مقالات محمد الوشيحي,,,متجدد

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
كيفاش ندير؟
محمد الوشيحي
[email protected]

عبد القادر أيوب، الفنان الجزائري، رسام الكاريكاتير في هذه الجريدة، وجاري على الصفحة، العمود على العمود، والإحباط على الإحباط، والتدخين على التدخين. لا يبرح محله. يرسم يومياً، وأنا أذهب وأجيء. قد أغيب يوماً أو أكثر. وكلما سألت رسوماته عن الحال في غيابي، وهل تغير شيئاً في وضع البلد، أجابتني بدمعتين.

هو لا يفهم لهجتي إلا بعد جهد، وأنا لا أفهمه إلا بعد جهاد. أحياناً نلتقي في منطقة وسط، في منطقة اللهجة المصرية، وأحياناً نلتقي في الفصحى... هو كان يرسم في صحيفة جزائرية أثناء القلاقل والمشاكل والغبار ونحر الأطفال والكبار 'تحت يافطة الإسلام والتوحيد'. كاد يقتله أصوليو قومه أثناء نوبة جنونهم بحجة أنه يتبع 'النظام الكافر'، وكادت تعتقله الأجهزة الأمنية ظنّاً منها أنه أصولي حلق ذقنه كي يتخلص من أدوات الجريمة. وهو لا هذا ولا ذاك. هو فنان بوهيمي، نقي شقي. الدنيا في عينه قشرة بصلة، وقيل بل قشرة بطاطة، واختلف العلماء والسفاحون ومباحث الشرطة.

'اضحك عليها بتعمر'، قال لي معلقاً على مقالتي الساخرة رغم دموع الوضع... قلت: كيفاش ندير يا عبد القادر إذا كان كل شيء في هذا البلد مختطفاً، بدءاً من البحر والشاطئ والهواء وانتهاء بكلمات الأغاني الوطنية التي تحولت إلى صفيحية. يا زميلي برلماننا ليس برلماننا، وحكومتنا علّمتنا 'الزنباع وين ينباع' كما في أمثلتكم. كيفاش ندير ومداخيل النفط أصبحت كالحمامة تدخل في كمّ الساحر الأيمن وتخرج من الأيسر على شكل دخان يتلاشى في ثوانٍ. كيفاش ندير في إعلاميين بعضهم لا يساوي في سوق الصرف 'دمنة تيس'، يقلبون الحقائق بحثاً عن الحقائب.

يا صديقي صدقني، ما يفعله قراصنة الصومال مجرد لعب عيال، هنا دوري المحترفين ولا فخر. في الصومال يسرقون حمولة سفينة تاهت عن القطيع. هنا يسرقون الفرح والابتسامة، وأنا أخفي ابتسامتي في دلاغي (شرّابي) كي لا يعثروا عليها. في الصومال يا عبد القادر، القراصنة ترثي لحالهم الدموع، ويطيّب خواطرهم الجوع، ويمسح على رؤوسهم التشرد من كل نوع، تشرد الأسرة، تشرد الأمل، الوطن، الاستقرار. هنا القراصنة يدخنون السيجار في أجنحتهم في الأدوار الشاهقة.

هل تشاهد هذه المرأة الطاعنة في البكاء والانطواء والتجاعيد؟ هذه امرأة ثرية عقّها كبارُ أبنائها، وصرفوا أموالها على الكلاب النبّاحة، ورفعوا الكلفة بينها وبين الحزن والوجوم. هي حزينة يا عبد القادر. الكويت حزينة إلى درجة الصمت. ضعيفة إلى درجة الشفقة.

كيفاش ندير يا عبد القادر في حكومة تعشق غبار الأمكنة المهجورة؟ هل نكنس بلدنا أم ماذا؟ كيفاش ندير ونحن نثق أننا لم نتباغض كما نتباغض اليوم، وأن حرباً أهلية –لا قدر الله- قادمة في الطريق، مسافة السكة.

معذرة عبد القادر، أعلم أنني نفخت في وجهك كل أنفاس سيجارتي الحارقة، وأطلقت زفراتي كلها مرة واحدة. لكن بالله عليك قل لي كيف كانت حياتكم عندما ارتفع صوت السكاكين والفؤوس والنحيب في بلدكم؟ هل سامحتكم الجزائر اليوم؟ قل لي فأنتم السابقون ونحن اللاحقون.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
بعيداً عن المصبنة
محمد الوشيحي
[email protected]

أشهد أن الدكتور محمد العوضي، الإعلامي الشهير، الكاتب في جريدة 'الراي'، ألذ وأشهى من 'بسكويت السعادة'. تأكل أصابعك وراه، وتأكل القرطاسة أيضاً. وأشهد أن حديثه ممتع، خصوصاً عندما يجلس فوق الطاولة ويكون في قمة مزاجه ويبدأ كلامه بلزمته المعروفة: 'يا مولانا الوشيحي'... عليّ النعمة أن هذا النحيف الذي يوحي إليك وجهه أنه لم يضع شيئاً في فمه منذ السبت الماضي، لو أراد إضحاك الجالس على قبر أبيه لاستطاع إلى ذلك سبيلاً. دع عنك ما تقرأه في مقالاته: 'وقد أورد هذه الحجة العالم الجليل شاكر حتاته البردعوني في كتابه (طبّق حنّا طبّق ماش) لدار الكبسولة للنشر، في باب (المرقوق والطابوق) وبيّن فيه تجليات اصطدام حبيبات التقشر القطعي، هذا وقد خالَفه المفكر أبو قينقاع الزردعوني...'.

دع عنك مصطلحاته هذه وأسماء علمائه ودور نشرهم فهي عدّة الشغل التي يحملها على كتفه صباح كل يوم. واجلس معه جلسة رائقة وستدعو لي نائماً وقائماً.

هو مطّلع لا شك في ذلك ولا عك، وهو يختلف من حيث المبتدأ والخبر عن 'مصبنة التديّن' الذين يرون كل من يرفض الشعوذة خارجاً عن الملة بتذكرة 'ون وي'! أنت لا تصدّق محاولة الجني الخروج من العين اليسرى للملبوس؟ ولا تصدق أن 'الشيخ العالم المعالج' يهدد الجني فيضطر الجني إلى الإذعان والتسلل عبر الإصبع البنصر في القدم اليسرى خاسئاً وهو حسير، أنت لا تصدق هذا؟ إذاً أنت علماني ليبرالي من يهود القوقاز. اللي بعده.

تصرخ في وجوههم: هل سمعتم يوماً أن ابن باز رحمه الله تحدث مع جنيّ؟ أو هل سمعتم أن الدكتور عجيل النشمي مثلاً أمسك بعصا وجَلَدَ بها ظهر عجوز بحجة أن جنّياً ذكراً ترك فاتنات النساء في الكرة الأرضية وجاء ليتلبّس هذه العجوز المغلوبة على مرض مفاصلها وارتفاع ضغطها وسكّرها؟ كم هو فاحش هذا الجني، وكم هو عديم ذوق. طيّح الله حظه. اعنبوه ترك فاتنات الجامعة وحسناوات المقاهي والحفلات وتوَرسَلَ هذه العجيّز التي لا تقرأ ولا تكتب. أو جنية تركت وائل كفوري وبراد بيت وتوَرسَلتْ شيخاً طاعناً في الانحناء لم تعد تنفع معه الحبوب الزرقاء.

ما علينا. قبل فترة، كتبت الكاتبة السعودية نادين بدير مقالة قرأها الكثير من الناس، تقول فيها ما معناه: لماذا يحق للرجل الزواج من نساء أربع، ولا يحق للمرأة الزواج من رجال أربعة؟ وراحت تفصّل وتطرح الأمثلة أرضاً.

وبعيداً عن ردود الباحثين عن الشعبية، وما أكثرهم، جريتُ مهرولاً إلى مقالات الدكتور العوضي كي أقرأ الرد المفحم الملجم بالأدلة والوثائق والمستندات. فوجدته متشعبطاً على جدار كلمة قالتها نادين، تاركاً لبّ الموضوع وصفار بيضه. وهات يا شتم واستهزاء بالكاتبة مخلوطاً بما قاله العالم الجليل 'شحتة السندويني' في كتابه 'الطرطعاني في المعاني' لدار عيون المها للنشر. فخرجت من مقالاته أضرب صدغاً بكف وكفاً بصدغ، والبادئ أظلم.

فيا مولانا العوضي، رحم الله جدك الأكبر، تأكد أننا تعرضنا لمثل هذا السؤال كثيراً في أسفارنا: لماذا يحق للرجل المسلم الزواج من نساء أربع، ولا يحق للمرأة الزواج من رجال أربعة؟ وأعلنّا بعد جدل عَجْزَنا عن الإجابة، وأحلنا السائلين إلى مفكرينا ومشايخنا، وأنت منهم. فإما أن تقول يا مولانا: 'لا أعرف الإجابة'، أو 'هكذا هو ديننا'، أو فلتطرح حجتك وردك المقنعين، بلا شتائم، أو بشتائم إن أردت، كي نستخدم حجتك نحن أيضاً.

هذا، وندعو الله أن يحشرنا وياك مع علمائك الأجلاء السندويني والزردعوني والبردعوني ودور نشرهم. وجزاك الله خيراً.
 

" بنت العز "

New member
إنضم
3 فبراير 2009
المشاركات
976
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الكاتب يعجبنى ماشاء الله عليه
مقالاته روعه الله يعطيه العافيه
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
الداب الأشهب
محمد الوشيحي
[email protected]

قبل كل شيء، أقدم اعتذاري على طبق من خجل لعدم نشر مقالة الثلاثاء الماضي...

رحمتك يا رحيم. شاهدتُ أمس صوراً قديمة لي أثناء خدمتي العسكرية على الحدود الكويتية - العراقية، تعود إلى نحو ست عشرة سنة. عليّ النعمة أرعَبَتني، ولا حول ولا قوة إلا بالله... إحداها يبدو أنها التُقطت لي ذات عصرية صيف قائظ. ظهرتُ فيها كما الداب* الأشهب، الحَنَش. لم يكن ينقصني إلا أن أتمدد في المساء على ظهري وأرفع رقبتي إلى الأعلى، فتظنني العصافير جذع نخلة هاوية وتقع على فمي فألتهمها بريشها، وفي النهار أتلوّى على صخرة، فإذا مرت غزالة شاردة قفزت وتلوّيت عليها فعصرتها وهشمت عظامها والتهمتها في لقمة واحدة. ولو شاهدني أهل البيئة لنقلوني مباشرة إلى محمية صباح الأحمد. كنت هيكلاً عظمياً طويلاً له حواجب، يضع في طرف فمه سيجارة، كائناً أشهب، نحيفاً، ممطوط القوام، أقرع الرأس، أشعر الذراعين. أعوذ بالله من كآبة المنظر.

ولا أتذكر اسم الأديب المصري الذي سُئل عن مدينته فقال: 'أنا من قنا، وقنا... عذاب النار'، يصف شدة حرارتها. ولو أنه عاش معي على الحدود متنقلاً ما بين 'سنام' و'البحيث' و'جريشان' لأدرك أن قنا قطعة من الجنة، أو قطعة واحد في الجنة! يا رجل، في صحراء البحيث، سقتها المزن، يمر عليك في اليوم الواحد سبعٌ وعشرون عقرباً وخمس عشرة حية وستة وثلاثون ضبّاً متشرداً. كرنفال. زحمة زواحف. الكتف على الكتف! وفي صحراء جريشان تشعر أن الشمس تتراجع تسع خطوات إلى الخلف ثم تندفع بأقصى سرعتها - وهي تشتم وتلعن – لترتطم برؤوسنا ووجوهنا وجباهنا، وكأننا قتلنا معيلها الوحيد. أحياناً ينتابنا إحساس أن الشمس ساديّة، تتلذذ بتعذيبنا... وأنت تقول لي 'قنا عذاب النار'؟ أقول صلِّ على النبي بس ولا تسيّس السياسة، على رأي الدوقة سلوى الجسار. قال قنا قال.

وكانت المواقع الثلاثة المذكورة هي المنفى للضباط المغضوب عليهم والضالين. تماماً كما كان يحدث مع ضباط الشرطة الأسبان المغضوب عليهم، عندما تم نقلهم إلى مدينة الغجر في غرناطة. والغجر، كما هو معروف عنهم، يعشقون العزلة، لا يختلطون بأحد ولا يقبلون الغريب بينهم. وتعال شوف واقرأ حكايات ومذكرات هؤلاء الضباط وعذاباتهم.

وصورة أخرى التُقطت لي وأنا أتناول الغداء في ظلال سيارتي العسكرية وأضع على رأسي غترة مبللة تخفف انتقام الشمس، وأضحك ببلاهة وبؤس. ضحكة مرعبة مفزعة. اهِبْ يا أنا. تفحصت وجهي فتحيّرت، كيف كنت أحلق لحيتي دون أن تخرج عظامي على العلن؟ وتحيّرت أكثر، كيف كنت أقرأ الروايات والكتب في أوضاع وأوقات كتلك؟ أي مزاج هذا؟

وفي الصورة الثالثة، شاهدت لأول مرة في حياتي، حنشاً يرقص العرضة وفي يده بندقية، وفرحان. على ماذا؟ علم ذلك عند ربي وعند خبراء الزواحف.

واليوم أضع على وجهي كريماً مرطباً بعد الحلاقة، وأدهن جسمي بكريم 'وايت ماسك' برائحة الفانيليا واللوتس، وأتناول غدائي في الشيراتون وعشائي في كراون بلازا، وبعد غد قد أتناوله في السجن المركزي. وهكذا دواليك ودواليب... وانتو شلونكم؟ وش جاب طاري هالسالفة؟

* الثعبان
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
حلق الشوارب
محمد الوشيحي
[email protected]

والله العظيم إن وزير الإعلام والنفط، الشيخ أحمد العبد الله، غلبان غلب اليتامى الجياع، حتى ولو بدَت هدومه قشيبة مهندمة مرتبة. ووالله العظيم، ثانيةً، إن الكثيرين متأكدون من عدم قدرته على اتخاذ إجراءات ضد وسائل الإعلام المخالفة. معلش يعني. كل واحد يلزم حدوده. فبعض أصحاب وسائل الإعلام يصعدون إلى الأدوار العليا بالأصانصير، بينما هو يصعد بالدرج، والناس مقامات.

الرجل أراد منصباً وبشتاً، فعرضوا عليه وزارة الشؤون، فضرب على فخذيه: «مابي مابي مابي، أبي العسل، أبي وزارة النفط». فأعطوه العسل ودسوا له السم، وزارة الإعلام. هذه هي كل الحكاية.

وعندما كنا في تجمع الأندلس، كانت الكلمة الأكثر دوراناً بيننا هي «متوبكة»! أي أن خطة الحكومة مُحكمة. والحكاية ليست مجرد خروج الجويهل على الشاشة وشتْم القبائل، ووضع فواصل من أصوات الأغنام والربابة في استهزاء سافر بالقبائل وبيئتهم، والتحجج بعد ذلك بالحديث عن ازدواجية الجنسية. لا أبداً. الهدف الذي لا يعلمه الجويهل ولا الشيخ أحمد العبد الله، لأنه أكبر منهما بكثير، هو العبث بالحريات من أجل قمعها لاحقاً وحلق الأشناب كخطوة أولى، تمهيداً لخنق الدستور. لذا كانت لوحاتنا ويافطاتنا التي رفعناها في التجمع الثاني، تجمع العقيلة، تعلن وبالصوت العريض أن «دستورنا... سورنا».

والحديث عن أن قوانين النشر والمرئي والمسموع الحالية كافية لتقويم أي اعوجاج، وأن العاجز يبحث دائماً عن مبررات ومبرّدات، كما كان يفعل المعلق السعودي عندما كان منتخبنا يهزم منتخبهم بالثلاثة والأربعة: «الهواء ضدنا والجمهور ضدنا والحكم ضدنا»، أقول إن الحديث عن هذا الأمر مضيعة للوقت. وأحمد العبد الله أضعف من أن يقود وزارة واحدة فما بالك بوزارتين. وكلنا لاحظنا كيف ابتلش بلشة الأبلشين في وزارة الإعلام، وقرر منع البرامج السياسية، على اعتبار أنها «باب يأتي منه الريح»، ونسيَ أن وزارة الإعلام تعيش في العراء العاري، لا سقف لها ولا حيطان. وهو بمنعه البرامج السياسية كمن وضع باباً في الصحراء، وضاعت حسبته. واليوم ذلك تريد الحكومة إقناعنا أن العبد الله يرسم الخطط ويشرف على تنفيذها. خير إن شاء الله.

والمضحك أن الصحف المتباكية اليوم على الحريات، هي ذات الصحف التي تمنع نقد الرئيسين، رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، خوفاً وطمعاً، لكنها للأمانة توفر للكاتب الحبر والقرطاس والقلم وشاي سيلان لنقد الرئيس أحمد السعدون، تقرباً للرئيسين وتزلفاً.

وما يحدث اليوم أشبه بحلاقة شوارب جماعية بـ 'موس' واحدة، وإركاع على الركبتين المجردتين. وفي أمك خير، أو في خالتك، انتقدهما. والمطلوب أن نتحول كلنا إلى مارادونا، نحاور ونناور في متر مربع واحد، بعدما ضاقت المساحة وضاق الفضاء. والبعض سلّم شاربه للموس طواعية، والبعض الثاني اقتيد عنوة، والبعض الثالث عظ شليله، ووضع كفّه على شاربه، وأطلق ساقيه للعاصفة.

وبعد إقرار القانون الجديد، لن نستطيع الكتابة حتى عن رئيس قسم بالوكالة، دع عنك رئيس الحكومة. لذا سأتفق مع القراء على رموز وإشارات للوزراء، فإذا غمزت بعيني اليسرى فالمقصود وزير الخارجية، وإذا عملت شقلبة فالمقصود وزير الداخلية، وهكذا، إلى أن يتراجع ترتيبنا في الحرية الصحافية إلى حيث الدفء، بجانب الشقيقة كوبا.

وبمناسبة شهر ذي القعدة المبارك، أستأذنكم وإدارة التحرير للراحة أياماً معدودات. جاو.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
امسحوا السبورة... أولاً
محمد الوشيحي
[email protected]

أوقاتكم ندى... بعد غيبة أسبوعين، اشتاق القلم إلى تسريح شعره والوقوف على ناصية الصفحة مستنداً على الهامش ليُغازل بُنيّات الفكر ويداعب حسناوات اللغة، فيختار المفردات القطط، إذ هو كصاحبه يهوى الأنثى القطة... على أنه (القلم) يتمنى مغازلة مشاريع الحكومة ومراقصة خدماتها، ليفكّ تبويزته التي لازمت شفتيه، وتكشيرته التي أتعبت حاجبيه، لكن العين بصيرة واليد قصيرة، كما يقول الكسالى والفاشلون في أمثلتهم.

هذه الأيام، لشدة فرحة الحكومة بخطتها التنموية التي قدمتها، ملأت الدنيا زغاريد تحدّت فيها أم العريس السورية، 'أوييييها والقمر في حضن ابني، أوييييها وكل شيء فيها بيعجبني، أويييييها ليليليش'، ونحن حولها نريد أن نشاركها الفرحة، أن نضرب الدفوف، أن ننثر النقوط وحبّات الأرز، لكننا نعرف أن العريس سيُزفُّ إلى ذات الجسم المترهل، الحكومة... الحكومة التي جعلت البلد مثل 'يوم السبت'، نام وهو أول الأسبوع واستيقظ وهو آخره، دنيا، كان الله في عون العريس وعون أمه التي ستنقلب زغاريدها إلى نواح... صباحية الدخلة.

نعرف أن بعض المسؤولين يعتبر الخطة كنزاً يفوز به من يتسلل إليه ليلاً، تحت بطن الظلام، ونعرف أنهم سيسرقون. ووالله لو رأيتُ وزيراً يزرع شجرة تفاح، ثم يختلس تفاحة ويضعها في جيبه وهو يتلفت، لوضعت تفاحة ثانية في جيبه الآخر، وأنا أتلفت، ولامتشقت القلم وكتبت: يا للقوي الأمين. المهم أن تزرعوا أشجار التفاح ومن ثم اسرقوا تفاحتين وثلاثاً بالهناء والشفاء.

'فيكم من يحفظ السر؟'، أرى أن نائب رئيس الوزراء الشيخ أحمد الفهد 'في عينه العشاء'، كما نقول في أمثلتنا البدوية، أي أنه متحمس للعمل ويمكن أن يصل إلى نتيجة، لكنني لا أرى في عيون كثير من الوزراء والوكلاء ومساعديهم حتى قطعة جبنة يغيّر بها الفأر طعم حلقه. وبالطبع، الوزير العفاسي أيضاً سيعشّيك ويعشّي جدك لأبيك، فهو من خيرة الوزراء، لكن المشكلة – كما قلت سابقاً ولاحقاً - في الأدوار السفلية، من الوكيل وأنت نازل على الدرج، ممن تم تعيينهم بالغمز والهمز واللمز.

لذا، أجزم جزماً مغلظاً، أن الحكومة لن تعشينا ولن تقدم لنا إلا أطباق الخطابات العلقمية التي نحفظها عن ظهر قرف، وسننام على لحم بطوننا، كما عودتنا دائماً.

حالة واحدة فقط يمكن أن تجعلنا نصدق ونؤمن بتنفيذ الخطة، وهي أن تتغير الوجوه، ويأتينا من يجرؤ على النهوض ومسح السبورة وتنظيفها بالماء المبلل، ومعاقبة المشاغبين، أما قبل ذلك فمعلش... يعني لا تطلبوا منا أن نصدق أن الحكومة التي تعجز عن عمل صحن فول يمكن أن تطبخ لنا وليمة فيها أربعون بعيراً، ولا تطلبوا منا أن نصدق أن الحكومة ستعاقب من يفتري ونحن لم نسمع يوماً أن تاجراً أُدخل السجن لجرائمه المليارية، معلش، هذا كذب فاحش، أكثر فحشاً من رواية 'برهان العسل' لسلوى النعيمي، لكنه ليس أصدق بالتأكيد... حدثونا بما يعقل وسنصدقكم، وامسحوا السبورة وحاسبوا المشاغبين، وشدّوا بطن الحكومة بوكلاء ومساعدين أكفاء، أولاً، ومن ثم أطلقوا الـ'أويييها' كي نضرب نحن الدفوف من حولكم وننثر حبات الأرز.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
فضيحة لله يا محسنين
محمد الوشيحي
[email protected]

بدءاً من المقالة هذه، سأكتب شرحاً للمفردات المحلية في أسفل الصفحة، بعدما تبين لي أن صحافتنا – بشكل لم أكن أتوقعه - متابَعة عربياً، ومرصودة مصرياً، أقصد على المستوى الشعبي.

ومصر لم تحقق إنجازاً بفوزها بكأس أفريقيا، هي أدت عملها اليومي المعتاد، الكأس كان مسافة السكة فقط، واللاعب 'جدو' استيقظ من نومه، وتناول قهوته، وهمّ بالخروج فاستفسرت والدته منه: 'على فين؟'، فأجابها: 'رايح أنغولا، أجيب كأس أفريقيا'، فأوصته: 'طب والنبي يا ابني وانت جاي فوت على البقال جيب لنا بسطرمة معاك'. فجابَ الكأس والبسطرمة، لا جديد في الموضوع، مصر تمارس عملها المعتاد.

والأمر لا يحتاج إلى حملات إعلامية للتهنئة، ونحن كأبناء كار، نعرف معنى الحملات الإعلامية، وكيف يمكن أن تقلب الحقائق رأساً على كعب، وأول حملة إعلامية في الوطن العربي كانت في مصر، قبل نحو مئة عام، عندما شنت صحف بريطانيا حملة على الزعيم أحمد عرابي واتهمته بالخيانة، لماذا؟ لأنه ضد احتلالهم، تخيل، وفعلاً تمّ نفيه إلى سريلانكا (سرنديب سابقاً)، وبقية قصته معروفة، عندما طلب من اتباعه السريلانكيين تعلّم اللغة الإنكليزية، فاتهموه بالخروج عن الملة... إلخ.

واليوم، أشاهد حملة إعلامية على السيد فهد الرجعان، مدير عام مؤسسة التأمينات الاجتماعية، المسؤولة عن رواتب المتقاعدين، وأتمنى أن أشارك في الحملة، لكنني لم أرَ إلى الآن وثيقة اتهام واحدة، وبالطبع أصابتني بعض الشظايا كالعادة، وجاءني ساعي البريد الإلكتروني حاملاً رسائل متشابهة المضمون: 'لماذا لا تكتب يا الوشيحي عن الفساد في مؤسسة التأمينات؟'، وكان جوابي الدائم: 'إيدي على أكتافكم، أعطوني ما يحمي ظهري من الوثائق، وسأتكفل بمصاريف الرحلة كاملة، ويا سلام لو زودتموني أيضاً بوثائق تدين مؤسسة الموانئ، التي أشعر بأن لديها خللاً في أعمال السباكة والصرف الصحي'، ثم ينقطع الإرسال، وتنقطع الرسائل.

وهأنذا أصعد إلى سطح أبراج الكويت لأصرخ بالصوت البلالي للجميع، وأكرر: تكفون(1)، أمدوني بما يدين أياً من المؤسستين أو غيرهما، أي وثيقة، مستند، قصاصة، ورقة، حتى لو ورقة عنب، تدين مديري التأمينات والموانئ، كي أعطيها بدوري لمجموعة من النواب، وأولهم النائب مسلم البراك، ولكم مني إنْ لم يتحرك البراك تحركاً مجحفلاً أن أقصفه براً وبحراً وجواً، علي النعمة لأنثرنّ أشلاءه السياسية على الشارع العام، فيعجز رجال الأدلة الجنائية عن التعرف عليه إلا بواسطة ساعة يده! فقط أعطوني دليلاً يتيماً لا عزوة له ولا سند، وازهلوا(2).

ولا أخفيكم، أن حيناً من الدهر انقضى ولم أكتب عن فضائح مالية أو إدارية في مؤسسات الدولة، وأشعر بحنين إلى العودة إلى ذلك الملعب، يفوق حنين أم لابنها المغترب.

وإذا كان الشيء بالشيء، والسن بالسن، فعند الحديث عن مؤسسة التأمينات، لا بد من توجيه التحية إلى الزميل المبدع الدكتور طارق العلوي، القائد العسكري لحماية أموال التأمينات... شكراً يا بطل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تكفون: أرجوكم

(2) ازهلوا: اعتمدوا
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
الكويتية تتعرى
محمد الوشيحي
[email protected]

الله يرحمه، القاضي المصري العظيم زكريا حذيفة، صاحب الأقوال المأثورة الشامخة... إحدى مقولاته عن القضاء والقضاة: «لا تألهونا... نحن بشر». ومقولته الأخرى: «القول إن المؤسسة الفلانية فاسدة قول مضلل، والصدق هو (قادة المؤسسة الفلانية فاسدون)، فالمسؤول عن الفساد هم البشر، لا الآلات ولا الحجر». الله عليك يا عظيم يا كبير.

وعندما نقول «مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية فاسدة»، فبالتأكيد نحن لا نقصد الطائرات أو غيرها من الآلات والمعدات، بل نشير بالأصبع السبابة إلى قيادات المؤسسة، فكل ما يخطر على بالك من فساد تجده تحت سقف الكويتية وبأرخص الأسعار: عبث، هدر، شللية، شراء ولاءات، رخاوة قيادية، ووو، ولا أمْن إلا أمْن العقوبة، و«من أمِنَ العقوبة أساء الأدب»، غالباً.

ومدير عمليات الكويتية أمِنَ العقوبة جداً، فتصرف في المؤسسة كمن يتصرف في ممتلكاته الخاصة وكأنه «القيصر»، وأهان أحد طياريه، فرد الطيار الإهانة مضاعفة، لأنه «شنب من ظهر شنب»، فانتقم القيصر منه... والقصة باختصار كالتالي:

أراد القيصر في رحلته من الكويت في مهمة عمل إلى لندن - نيويورك أن يصطحب معه أحد أصدقائه الطيارين، ويُركبه في كابينة القيادة من دون أن يضيف اسمه في كشف الطاقم، ولا أن يحصل له على تذكرة، فرفض الكابتن لأن أحداً لم يبلغه من قبل ليتخذ إجراءاته القانونية، ولأن المطارات تشترط الحصول على أسماء الركاب والطاقم قبل إقلاع أي طائرة متجهة إليها بثلاث ساعات على الأقل، وهو ما لا يسمح به الوقت الآن، وستتعرقل الرحلة وقد يتعرض الركاب لبهدلة بدون ذنب. فأصر مدير العمليات «القيصر» على اصطحاب صديقه، فرفض الكابتن، وتكهرب الجو. وأمام هذا الموقف، وأمام أعين موظفي الحركة، وجد القيصر نفسه في موقف محرج، فاقترح أن يركب صديقه داخل الطائرة كبقية المسافرين، فرفض الكابتن، إذ لا فرق بين الكابينة ومقاعد المسافرين، والمشكلة ليست هنا، بل في مخالفة لوائح وقوانين الطيران... وتأخرت الطائرة نحو أربعين دقيقة (ملاحظة، للديوان الأميري الحق في تأخير الإقلاع لثلاثين دقيقة فقط، أي أن القيصر أقوى سلطة من الديوان الأميري)، هذا إذا علمنا أن الطائرة تقل طفلاً مبتعثاً لعلاج قلبه، بخلاف 270 راكباً آخر. ولكم أن تتخيلوا مكانة الناس ومصالحهم عند القيصر ومؤسسة البربسة.

وبالفعل أقلعت الطائرة إلى لندن متأخرة. من دون صديق القيصر. فالكابتن كما قلت «شنب» لكن المشكلة أن إقلاعها من لندن إلى نيويورك تأخر ست ساعات. إذ إن مطار هيثرو ليس كمطار الكويت، تنعق على أطلاله البوم، بل تتزاحم في فضائه الطائرات، فإذا فات ميعاد إقلاع طائرة، أُزيل اسمها من أعلى الكشف إلى أسفله، وعليك الانتظار من أول الدور... وتلخبطت مواعيد المسافرين وارتباطاتهم وعائلاتهم التي تنتظرهم، وشعروا بالإرهاق، كل هذا لأجل سواد عيون القيصر وصديقه الطيار.

إلى هنا، والوضع لا يستغرب كثيراً في مؤسسة «البربسة»، لكن المشكلة أن القيصر المبتعث في مهمة، وبالتالي لا يحق له ممارسة عمله الوظيفي أثناء مهمته، ما إن وصل إلى لندن حتى أرسل برقية إلى الكويت أصدر فيها أوامره بإيقاف الكابتن عن العمل مدة شهر! تخيل. وللإمعان في إهانة الكابتن أمر بإرجاعه في اليوم التالي، من لندن إلى الكويت، كي يعرف كل مَن شاهد الواقعة أنه تعرض لعقوبة. وهذا ما تم.

فعلاً، هذا القيصر أمِن العقوبة. لكن الذي يشغلني هو سبب إصراره على اصطحاب صديقه الطيار معه بدون توثيق أو أوراق، «أي خشاشي»، فهل للأمر علاقة بمهمته المبتعَث من أجلها، وهي «شراء طائرة للديوان الأميري من مصنع أميركي؟» سأتحرى الأمر، وسأطلب من الشمس تسليط أشعتها على المهمة وتفاصيلها. إذ يبدو أن ما في الفخ أكبر من العصفور الذي نشاهده.

ويا رئيس «الكويتية»، الأخ حمد الفلاح، نعرف صلة القرابة التي تجمعكما، أنت والقيصر، ونعرف عن عبثه وشلليته، وسنُحملك المسؤولية باستعادة كرامة الكابتن هذا وبقية طياري المؤسسة الغاضبين مما تعرض له زميلهم، وتطبيق القانون على القيصر. وسبق لك أن هاتفتني تستفسر عن مآخذي على أدائك، فأوضحت لك صورة مباشرة: «قبضتك رخوة» فوعدتني بتشديد القبضة وطلبت مهلة، وهأنذا أذكرك بوعدك، وسأنتظر وفاءك لتستر عورة هذه المسكينة «مؤسسة الكويتية» التي عرّاها قريبك.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
قرط مقارَط
محمد الوشيحي
[email protected]

المزاج اليوم مغربي، أعانكم الله. وأنا لم أزر المغرب إلا يوماً ونصف يوم، 'طرانزيت'، قبل أن أضع أسفل ثوبي في فمي وأجري مغرب شمس، باتجاه 'فرانصا'، لكن إنتاج الزملاء المغاربة الأدبي والصحافي يعجب ويُبَهبِه. ولا تسألني عن البهبهة، ولن أسالك أنا. ولولا أنهم يوغلون في العامية المغربية لما رفعت رأسي عن كتبهم وصحفهم، لكنني ما إن أندمج في موضوع لأحدهم حتى ينحرف بي شمالاً فأصطدم بالحائط فتتورم جبهتي الكريمة: 'والطفل يبقى دركاش عبوساً تقريطة محنان'! لا إله إلا الله، انتبهوا على أطفالكم. أجل تقريطة محنان، هاه؟ المحنان وربي هو من يقرأ لك مرة أخرى.

ومنذ 'دجنبر أو نونبر'، كما يقول المغاربة، أي ديسمبر أو نوفمبر، والدوقة النائبة الدكتورة سلوى الجسار تشد شعر وزيرة التربية الدكتورة موضي الحمود وترفع سكين المطبخ في وجهها مهددة باستجوابها. ليش؟ لأنها تريد أن تلعب معها الشطرنج، فتزيحها عن كرسي الوزارة لتحتله هي، كما أظن وأجزم وأقسم.

وطرْحُ الثقة بالوزيرة يحتاج إلى خمسة وعشرين نائباً مما تعدون، وسلوى لن يقف معها إلا النائب محمد هايف، وهو عن ألف فارس من بني ثغيل بن طوقان، وهو سيساندها لسبب لا تعرفه هي، وهو أن موضي لا ترتدي الحجاب، لكنه سيضرب على جبهته حائراً، ثم يقرر طرح الثقة بالاثنتين معاً، الوزيرة والنائبة، الأولى بسبب الحجاب، والثانية بسبب صوتها العورة، وقد يضطر إلى الالتفات إلى رولا وأسيل، النائبتين غير المحجبتين، ليشملهما بمكرمته، وقد يخلع عقاله، وقد تتعالى أصوات النساء والأطفال فيحتمون بالجبل، ويتساقط القتلى والجرحى، وبخٍ بخٍ، وليلة طويلة، وحصار ومنجنيق، وتستسلم خراسان! ومحمد هايف، سواء أحببته أم أبغضته، لا يمكنك أن تطعن في مصداقيته وشجاعته وبساطته.

حتى زملاء سلوى في 'العمل الوطني' لن يلتفتوا إليها، فموضي الحمود أقرب إليهم منها. ثم إنهم مشغولون الآن بتحدي الشيخ طلال الفهد في الرياضة، ولسان حالهم يقول بالمغربي لسلوى التي تستجديهم: 'شكون اللي داير فيكي يا الروينة نهار العيد'، أي مَن سيهتم بكِ والناس مشغولون بالتزيّن في نهار العيد.

وبشكل عام، الوقت هذا ليس وقت استجوابات في نظر الأغلبية، فخطة التنمية أم 37 ملياراً على الأبواب والنوافذ، والناس في تصادم. وأعرف نائباً اجتمع قبل يومين مع وزير، في مكتب الأخير، الساعة السادسة والربع صباحاً، والناس هُجّع نيام، هرباً من أعين الحساد والعذال، ولولا عدم وجود دليل مادي بحوزتي لذكرت اسميهما.

ولو استمعَت سلوى إلى نصيحتي، لساومَت زميليها مرزوق وصالح: 'استجوابي مقابل استجوابكما للعفاسي، وزير الشؤون'. فهُما محتاسان حوسة أم الأيتام في أروقة وزارة الشؤون قبل وصول العفاسي، ويعلمان أن الوزير لا يحتاج حتى إلى 'لزاق جروح'، بعد الاستجواب، بينما سيقضيان ليلتهما في مستشفى الرازي للعظام.

والعفاسي كتلة من الشهامة والرجولة والجدية والصلاح ترتدي غترة وعقالاً. وهو متألم لحال الرياضة، أكثر من المتضادين، الشيخ طلال الفهد ومرزوق الغانم، اللذين يتباكيان عليها، ويهدد كل منهما باستجوابه بسببها، طلال سيستجوب عن طريق دليهي الهاجري، وخصمه مرزوق الغانم سيستجوب بمساندة جناحه الأيمن صالح الملا. ولأن 'حلاة البيع جملة'، حبذا لو استجوب الاثنان الوزيرَ معاً، أو لو استجوب أحدهما الآخر، والفائز منهما يقابل الوزير، كي ننتهي من هذا التقريط المحنان، وتعود إلينا رياضتنا.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
التأمينات... كان يا ما كان
محمد الوشيحي
[email protected]

لا أخفيكم، أشعر أن أهمية الحديث عن فساد أي مؤسسة كويتية، في هذا الزمن، أشبه بأهمية حديث ابني نقار الخشب، سعود ذي العامين، عندما يدخل غرفتي وهو يصرخ وقد بدت على وجهه علامات الاهتمام والتركيز الشديدين: 'بابا مياو مياو'، قبل أن يشدني من يدي ويقودني إلى مكمن دهشته، حيث القطة التي شاهدها، فأصرخ بدهشة مصطنعة: 'ما شاء الله'، ثم أقبّله وأحمله على كتفيّ، فيدلدل رجليه ذات اليمين وذات الشمال، وأعود به إلى حيث كنت أجلس بعد أن شاهدنا معاً ذلك المنظر الغريب (القطة).

وكنت متحمساً لفضح الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة، فاكتشفت أنني أصرخ في الحكومة: 'مياو مياو'، فترد الحكومة عليّ بدهشة مصطنعة: 'ما شاء الله'، وتحملني على كتفيها، مدلدلاً رجليّ ذات اليمين وذات الشمال، وتعود بي إلى حيث كانت تجلس... ومن يومها، تركتُ القطط تعبث في المطبخ كما تشتهي، مكتفياً بالتمتمة بيني وبين نفسي، أو الشخبطة في مساحة مقالتي: 'مياو مياو'، وأشير بأصبعي إلى أحد الاتجاهات.

وفي الفترة الأخيرة، كثر الحديث عن فساد في 'التأمينات'، وبدأت الألسن والأقلام تلوك سمعة هذه الفتاة الجميلة (من الخارج على الأقل)، وأغرقتني الرسائل والاتصالات عن مخالفاتها. وأنا رجل لا يعرف عن التأمينات إلا أنها أفضل مؤسسة تنجز فيها معاملاتك، تدخلها باحترامك وتخرج منها باحترامك ذاته، لم ينقص منه شيء.

لذا، سأجمع ما تستطيع يداي جمعه من أسئلة ومخالفات قرأتها في مقالات الزملاء الأفاضل، والمدونات، لأضعها أمام القارئ وأمامك أيضاً يا مدير عام التأمينات، فإن كنت تمارس أعمالك تحت ضوء الشمس أجبت عنها، أما إن كانت 'التأمينات' تعيش في المناطق الرطبة المظلمة، فسنقول 'كان يا ما كان'، وسنستعد للحرب... والأسئلة باختصار، مراعاة لمساحة المقالة، كالتالي:

1) ما سبب الخسائر التي تعرضت لها المؤسسة في الفترة الأخيرة؟ وما مبرر خسارة 1.88 مليار دينار، وهي الخسارة الأولى للتأمينات منذ نشأتها، كما ذكرت جريدة القبس؟

2) كيف تتبع 'إدارة التدقيق الداخلي' سلطة المدير العام، وهي التي تراقب أداءه؟ وهل يمكن أن يكتب مدير التدقيق ما لا يتوافق مع رغبات رئيسه في العمل، الذي هو أنت؟ ثم لماذا يتم شراء ولائه بتعيينه عضواً في إحدى الشركات التي تساهم فيها التأمينات؟

3) لماذا تم ضخ 900 مليون دينار في بنك في مملكة البحرين، والبحرين لا تضمن الودائع، في حين كان من الأفضل ضخها في الكويت، حيث الودائع المضمونة حكومياً؟ لمَ كل هذه المخاطرة؟ وهل كنت ستفعل ما فعلت لو كانت تلك الأموال أموالك الخاصة؟

4) أين وصلت قضيتك المحالة إلى النيابة العامة، إذ إنني لم أجد ما أقرأه عنها في الصحف، ويبدو أن للأذرع المالية الثلاث الكبرى في الكويت، وهي 'التأمينات' و'صندوق التنمية' و'هيئة الاستثمار'، قدسية غير معلنة عند بعض ملاك الصحف؟ فما سر ذلك؟ ألا تعتقد معي أن هناك مصالح مشتركة تجمعكم بهؤلاء الملاك؟

5) كل هذه المخالفات التي ذكرها ديوان المحاسبة، ألا ترى أنها تستحق استقالتك،

أو على الأقل، تصحيحها والاعتذار عنها والتعهد بعدم تكرارها؟ فثقافة الاستقالة شبه معدومة عندنا في الكويت.

6) ما سبب خسارة التأمينات في شركتين محليتين، بنسبة تفوق 93% في الأولى و92% في الثانية، وبمجموع خسائر 170 مليون دينار؟ ألهذه الدرجة من اللامبالاة تتعاملون مع أموال المتقاعدين؟

7) ما ردك على ما ذكره الزميلان المحترمان، د. طارق العلوي وعلي الكندري، الكاتبان في جريدة القبس، من مخالفات وعمولات وفضائح تتم في 'التأمينات'؟ خصوصاً أن العلوي ذكر الحساب رقم 22110090106Z، ولا أظنه سيخترع حساباً مصرفياً ويخمّن رقمه، فما علاقتك بالحساب البنكي المذكور؟

هذا، وتقبلوا فائق الإحباط من مواطن فقد ثقته بغالبية مؤسسات الدولة، ويحتاج إلى مسؤولين أكفاء يستخرجون له 'بدل فاقد'.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
الكويتيون... جبناء شِرْدان
محمد الوشيحي
[email protected]

كان ذلك قبل الغزو... أحد عشر كويتياً مراهقاً، يسبح كلٌّ منهم في بحر عامه الثامن عشر، وعشرون مراهقاً عراقياً يكبرونهم بعامين، تجمعهم الكلية العسكرية في القاهرة.

وكعادة المراهقين، لا يمر يوم من دون أن يسجل التاريخ لهم 'هوشة'، أو 'عركة' بالعراقي. إلى أن ضاق العراقيون ذرعاً بنا وبعركاتنا التي لا تنتهي، وصاروا يتفادون مصادمتنا، لا خوفاً منا بل من عقوبات إدارة الكلية التي قد تنتهي بالفصل الذي يتبعه عقاب الجيش العراقي.

وتوالت الأيام والعركات، وبلغني ذات مساء أن العراقيين ضربوا أحد الزملاء، وأنه يرقد الآن في عيادة الكلية في حالة حرجة، فاقتحمت 'عنبر' العراقيين، على اعتبار أنهم ما إن يروني حتى يتشعبطوا بالسقف هرباً، أو يندسوا تحت أسرّتهم فزعاً، فأضطرّ مكرهاً إلى سحب كلٍّ منهم بـ'كراعه' من تحت سريره، وكف كفين، وبكس بكسين، وأعود إلى 'عنبر' الكويتيين بالغنائم. لكن خطأً ما حدث في السيناريو، إذ أغلق العراقيون باب مهجعهم، وأنا في الداخل! ووفقهم الله فخنقوني، وألهمهم الله فداسوا في بطني، وأعطوني ما تيسر من اللكمات، والرفسات، ثم حملوني، مشكورين، ورموني خارج 'العنبر' وأغلقوا الباب على أنفسهم، تحسباً لانتقام الكويتيين.

وكنت – لشدة الخنق الذي تعرضت له - أشرح ما حدث للربع بالبحّ الفصيح: بح بح بحوح، وأشير بأصبعي إلى عنبر العراقيين، فهجم الربع عليهم، بعدما انتزعوا ألواح الأسرّة ليستخدموها كهراوات، وأخذوا يدفعون الباب من الخارج ليقتحموا العنبر، والعراقيون المتحصنون يدفعون الباب من الداخل، وباءت محاولات الربع بالفشل. ونقلوني إلى العيادة، وكان عذري للطبيب كالعادة: 'تزحلقت على السلّم'! وروى لي الربع أن الزميل الجهراوي الأصيل بدر الشمري - الرائد حالياً، شفاه الله من مرضه العضال، وهو من فصيلة النمور الرعناء، لكنه تسلل زوراً وبهتاناً وانضمَّ إلى فصيلة الإنسان، وأشهد أن أبويه لم يربياه على الآيس كريم والجاتوه – جلس ليله كلّه أمام عنبر العراقيين وهو يصرخ عليهم من تحت الباب بكلمات غير صالحة للنشر، تترجمها 'ام بي سي 2': أيها الحمقى.

أيام ما أجملها، وما أجمل تعليق اللواء متولي، المسؤول عن أمن الطلبة، على عذرنا الذي لا يتغير عند سؤاله لنا عن أسباب انتفاخ شفاهنا وتغيّر ألوان عيوننا بعد الخناقة: 'تزحلقنا على السلم'، إذ قال غاضباً: 'ايه حكاية الزحلقات الجماعية دي؟ في ايه، دي سلالم والا قشر موز'.

الشاهد في الموضوع، هو ما أثاره أحد الطلبة العراقيين، وهو الرجل الشهم، عمّار الدوري، الله يمسيه بالخير إن كان لايزال ينبض، عندما قال لنا ذات جلسة صلح: 'فرْد سؤال دا يشاغلني، بدون زعل، انتو كويتيين أكيد، لوو مِنّا ومِنَا؟'، وعندما استغربنا سؤاله، صعقنا بإجابته: 'هسّه اللي نعُرفه إن الكويتيين جبناء يشردون من فأر، كل الناس تحجي عنكم هيج، بس انتو ابتليتوا الكلية بمشاكلكم، والكلّ دا يتفاداكم، المصريين والتنزانيين والسودانيين، واحنا العراقيين حارّين هواية، وصرنا قوالب ثلج مقارنة بيكم'.

لاتزال كلمة عمار ترن في أذني، يعززها ويؤكدها بعض ما يذكره الأصدقاء عن سمعة الكويتيين عند العرب، خصوصاً في الدول السياحية، وكيف أننا جبناء شردان (مفردها شرود، أي سريع الفرار). وبعدما أربط ما تقدمه الكويت للعراقيين وما يقدمونه هم إلينا من تحرشات واستفزازات، تزول دهشتي، فأصدّق أقوال القوّالين. ليأتي بعد ذلك 'لاريجاني' رئيس البرلمان الإيراني، ويثبت أن 'سمعتنا' تجاوزت العرب، وانتشرت في أصقاع الصقيعة، عندما تحدث بيننا بعنجهية ولا عنجهية هتلر أيام عزه، وهدد الآخرين من على أرضنا وبين جمهورنا، وتحت مظلة حكومتنا الصامتة المرتعدة، قبل أن يتصدى له النائب البطل د. فيصل المسلم.

بقيت تركيا، ونحن بانتظار السيد أردوغان، كي يمردغنا ويجرّب ملمس قفانا المخملي، ويغادر بمثل ما استُقبل به من حفاوة وتكريم... ورحم الله صاحب المثل: 'الخوف ما نجّا الحبارى من الطير'. والطير هو الصقر في لهجة أهل البادية، والحبارى هي الكويت.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
البطيخ أحلى من التفاح
محمد الوشيحي
[email protected]

اللهم غربل الصحافة الفرنسية، اللهم بهدلها واقلب عاليها واطيها، هذه الصحافة المؤزمة، هذه الصحافة التي لا تستحي ولا تنتخي، التي تقسو على ولي الأمر، الرئيس ساركوزي، وتسخر منه، وتجعله علكاً بصرياً في أفواه العالم كله. وكل الذي عمله ساركوزي أنه أمر بتعيين ابنه 'جان' على رأس حي المال والأعمال الشهير 'لاديفانس'. بس. فما الذي حدث بعد ذلك، بحسب ما قرأنا بعد الترجمة؟

الذي حدث هو أن الأحزاب ثارت غضباً، وأولها حزب ولي الأمر نفسه، حزب ساركوزي. بل إن أحد المقربين إلى الرئيس من أعضاء الحزب طالبَ بتغيير اسم 'جمهورية فرنسا' إلى 'جمهورية التفاح'، إشارة إلى جمهوريات الموز التي تعني الفوضى وسيطرة الأقوى، وعلى اعتبار أن فرنسا مشهورة بتصدير التفاح.

هذا من جهة الأحزاب والمواقف الرسمية. أما الشبان العاطلون عن العمل فقد حملوا 'كراتين' الموز واتجهوا إلى ميدان 'لاديفانس' واحتضنوا طبولهم وراحوا يقرعونها على طريقة الأفارقة، تحت لوحة كُتب عليها 'جمهورية فرنسا العربية'، إشارة إلى ما يفعله الحكام العرب وأبناؤهم في بلدانهم. وكتب آخر ساخراً على لوحة يحملها 'أيها الملك ساركوزي، خاطب ابنكم مولاي الأمير جان ليقبلني حامل شنطته'. وذهب مجموعة من هؤلاء الشبان إلى إدارة التوظيف، وطالب أحدهم بتغيير اسمه من 'ميشيل رينييه' إلى 'جان ساركوزي رينييه'، والآخر من 'هيدالغو كرومير' إلى 'جان ساركوزي كرومير'، ووو...

ودخلت الصحافة الفرنسية على الخط يا معلم، ويا داهية دقي، على رأي المصريين، وإلطم ياللي بدك تلطم، وخذ من السخرية ما لا يُحتمل. فرسام الكاريكاتير يرسم لوحة تظهر ساركوزي في خيمة يرتدي الغترة والعقال والبشت، وبجانبه مجموعة من الجِمال، ومجموعة من الحسناوات اللاتي يرقصن على أنغام العود العربي، ويصرخ في وزيره: 'أعطوا ابني الأمير جان مليار يورو، وأربعمئة جمل، وخمسمئة راقصة، وحقل نفط، وحي لاديفانس'، ورسمٌ آخر يظهر فيه الرئيس يهدي لابنه في عيد ميلاده 'برج إيفل والسياح الموجودين حوله'. وكتب أحد الساخرين عن وجوب تقبيل يدي جان، ووو، وضحك الناس، واخترعوا النكات، ولا حول ولا قوة إلا بالله... ويا ويل الصحافة من الله، تستهزئ بالرئيس، ولي الأمر؟.

وهوَت شعبية ساركوزي بشدة، فاحتاس حوسة الأرملة أم الأيتام، وجمع مستشاريه ليفكروا معه في كيفية الانسحاب بأقل قدر من الخسائر، فاقترحوا عليه أن يعتذر جان بنفسه، فصرّح جان: 'لن أقبل المنصب إذا كان ذلك يغضب الشعب الفرنسي'، فسخرت صحيفة: 'جان... يا لتواضعك الجم'، وكتبت أخرى: 'جان يعطف على الشعب ويتنازل عن المنصب'، وكأن الصحيفتين تقولان له بالفرنسي الفصيح 'غصباً عليك وعلى أبوك اللي جابك'. واختفى جان عن أعين المارة، وأغلق هاتفه النقال، وتلاشى، و'يا مَن عيّن الضالة'. فوضعت الصحافة صورة له وكتبت: 'اختفاء الأمير جان ساركوزي'، وكتبت أخرى: 'شوهد جان في إفريقيا، يبدو أن أباه أعطاه دولة كوت دي فوار'، ووو... وكتبتُ أنا: 'عليّ النعمة لن يفعلها جان مرة أخرى. اعنبوكم خلاص. ارحموه'.

وفي الكويت، يُعطى الشيخ أحمد العبدالله أهم وزارتين، النفط والإعلام، يسلّي وقته فيهما، فنلطم، وننتقد ضعف إدارته وهشاشة أدائه السياسي، فيأتينا الرد من زملائنا الراقصين في بلاط الحكومة: 'أهدافكم واضحة... تقليل هيبة الأسرة الحاكمة'. هكذا بسهولة، فزملاؤنا الأفاضل يحبون الأسرة الحاكمة والكويت أكثر منا وأكثر مما يحب الفرنسيون فرنسا... وتحيا جمهورية البطيخ وصحافة البربيخ والزرنيخ.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
إلى رفيق... سعد خيّب الظن
محمد الوشيحي
[email protected]

صباحك لبنان يا رفيق. صباحك نماء يا عملاق... في ذكرى محاولة اقتلاعك الفاشلة أعترف، لم أحزن في ذكراك العام الفائت، ولا الذي قبله، ولا الذي قبله، كما العام هذا. يبدو أنني اليوم أسدد فاتورة الأعوام الفائتة دفعة واحدة. ولا تسألني عن السبب، فأنا لا أجيب نيابة عن الحزن، ولا أتحدث باسمه.

من أنا؟ أحد سكان المناطق الخلفية في الكويت، عاشقٌ للبنان، لا يميّز بين شهوره، فآذار لبنان كشباطه، لا فرق إلا في الطقس. أنا رجل لا يحب الحكومات العربية، ولا حاملها وكاتبها وشاهدها وبائعها وشاريها، لكنه يعشق القادة العظام، يُطربه مصطفى كمال أتاتورك وشراسة مسدسه المدني، وغاندي وغصن زيتونه وعُريْه الذي كسا الهند، ونيلسون مانديلا وثباته الجبلي، وعبدالرحمن سوار الذهب وزهده الثري، وعبدالله السالم وبساطته الشامخة ومحبته لشعبه، ورفيق الحريري ولبنانيته الشاملة وعملقته الفاخرة...

رفيق، أيها العملاق، أرادوا اقتلاعك ففشلوا، ونجحوا في اغتيالك، وكان يجب أن تُغتال. ليس ثمة طريقة أخرى لتخليص الحمامة من مخالب النسر إلا باغتيالك. أما اقتلاعك 'فبعيد عن شواربهم'، كما في لهجتنا. لم يُخلق بعد من يقتلع أرزات لبنان الشاهقة من قلوب لبنان وعشاقه.

بعد محاولة اقتلاعك، أضحت الشوارع تشك في الخطوط السريعة، والخطوط السريعة تشك في المدن، والمدن تشك في الدول... تكدّسَ الشك في السماء بسببك أيها الكبير. غيابك أوجد الشك، كما أوجد حضورك الحب.

عن لبنان تسأل؟ تطمئن؟... شوف يا عظيم، لبنان لايزال يشرب القهوة سادة، قبل أن يُحكم ربطة عنقه ويهمّ بالخروج استعداداً للسهر ورقص الدبكة. وكأنما دبْك أقدامه يذكّر الأرض بوجوده وثباته. لبنان كله يرقص. يمتلئ رقصاً. يفيض رقصاً. أظنه يؤمن بالأديان القديمة التي تشرّع: 'الرقص حرام، إلا للحزانى والمكلومين'، 'الرقص ترجمة الآلام'. وكان الرقص حكراً على الثكلى والأرملة، ومع تسامح الأديان رقصَ الأب والابن والأخ والزوج، ومع تسامحها أكثر، رقص لبنان كله. هل تسمع حزنه؟ يا لفصاحته ووقاره. لبنان يرقص بعدما حفظ الأحزان عن ظهر دمع، وحفظ الاقتتال عن ظهر دم... لبنان يرقص.

عن ابنك سعد تسأل؟ هو لم يعد 'ابنك' فقط، هو الزعيم، هو دولة الرئيس. لكنه خيّب الظن فيه، فلم يكن على قدر المسؤولية كما أردنا، كان أكبر من المسؤولية وقدرها وقضائها، كما أردت أنت. كان على قدر العشق، عشقِ لبنان بألوانه كلها، كما أراد هو.

واسمح لي أن أوجز لك ما فعله سعد في التفاوض الأخير... هل تعرف حكاية المولود الذي اختطفته الجارة، فأرادت أمه استرداده فعجزت، فاختصمتا إلى قاض نبيه، فحكم بأن يُقطع نصفين، تأخذ كلّ منهما النصف، فصرخت أمه بأعلى حبال الأمومة: 'لاااااا، هي أمه وأنا أكذب'، بينما وافقت الجارة على تقطيعه، فحكم القاضي بإعادته إلى أمه الحقيقية. هذا ما حدث مع سعد بالضبط، عندما تجاذبوا لبنان حتى كادوا يمزقونه، فصرخ بأعلى حبال حريريته: 'لا، أنتم أمه'، وأذعن للبنان، فراحوا يكدسون أرباحهم من خسائر لبنان، وراح يبحث عما يعوّض الخسائر تلك... أرادوا إفشال حرث سعد فتضاعفت فواكهه. أرادوه أن يقضي وقته انكساراً وقضماً لأظافر الخيبة، فقضاه نصراً وزرعاً لبذور التفاؤل.

سعد مثلك، ألبسوه قميص بيروت، فتمزق القميص عليه لضيقه، فاستبدلوه بقميص لبنان، فلاق له وبه. ألبسوه جلباب 'السُّنّة' فبدا أقصر منه، وتعرت ساقاه، فاستبدلوه بجلباب لبنان فكان على مقاسه، من قمة كتفيه إلى أخمص غيمته... بعض حلفاء سعد أهدوه المؤازرة، لكنهم تناسوا، عن عمد وسابق إصرار وتبجح، ورقة السعر على الهدية كي يردها إليهم مضاعفة، بالنظام التجاري المعروف المقروف 'الشيء ومقابله'، فردها إليهم مضاعفة كي لا يتوقف لبنان عن الرقص.

إيجازاً: لبنان يجني حرثك، وسعد يؤكد فشل محاولة اقتلاعك... اطمئن.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
إلى رفيق... سعد خيّب الظن
محمد الوشيحي
[email protected]

صباحك لبنان يا رفيق. صباحك نماء يا عملاق... في ذكرى محاولة اقتلاعك الفاشلة أعترف، لم أحزن في ذكراك العام الفائت، ولا الذي قبله، ولا الذي قبله، كما العام هذا. يبدو أنني اليوم أسدد فاتورة الأعوام الفائتة دفعة واحدة. ولا تسألني عن السبب، فأنا لا أجيب نيابة عن الحزن، ولا أتحدث باسمه.

من أنا؟ أحد سكان المناطق الخلفية في الكويت، عاشقٌ للبنان، لا يميّز بين شهوره، فآذار لبنان كشباطه، لا فرق إلا في الطقس. أنا رجل لا يحب الحكومات العربية، ولا حاملها وكاتبها وشاهدها وبائعها وشاريها، لكنه يعشق القادة العظام، يُطربه مصطفى كمال أتاتورك وشراسة مسدسه المدني، وغاندي وغصن زيتونه وعُريْه الذي كسا الهند، ونيلسون مانديلا وثباته الجبلي، وعبدالرحمن سوار الذهب وزهده الثري، وعبدالله السالم وبساطته الشامخة ومحبته لشعبه، ورفيق الحريري ولبنانيته الشاملة وعملقته الفاخرة...

رفيق، أيها العملاق، أرادوا اقتلاعك ففشلوا، ونجحوا في اغتيالك، وكان يجب أن تُغتال. ليس ثمة طريقة أخرى لتخليص الحمامة من مخالب النسر إلا باغتيالك. أما اقتلاعك 'فبعيد عن شواربهم'، كما في لهجتنا. لم يُخلق بعد من يقتلع أرزات لبنان الشاهقة من قلوب لبنان وعشاقه.

بعد محاولة اقتلاعك، أضحت الشوارع تشك في الخطوط السريعة، والخطوط السريعة تشك في المدن، والمدن تشك في الدول... تكدّسَ الشك في السماء بسببك أيها الكبير. غيابك أوجد الشك، كما أوجد حضورك الحب.

عن لبنان تسأل؟ تطمئن؟... شوف يا عظيم، لبنان لايزال يشرب القهوة سادة، قبل أن يُحكم ربطة عنقه ويهمّ بالخروج استعداداً للسهر ورقص الدبكة. وكأنما دبْك أقدامه يذكّر الأرض بوجوده وثباته. لبنان كله يرقص. يمتلئ رقصاً. يفيض رقصاً. أظنه يؤمن بالأديان القديمة التي تشرّع: 'الرقص حرام، إلا للحزانى والمكلومين'، 'الرقص ترجمة الآلام'. وكان الرقص حكراً على الثكلى والأرملة، ومع تسامح الأديان رقصَ الأب والابن والأخ والزوج، ومع تسامحها أكثر، رقص لبنان كله. هل تسمع حزنه؟ يا لفصاحته ووقاره. لبنان يرقص بعدما حفظ الأحزان عن ظهر دمع، وحفظ الاقتتال عن ظهر دم... لبنان يرقص.

عن ابنك سعد تسأل؟ هو لم يعد 'ابنك' فقط، هو الزعيم، هو دولة الرئيس. لكنه خيّب الظن فيه، فلم يكن على قدر المسؤولية كما أردنا، كان أكبر من المسؤولية وقدرها وقضائها، كما أردت أنت. كان على قدر العشق، عشقِ لبنان بألوانه كلها، كما أراد هو.

واسمح لي أن أوجز لك ما فعله سعد في التفاوض الأخير... هل تعرف حكاية المولود الذي اختطفته الجارة، فأرادت أمه استرداده فعجزت، فاختصمتا إلى قاض نبيه، فحكم بأن يُقطع نصفين، تأخذ كلّ منهما النصف، فصرخت أمه بأعلى حبال الأمومة: 'لاااااا، هي أمه وأنا أكذب'، بينما وافقت الجارة على تقطيعه، فحكم القاضي بإعادته إلى أمه الحقيقية. هذا ما حدث مع سعد بالضبط، عندما تجاذبوا لبنان حتى كادوا يمزقونه، فصرخ بأعلى حبال حريريته: 'لا، أنتم أمه'، وأذعن للبنان، فراحوا يكدسون أرباحهم من خسائر لبنان، وراح يبحث عما يعوّض الخسائر تلك... أرادوا إفشال حرث سعد فتضاعفت فواكهه. أرادوه أن يقضي وقته انكساراً وقضماً لأظافر الخيبة، فقضاه نصراً وزرعاً لبذور التفاؤل.

سعد مثلك، ألبسوه قميص بيروت، فتمزق القميص عليه لضيقه، فاستبدلوه بقميص لبنان، فلاق له وبه. ألبسوه جلباب 'السُّنّة' فبدا أقصر منه، وتعرت ساقاه، فاستبدلوه بجلباب لبنان فكان على مقاسه، من قمة كتفيه إلى أخمص غيمته... بعض حلفاء سعد أهدوه المؤازرة، لكنهم تناسوا، عن عمد وسابق إصرار وتبجح، ورقة السعر على الهدية كي يردها إليهم مضاعفة، بالنظام التجاري المعروف المقروف 'الشيء ومقابله'، فردها إليهم مضاعفة كي لا يتوقف لبنان عن الرقص.

إيجازاً: لبنان يجني حرثك، وسعد يؤكد فشل محاولة اقتلاعك... اطمئن.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
القضية... خبز وبصل
محمد الوشيحي
[email protected]

عقب الحرب العالمية الأولى، عندما كانت تركيا تحت احتلال ست دول، نجح أتاتورك في انقلابه، وباشر تحرير بلاده، فهزم الجيش البريطاني وحرر اسطنبول، ثم أرسل إلى إيطاليا رسالة، كعادته، مختصرة: 'اخرجوا من بلادنا فوراً، التوقيع مصطفى كمال'، فثارت ثائرة السلطة الإيطالية: 'كيف يجرؤ راعي الغنم هذا على التحدث مع إيطاليا العظيمة بهذه الطريقة؟'، وأعلنت إيطاليا أنها غاضبة وستتخذ تدابير أشد مع تركيا، وراح الزعماء السياسيون يدبجون الخطبة تلو الخطبة، ويرتقون البيان في ذنب البيان، بينما كان أتاتورك يعزز جيشه بصمت. وطرقت الحرب الأبواب، فكتب أحد العقلاء الإيطاليين: 'تركيا ستفترسنا، ولست عسكرياً، فأنا لا أفهم الخطط الحربية، لكنني أعرف أن الدول تنهض وتنتصر وتفشل وتُهزم بقياداتها، وإيطاليا اليوم تحت سلطة الضعفاء واللصوص، في حين تعيش تركيا أزهى عصورها لوجود حاكم مثل مصطفى كمال، الذي أحاط نفسه بخيرة رجال تركيا، وهم مجموعة تختلف عن (حبيبنا) السلطان العثماني ودراويشه، فلا تدخلونا في حرب معهم أرجوكم. انسحبوا من أرضهم فوراً كما طلبوا، فالخشية أن تنقلب الأمور فيحرروا بلدهم ويحتلوا جزءاً من بلدنا'... وهذا ما تم فعلاً، وتبهدلت إيطاليا شر بهدلة، وكتبت الصحف الأوروبية: 'الجزمة الإيطالية تغوص في الوحل'، في إشارة إلى خريطة إيطاليا الجغرافية التي تشبه الجزمة.

إذاً، الدول تنجح وتفشل وتنتصر وتُهزم بحسب حكوماتها، كما قال ذلك الإيطالي، فإيطاليا ذاتها التي كانت تحتل تركيا أيام السلطان، هي ذاتها التي راحت تستجدي أتاتورك إيقاف الحرب وتعلن استعدادها لتنفيذ جميع شروطه، بما فيها تحمل تكاليف الحرب. فما الذي تغير؟ فقط شيء واحد، الحكومة التركية.

ومنذ أن كانت بيوت مانهاتن من العشيش والصفيح، ومنذ أن كان الباريسيون ينقلون الماء على الحمير، وحكوماتنا تعاني أزمةَ البدون، وتحك جبهتها حيرة أمام مشكلة بهذا الصغر. وعندما غضب الشعب، راحت الحكومة تلوح بعصاها وتقسم لنا بأغلظ الأيمان أن قضية البدون ميتة لا محالة، فصدقناها واصطففنا للصلاة على الميت في انتظار وصول الجنازة، لكنها لم تصل بعد! يبدو أن الحكومة تؤمن بفلسفتي، فأنا أسعى إلى تحقيق أحلامي وأتمنى ألا أنجح كي لا أموت حيّاً، والحكومة كذلك مع قضية البدون.

بعض الزملاء صوروا القضية 'كرة ثلج تتدحرج من أعلى الجبل'، وصورتها أنا 'كرة جمر تتدحرج علينا من فوهة البركان'، وصورتها الحكومة 'قطعة خبز ملفوفة بالقصدير الأصلي لتحافظ على حرارتها سنين عدداً'. وما بين الثلج والجمر والخبز، كتب العقلاء الكويتيون: 'أنهوا القضية فوراً، بالتي أو اللتيا، أيهما قبل، فالخشية أن تنقلب الأمور ويُفرض علينا من الخارج ما لا يرضينا'. فرأت الحكومة أنّه 'إذا كليت بصل، فاشبع بصل'(1)، وقررتْ أن تضيف على البدون 'بدوناً' جُدُداً، هم أبناء الكويتيين من أمهات 'بدون'، رغم المخالفة الصريحة السافرة للقانون.

ومنذ أن قرأت ما كتبه الزميل سعود العصفور في 'الراي' يوم الأحد الماضي وأنا أضحك دمعاً، وأتخيل كيف أن الحكومة التي تبكي من ثقل قضية البدون، تضيف حملاً آخر على كتفيها. يا دان وادانة، دانة علم دانة.

ووالله لو كانت الحكومة زوجتي، لأرسلتها منذ اليوم الثالث على الأكثر إلى أهلها، ولأرسلت إليها ورقة طلاقها على ايميل 'ياهو' أو 'غوغل'، أيهما أسرع.

(1) من الأمثال، ويعني الهروب إلى الأمام.
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
لثم الشفايف... خطر
محمد الوشيحي
[email protected]

يفتح النقاش معك، فتفتحه معه، والبادئ أظلم: 'بأمانة، قل لي ماذا استفدنا من الديمقراطية؟'، وقبل أن ترد عليه يواصل قصفك: 'يا أخي، نحن لسنا أهلاً للديمقراطية، نحن شعوب لا تستقيم إلا بالعصا الغليظة. انظر إلى صحافتنا وفضائياتنا، انظر إلى الحرية ماذا فعلت بنا، انظر انظر انظر...'.

تجيبهُ: أنا معك، أسأنا استخدام الديمقراطية، لكننا أيضا أسأنا استخدام الكهرباء واسأل سكّان الجهراء، وأسأنا استخدام الإنترنت، وأسأنا استخدام الشعِر الوطني، واقتحم المستشعرون المجال فتدحرج الشعراء الحقيقيون إلى سفح الجبل، وأسأنا للتمثيل والمسلسلات، وغابت موهبة الإبداع، وانتشر المنتجون في سوق الجمعة يبحثون عن الأرخص من الممثلين والمؤلفين والمصورين ومهندسي الديكور والمخرجين، فكانت النتيجة مسلسلات مشوهة، وأسأنا استخدام كلمة 'خبير'، فإذا كل من تمتلك محل كوافير إيجاره الشهري 300 دينار 'خبيرة تجميل'، وأتذكر أنني في بداية عملي العسكري، تم تعييني في 'مكافحة المتفجرات'، فإذا بي أُفاجأ برقم هاتفي متربعاً على مداخل مخافر المنطقة الجنوبية تحت اسم 'خبير المتفجرات'، فضحكت حتى جعت عطشاً بعد أن حصلت على لقب 'خبير' بالمجان المريح! فخبير المتفجرات الفرنسي - الذي تدربنا على يديه، والذي يتقاضى أجره الباهظ بالساعة، ويعادل ما يقبضه في الساعة سبعة أشهر من راتبي - حصل على لقبه بعد أكثر من ثلاثين سنة، وبعد أن أصبح يعرف أنواع المتفجرات بحاسّة الشم، بينما حصلت أنا على اللقب في غضون سنوات خمس، وبنظام 'احفظ وسمّع'، خير البر عاجله، وأنا – إلى يومي هذا - لا أفرق بين الألغام الألمانية والأميركية إلا بعد حكّ الجبهة والقفا. وعندما أخبرت زميلي عن لقبي الذي حصلت عليه، صعقني: 'أنت على الأقل، أمضيت خمس سنوات متنقلاً بين المتفجرات والعبوات والألغام، أما أنا فحصلت على اللقب بعد دورة تدريبية مدتها ستة أشهر، هاهاها'.

ما علينا، نعود لإساءة الاستخدام... نحن أيضاً أسأنا استخدام النفط، وأسأنا استخدام الكبريت، وأسأنا استخدام السيارت فملأناها بالمتفجرات واقتحمنا بها جثث الأبرياء ودهسنا بها المارة، وأسأنا استخدام الموبايلات، وكاميرات الموبايلات، وأسأنا وأسأنا وأسأنا...

ما رأيك لو استغنينا عن الديمقراطية وعن كل ما أسأنا استخدامه، فنستغني عن الكهرباء والإنترنت والشعر والمسلسلات والممثلين والمنتجين والنفط والصحف والفضائيات والكبريت والسيارات والموبايلات والكاميرات، ونعود كما كنا، سلط ملط؟

يا سيدي، إساءة الاستخدام تتم برعاية حكومية، ولأدلل على كلامي، سأضرب لك الأمثال ضرباً مبرحاً، على رأي الشاعر المبدع الغائب فهد عافت... دعك من الانتخابات والنواب، وتعال معي إلى بحري الذي أعرفه، تعال إلى الصحافة. هنا، في الكويت، عندما يكشف كاتب صحافي ما عن فضيحة في إحدى الوزارات، تنهمر عليه الانتقادات: 'تباً لهكذا صحافة تنشر غسيل بلدها'، 'هذا الكاتب يقبض من الخارج ليسيء إلى بلده'، وتتزاحم التّهم في شليلك(1)، وتتناهشك الدعاوى القضائية، فتتساءل دهشة: 'أليس الأولى أن يُحاسب المسؤول؟ كيف انقلبت الأمور لأُحاسَب أنا؟'، ثم تتذكر أن صحافياً أميركياً اسمه 'سيمور هرش' احتاج إلى مدير أعمال يرتب له مواعيد تكريمه ولقاءاته التلفزيونية التي يقبض مقابلها أموالاً طائلة، واحتاج إلى تخصيص إحدى غرف بيته ليكدس فيها الجوائز والشهادات التي حصل عليها، وأصبح يمهر توقيعه على أوتوغرافات المعجبين والمعجبات، وتنافست عليه الصحف. فما الذي فعله هذا 'الهرش'؟ الجواب: هو من كشف فضيحة سجن 'أبو غريب' في العراق، وهو من صور الأميركان وهم يعذبون العراقيين... فيا عجباً لهؤلاء الأميركان، يكرّمون المصور الهرش الذي 'أساء إلى بلده'، ويعاقبون كبار مسؤولي السجن وقيادات الجيش. وهذا هو الفرق بين حكومات 'البوس' وحكومات 'خد بخد'، والشاعر العراقي يقول: 'بوس الشفايف سحر، مو مثل بوس العين'، وأنا أقول: 'لثمِ الشفايف خطر، أخطر من النهدين'
 

وبعديين

New member
إنضم
3 سبتمبر 2009
المشاركات
1,556
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
في مكان حلو,,
آمال
ليس على النائم حرَج
محمد الوشيحي
[email protected]

في السفارات الأميركية في الدول المصنفة 'من مصادر الإرهاب'، أي أن شعوبها إرهابية لا حكوماتها، عند تعبئة طلب تأشيرة الدخول إلى أميركا، تقرأ سؤالاً مدهشاً: 'هل تعتزم القيام بأعمال إرهابية في أميركا؟ نعم أم لا؟'! لا إله إلا الله، ثم تقرأ بجانبه سؤالاً آخر: 'إذا كانت الإجابة نعم،؟ فلماذا؟'. الله على هذين السؤالين العظيمين، والله الله على العبقري الذي وضعهما محتقراً صاحب المثل: 'قالوا للحرامي احلف... إلخ'.

ولا أدري هل الأميركان – الذين يذهبون إلى القمر ويعودون كما نذهب نحن إلى المستوصف، والذين صنعوا الطائرات والغواصات والصواريخ الذكية والصواريخ النص نص التي تصيب المدنيين غالباً – هل هم دراويش يمتلكون كميات هائلة من الغباء المستفز، أم أنهم صادقون وشفافون حتى الموت ويعتقدون أن الآخرين مثلهم، و'كلٌّ يرى الناس بعين طبعه'، كما في المثل، وأن الإرهابي سينهار أمام هذين السؤالين ويجثو أمام القنصل الأميركي على ركبتيه وينتحب وهو يعترف ويشرح خطته في التفجير وتوقيتها وأسبابها قبل أن يطلب الغفران والسماح... وات از ذيس يا أميركا؟ ريلي، ماي آي أُن يو كولد.

وفي الكويت، التي يبدو أن تعيين الوزراء فيها يتم بالقرعة كما تفعل قبيلة الطوارق، حيث يجمع شيخ القبيلة آباء المواليد الجدد، ويضع أمامهم الأسماء، ثم يجري القرعة، وأنت ونصيبك، فقد تكبر فتجد أن اسمك 'حنتاشي'، وقد يكون حظك أفضل ويرزقك الله باسم حديث، 'حلاكة' مثلاً، أو 'رغيط'، وقد تسوء الأمور معك فتُرزق بـ'قسلوط'... ولسوء حظ الشعب الكويتي، ولحسن حظ الشيخ أحمد العبدالله، صارت 'النفط والإعلام' من نصيبه في القرعة، فاجتمع معاليه – كما يبدو – مع وكلائه ومساعديه في الوزارتين، وطرح عليهم سؤالاً من الطراز الأميركي: 'هل ستعبثون بالوزارتين؟'، فأجابوه: 'لا، طال عمرك'، فشكرهم وأمرهم بالانصراف: 'تصبحون على خير، أيقظوني وقت المهمات الخارجية وافتتاح المعارض'، وغطّ في غيبوبة سياسية وإدارية، وترك الحبل على غارب الجمل، وارتفع الشخير.

لذلك، عندما صرخ الناس غضباً: 'ما هذه القناة الوقحة التي تستهزئ بالناس وعاداتهم وبيئتهم، قبل افتتاحها'، وواصلوا: 'أوقفوها قبل أن تندلع النيران'، لم يرد عليهم أحد. والخطأ هنا لا يتحمله الوزير، بل الوكلاء والمساعدون الذين لم يوقظوه من نومه، والنائم مثل الغائب عذره معه، إلى أن استيقظ معاليه بنفسه مذعوراً على دوي الانفجار، وهرول إلى وزارته قبل أن يغسل وجهه.

واليوم، هناك من يطالب باستجوابه كي يدفع ثمن نومته، وهناك في المقابل فريق يجنح إلى التهدئة لأسباب وجيهة، منها أن معالي الوزير مرفوع عنه القلم سياسياً، وأن الحكومة اليوم أدركت خطورة ما تم. لكن الفريق هذا يشترط أن تحاسب الحكومة وزراءها في المرات المقبلة ولا تنتظر إلى أن يحاسبهم البرلمان، أما إذا اغترّت الحكومة بأغلبيتها 'العاقلة' وتمادت في قهر الأقلية واستفزازها بتعمد ارتكاب الأخطاء، فقد لا تضمن لها الأيام ما سيحدث، إذ ليس مستبعداً أن يخرج الأمر من باب البرلمان إلى الشارع العام، حيث الفوضى والفتنة تنتظران على أحر من الفرن.

كلا الفريقين حجته ودوافعه مقبولة، ولا مانع من مناقشة الحجتين برويّة قبل اتخاذ القرار.