوء إلى غرفة التفتيش الشخصي , وهناك ستعرف كل شيء ..
اظهرت تعاوناً ممزوجاً بخوف وهلع ..
كنت أندب حظي في داخلي وأقول في نفسي .. هداك الله يا والدي هداك الله !
خفت كثيراً من مصيري القادم ..
ويبدو أن نيويورك ستدافع عن أختها سياتل أمامي !
مالذي فعلته في المطار وأغضبهم ..؟
أم هو مجرد اشتباه عابر ..
وصلنا لغرفة التفتيش الشخصي .. كانت عبارة عن مكتب فيه تقريباً ستة من الرجال المدنيين ومعهم ثلاثة أفراد من أمن المطار بلباسهم الرسمي ..
دخلت مع ذلك الرجل الغرفة .. وبلا سبب تم ضربي بطريقة وحشية ..
صرخت راجياً توقفهم عن الضرب , لكن لم يغلبهم رجائي ..
توقفوا بعدما كالوني من العذاب أنواعاً وأنواع ..
رفعوني وأجلسوني على مقعد خشبي وكبلوني فيه , ثم جاء احدهم يقول لي بأن هذه ليست إلا البداية !
قلت له بعد أن تلطخت ملابسي بالدم : مالذي فعلته ؟
سألني أحدهم : هل لك علاقة بشقة صغيره قرب معهد سياتل ؟
علمت حينها أن شيئاً ما قد حدث بإسمي !
يتبع ,,,